جانب من عرس جماعي في الضفة الغربية
تسعى مدينة نابلس في الضفة الغربية للحفاظ على تراثها وفلكلورها الشعبي من خلال عرس جماعي يرعاه الرئيس الفلسطيني محمود عباس ويشارك فيه أكثر من 50 شابا وفتاة، بينما يعد القائمون على هذا الحفل بمفاجآت كبيرة.


ينتظر خمسون شابا وفتاة من مدينة نابلس في الضفة الغربية، حفل زفافهم إلى عش الزوجية على quot;أحر من الجمرquot; ليس فقط لأنهم سينتقلون من مرحلة الخطوبة إلى مرحلة الزواج وتشكيل الأسرة بل لأنهم سيشاركون أيضا في عرس جماعي تراثي فلكلوري سيعد خصيصا لهم في مدينة نابلس في الحادي والعشرين من الشهر الجاري.

بعد نضوج فكرة إقامة هذا العرس الفلكلوري التراثي الفلسطيني واعتماد لجنة عليا للاشراف عليه حظي الموضوع باهتمام شعبي ورسمي ووصل الأمر إلى تبني الرئيس الفلسطيني محمود عباس لرعاية هذا الحدث، الأمر الذي شجع هذه اللجنة على منحه المزيد من الاهتمام وتحديد الموعد الرسمي لإقامته، ودخلت هذه اللجنة في سباق مع الزمن لتعمل ليلا نهارا من أجل تجهيز وتحضير كافة الترتيبات الفنية واللوجستية.

وحول هذا الموضوع وفكرة العرس الجماعي أكد مهند الرابي صاحب هذه الفكرة ومدير شركة ديارنا للعقارات، أن فكرة إقامة عرس جماعي ليست بالجديدة على المجتمع الفلسطيني والعربي وإنما سائدة ومعمول بها ولكن إقامة مثل هذا العرس الجماعي في نابلس بعد سنوات طويلة من الحصار الإسرائيلي والدمار الذي لحق بالمدينة وألحق الضرر بكافة قطاعاتها، يهدف أساسا إلى إعادة نابلس إلى الساحة المحلية والعربية من خلال إقامة عرس فلسطيني فلكلوري تراثي يعكس ويجسد الهوية الفلسطينية من خلال فقراته المتعددة.

واستعرض الرابي في حديث مع quot;إيلافquot; أعضاء اللجنة العليا للعرس الجماعي حيث تتشكل هذه اللجنة من محافظة نابلس ويمثلها تيسير نصر الله مدير عام التخطيط فيها، والبلدية ويمثلها رجاء الطاهر مديرة العلاقات العامة والاعلام، وشركة ديارنا ويمثلها صاحب الشركة ومديرها العام مهند الرابي، والمستشار الديني للعرس الشيخ سعد شرف ويترأس اللجنة محافظ نابلس اللواء جبرين البكري.

وقال إن الفكرة تبقى مجرد فكرة حبيسة ما لم تتشكل ثلاث جهات لدعمها وهي وجود أصحاب الفكرة ومن يدعمها ويساندها وتمثل ذلك باعتماد لجنة عليا للاشراف والمتابعة وكذلك الرعاة الذين يعملون على إخراج الفكرة إلى النور.
وحول طبيعة الأهداف التي تسعى اللجنة العليا إلى تحقيقها جراء إقامة عرس جماعي تراثي فلكلوري، أكد الرابي أن الهدف الأساس يتمثل بإنجاح إعادة نابلس لمكانتها الاقتصادية والاجتماعية والتاريخية، وإرسال رسالة للعالم من خلال العرس الجماعي وما رافقه من تكاتف كامل بين مختلف القطاعات والمؤسسات، مفادها كما قال الشاعر الراحل محمود درويش quot;على هذه الأرض ما يستحق الحياةquot;.

وقال الرابي quot;هناك هدف خاص أطمح الى تحقيقه كمواطن فلسطيني يحب وطنه بأن يكون لي بصمة تنعكس ايجابا على سمعة مدينتي ووطنيquot;.
ونوه بأن الحدث غير مرتبط تماما بالعدد أي أن الوصول لرقم معين ليس غاية اللجنة كما أنها ليست بحاجة إلى أعداد كبيرة فقط لمجرد التقاط صور تذكارية، وإنما الهدف الخروج بعرس جماعي فلكلوري فلسطيني بامتياز يساهم في الوصول للأهداف المرجوة من إقامته.
ولفت إلى أن اقامة مثل هذا العرس يفتح بابا للنقاش على المستوى الداخلي الفلسطيني في مواضيع الزواج من حيث التكلفة الباهظة والمتطلبات الكثيرة التي ترهق كاهل الأزواج في إقامة حفلات منفصلة إضافة إلى المهور المرتفعة، موضحا السعي لمثل هذا التوجه لاحقا وأن يكون العرس الجماعي مهرجانا سنويا.

واستعرض أهم النقاط أو الفقرات التي سيركز عليها العرس الجماعي ومنها البعد الثقافي والفلكلوري بمشاركة فرق الزفة والدبكة وأغاني الزجل والتراث الفلسطيني وستكون كافة اللمسات فلسطينية بهدف تسليط الضوء على التراث والحضارة الفلسطينية.
وأعلن الرابي عن وجود مفاجآت وهدايا ستقدم للعرسان والمشاركين تتمثل في الملابس المقدمة وفساتين العرس وأموال نقدية وربما سفر للخارج وغير ذلك الكثير من المفاجآت التي سيعلن عنها خلال العرس.

سباق مع الزمن
بدوره، أكد تيسير نصر الله مدير عام التخطيط في محافظة نابلس وعضو اللجنة العليا للمهرجان لـquot;إيلافquot; أن نابلس تسابق الزمن للانتهاء من كافة الترتيبات الفنية واللوجستية، لافتا إلى ان الرعاية ستكون من قبل الرئيس محمود عباس وربما يتمكن من المشاركة بهذا الحدث بنفسه في خضم الأحداث والتداعيات السياسية التي تمر بها الأراضي الفلسطينية.
وقال نريد عرسا فلسطينيا فلكلوريا تراثيا مائة بالمائة وأن يفرح العرسان وذووهم وأن يكون عرسا حقيقيا بمشاركة العديد من الفنانين الفلسطينيين، مناشدا في الوقت ذاته أصحاب الشركات والمصانع ورجال الأعمال المساهمة في إنجاح هذا العرس ودعم هذه الفكرة.

وحول الرسائل التي تسعى اللجنة العليا إلى ايصالها للمجتمع المحلي والعربي قال نسعى أن تعيش نابلس حالة من الانتعاش وحالة من الإبداع والتألق لخلق البسمة على ابناء المحافظة وأن تبقى في الصدارة وتعود إلى سابق عهدها عاصمة اقتصادية لفلسطين.

مفاجآت غير معلنة
من ناحيتها، قالت رجاء الطاهر مديرة العلاقات العامة والإعلام في بلدية نابلس، لـquot;إيلافquot; إن مشاركة البلدية تأتي من باب مسؤوليتها الاجتماعية وتفاعلها مع بقية المؤسسات، بهدف مساعدة العرسان محدودي الدخل المشاركين بهذا العرس من خلال المكافآت والهدايا التي ستساهم في تخفيض الأعباء عن كاهل العرسان في ظل هذه الظروف الصعبة.
وأكدت أن دور بلدية نابلس ينصب على توفير المكان الملائم والمناسب لاقامة هذا الحدث المهم بحكم أنها صاحبة المرافق العامة الموجودة في المدينة إضافة إلى تقديم الدعم اللوجستي والتنسيقي.

وحول الأمور المميزة التي ستكون خلال هذا الحدث رفضت التعليق والإجابة لأنها تقع في إطار المفاجآت غير المعلنة إلا أنها أكدت أن الحدث سيأخذ طابعا فنيا ثقافيا اجتماعيا للمدينة بحيث سيكون حدثا مميزا من خلال فقراته الفنية والغنائية المتنوعة والمتعددة.
ودعت إلى تكاتف الجهود ما بين كافة الجهات الرسمية والأهلية وشركات القطاع الخاص لإنجاح هذا الحدث المهم الذي سيعمل على إعادة الاعتبار لمدينة نابلس على المستوى المحلي والدولي.

الشيخ سعد شرف المستشار الديني للعرس الجماعي أكد لـquot;إيلافquot; أن فكرة إقامة العرس الجماعي هي فكرة عظيمة كونها تحوي تسهيلا كبيرا على الشبان المقبلين على الزواج من خلال توفير الكثير من المنصرفات كما سيوفر جوا من البهجة والسرور لجميع المشاركين.
وفي ما يتعلق برفض بعض الشباب المشاركة في مثل هكذا أعراس من ناحية دينية قال إنني لا أدعي أن مثل هذه الأعراس شرعية مائة بالمائة ولكن سيكون هناك شبه فصل بين الرجال والنساء وسيكون كل عريس وعروسته بمكان خاص فيهم وبإمكان العريس أن يختار لعروسته الملابس المحتشمة في مثل هذه المناسبة.

الشاب عمرو دويكات من عسكر البلد في مدينة نابلس وأحد المسجلين في هذا العرس أكد أن الذي دفعه إلى المشاركة في هذا الحدث هو المساهمات المادية والعينية التي ستقدم خلاله، إضافةإلى الحشد الجماهيري غير المألوف الذي يتأهب لحضور هذا العرس.
وقال إن المشاركة بهذا العرس سيخفف من التكاليف التي كانت ستترتب عليه لو قام به لوحده لأن تكاليف الصالات وما يلحق بها مرتفع جدا إضافة إلى ارتفاع المهور وأسعار الذهب وغيره ذلك من المستلزمات.

إحدى المشاركات في العرس الجماعي الذي سيقام في نابلس وهي خولة فتح الله أكدت ان الوضع المادي هو العامل الرئيس الذي دفعها وخطيبها للمشاركة في العرس إضافة إلى رغبتها في أن يشاركها الجميع فرحتها في هذا اليوم التراثي الفلسطيني داعية الشباب والصبايا إلى المشاركة الفاعلة في مثل هذه الأعراس.

الشاب حسن السايس أيضا أكد أن الوضع المادي وظروف الحياة وتكاليف الزواج الباهظة هي التي دفعته للمشاركة إضافة إلى أنه حفل فلسطيني بامتياز ويشجع على البسمة والفرحة.
وحول اذا ما كانت هناك اشكالية بالمشاركة في هذا العرس الجماعي من قبل أهل العروس أكد أنه لم يواجه اي اشكالية أو تعقيدات بل على العكس لاقى اقبالا وتأييدا وتجشيعا غير متوقع.