قضت المحكمة الدستوريّة في مصر ببطلان قانون النقابات المهنيّة لعدم عرضه على مجلس الشورى، مما قد يعني إلغاء مجالس إدارات 24 نقابة مهنية. وقال الفقيه الدستوري إبراهيم درويش لـ(إيلاف) إنّ بطلان هذا القانون يعني بطلان مجالس إدارات كافة النّقابات التي جرت فيها الانتخابات وفقه.


مبنى المحكمة الدستورية العليا المصريّة

القاهرة: في الوقت الذي تنشغل فيه الحكومة بقضية تفجيرات كنيسة القديسين التي وقعت في الإسكندرية أول أيام العام الجديد، فجّرت المحكمة الدستورية العليا أعلى هيئة قضائية في مصر مفاجأة من العيار الثقيل الأحد، إذ قضت المحكمة برئاسة المستشار فاروق سلطان بعدم دستورية قانون النقابات المهنية رقم 100 لسنة 1993 والمعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1995 لعدم عرضه على مجلس الشورى quot;الغرفة الثانية في البرلمانquot; إعمالاً لنص الدستور.

وجاء قرار المحكمة بعد 8 سنوات من الطعن بعدم دستورية القانون حيث قالت المحكمة في حيثيات حكمهاquot; أن رقابتها لا تقتصر على العيوب الموضوعية التي تقوم على مخالفة نص تشريعي للمضمون الموضوعي لقاعدة واردة في الدستور، وإنما تمتد هذه الرقابة إلى المطاعن الشكلية التي تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعي للأوضاع الإجرائية التي يتطلّبها الدستور سواء ما كان منها متصلاً باقتراح النصوص التشريعية أو إقرارها أو إصدارهاquot;.

وأوضحت المحكمة في حيثياتها أن عدم عرض مشروع القانون على مجلس الشورى ليس له مبرر دستوري لأن المادة 109 من الدستور تقضي بأن لرئيس الجمهورية ولكل عضو من أعضاء مجلس الشعب حق اقتراح القوانين، وتنص المادة 110 من الدستور على انه يحال كل مشروع قانون إلى إحدى لجان المجلس لفحصه وتقديم تقرير عنه.

وقانون النقابات المهنية ينظم عمل 24 نقابة في مصر منهما الصحافيين والمحامين والفنانين وغيرها من النقابات التي تضم 8 مليون وبذلك تلغى مجالس إدارات كافة النقابات المهنية انطلاقًا من القاعدة القانونية بأن ما بني على باطل فهو باطل.

وبهذا الحكم يصبح من حق كل نقابة مهنية تحديد مواعيد إجراء انتخاباتها دون انتظار لقرار اللجنة القضائية المشرفة على انتخابات النقابات المهنية ، والتي كان يرأسها رئيس محكمة جنوب القاهرة بصفته، وهو الأمر الذي أدى إلى عدم إجراء أي انتخابات في 11 نقابة مهنية هي الأطباء، والصيادلة، والعلميين، وأطباء الأسنان، والأطباء البيطريين، والمعلمين، والعلاج الطبيعي، والتطبيقيين، ونقابة مصممة الفنون التطبيقية، والتجار، والزراعيين.

إلى ذلك قال تقرير حقوقي صادر عن المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني أن الحكومة المصرية ليس أمامها سوى 4 حلول عليها على أن تختار منهم.

الأول أن يتم حل مجالس النقابات المهنية التي أجريت انتخاباتها وفقًا لهذا القانون المحكوم بعدم دستوريته، استنادًا إلى عدم دستورية القانون الذي أجريت انتخاباتها على أساسه.

أو أن تبدأ النقابات المهنية خصوصًا تلك التي لم تجر انتخاباتها وفقًا لهذه القانون، أو فشلت في استكمال النصاب القانوني المنصوص عليه في القانون 100 وهو 50% في الجولة الأولى، و30% في الجولة الثانية، أن تبدأ هذه النقابات في تحديد مواعيد لفتح باب الترشيح لمجالس نقاباتها فورًا وفي الوقت نفسه تدعو مجالس النقابات المهنية التي جرت وفقًا للقانون مثل المحامين والصحافيين في الدعوة إلى إجراء انتخابات جديدة لمجالسها.

الحل الثالث الذي طرحه التقرير أن تسرع الحكومة بتمرير قانون جديد بديلاً للقانون 100 لتجري الانتخابات على أساسه، مشيرة إلى أن هناك مشروعًا موجودًا بالفعل في أدراج مجلس الشعب منذ الفصل التشريعي السابق والذي يمكن إقراره فورًا نظرًا للغالبية التي يتمتع بها الحزب الحاكم في مجلس الشعب الحالي.

الحل الرابع هو أن يتم استمرار الوضع الحالي لكافة النقابات، لحين استمرار قانون بديل وهو ما يؤدي لبطلان أي أعمال أو تصرفات صادرة من مجالس هذه النقابات، لحين قيام الحكومة بإصداره، خصوصًا أن هناك وجهة نظر تتماشى مع هذا القول تقول بأن الحكم لا يمس المجالس القائمة، لأنه يختص بإجراء الانتخابات، بينما تنظم قوانين النقابات المهنيّة ذاتها أوضاع مجالس نقاباتها.

من جهته، قال الفقيه الدستوري إبراهيم درويش في إفادة لـquot;إيلافquot; أن حكم المحكمة ببطلان هذا القانون يعني بطلان مجالس إدارات كافة النقابات التي جرت فيها الانتخابات وفق هذا القانون لافتًا إلى أن المشرّع يجب عليه في الوقت الحالي إقرار قانون جديد أو معالجة أو البطلان في القانون القديم.

وأشار درويش إلى أن حكم المحكمة نهائي ولا يجوز الطعن عليه مؤكدًا على أن الحكومة ستكون ملزمة بتنفيذه.

وأوضح عصام الأسلامبولي المحامي وأحد مقيمي الدعوة في إفادة لـquot;إيلافquot; أن الحكم سيتم نشره في الجريدة الرسمية بعد 15 يومًا من صدوره، مشيرًا إلى أنه سيكون واجب النفاذ على جميع النقابات المهنية التي شملها القانون.

وأكد أنه سينتظر ما ستسفر عنه الأيام المقبلة سواء من التنفيذ أو عدد تنفيذ الحكم، مشيرًا إلى أنه سيقيم دعوى قضائية ضد الحكومة في حال عدم تنفيذ الحكم.