تهدد قضية حقوق الانسان في تركيا، مكانة البلاد العالمية لكونها فشلت في معالجة مسألة الأقلية الكردية.


بيروت:على الرغم من تزايد مكانة تركيا في المنطقة، إلا أن مصداقيتها الدولية ينبغي أن تكون موضع شك طالما أنها فشلت في معالجة سجلها في مجال حقوق الإنسان، لا سيما في ما يتعلق بمسألة الأقلية الكردية.

أثارت هذه المسألة موجة كبيرة من النقاش في وسائل الإعلام الأميركية والأوروبية، لا سيما بعد أن صعد نجمها بسبب موقفها الأخير حول الأحداث السورية وتأييدها لثورات quot;الربيع العربيquot;.

تنظر العديد من الدول إلى تركيا كدولة رائدة في مجال الدمج بين الإسلام والتحديث، ولا تتخوف من الصبغة الدينية لحزب العدالة والتنمية الحاكم لأنها لا تبدو على خلاف مع الديمقراطية الموالية للغرب. وقد فازت الحكومة بدعم شعبي في المنطقة، وتحديداً رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الذي حظي باستقبال شعبي في جولته الاخيرة إلى تونس ومصر وليبيا.

لكن مهما كانت الحكمة من وراء البحث عن أفضل نموذج quot;مسلمquot; للدول العربية، فإن مصداقية تركيا على الساحة الدولية تبقى موضع شك طالما أنها فشلت في التعامل مع مشاكلها الداخلية في مجال حقوق الإنسان.

وتعتبر مسألة عدم وجود حقوق للأقلية الكردية في البلاد مشكلة كبيرة في تركيا التي التي أعلنت حكومتها quot;الانفتاح الديمقراطيquot; لتقديم المزيد من الحقوق لجميع الفئات في تركيا سواء الأقليات العرقية أوالدينية، وتخفيف القيود على البث بلغات الأقليات مثل الكردية.

لكن على الرغم من هذه الوعود، قدمت الحكومة التركية أداء مغايراً إذ اعتمدت نهج المنع والقمع وسجن المعارضين.

استمرت المشكلة الكردية على نحو واسع من خلال صراع الحكومة لما يقرب من 30 عاماً مع حزب العمال الكردستاني المسلح والمحظور، الأمر الذي أدى إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان من كلا الجانبين ولقي أكثر من 40 ألف شخص حتفهم بسبب الصراع المسلح.

وأشارت الصحيفة إلى أن القوانين التقليدية هي سبب المشكلة لأنها تحد من حرية التعبير، وذلك لأن القانون في تركيا يمنع تدريس لغات الأقليات مثل الكردية في المدارس ويحتاج الأكراد إلى حزب سياسي ضخم لتأمين 10 ٪ من الاصوات على الصعيد الوطني للحصول على مقعد في البرلمان. ويعني هذا أن الأحزاب السياسية الكردية لا يمكن أن تدخل البرلمان إلا بالترشح بشكل مستقل.

في السنوات الثلاث الماضية كانت أكبر مشكلة سوء استخدام قوانين مكافحة الارهاب لتوجيه اتهامات جنائية ضد العديد من الناس العاديين الذين ينخرطون في نشاط سياسي شرعي وغير عنيف لموالاة الأكراد أو الحركات اليسارية. وشملت هذه الحملة أيضاً الصحافيين، وتهدد نسيج حقوق الإنسان والديمقراطية في تركيا.

وأشارت الـ quot;لوس انجلوس تايمزquot; إلى أن معظم المتهمين هم أعضاء نشطاء ومسؤولين ورؤساء البلديات منتخبين لخدمة حزب السلام والديمقراطية، التي شكلت مجموعة في البرلمان بعد حصولها على 36 مقعداً في الانتخابات العامة في حزيران.

ما هي الأدلة ضد كل هؤلاء الناس؟ معظمها معلومات من التنصت على المكالمات الهاتفية واتهامات بالإنتماء إلى تنظيم السياسي. ففي معظم الحالات لا يوجد دليل على أي نشاط يمكن وصفه بالإرهاب. كما أن الطابع الغامض لقوانين مكافحة الارهاب في تركيا تعطي النيابة العامة والقضاة القدرة على حبس المتهمين ومحاكمتهم بصفتهم عناصر مسلحة من حزب العمال الكردستاني.

وهناك أيضا العشرات من الصحافيين في السجن بتهم تتعلق بالإرهاب، ومعظم quot;الجرائمquot; هي كتابات صحافية وروائية لا تحرض على العنف.

هناك حاجة ملحة لمراجعة هذه المشكلة، وإعادة صياغة القوانين وتعديلها حتى لا تجرّم الأشخاص الأبرياء. إلا أن الإصلاح القانوني لا يكفي إذ تحتاج الحكومة لوقف عمليات القمع ضد الأكراد وغيرهم من منتقديها.

تدعم حكومات الولايات المتحدة وأوروبا جهود تركيا لمكافحة حزب العمال الكردستاني، لكنها جميعها تعترض على حملة قمع السياسة الكردية القانونية. وفشلت السياسة التركية التي اعتمدت خلال 3 عقود على سياسات الحظر والقمع والسجن، بالتوصل إلى حل للقضية الكردية. كما أن الولايات المتحدة وأوروبا يجب أن تتذكر أن الاقتصاد الحيوي والشعبي في المنطقة ليس بديلاً عن الحقوق الأساسية، إذ أن انعدام الحقوق الانسانية في تركيا يهدد بانزلاق البلاد الى العنف.