بوتين

منذ إعلان نتيجة الانتخابات التشريعية الروسية، التي فاز فيها حزب رئيس الوزراء فلاديمير بوتين بغالبية المقاعد - كما هو متوقع - والاتهامات بالتزوير تنهمر عليه يمنة ويسرة بتزويرها. والآن يضيف الرئيس السابق ميخائيل غورباتشوف ثقلاً خاصًا إلى هذه الاتهامات.


لندن: خرج الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف عن صمته الطويل، واتهم حكومة رئيس الوزراء فلاديمير بويتن بتزوير الانتخابات التشريعية الأحد الماضي، التي فاز فيها حزبه. وطالب بإعلان بطلان هذه النتيجة، وإعادة إجرائها بالتالي، لأنها، على حد قوله الصريح، laquo;كذبة لن تجد من يصدقهاraquo;.

وحذر آخر الرؤساء السوفيات كلاً من بوتين والرئيس الروسي ديمتري مدفيديف من أن التململ الشعبي الذي تبدَّى في مختلف مظاهر الاحتجاج بعد إعلان النتيجة لن يخمد سريعًا، كما يتمنيان وإنما، على العكس، سيظل متصاعدًا إلى حين اعترافهما بأن ما فعلاه كان تزويرًا، وإصدارهما الأمر بإعادة إجراء اقتراع نزيه.

ونقلت laquo;تايمزraquo; البريطانية عن غورباتشوف قوله لوكالة laquo;إنترفاكسraquo; الروسية: laquo;يومًا بعد آخر، ستتسع دائرة المواطنين الروس، الذين يصبحون على قناعة بأن نتيجة الانتخابات التي أعلنتها الحكومة ليست انعكاسًا حقيقيًا لإجمالي أصواتهم. وبرأيي فإن إصرار السلطات على أن كل شيء على ما يرام يصمها بالكذب، ويوضح تجاهلها الرغبة الشعبية في انتخابات نزيهة. هذه هي أفضل وصفة لاندلاع القلاقلraquo;.

ومضى قائلاً: laquo;يتعيّن على قيادة هذه البلاد أن تعترف بأنها مارست تزويرًا انتخابيًا على نطاق لا يمكن السكوت عنه، وأن النتيجة التي أعلنتها أبعد ما تكون عن الحقيقة، ولا تعكس تطلعات الشعب الروسي. وبناء على ذلك، فالخيار الوحيد الذي يطرح نفسه أمام الحكومة، هو أن تعلن بطلان نتيجتها المعلنة، وأن تسارع إلى إجراء انتخابات جديدةraquo;.

ويقول محللون سياسيون إن الأرجح لتصريحات غورباتشوف أن تضاعف ثقل الضغوط، التي يتعرّض لها الكرملين، منذ إعلان النتيجة، التي منحت حزب بوتين laquo;روسيا المتحدةraquo; 238 مقعدًا (من مجموع 450) في برلمان laquo;الدوماraquo;.

ورغم أن شعبية الحزب انخفضت من 64 % في الانتخابات السابقة إلى 49.5% في هذه الأخيرة، فقد ساد على نطاق واسع انطباع بأن الكرملين فعل بالتزوير أقصى المستطاع لمنحه الغالبية البرلمانية.

قوات الأمن تعتقل أحد المحجتجين في سنت بيترسبرغ

وقال غورباتشوف إن الوضع الراهن laquo;يزعزع ثقة الشعب في حكامه وفي السلطات ككلraquo;.

وأضاف إنه يأمل في أن laquo;يعيد الكرملين النظر في نوع العواقب الوخيمة، التي يمكن أن تعصف بالبلاد في حال امتنع عن تصحيح خطئه. آمل من كل قلبي أن يهرع إلى استعادة الثقة المفقودة الآنraquo;.

لكن يبدو أن كلمات الرئيس السابق وقعت على آذان صماء داخل الكرملين نفسه. فقد أغلقت قوات مكافحة الشغب، تدعمها وحدات من الجيش، ساحة laquo;ترايمفالناياraquo; (النصر) في موسكو منذ يوم الثلاثاء، لمنع احتشاد المتظاهرين مجددًا بعد ليلتين متتاليتين من الاحتجاج الشعبي.

وألقي القبض خلال هذه التظاهرات على عشرات النشطاء. وفي ثاني أكبر المدن الروسية، سنت بيترسبرغ، احتجزت الشرطة ما يربو على مائة متظاهر.

وكالعادة في الاحتجاجات السياسية الأخيرة، صارت المواقع الاجتماعية على الإنترنت منابر حيوية للنتظيم الشعبي. فقد شهدت دعوات إلى تنظيم احتجاجات في نحو 68 مدينة بطول البلاد وعرضها.

ووعد قرابة 20 ألف شخص على موقع laquo;فايسبوكraquo; وحده، بحضور مظاهرة حاشدة يوم السبت المقبل في ساحة الثورة القريبة من الكرملين. وفي رد فعل ثوري، أغلقت السلطات هذه الساحة بحجة شروعها في بدء أعمال الصيانة.

ومهما كان موقف الكرملين، فإن النتيجة المشكوك في صحتها وموجة الاحتجاجات، التي أعقبت إعلان النتائج يوجّهان ضربة موجعة إلى طموحات فلاديمير بوتين شخصيًا. فقد حوّل هذه الانتخابات إلى استفتاء شعبي على نواياه بالعودة إلى كرسي الرئاسة في مارس/آذار المقبل.

ومع أن هذا الوضع كان شبه مسلّم به حتى وقت قريب، فإن الأحداث الراهنة تلقي بظلال كثيفة من الشك على أمانيه، وخاصة بعد دخول غورباتشوف إلى حلبة المنتقدين.

يذكر أن غورباتشوف (80 عامًا) ترأس الاتحاد السوفياتي منذ 1985 وحتى انهياره في 1991.

وكانت سياسة الانفتاح، التي انتهجها، من أكبر العوامل المساعدة على نشوء ذلك الوضع، الذي طوى صفحة مهمة في تاريخ العالم. ومنذ ذلك الوقت، انتقد غورباتشوف سياسات الكرملين في عدد من المناسبات، باعتبارها laquo;عودة إلى الدكتاتورية القديمةraquo;.

ورغم أن آراء غورباتشوف، الحائز جائزة laquo;نوبل للسلامraquo; في 1990، لا تتصف داخل روسيا نفسها بنوع الأثر الذي تتمتع به خارجها، فمن المؤكد أنها ستنتقص من قدر بوتين على الساحة الدولية المهمة لروسيا الجديدة.. ومن المؤكد أن هذا الأخير مدرك تمامًا لهذه الحقيقة.

غورباتشوف