صفوت البياضي الرئيس الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط ورئيس الطائفة الإنجيلية في مصر

أرجع الرئيس الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط ورئيس الطائفة الإنجيلية في مصر أسباب الإحتقان الديني والطائفي إلى تبادل الهجوم الإعلامي بين المسلمين والمسيحيين. وشدد صفوت البياضي على ضرورة الإقتراب بين الجانبين والمشاركة في الأعمال المشتركة وتعليم ثقافة الحوار وقبول الآخر.


أكد القس صفوت البياضي، الرئيس الفخري لمجلس كنائس الشرق الأوسط ورئيس الطائفة الإنجيلية في مصر في حوار شامل مع quot;إيلافquot;أن عهد الرئيس حسني مبارك هو من أفضل الفترات للمسيحيين في مصر مقارنة بالرئيسين السابقين محمد أنور السادات، وجمال عبدالناصر.

ووصف تفجيرات كنيسة القديسين في الاسكندرية بأنه quot;عمل شيطاني لأنه تجاوز دائرة الإنسانية، وأن هذا الحادث أدمى القلوب قبل أن تدمع العيون وتسبب في جرح لمصرquot;.

وأرجع البياضي أسباب الإحتقان الديني والطائفي في مصر إلى انتشار الفضائيات وتبادل الهجوم الإعلامي بين المسلمين والمسيحيين، والفرز في الهوية الدينية في الوظائف والتعليم، والمناهج الدراسية، ومشددا على ضرورة الإقتراب بين الجانبين والمشاركة في الأعمال المشتركة، وتعليم ثقافة الحوار وليس الرفض والإنفتاح على الآراء المختلفة والمتعددة.

ولم يستبعد قيام الموساد الإسرائيلي بتدبير وتنفيذ تفجير كنيسة القديسين في الاسكندرية بمساعدة عناصر في الداخل. كما شدد على ضرورة فصام المسيحيين عن صدر الكنيسة وألا تحل الكنيسة محل الدولة في حل مشاكل أبنائها حتى يعتاد أبناؤها على أنفسهم وأنها دور عبادة.

** بعد حادثة تفجير كنيسة القديسين في الإسكندرية، ماهي قراءتكم للحالة الدينية والمشهد المسيحي في مصر حاليا؟

ما حدث في كنيسة القديسين في الاسكندرية هو عمل شيطاني ويخرج عن دائرة الإنسانية، إن كانت مؤامرة خارجية أو استخدم فيها أياد مصرية فهي جرح في مصر كلها، وفي كلمة التعزية قلت إنني أوجه تعزيتي لرئيس الدولة لأنه مسؤول عن كل عضو فيها لأنه يوم أقسم اليمين رئيسا للدولة فإن ذلك يعني أن عليه حماية حقوق المواطنين، لم يفرق القسم بين فئة وأخرى، ولم يقل أنه جاء ليحمي الأغلبية في مصر او أن يدافع عن حقوق الأغلبية فقط، لكن هذا القسم يكفل فيه كل مصري من طفل إلى شيخ مسن إلى الفقير وإلى الغني ومن رجل الأعمال الملياردير إلى رجل الشارع العادي، ولذلك قلت إن أول من أقدم له تعزيتي هو رئيس الدولة لأن شعبه قطاع وقطعة منه.

نظرية المؤامرة

**يرجح المراقبون أن هناك أيادي خارجية هي التي دبرت وقامت بحادثة كنيسة الإسكندرية بهدف بث الفتنة بين مسلمي ومسيحيي مصر، ما تعليقكم؟

-هذا صحيح، ولكن أريد القول حتى لا تحكمنا نظرية المؤامرة، حيث كلما يحدث شيء نقول مؤامرة خارجية، حتى لو سلمنا بذلك فإن الخارج يستخدم مصريا من الداخل، فالخارج لا يمكنه الوصول إلى الداخل إلا عن طريق مصري، إشترى المتفجرات ذات الصناعة المحلية، ولم يدخل بها فرد أجنبي من الخارج في حقيبة عبر المطار لأنه ولله الحمد توجد رقابة أمنية شديدة في مطاراتنا وفي دخولنا وخروجنا فلا يمكن أن يأتي أحد بهذا الكم من المتفجرات من الخارج، ولا يمكن لشخص واحد بمفرده أن يفكر ويقوم بهذا العمل الثقيل لأن العملية محبوكة، وأحدثت تخريبا كبيرا في الشارع والمباني والكنيسة والمسجد المقابل لها وهذا ما يجعلنا نتألم، وكيف يحدث هذا في بلد مثل مصر التي يقابل السائح أو الزائر لها في أي مطار لافتة كبيرة quot;أدخلوها آمنينquot;، وعندما يصاب سائح أجنبي واحد نتألم عليه ولا نعرف ملته ولا ديانته ولكنه إنسان جاء بلدنا كضيف وزائر وسائح، فما بالك أن كل الممنوعات التي منعتها الأديان والقوانين تم الإعتداء عليها ولم يراعوا حرمات أماكن العبادة ولا المناسبة ولا المستهدفين والضحايا كانوا أناسًا مسالمين آمنين، أطفالا ومسنين ولا توجد أهداف لقتل هؤلاء الأبرياء سوى زعزعة الأمن القومي.

الفضائيات والهجوم المتبادل والتعليم

**لم تعهد مصر ولا شعبها منذ عقود زمنية طويلة هذا الإحتقان الطائفي أو الديني، لماذا في السنوات الأخيرة زادت حالة الإحتقان بين المسلمين والمسيحيين؟

-أتصور أن هناك أسبابًا كثيرة لذلك، وعندما نضع الأسباب نبدأ نقد أنفسنا، وأعتقد أن الفضائيات لها دور وكذلك تبادل الهجوم من الطرفين ndash;الإسلامي والمسيحي- وهذا ما نرفضه تماما لأننا بطبيعتنا شعب محافظ ويميل للتدين ولديه وازع ديني كبير فمثلا لو أن أحد الأشخاص لا يصوم ولا يصلي ولكن عندما تمس دينه يتحول إلى وحش لأنه عندما تمس عقيدته وديانته فهذا يعني الدخول في المنطقة المحرمة.

كما أن تبادل الهجوم الإعلامي بين الجانبين صنع نوعا من الجفاء والبغض بين الناس، وهذه الهجمة الشرسة للفضائيات في الداخل والخارج تركت أثرا في نفوس الناس، ثانيا: أعتقد أن هناك نوعًا من الفرز في التعليم حيث نقول دائما كلمة الآخر، فمن هو هذا الآخر؟ هذه الكلمة من المفروض أن تغادر قاموسنا، ولا يوجد في المواطنة شيء اسمه quot;أنا والآخرquot; فهناك فرز في تعليمنا وأيضا فصل بين الطلاب المسلمين والمسيحيين، وأنادي دائما وأقول عندما يكون هناك فصل وبه أربعة تلاميذ مسيحيين وتوجد أربعة فصول في المرحلة، فلماذا لا يتم توزيع التلاميذ المسيحيين الأربعة على الفصول الأربعة لكي يكون هناك تعايش مع زملائهم المسلمين في الفصول الأخرى. ثالثا :المناهج الدراسية لابد من إحداث تطوير لها، رابعا : قضية الديانة في البطاقة الشخصية غير موجودة في دول العالم الغربي الذي سبقنا في التحضّر بأميال كثيرة لأن ديانته بينه وبين ربنا وليست في البطاقة.

ثقافة المجتمع

** هنا تبرز نقطة ثقافة التعايش مع الآخر والتعددية. ما السبيل لنشرها وغرسها والتعريف بها؟

- هذه الثقافة ينادي بها التربوي وواضع المناهج التعليمية والمسجد والكنيسة، وعندما نسمع اليوم أن الخطيب في المسجد يدعي على الناس ولم أر في حياتي ديانة على مستوى العالمتدعي على أحد، حيث شاهدت في سنغافورة عبدة الثعبان ولم أجد أحدًا يشتم الآخر، وثقافة التعايش والتعددية يضعها المجتمع ونعلمها للناس من خلال عمدة وحكماء القرية وكل في مكانه، فضلا عن أن لو كل مؤسسة من وزارة التربية والمسجد والكنيسة قامت بدورها متكاملا أعتقد أن الأمور ستتغير، وأين تبادل الزيارات مابين شيوخ المساجد والقساوسة في الكنائس، وهل زار شيخ مسجد كنيسة في يوم من الأيام سواء في العيد أو غيره والعكس صحيح، وهل في مناسبة أعياد المسلمين قامت الكنيسة بتقديم ألعاب أطفال ووزعتها على أبناء المسلمين أو العكس، وقام شيخ المسجد بإهداء أبناء المسيحيين هدايا لهم، هذا في الوقت الذي يوزع البعض منشورات في المنيا يدعو إلى عدم المعايدة على المسيحيين في عيدهم ولا تشاركوهم فرحتهم.

الحوار وليس الرفض

** وماذا عن عناصر خلطة نجاح العلاقة بين المسلمين والمسيحيين مستقبلا؟

- لا بد من الإقتراب أكثر من بعضنا البعض وتعليم أولادنا ثقافة الحوار وليس ثقافة الرفض، ولا بد من تعليمهم أن يكون لديهم سعة صدر وإنفتاح للآراء المختلفة والمتعددة في الفكر، وأن نتحاور معا ونقترب أكثر، وقد إقترح الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب إنشاء ما يسمى بـquot;بيت العائلةquot; ليجمع القيادات الدينية في الجانبين الإسلامي والمسيحي مثلما كنا نشاهده في القرية المصرية، وقد إقترحت على وزير التربية والتعليم السابق ضرورة إنشاء مدارس تنشئها القرية المصرية ويطلق عليها quot;مدرسة المجتمع للغاتquot; بدلا من المدرسة الإسلامية أو المسيحية في صورة أسهم تطرح بهدف تخفيف الأعباء عن الدولة، وقدمت المقترح للوزارة ولهيئة الأبنية التعليمية على أن يقوم رجال الأعمال في كل بلد بسداد هذه الأسهم، وإدارة هذه المدارس والإنفاق عليها من المجتمع ويقومون بإنشائها على أن يكون مجلس إدارتها من مجلس حكماء للقرية تضم المسيحي والمسلم، وتكون في فترة الصباح للتدريس وفي المساء كمنتدى حضاري، حيث يجتمع الشيوخ وأعيان البلد لحل أي مشكلة عندما تحدث، وأيضا تقديم مساعدات للطلاب والفقراء والمرضى.

جسور العلاقات

**لكن المغالاة في التطرف الفكري وحالة الإحتقان الديني في مصر وإبراز الهوية الدينية زادت حدتها في السنوات الأخيرة ما تصوّركم لذلك؟

- لاشك أن هناك ثقافة وفدت على مصر، وفي التسعينات قمت بإعداد رسالتي للدكتوراه وموضوعها كان عن كيفية إقامة الجسور بين المسلمين والمسيحيين، وأجريت مقابلات مع شخصيات سياسية وثقافية مصرية عديدة، فقال لي أحد السياسيين إن فكرة قدمت للرئيس السابق أنور السادات تتلخص بأن الطريقة الوحيدة للخلاص من الشيوعيين هي تعظيم دور الجماعات الإسلامية وقالوا تعبيرا أثناء ذلك وهو quot;إطلق كلابها على ذئابهاquot;، وبالفعل نفذت الفكرة وقضت الجماعات الإسلامية على الشيوعيين -آنذاك- لأن الشيوعية ليس لها تلك الجذور الدينية أما الحركات الدينية ففكروا بعد ذلك بالتخلص منها فأرسلوا عناصرها للتطوع إلى أفغانستان وباكستان فعادوا مرة أخرى أكثر سوءا وتزمتا وعادوا بالثقافة الأفغانية والباكستانية، فهذه جذور موجودة في المجتمع ومرات يتم وضعهم في السجون والمعتقلات لكنها ليست الحل، بينما الذي يحل المشكلة هو الثقافة والفكر والتعليم وأشدد على الحوار بين الجميع ومواجهة الفكر بالفكر والمناقشة.

الإنفتاح والمنتديات المشتركة

**كثير من المؤتمرات تعقد وتنفض حول حوار الأديان والحضارات وتبادل الثقافات وشهدتها عواصم مصر وقطر والسعودية، فضلا عن أن هناك لجنة حوار بين الأديان في الأزهر الشريف تعمل منذ فترة ولكن بلا جدوى وتوصيات حبر على ورق، فماهو تقييمكم لهذه المؤتمرات وهذه اللجان وإنعكاساتها على الشأن الديني في مصر؟

- شاركت في مؤتمرين في الدوحة في دولة قطر، كما حضرت المؤتمر الذي رعاه وحضره العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز وعقد في إسبانيا بحضور الملك الإسباني خوان كارلوس، وقلت للملك عبدالله أتمنى أن يكون اللقاء القادم على أرض السعودية وليس في إسبانيا ووعدني خيرا وبالفعل عقد في العام الماضي 2010 مؤتمر في الرياض ولكنني لم أشارك فيه، وقد حضره حاخامات يهود وأيضا من طوائف وتيارات ومذاهب دينية أخرى وأعتبر أن ذلك على الأقل ثقافة تعايش لبحث كيف يمكن لنا ان نعيش بشكل مشترك، لكن لم تدخل هذه المؤتمرات إلى جذور المشكلة بل تناول سطحي، والثقافة المطلوبة للمجتمع ليس بجلوس المشايخ القيادات الكبار والقساوسة معا لأنهم نخبة من المثقفين بل نريد الوصول إلى الجذور وهي أكبر شرائح في المجتمع، لدرجة أن أحد أصدقائي من المشايخ قال لي إننا حفظنا الكلمات التي نلقيها في المنتديات في كل مرة، وهناك شخصيات بعينها تحضر كل مرة، إذن هو حوار على مستوى كبار المثقفين وليس على المستوى الشعبي، ويجب عقد منتديات تجمع كل الناس معا بمعنى أندية مشتركة، فمثلا الفرق الرياضية في مصر لا يوجد فيها لاعب مسيحي واحد، وفي أحد الإجتماعات سألني حسن شحاته المدير الفني للمنتخب الوطني لكرة القدم لماذا لا يوجد لاعبون مسيحيون في الأندية الرياضية؟ فقلت له:quot;لا أنت تفتح الباب ولا أنا أطرق الباب عليك فالخطأ مشتركquot; وعندما تكون الفرق الرياضية جيدة يسمونها quot;فريق الساجدينquot;.

بيت العائلة

**أعلنتم من قبل عن ميثاق لمنع الفتنة الطائفية بين المسيحيين والمسلمين، فما هي أبرز مواده؟ وما تصوركم لكيفية تطبيقه؟

- في لقائي أمس مع قداسة البابا شنوده الثالث تناولنا مسألة إنشاء منتدى أو بيت العائلة التي طرحها فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر د.أحمد الطيب، ولكنني أعتقد أننا في حاجة إلى الميثاق الذي طرحته من قبل وتقوم فكرته على اختفاء الهوية الدينية بين الأفراد، وأيضا فكرة الوظيفة ومن يحصل عليها لا بد من اختفائها، فضلا عن العقبات التي توضع عند طلب إنشاء كنيسة والترخيص بإنشائها حيث إن شروطها لا توجد في العالم كله، وبالنسبة إلىquot;بيت العائلةquot; هو منتدى يضم شخصيات مسيحية - إسلامية تجتمع في كل مشكلة حتى هذه الكلمة معناها أنها quot;مطافئquot; ومثل هذه المقترحات التي تخرج وقت الأزمات تموت بعد انتهائها لأنها تكون نواة أزمة، مثل أيام جمال العطيفي وزير الثقافة والإعلام حيث تقدم بمقترحات لمجلس الشعب حول مشكلة بناء الكنائس، واليوم قالوا إن هناك فكرة القانون الموحد لدور العبادة بينما نفى الوزير د.مفيد شهاب وجود شيء مثل ذلك والقانون الحالي لبناء الكنائس شروطه غير ميسّرة.

** يرى بعض القيادات المسيحية أن عصر الرئيس حسني مبارك هو من أفضل العصور بالنسبة إلى المسيحيين في مصر ما تعليقك؟

- لا شك أن هذا صحيح، لكنني لا أستطيع القول إنه يمكن مقارنة وضع المسيحيين في مصر بوضع الأقليات في العالم كله، وأيضا بالأقليات الإسلامية في دول أخرى فمثلا تجد الأقلية الإسلامية في أوروبا هل عليها قيود مثل الأقليات المسيحية في مصر؟ وينطبق على الكنائس في أوروبا منع وضع مكبرات الصوت داخل الكنيسة مثل المساجد.

600 كنيسة إنجيلية

**لكن بعض المراقبين يؤكدون أن عدد الكنائس الإنجيلية والأرثوذكسية والكاثوليكية ولبقية الطوائف المسيحية تضاعفت أعدادها عشرات المرات في عهد الرئيس حسني مبارك مقارنة بعهدي الرئيسين السابقين محمد أنور السادات وجمال عبد الناصر. ما تعليقكم؟ وكم تبلغ عدد كنائس طائفتكم في مصر حتى الآن؟

- وهل زيادة عدد الكنائس المسيحية في مصر حاليا متناسبة مع زيادة السكان؟ فلا نستطيع القول إن عدد المسيحيين ثابت منذ عهدي عبد الناصر والسادات، وهل الكنيسة عندما تبنى هل لمجرد مبنى أم أن هناك أناسًا يريدون الصلاة؟ ولنفترض أن أربعين عائلة يعيشون في إحدى القرى ويريدون الصلاة هل يتركون دون مكان للعبادة؟ أما بالنسبة إلى عدد الكنائس فالطائفة الإنجيلية توجد فيها مذاهب متعددة ويوجد 17مذهبا تحديدا تحت عباءة الطائفة الإنجيلية وعدد الكنائس المرخصة والقائمة حاليا لا يتعدى 600 كنيسة إنجيلية على مستوى محافظات مصر، ويبلغ تعداد الشعب الإنجيلي مليون فرد.

** لكن الرئيس حسني مبارك وافق على إقامة كنائس لطائفتكم في 6 مدن جديدة منذ فترة؟

لم يتم إنشاء ولا كنيسة واحدة حتى الآن، والسبب الإجراءات والتعقيدات الروتينية والمعوقات البيروقراطية من صغار الموظفين، وهذا ما يجعل الناس يحولون البيوت إلى كنائس في بعض المناطق.

الموساد وكنيسة القديسين

**قال د.نبيل لوقا بباوي عضو مجلس الشورى ورجل الأمن السابق في تصريحات صحافية في أعقاب حادثة الإسكندرية إن رئيس الموساد السابق أعلن أثناء تسلم القيادة للرئيس الجديد للموساد أن قمة الأولويات لهم هو بث وزرع الفتنة بين المسلمين والمسيحيين في مصر. كيف تقرأون هذا التصريح؟

-لا أستبعد أن يكون الموساد وراء حادثة الإسكندرية، ولكنني لا أحاسب الموساد لأنه يزرع الفتنة في التربة والأرض التي نحن مسؤولون عنها قبل أن يكون أحد آخر، ولكن أصحاب الأرض هم الذين سمحوا للموساد أن يزرعوا الفتنة في هذه الأرض وفي بيتنا الكبير، وبالتالي حسابي كصاحب البيت مع الذين تعاونوا معه من داخل مصر لأنهم سمحوا بزراعة الفتنة في بيتي.

الكنيسة ليست محل الدولة

**هناك من يتهم الكنيسة الأرثوذكسية بأنها السبب وراء تحول دور الكنيسة من دار عبادة إلى مقر سياسي، فضلا عن تسييسها للقضايا المختلفة التي تتعلق بالشأن الديني، ما تعليقكم؟

- يا ليتنا نكون كمنتديات ويشارك فيها المسيحيون والمسلمون، ولكنني ضد فكرة أن الكنيسة تأخذ مكان الدولة وكل من لديه مشكلة مع أي جهة حكومية يلجأ إلى الكنيسة، ولا بد من أن يعتمد كل شخص على نفسه، لكن مثلا في حادثة نجع حمادي-التي حدثت في العام الماضي- نقل الجرحى إلى المستشفى القبطي في الاسكندرية لأنهم ظلوا لمدة خمسة عشر يوما بلا علاج ولو كنت مسؤولا لكنت أرسلت طائرة خاصة لنقلهم إلى أحسن مستشفى وعلاجهم على نفقة الدولة، وهنا اضطرت الكنيسة للتدخل.

مسيحيو المهجر

** هناك عدة إتهامات للكنيسة في مصر منها الإستقواء بالخارج وخاصة أميركا، والإزدواجية في خطابها نحو الدولة داخليا وخارجيا. ما هو تصوركم لهذه الإتهامات؟

- إستضافتني إحدى القنوات الفضائية المسيحية في أميركاquot; قناة الطريقquot;، وكانت هناك مداخلات من بعض أقباط المهجر في أميركا، وقد أوضحت لهم معنى كلمة القبطي وهي تعني المسلم والمسيحي لأنهم كانوا لا يعرفونها، أما القصد بالمسيحيين سواء أرثوذكسي أو إنجيليquot;بروتستانتيquot;، فقلت لهم إن هناك فرقًا بين الدولة في مصر والدولة في أميركا، وإذا كنتم مصريين فعلا وتعيشون في المهجر فالمفروض أن مصر تعيش في داخلكم ولا تسيئون لها بالقول والفعل لأنكم لا تعلمون ظروف مصر وأنتم تعيشون في المهجر، كما قلت لهم ما تتحدثون عنه نحن نشعر به وهو quot;قانون دور العبادة الموحدquot; ونحن نتحدث عنه داخل مصر ولسنا في حاجة لأقوالكم ولو أننا ليس لدينا مساحة من الحرية وكتم لأصواتنا ولا نستطيع التحدث فيه فسأقول لكم تحدثوا في هذا الموضوع من الخارج، وطالما إنني لدى حرية التعبير والتحدث فيه فإنني الأقرب إلى السياسة في مصر منكم في الخارج.

**ما منظوركم لتقرير وزارة الخارجية الأميركية الأخير عن ممارسة الحريات الدينية في مصر؟

- ليس كل ما جاء في تقرير الخارجية الأميركية حول الحريات الدينية في مصر صحيحا، ولقد قلت هذا الكلام في لجنة الحوار بين الأديان في الأزهر ولكن هناك أشياء صحيحة منها الصعوبات في بناء الكنائس ونعاني منها في طائفتنا، ونرسل لرئاسة الجمهورية ولكن الرئيس ليس لديه الوقت للنظر في كل كنيسة تهدمت ونريد بناء سور لها، والقانون ينص على أن بناء الكنيسة الجديدة هي من اختصاص رئيس الجمهورية أما بالنسبة إلى تجديد الكنائس أو إعادة بنائها فهي من اختصاص المحافظ.

رأي بابا الفاتيكان غير مقبول وطرحه مرفوض

** إنتقد الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب الدعوة التي وجّهها بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر إلى قادة العالم لحماية المسيحيين في مصر، وإعتبر الطيب أن ذلك تدخلا غير مقبول في شؤون مصر، ومتسائلا لماذا لم يطالب البابا بحماية المسلمين في العراق عندما تعرضوا لأعمال القتل هناك، ما تعليقكم على تصريحات البابا في هذه الظروف؟

- في تعليقي على مداخلات بعض مسيحيي المهجر في أميركا من خلال برنامج على فضائية الطريق، قال لي أحدهم إن بابا الفاتيكان دعا إلى حماية المسيحيين في مصر عن طريق قوات دولية، فكان ردي الفوري عليه وهل يصح أن تأتي قوات أميركية أو دولية لحماية المسيحيين في مصر، فهذا مرفوض كل الرفض جملة وتفصيلا، وهل هذه القوات نفعت وقامت بحماية مسيحيي العراق، وعدد القتلى الذين ماتوا بعد دخول القوات الأميركية للعراق أضعاف أضعاف الذين ماتوا في تاريخ العراق، وقلت لهم في مداخلاتهم معي إن بابا الفاتيكان بنديكتوس لم يأخذ الدرس مما يحدث في العراق وكنيسة النجاة أليست كاثوليكية وتابعة لروما ومات فيها مسيحيون من شعبه فما الذي قدمته القوات الاميركية أو القوات الدولية.

عقلية الغرب والشرق

**كان قد صدر قبل أربع سنوات عن بابا الفاتيكان تصريحات مسيئة للإسلام وللرسول محمد أليست هذه التصريحات الصادرة عن رئيس أكبر مؤسسة مسيحية في العالم تثير الكراهية والتعصب والبغض للمسيحية والمسيحيين وتثير حفيظة مليار مسلم؟

- أتذكر تصريحاته هذه وبصفة عامة أي إساءة تصدر من أي شخص مرفوضة، ولكن عقلية الغرب مختلفة قد يرى أنها ليست إساءة حيث ينتقد الغربيون أنفسهم الكتاب المقدس لأن لديهم النقد مباح وهناك بعض الأسفار يوجهون لها النقد لكنهم لا ينظرون لها بالحماس الديني الملتهب في الشرق، ولذلك الغرب لا يفكر بعقلية الشرقي الذي يعتبر نقد دينه أنه قذف وسب.

تناقض مع السلوك المسيحي

**بوصفكم رئيسا لمجلس إدارة فضائية سات 7 المسيحية.هل أنتم راضون عما تقدمه من خطاب إعلامي ومواد إعلامية؟ وما رأيكم في قناة الحياة المسيحية وزكريا بطرس وما يبثه من إساءات للإسلام؟

- زكريا بطرس منذ عدة أشهر توقف عن تقديم برنامجه في قناة الحياة المسيحية لوجود خلاف بينه وبين إدارة القناة ولن يظهر على قناة سات 7 لأن أي فكر هجومي غير مقبول، لأن الدين يعلمنا الحكمة والمحبة والسلام وكيف أتحدث عن إنكار ذاتي ومحبة الآخر ثم أهاجمه، وما يقدمه يتناقض مع السلوك المسيحي وقد أعلنت أنزكريا بطرس لو ظهر في إحدى الفضائيات المسيحية التي تتعاون معنا سنمتنع عن الظهور فيها والتعاون معها، وبالنسبة إلى فضائية سات 7 لو أنا لست مسؤولا عنها فمن الممكن أن أقول إنني راض عنها، لكن من الصعوبة الرضا عن إعلام متغير ويعيش في أجواء منافسة وسباق، فمن الممكن أنني كنت راضيا أمس ولكن لست راضيا عنها اليوم.

حساسية شديدة من تحول الأديان

** هل التحول الديني للبعض من المسيحيين إلى دين الإسلامي أو العكس له تأثيره السلبي على النفوس التي تشحن ضد الآخر بسبب تحول فتاة أو غيره؟

- في الماضي كان شاب مسلم يتزوج من مسيحية وتظل على دينها أو انها تتحول إلى الإسلام وكان مقبولا من المجتمع وهناك شخصيات معروفة ما زلنا نعرفها، لكن مع التزمت الديني والشحن المعنوي تتأزم المواقف بين الجانبين خاصة إذا كان في الريف، واليوم فكرة أن شخصًا ما يترك دينه أصبحت فيها حساسية شديدة، وهذا لا يضير أن يتحول شخص ما إلى ديانة أخرى لأنه ضمن الحرية الدينية لكن على ألا يتم إكراهها في ذلك لأنه لا إكراه في الدين.

القواسم المشتركة بين المسلمين والمسيحيين

**شهدت السنوات الماضية مناظرات بين بعض رجال الدين الإسلامي ونظرائهم المسيحيين. فما رأيكم فيها وتداعياتها ونتائجها؟

-كانت المناظرات على الهواء مباشرة بين الشيخ أحمد ديدات وأحد القساوسة، ولكنها ليست مقبولة عندنا ودائما القيادات الدينية تقول تعبيرًا: هو تحاوروا في القواسم المشتركة بين الديانتين ولا تدخلوا في قلب العقيدة للجانبين وترك ما نختلف فيه كل في إختلافه، ولو كنا نعيش في أميركا من الممكن إجراء مثل هذه المناظزات وفي لندن يوجد ميدان هايدبارك كل يقول رأيه.

تبرعات أبناء الكنيسة

** يتردد أن هناك معونات خارجية تتلقاها الكنيسة المصرية من الخارج، ما تعليقكم؟

- لعلمي لا توجد معاملات مادية أولا وفي الجانب السياسي لا يوجد ايضا، ولكن أبناء الكنيسة الإنجيلية في المهجر يدفعون بسخاء لكنيستهم، ولكن عندما أتحدث عن معونات خارجية معنى ذلك أن الحكومة الأميركية مثلا خصصت مليون دولار كمعونة خارجية ولكي أتسلمها لا بد من إستئذان الحكومة المصرية أولا وعرض الأمر عليها، وحتى مجلس الكنائس العالمي كان في الماضي يقيم المشروعات في الريف المصري في مجال الزراعة وغيره بهدف جمع المسيحيين مع المسلمين معا ولكن تأثر حاليا بالأزمة المالية العالمية وأصبح لا يقدم معونات أو يقيم مشروعات.

**ما تصوركم المستقبلي لمواجهة الإرهاب والتطرف في مصر ولطبيعة العلاقة بين المسلمين والمسيحيين؟

-طبعا طريق طويل ويتطلب ذلك زيادة الأعمال المشتركة بين الجانبين وليس الحوار فقط لأنني أشبهه بوسيلة مواصلات تستقلها وتتركها بينما العمل المشترك هو الدائم.