يشكك الخبراء في إمكانية القضاء على ظاهرة الختان في مصر خلال فترة قصيرة، معتقدين أن الطريق ما زال طويلاً وشائكًا لتغيير جميع المواقف تجاه هذه الظاهرة و القضاء عليها تمامًا، فيما تتواصل المحاولات وبرعاية سوزان مبارك لإنهاء ختان الفتيات.

تحدى أهالي محافظة أسوان، اقصى جنوب مصر، التقاليد والعادات المتوارثة منذ زمن بعيد. ورفعوا البطاقة الحمراء، بعد جهود دؤوبة وضعت لبنتها سوزان مبارك زوجة الرئيس المصري، ضد أسوأ أشكال العنف ضد المرأة quot;عادة ختان الإناث quot;. وأعلنت فى احتفالية بداية هذا الاسبوع أسوان المحافظة الأولى المناهضة لهذه العادة المتجذرة .

لكن على الرغم من هذه الخطوة المتقدمة فى هذه القضية الإجتماعية الشائكة، الا ان الخبراء و المراقبون يعتقدون ان الطريق ما زال طويلاً وشائكًا لتغيير جميع المواقف تجاه هذه الظاهرة و القضاء عليها تمامًا .

ويتفق الخبراء أن هناك تراجعًا ملحوظًا شهدته هذه الظاهرة في مصر في السنوات الاخيرة بفضل الجهود الحكومية والشعبية والتشريعية، إلا أنّ هناك تحديات كثيرة لا تزال موجودة، وخصوصًا في ظل صعوبة تعقب الممارسين لها، حيث انها تتم في الخفاء، بحسب قولهم،, مشيرين إلى أنّ الظاهرة ما زالت منتشرة في المناطق الريفية بكثرة ويصر الكثير من الريفيين على عدم تغيير موقفهم من هذه العادة الموروثة لإعتبارات ترقى الى مستوى الأساطير والخرافات .

ويعتقد المؤيدون للختان ان السبب الرئيس وراء تمسكهم بهذه الممارسة هو quot;السيطرة على الحياة الجنسية للمرأة قبل الزواج كوسيلة لضمان عذريتها quot;، وفقًا لقول quot;مديحة ابراهيم quot; 45 عامًا، مضيفة لـ quot;إيلاف quot;انه quot; قامت بختان بناتها الثلاثة خوفًا عليهما من الانفلات الجنسى وعدم الزواج quot;.
يشارك quot;مديحة quot; الاعتقاد نفسه قطاع كبير من المصريين يرون في ختان الإناث quot;رمزًا للعفة والطهارة وحماية للفتاة من مخاطر الانفلات الجنسيquot;. وتسود اعتقادات وشائعات بين الاهالي وخصوصًا في القرى والنجوع وبين محدودي الدخل والتعليم ان الختان هو السبيل الوحيد للسيطرة على رغبات الفتاة الجنسية ولولا ذلك لما استطاعت البنت ان تسيطر على شهواتها.

وعلى الرغم من الفتاوى الدينية التي حرمت هذه العادة، وتجريم القانون لها، الإ ان ذلك لا يبدو كافيًا لـquot;مديحة quot; لأن تغير موقفها نحو الختان، حيث تصر على ختان ابنتها ريم البالغة من العمر 5 اعوام هذا الصيف . وتقول quot; اخشى عليها من عدم الزواج quot; وquot; لا اريد ان يحدث لها كما حدث مع جارتي التي أعادها زوجها في ليلة الدخلة الى أهلها عندما أكتشف أنها غير مختنة، وأصر على عدم عودتها إلا بعد ان يقوم أهلها بختانها quot;, على حد قولها.

وكانت مصر قد اقرت قانونًا في العام 2008 يقضى بتجريم من يثبت ادانته بتشويه أو بتر الأعضاء التناسلية للإناث وعقابه بمدة تتراوح ما بين ثلاثة أشهر وعامين في السجن وغرامة مالية تتراوح بين 1,000 و5,000 جنيه مصري .

لكن أغلبية حالات الختان تتم في البيوت وفي الخفاء، وهو ما يضع تحديات أمام تنفيذ هذا القانون وتفعيله بصورة تؤدي الى الوصول نحو مجتمع خالٍ من هذه الممارسة، وفقاً للدكتورة مشيرة خطاب وزيرة الاسرة و السكان، التي تؤكد ان ذلك يجعل quot; الكشف عن الجريمة صعبًاquot;، لافتة إلى ان العبرة ليست بالتشريعات، ولكن حرص الأهل على سلامة بناتهم هو الكفيل بردع هذه الممارسة .

وتوضح ايمان كمال، احدى الناشطات العاملات بمواجهة هذه الظاهرة في محافظة المنوفية، شمال القاهرة، ان الاعتقاد في هذا التقليد قوي في الريف عن المدن، مضيفة لـquot; إيلافquot; أن الناس يشككون في حملات التوعية والتشريعات لأنهم يعتقدون ان هذه المسألة شخصية ولا يجوز للحكومة ان تتدخل فيها ، لافتة ان هناك من يرى ان التخلي عن هذه الممارسة quot;مطلب غربي خارجي يهدف الى نشر الرذيلة و الانحراف في المجتمعquot; .

وأضافت إيمان أن المشكلة أيضا انه على الرغم من إعلان المفتى على جمعة والبابا شنودة الثالث رفضهم لختان الإناث الإ ان هنك بعض الدعاة ورجال الدين المحليين يواصلون دعواتهم لهذه الممارسة.

لكن إيمان ترى ان quot;الشكوك فى الختان اصبحت كبيرة فى الوقت الحالى quot; وتؤكد ان هناك استجابة كبيرة لجهود التوعية و حملات مواجهة هذه الظاهرة،quot; ان عدد الفتيات المختنات الآن في انخفاض مطرد في بلد حوالى 96 % من نسائه المتزوجات خضعن للختان quot;.
فقد أوضح quot;المسح الديمغرافي الصحي لعام 2008 أن 72 في المئة من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15-30 عامًا خضعن للختان مقارنة بـ 96 بالمائة بين الفئة العمرية نفسها خلال المسح الديمغرافي الصحي لعام 1995quot;، بحسب عزة شلبي، استشارية النوع الاجتماعي بمنظمة بلان مصر، وهي منظمة غير حكومية تعنى بتنمية الأطفال.

وتتوقع أحدث الدراسات الاستقصائية حول الختان فى مصر ان حوالى 63 ٪ من بنات مصر بدءا من 9 اعوام واصغر سيتم ختانهن على مدى العشرة سنوات المقبلة. بينما الإحصاءات في المناطق الحضريه مثل القاهرة تتوقع اقل من ذلك حوالى40 % فقط. لكن فى المناطق الريفيه في الجنوب يتوقع ان تزيد الى 78 %. وهي معدلات فى كل الحالات تعبر عن نتائج ايجابية وان كانت بطيئة بعض الشيء. وتعزى الدراسة انخفاض معدل الختان في المناطق الحضريه الى ارتفاع مستويات الدخل والتعليم وزيادة فرص الحصول على المعلومات.