دعا هيثم مناع، المتحدث باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان إحدى المنظمات التي تقدمت إلى القضاء الفرنسي بدعوى مشتركة لتجميد أموال الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، إلى تجنب تجميدالأرصدة quot;تجميداً سياسياًquot;، تفادياً لأي quot;ابتزاز سياسيquot; مستقبلاً.
طالب هيثم مناع، المتحدث باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان، وهي من المنظمات الثلاثة التي تقدمت إلى القضاء الفرنسي بدعوى مشتركة لتجميد أموال الرئيس المخلوع بن علي ومن كان يدور في فلكه، بوجوب عدم تجميد الأرصدةquot;تجميدا سياسياquot;، وإنما أن تعزز أي قرارات تتخد في هذا الاتجاه بمساطر قضائية، تفاديا لأي quot;ابتزاز سياسيquot; في المستقبل.
وهنا نص الحوار
- أنت تعود للتو من رحلة حقوقية إلى تونس، كيف وجدت نسيم الحرية الفتية في هذا البلد المغاربي؟
bull; أعود من نضارة الثورة إلى بؤس وعفن السياسة الفرنسية الرسمية التي تتآمر عليها. لقد أمضيت الوقت الأهم في الولايات الداخلية والمهمشة التي انتفضت مثل قصرين وسيدي بوزيد والجنوب، عشنا مع الناس ومشينا في طريق الثورة. الشعب تجاوز النخبة بكثير، وهو يدفن اليوم المثل العراقي في القلوب وفي العقول، فمهما كانت الدكتاتورية عاتية وقوية، لا يحتاج المواطن لدبابة أميركية ليتخلص من الاستبداد، ولا يحتاج لمليون قتيل وحرب أهلية لكي يكون له الحق في برلمان تحت الاحتلال وصحافة حرة وتلفزيونات طائفية الخطاب. الشعب التونسي حرر الإنسان العربي من عصابة بن لادن والمحتل الأجنبي في آن معا، وبذلك دشن العودة الظافرة للشعوب العربية إلى التاريخ.
كما أن الإبداعات اليومية ونهج اللاعنف وغياب quot;الأصنامquot; والصور الشخصية عن التظاهرات والطابع المدني الديمقراطي للثورة، كل هذا يعطي فكرة عن أن التغيير ليس أغنية مستحيلة الإنشاد في عالمنا. من هنا الكل يرتجف ويتآمر، من واشنطن وباريس إلى العواصم العربية. في الجامعة العربية يوجد محور واحد هو محور الخوف من الثورة الديمقراطية التنموية. عندما نشاهد فقر الدم السياسي في المؤسسات الإدارية والبحثية العربية حول التغيير، ونتابع كيف يسير الناس شؤونهم بأنفسهم في المناطق الحرة والمحررة من بوليس بن علي، نفهم حالة الجزع القائمة لشعب لا صديق له سوى المجتمع المدني العالمي والشعوب المقهورة. زيارة فيلتمان ليست بريئة وهناك محاولات التفاف وتآمر على الثورة لكن الشعب يملك درجة عالية من الوعي والتظاهرات المستمرة في المدن التونسية خير مثال على رفض الشعب لأي حل إداري عسكري لمستقبل البلاد.
- كيف تلقيت خبر فتح تحقيق من قبل النيابة العامة الفرنسية حول أموال وممتلكات بن علي ومن معه؟
bull; قبل مغادرتي باريس كنت في صلب التحرك القضائي الذي قمنا به عشية سفري لتونس. فاللجنة العربية لحقوق الإنسان ومنظمة الشفافية الدولية ومنظمة شيربا لهم سوابق في الميدان، إذ استطاعوا تجميد أموال عامة مسروقة. من هنا لم يكن أمام المدعي العام الفرنسي إلا أن يفتح التحقيق أو يعلن سرقة المال العام للشعب التونسي من قبل فرنسا والبلدان الأوروبية، الأمر الذي يشكل فضيحة أخلاقية وسياسية.
- صدر بيان للمنظمات الثلاثة بيان فضلت فيه أن يحال الملف على قاضي التحقيق لتجميد أرصدة هؤلاء في أسرع وقت عوض بقائه لمدة طويلة بيد النيابة العامة. هل يمكن أن تفسر لنا الجانب القانوني في هذه المسألة؟
bull; تجميد الأرصدة في فرنسا والبلدان الأوروبية قرار سياسي، ونحن لا نريد أن يكون المال العام التونسي وعودته للشعب والدولة موضوع ابتزاز سياسي في المستقبل من قبل الحكومة الفرنسية أو أي حكومة أوروبية أخرى، لذا نحرص على أن تكون مسيرتنا دائما معززة بقرارات صادرة عن السلطة القضائية.
- هل يعني ذلك أن قاضي التحقيق لوحده المخول قانونيا التعاون الدولي مع جهات قضائية دولية أخرى؟
bull; قاضي التحقيق وكل مؤسسات مناهضة الفساد في فرنسا وأوروبا وهي كثيرة، والتعاون سيكون دائما ومستمرا بين العدالة التونسية والفرنسية والأوروبية وبين المؤسسات الأووبية والمجتمع المدني والحكومة المنتخبة ديمقراطياً في تونس.
- هل تعتقد، بناء على الإجراءات التي اتخذت حتى الآن، أن المراقبة على هذه الأموال والممتلكات قوية، ولا يمكن لبن علي أو لأي كان من أسرته أن يتصرف فيها؟
bull; التصرف صعب جدا وهو توريط مباشر للبلد الذي يستضيف بن علي الذي صدرت بحقه مذكرة توقيف دولية، ولن يقبل أي بلد يستضيف هذا الشخص أن يغطي على جرائمه، لأن هذا يعتبر في القانون الدولي عملا عدائياً تجاه شعب تونس. من هنا ثقتنا بأن أي تصرف بالأموال سينعكس سلباً على أكثر من طرف وسيحّول بالتأكيد حياة quot;عصابة السراقquot; إلى جحيم رسمت خريطته بيدها.
- ماهي البلدان التي ترون أن القضاء الفرنسي ملزم بالتعاون معها بهذا الخصوص، وهل ستجد العدالة المحلية الطريق معبدة لهذه الغاية؟
bull; من المعروف أن طريق القضاء الأوروبي معبد بالإتفاقيات الثنائية والمواثيق الأوروبية التي تسمح بعبور الحدود الفرنسية بسهولة كلما احتاج الأمر. المهم تعزيز القائمة السوداء التي أعددناها بمعلومات دقيقة وصحيحة حول تبييض الأموال وسرقة المال العام والفساد.
- هل هناك تقدير معين لهذه الأموال والممتلكات سواء في فرنسا أو في بلدان أخرى؟
bull; يقدر خبراء اقتصاديون ما نهبته quot;عصابة السراقquot; بحوالي 12 مليار دولار وهناك أرقام أخرى أقل أو أكثر.
- في حالة نجاح العملية ووضع القضاء يده على هذه الأموال والممتلكات كيف سيكون تسليمها إلى تونس؟
bull; نحن نطالب بتشكيل مؤسسة أوربية محدودة الزمان والموضوع ad hoc، لإدارة هذه الأموال إلى حين قيام حكومة تونسية يختارها برلمان منتخب. عندها تكون الأموال في عهدة مؤسسة مالية مكونة من خبراء قانون واقتصاد لا من سياسيين. ومن السهل بعدها ليس فقط تحويل الأموال بل ومستحقات استثمارها خلال فترة الانتقال داخل تونس والإجراءات القضائية خارجها.
التعليقات