عين الملك الأردني عبد الله الثاني رئيسًا جديدًا للحكومة في الأردن وهو معروف البخيت، في أعقاب تظاهرات شعبية، إستهدفت إقالة رئيس الوزراء سمير الرفاعي الذي أعاد تجسيد مشهد خروج والده من الحكومة قبل نحو عقدين.


قبل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بعد ظهر الثلاثاء إستقالة كان رئيس الوزراء الأردني سمير الرفاعي قد قدمها له خلال إجتماع بينهما قبل نحو أسبوعين، في ظل تظاهرات شعبية حاشدة عمت مناطق الأردن إحتجاجًا على السياسة المالية التي إنتهجها رئيس الوزراء سمير الرفاعي.

وكان الرفاعي قد شكل حكومته الأولى قبل أكثر من عام، قبل أن يأمره الملك بإعادة تشكيلها في منتصف شهر تشرين الثاني- نوفمبر الماضي، في أعقاب إنتخابات برلمانية قيل أن وزارة الرفاعي أدارتها بإرتجالية وتخبط وفقًا لفقهاء المعارضة الأردنية، لكنها حصلت على ثقة قياسية من قبل البرلمان الأردني بأكثر من 93% من أصوات نوابه، الأمر الذي شكل صدمة في الداخل الأردني.

وبعد دقائق من توقيعه كتاب إستقالة الرفاعي، كلف الملك الأردني الجنرال معروف البخيت الذي سبق له تأليف الحكومة الأردنية في الأسابيع الأخيرة من عام 2005، لكنها خرجت تحت حملات ظلم ودسائس قادها الفريق السياسي والأمني الذي كان مهيمنا في تلك الحقبة. ومنذ خروجه سمع بخيت من الملك ثناء لافتا في كل المناسبات التي كان آخرها القول بأن عليه الإستعداد ليكون الى جواره في المرحلة المقبلة، وهو كلام فهم منه حينها أن الملك يريد تعيين الجنرال البخيت رئيسًا لديوانه، إلا أن إستدعاءه في وقت متأخر ليل أمس الى مكتبه الملكي في ضاحية الحمر، كشف للمراقبين والمتابعين بأن الملك يريد أن يكلف الجنرال تأليف حكومة أردنية جديدة، في ظل معلومات بأن الملك قد قرر قبولة إٍستقالة الرفاعي المناهض بشدة من قبل الشارع.


البخيت من الظل إلى الحكومة

سبق للجنرال البخيت أن ترأس مجلس الأمن الوطني، وشغل وظيفة سياسية في جهاز الإستخبارات معنية بملف إتفاقية وادي عربة مع إسرائيل، قبل أن ينتقل للعمل سفيرًا لدى إسرائيل وتركيا. وقضى البخيت عقودًا من خدمته العسكرية في القوات المسلحة الأردنية، وكان في جميع مراحل خدمته مقربًا بشدة من القصر الملكي، واستدعي مرارًا في العامين الأخيرين الى القصر الملكي للإجتماع بالملك دون أن تكون له أي صفة سياسية، إذ كان يجيب على أسئلة إستفهامية من الملك حول قضايا محددة، وكان ينسحب في إثرها الى الظل الذي لم يدم إنتظاره فيه مطولاً.

والبخيت هو أول رئيس وزراء أردني يكلف ويعين رئيسًا للحكومة دون أن تكون له مظلة من الثراء الفاحش أو عالم الأعمال، إذ تقبل التهاني بشقة سكنية متواضعة في ضاحية طارق غرب العاصمة الأردنية، قبل أن ينتقل للسكن وعائلته في دار الضيافة الملحق بمقر الحكومة الأردنية، وهو منزل إتفق أردنيًا على أن يكون مسكنًا لمن يشغل منصب رئيس الحكومة في الأردن، على أن يغادره في اللحظة التي يغادر فيها موقعه الوظيفي. وحين غادر الجنرال البخيت مسكنه الرسمي في نوفمبر - تشرين الثاني 2007 عاد الى شقته المتواضعة، وقد شوهد مرارًا وهو يخلص بنفسه معاملات رسمية تخصّه وتخص أفراد عائلته، في مشهد لم يألفه الأردنيون من قبل.


المعارضة تنتقد تعيين البخيت

وبعد إعلان تكليف البخيت رئاسة الحكومة الأردنية الجديدة، إنتقدت الحركة الإسلامية المعارضة في الأردن تعيينه خلفًا للرفاعي. وقال زكي بني ارشيد القيادي في حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسية للإخوان المسلمين وأبرز أحزاب المعارضة الأردنية، quot;ليس من المعروف عنه (البخيت) أنه رجل إصلاحي، هو من قاد اسوأ إنتخابات نيابية في تاريخ الأردن (عام 2007)quot;.
الرفاعي الأب والإبن

من جهة أخرى، أعاد مشهد خروج الرفاعي من رئاسة الحكومة في ظل ضغط شعبي عارم، ودعوات صريحة لإسقاطه رسميًّا والإطاحة بحكومته، مشهد خروج والده من الحكومة التي كان يرأسها في ربيع عام 1989، حين هوى سعر صرف الدينار الأردني على وقع سياسية مالية وسمت بأنها غير راشدة، فتحركت حينها مدن في الجنوب الأردني مطالبة بإسقاط الرفاعي، فيما عرف بهبة نيسان وهي الهبة التي أملت على الملك الأردني الراحل حسين بن طلال إتخاذ قرارات سريعة أهمها إلغاء قانون الطوارئ وقيام التعددية السياسية والسماح بالأحزاب، وإستئناف الحياة البرلمانية، وإنتخاب برلمان جديد وصف مرات عديدة في الداخل الأردني بأنه أهم وأقوى برلمان إنتخب منذ ذلك الحين.


البخيت يؤكد أولوية اجراء حوار يشمل كل شرائح المجتمع
أكد رئيس الوزراء الاردني المكلف معروف البخيت اليوم الثلاثاء لوكالة فرانس برس أنه سيعطي الاولوية لquot;حوار شامل مع كل شرائح المجتمعquot; في اشارة الى حوار يشمل الاسلاميين.
وقال البخيت لوكالة فرانس برس quot;سنعطي الأولوية لحوار شامل مع كل شرائح المجتمع لن يستثني أحدا، والهدف هو الوصول الى أحزاب قوية وقادرةquot; في اشارة الى حوار يشمل الاسلاميين.
وأضاف رئيس الوزراء المكلف quot;سنلتزم بسرعة اتخاذ خطوات ملموسة في مجال الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعيquot;.
واقال العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني الثلاثاء سمير الرفاعي من رئاسة الوزراء وكلف معروف البخيت (64 عاما) تشكيل حكومة جديدة، داعيا اياه الى اطلاق quot;مسيرة اصلاح سياسي حقيقيquot; في البلاد التي شهدت في الاسابيع الاخيرة العديد من المظاهرات.
وانتقدت الحركة الاسلامية المعارضة هذا التعيين، معتبرة ان quot;البخيت ليس هو العنوان المناسبة لادارة المرحلة الانتقالية والخروج من الازمة التي يعاني منها الاردنquot;.
وتؤكد مصادر مقربة من البخيت ان الاسلاميين سيكونون quot;من أوائل من سيشملهم الحوارquot;.
وقد بدأ البخيت مشاوراته في حين من المتوقع أن يعلن تشكيلة حكومته بحلول يوم السبت المقبل، وفقا لتلك المصادر.
ويفترض ان يؤدي تعيين البخيت الذي عمل سفيرا للمملكة في تركيا (2002) واسرائيل (2005) ويحظى بشعبية كبيرة الى تهدئة الشارع الاردني.
ومنذ سقوط نظام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، شهد الاردن تظاهرات واعتصامات احتجاجا على غلاء المعيشة وللمطالبة بسقوط حكومة الرفاعي رغم مجموعة من التدابير اتخذتها الاخيرة.