أحيا 55 ألف شخص بينهم ممثلون لـ74 دولة من مختلف بقاع العالم يوم الجمعة الذكرى الخامسة والستين لذكرى هيروشيما وناغازاكي بحضور الأمين العام للأمم المتحدةوالسفير الأميركي للمرة الأولى حيث أكدالأخير العملمن أجل عالم خال من السلاح النووي، quot;هذا دين مستحق علينا للأجيال القادمةquot;.

هيروشيما وناغازاكي ليستا الوحيدتين اللتين تمثلان أبشع مثال للكوارث المصنّعة بشريا. ورغم أن عدد من قتلوا فورا بفعل القصف الأميركي الذري للمدينتين في 6 و9 أغسطس / آب 1945 على التوالي بلغ 160 ألفا، شهد العام نفسه كارثة أكبر من حيث عدد القتلى في مجزرة مريعة استمرت من 13 إلى15 فبراير / شباط.

خلال هذه الأيام الثلاثة تعرضت مدينة دريسدن الألمانية لقصف أميركي - بريطاني أحال هذه المدينة، التي كانت تعتبر وقتها بين أجمل بقاع العالم على الإطلاق، الى جحيم أكل لهيبه 40 كيلومترا مربعا من مبانيها وقتل 350 ألف شخص دفعة واحدة. ومع ذلك تبقى هيروشيما وناغازاكي حيتين في الذاكرة الإنسانية بشكل خاص. فهما الوحيدتان، حتى اليوم، اللتان تتعرضان لقصف بالقنابل الذرية بعدما وفى الرئيس الأميركي هاري ترومان بوعده الجهنمي: quot;إذا لم يقبل اليابانيون بشروطنا، فلهم ان يتوقعوا مطرا من الدمار لم يشهد أحد مثله من قبل على الكرة الأرضيةquot;... ومكمن الحزن الملحمي هنا هو المفهوم نفسه: أن يكون الإنسان قادرا على الإبادة الذرية لجنسه.

ولئن كان عدد القتلى في دريسدن قد فاق عددهم في هيروشيما وناغازاكي مجتمعتين مع نهاية القصف، فقد ظل اليابانيون يدفعون مزيدا من الثمن يوما بعد يوم وشهرا بعد شهر وسنة بعد أخرى. ويقدر اليوم أن عدد ضحايا الإشعاع الذري الباقي وصل الى 140 ألفا، وهو عدد يقارب ذلك الذي أحدثه القصف نفسه.

الذكرى الـ65

على وقع أغاني الأطفال وأجراس المعابد، أحيا 55 ألف شخص بينهم ممثلون لـ74 دولة من مختلف بقاع العالم يوم الجمعة الذكرى الخامسة والستين لذكرى القصف المشؤوم بحضور أميركي (السفير) للمرة الأولى. وللمرة الأولى أيضا تحيى الذكرى بحضور بان كي - مون الأمين العام للأمم المتحدة الذي خاطب الحشود قائلا: quot;الحياة قصيرة، لكن الذكرى طويلة. وبالنسبة إلى العديد منكم فإن ذلك اليوم سيظل متوقدا في الذاكرة مثلما توقدت السماء يوم القنبلة.. وسيظل داكنا مثل المطر الأسود الذي تبعها. وقد آن الأوان لانتقال البشرية من quot;البقعة صفرquot; إلى quot;العالم صفرquot; - يشير بذلك الى عالم خال من أسلحة الدمار النووي.

ومن جهته قال السفير الأميركي، جون روس: quot;يتعين علينا العمل معا من أجل عالم خال من السلاح النووي. هذا دين مستحق علينا للأجيال القادمةquot;. ويعتقد أن حضوره مراسم إحياء الذكرى ممثلا لبلاده، يشير الى نية الرئيس باراك أوباما التوجه الى هيروشيما وناغازاكي خلال زيارته المقبلة لليابان. وإذا تحقق هذا أصبح أوباما أول رئيس أميركي يقدم على خطوة كهذه خلال ولايته في البيت الأبيض.

إضاءات

* بعد ستة أشهر من القصف الأميركي الاستراتيجي لـ67 مدينة يابانية، تجاهلت حكومة طوكيو الإنذار الأخير الذي طرحه أمامها الرئيس هاري ترومان للاستسلام في ما يعرف بـquot;إعلان بوتسدامquot;.

* صباح السادس من أغسطس (اب) 1945 ألقت قوات السلاح الجوي الأميركي قنبلة نووية سميت quot;Little Boyquot; (الولد الصغير) على مدينة هيروشيما في غرب اليابان في أول استخدام للسلاح الذري في تاريخ البشرية. وبعد ثلاثة أيام ألقت قنبلة مشابهة أخرى باسم quot;Fat Manquot; (الرجل البدين) على مدينة ناغازاكي في الجنوب.

* يوم السادس من أغسطس لم يختر لأي سبب غير أن الطقس صار مؤاتيا فيه بعد أيام من السحب التي تجمعت فوق هيروشيما. فأقلعت طائرة quot;بي 29quot; على يد قبطانها وقائد المهمة، الكولونيل بول تيبيتس من قاعدة quot;نورث فيلدquot; في جزيرة تنيان، غرب المحيط الهادئ، مصحوبة بطائرتين أخريين. كانت طائرة quot;بي 29quot; تحمل قنبلة تحتوي على 60 كيلوغراما (130 رطلا) من مادة quot;اليورانيوم - 235quot;.

* قبل القصف بساعة اكتشف نظام الإنذار المبكر الياباني مقدم الطائرات فنبّه السلطات في كبرى المدن بما فيها هيروشيما. وحوالي الساعة الثامنة صباحا تمكنت أجهزة الرادار في هذه المدينة من تحديد الطائرات الأميركية لكن المسؤولين قرروا ان عددها الصغير لا يستدعي التصدي لها بطائرات مضادة على ضوء السياسة الرامية إلى توفير الوقود.

* في تمام الثامنة والربع ألقت quot;بي 29quot; قنبلتها quot;الولد الصغيرquot; على وسط هيروشيما فانفجرت على ارتفاع 600 متر (ألفا قدم) وانتشر لظاها على محيط 1.6 كيلومتر مربع والنيران التي أشعلتها على محيط 11.4 كيلومتر مربع فقتلت ما بين 70 ألف و80 ألف شخص على التو ودمرت 90 في المائة من مباني المدينة وبنيتها الأساسية.

* في التاسع من أغسطس أقلعت quot;بي 29quot; تحمل قنبلة نووية أخرى باسم quot;الرجل البدينquot; تحت قيادة الميجر تشارلز سويني واتجهت مستهدفة مدينة كوكورا رئيسيا وناغازاكي ثانويا وبمعيتها طائراتان أخريان، كما الحال مع هيروشيما. ولدى وصول السرب الى كوكورا كانت السحب تغطي المدينة. فدارت الطائرات فوقها حتى صار ثمة خطر من انخفاض مستوى وقودها فتوجهت الى ناغازاكي بافتراض التوجه منها الى أوكيناوا في حال كانت تغطيها السحب هي أيضا.

* في ناغازاكي تكرر سيناريو هيروشيما فقررت السلطات عدم التصدي للطائرات الغائرة ولكن هذه المرة بافتراض انها طائرات استطلاع وأن الأميركيين لن يقدموا على إلقاء قنبلة نووية أخرى. لكن هذا بالضبط هو ما حدث.

* انفجرت قنبلة ناغازاكي، التي كانت تحوي 6.4 كيلوغرام (14.1 رطل) من quot;اليورانيوم - 239quot; على ارتفاع 469 مترا (1540 قدما). وتبعا للتقديرات، فقد قتل 80 ألفا وجرح 60 ألفا آخرين من سكان المدينة على الفور. وكان محيط الدمار 1.6 كيلومتر مربع ومحيط النيران التي أشعلها الانفجار 3.2 كيلومتر. وحتى ديسمبر (كانون الأول) من ذلك العام وصل عدد القتلى الى 80 ألفا.

* قتل في قصف المدينتين مدني من الكومنولث البريطاني، وسبعة أسرى حرب من الجنود الهولنديين، وتوفي جنديان من أسرى الحرب - مجهولا الهوية - بالسرطان لاحقا نتيجة الإشعاع الذري.

* في 14 أغسطس أعلن الامبراطور الياباني هيروهيتو استسلام بلاده في خطاب أذيع على الأمة رغم احتجاج العديد من جنرالاته.

* في فترة السنة التي تلت القصف احتل 40 ألف جندي أميركي هيروشيما، بينما احتل 27 ألفا ناغازاكي.

* لاحقا أعلن كل من الكولونيل بول تيبيتس، الذي قاد عملية قصف هيروشيما، والميجر تشارلز سويني (ناغازاكي) أنهما غير نادمين على مساهمتهما الدرامية في الحصول على استسلام اليابان، وقالا إنهما على استعداد لفعل الشيء نفسه مجددا في حال أعاد التاريخ نفسه.

* لاتزال الولايات المتحدة ترفض الاعتذار الذي ظل اليابانيون يطالبون به منذ عقود.