قالت صحيفة لوس أنجلس تايمز أن ما يقرب من نصف مليون مسيحي في العراق هربوا من البلد منذ العام 2003.
مع بدء العقد الثاني في الشرق الأوسط انفجرت سيارة مفخخة بعد منتصف الليل بدقائق خارج كنيسة مصرية تاركة وراءها 20 قتيلا. ويأتي هذه التفجير بعد أسابيع قليلة على قيام فريق من المسلحين التابعين للقاعدة بقتل عشرات الأشخاص في كنيسة ببغداد. وتسبب صعود القاعدة وانتشار الحركات الإسلامية المتطرفة في الشرق الأوسط بإلحاق الأذى في الأقليات المسيحية بالشرق الأوسط.
وإذا كان عددهم في بداية القرن العشرين 20% من عدد سكان الشرق الأوسط فإن عددهم اليوم لا يتجاوز 12 مليون نسمة وهذا يمثل 5% من عدد السكان . وعلى الرغم من أن المسيحيين لعبوا أدوارا مهمة في مجالي النضال القومي والثقافة وفي الحركات اليسارية المعادية للاستعمار في العقود المبكرة من القرن العشرين فإنهم قد أقصوا من السياسات الإسلاموية للسنوات الأخيرة.
كذلك هم تحملوا الثقل الأكبر الناجم عن المواجهة التي اندلعت منذ عام 2001 بين المتطرفين الإسلامويين والغرب (المسيحي).
فحسبما جاء في صحيفة لوس أنجلس تايمز فإن ما يقرب من نصف مليون مسيحي في العراق قد هربوا من البلد منذ بدء الغزو الأميركي للعراق عام 2003. وبغياب ملاذات آمنة أو ميليشيا لحمايتهم وجد المسيحيون العراقيون أنفسهم واقعين بين المصادمات العربية- الكردية والشيعية- السنية، إضافة إلى الهجمات المباشرة ضدهم على يد القاعدة والآن أصبح عددهم لا يزيد عن 3% من عدد السكان. أما الوسط المسيحي القبطي في مصر والذي يشكل 10% عدد سكان مصر فإنه الآخر يعاني من التمييز والعداء المفتوح من قبل الحركات الإسلامية المتطرفية.
وفي السودان ظلت حكومة السودان في حالة حرب مع الجنوب ذي الأكثرية المسيحية لعقود، وهذه الحرب حسب رأي صحيفة قد تنتهي بانفصال الجنوب عن الشمال. كذلك هبط عدد المسيحيين الفلسطينيين الذين كانوا يشكلون 15% من عدد السكان في فلسطين في بداية الخمسينات من القرن الماضي إلى 1% اليوم، وهم دفعوا لمغادرة الأراضي الفلسطينية مع زيادة قسوة شروط الاحتلال وتصاعد سلطة حزام والإسلام المتشدد. وفي سوريا يشكل المسيحيين 10% من عدد السكان وتحققت حماية لهم تحت حكم الأسد مع ذلك فإن العدد راح يتقلص تدريجيا.
كانت لبنان البلد الوحيد الذي يشكل المسيحيون الأكثرية بين كل البلدان العربية الأخرى وظلت الهيمنة على الحكم للمسيحيين ما بين عامي 1920 و1990 لكن مع اندلاع حرب أهلية ما بين عامي 1975 و1990 غادر الكثير من المسيحيين لبنان الى الخارج منهيا بذلك الكثير من السلطات التي كانت بيد رئيس الجمهورية المسيحي.
ترى صحيفة لوس أنجليس تايمز أن من الضروري فرض ضغط دولي للحفاظ على الأقليات المسيحية في الشرق الأوسط، فعلى سبيل المثال، من اللازم تحذير السودان من قيام بعض الجماعات الإسلامية المتطرفة بالانتقام من المسيحيين في حالة تصويت المسيحيين في الجنوب على الانفصال. وفي العراق قد يكون ضروريا إنشاء ملاذ آمن لهم في شمال العراق مثلما عمل للأكراد بعد حرب الخليج الثانية.
تقول الصحيفة إن هناك الكثير الذي سيكسبه المسلمون والمسيحيون في الحفاظ على الاعتدال والتسامح داخل مجتمعات الشرق الأوسط. لكن ذلك يتطلب الكثير من الجهود المنسقة والمساعي الدولية للتوثق من القرن الواحد والعشرين لن يكون آخر قرن للتعايش الطويل المدى بين المسلمين والمسيحيين.
مع ذلك لم تناقش الصحيفة الدور الحقيقي الذي لعبته سياسات الولايات المتحدة خلال العقد الأول في تأجيج التطرف الديني في الشرق الأوسط وكم أثر تدمير المؤسسات الأمنية العراقية اثر سقوط بغداد بعد الغزو الأميركي عام 2003 على إلحاق الأذى لا بالأقلية المسيحية في العراق فحسب بل بالعديد من الكيانات القومية والدينية والمذهبية التي أصبحت تحت رحمة القوى المتطرفة سواء كانت دينية أو قومية.
التعليقات