تبدأ يوم الاثنين القمة الخليجية الجديدة في العاصمة السعودية الرياض، وعلى مدى يومين يجري مناقشة العديد من الملفات والقضايا الهامة، ويفرض الواقع الجديد في المنطقة العربية التي شهدت ثورات غير مسبوقة نفسه بقوة على القمة، إلى جانب ملفات تتعلق بإيران والعراق وغيرها.


ملفات هامة ستطرح على طاولة دول مجلس التعاون الخليجي

الرياض: تكتظ اجتماعات القمة الخليجية الثانية والثلاثين، التي تعقد يومي الاثنين والثلاثاء في العاصمة السعودية بالعديد من الملفات والتحديات التي سيحرص قادة دول مجلس التعاون على التعامل معها بجدية ومسؤولية، في ختام عام استثنائي فرض واقعاً جديداً في المنطقة العربية.

وتتنوع تحديات القمة الخليجية ما بين المطامع الإيرانية ومساعيها التي لا تنتهي إلى توتير المنطقة، وخصوصاً تدخلاتها في مملكة البحرين والسعودية وفق اتهامات رسمية من المملكتين، وما بين الفراغ الذي تركه انسحاب القوات الأميركية من العراق، وكذلك التطورات الجارية في سوريا واليمن، فضلاً عن ملفات اقتصادية لا تقل أهمية عن نظيرتها السياسية.

ويشارك في اجتماع القمة قادة مجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلى السعودية كل من ملوك وأمراء الكويت وقطر ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وسلطنة عمان.

ويستبق وزراء خارجية دول مجلس التعاون القمة ببحث التوصيات والقرارات التي سترفع إلى القمة الخليجية، بالإضافة إلى رفع التوصيات للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لإقرار برنامج تنمية اقتصادية مدته 5 أعوام لتمويل التنمية في كل من الأردن والمغرب اللذين أعلنا انضمامهما منذ عدة أشهر لمجلس التعاون.

وقال الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي إن الكثيرين في المنطقة العربية وخارجها يتطلعون إلى دور مجلس التعاون للمساهمة في المحافظة على الأمن والاستقرار في المنطقة خلال التطورات الخطيرة التي مرّت بها منذ بدء تأسيسه وحتى الآن.

وأضاف أنه في ظل الظروف المتلاحقة التي تشهدها منطقتنا فإن الأنظار ستنصب على القمة الخليجية والتي تهدف إلى تحقيق المزيد من الإنجازات في مسيرة المجلس وفي الوقت نفسه مواجهة التحديات التي تواجه المنطقة والإسهام في تحقيق أمنها وسلامة مواطنيها.

وتُعقد قمة هذا العام وسط متغيرات دراماتيكية وقعت خلال الأشهر المنصرمة في المنطقة العربية، إذ على الخليجيين أن يتعاملوا مع أنظمة مختلفة عن ثلاثة من القادة العرب (بن علي ومبارك والقذافي) الذين تصدروا المشهد السياسي العربي لثلاثة عقود، بينما يواجه الرئيسان اليمني والسوري مصيراً مجهولاً، دفع الأول للقبول بالمبادرة الخليجية، والخروج طواعية من السلطة، فيما لا يزال الثاني يمارس القتل ضد شعبه.

وبالتأكيد فإن التطورات في البلدان العربية التي شهدت ثورات واضطرابات خلال الفترة الماضية ستطرح نفسها بقوة على مداولات القمة، خصوصاً مع العهد الجديد الذي بدأ فيها، كتونس ومصر اللتين سيطر على سدة الحكم فيها التيار الإسلامي، وليبيا التي أصبحت بلا العقيد القذافي وبات الباب مفتوحاً أمام علاقات جديدة معها.

وسيكون الملف الإيراني بتشعباته حاضراً أيضاً في القمة الخليجية، فدول المجلس لا تخفي قلقها إزاء مواقف حكّام طهران سواء لجهة الملف النووي والاستمرار في استخدامه كورقة في تهديد جيرانها، أو لجهة التدخل في مملكة البحرين والعمل على إشاعة الفوضى في هذا البلد الخليجي.

وكان الموقف الخليجي حازماً طوال الفترة الماضية تجاه التدخلات الايرانية في البحرين، وتوافقت دول المجلس على إرسال قوات quot;درع الجزيرةquot; قبل أشهر للعمل على بسط الأمن فيها، وهو ما تحقق بالفعل لتقطع الطريق على طهران لمزيد من العبث في الشأن الداخلي للبحرين.

وبعدما غاب الملف العراقي عن المداولات الأساسية للقمم الخليجية في السنوات القليلة الماضية، عاد هذا الملف ليتصدر القمة الحالية مع انسحاب القوات الأميركية أخيراً، وما يعنيه ذلك من ضرورة ملحّة لصوغ موقف خليجي موحد يخدم المنطقة ويعزز فرص الأمن والاستقرار فيها.

ويرى كثيرون أن فتح صفحة جديدة في التعاطي مع الشأن العراقي يبدو أمراً ملحاً في هذه المرحلة، يتم فيها وضع أسس جديدة وتجاوز خلافات الماضي، وهو أمر سيكون حاضراً في مداولات القادة الخليجيين، لكن يبقى المحك هو موقف قادة العراق وجديّتهم في تطبيع quot;حقيقيquot; للعلاقات مع دول المجلس.

وإلى جانب كل هذه الملفات الثقيلة والحساسة، سيجد الملف الاقتصادي له نصيباً وافراً من مباحثات قادة دول مجلس التعاون، في ظل الأزمة المالية العالمية التي تتفاقم، وإن كانت دول الخليج بعيدة عنها في هذه المرحلة، إلا أن الخوف من المستقبل يحتّم على الجميع التعامل بكل مسؤولية مع هذا الملف.