يبدو أن الإتفاق الذي تحقق خلال ولاية جورج دبليو بوش مع ليبيا، وبموجبه وافق الرئيس معمرالقذافي بالتخلي عن برنامجه النووي مما حرمه من أسلحة أشد خطورة بكثير مما يملك الآن والتي يحاول بفضلها البقاء في السلطة.
كتب ديفيد سانغر مراسل صحيفة النيويورك تايمز في واشنطن عما آل إليه الاتفاق الذي تحقق خلال ولاية جورج دبليو بوش مع ليبيا، وبموجبه وافق القذافي بالتخلي عن برنامجه النووي. وعند قدوم باراك أوباما إلى الحكم اعتمدت إدارته في عام 2009 على معمر القذافي وابنه سيف الإسلام للسماح بإخراج البقايا المتبقية من البرنامج النووي الليبي من الأراضي الليبية وهذه تتضمن صناديق من اليورانيوم شديدة التخصيب.

وكان سيف الإسلام القذافي قد اشتكى للسفير الأميركي لدى ليبيا جين أيه كريتز من فرض الولايات المتحدة على ليبيا حظراً لشراء الأجهزة المميتة على الرغم من أن ليبيا سلمت ما قيمته 100 مليون دولار من التكنولوجيا الخاصة بصناعة القنابل النووية عام 2003. وقال ابن القذافي للسفير الأميركي كريتز إن ليبيا متضايقة جداً من تباطؤ واشنطن في تقديم مكافآت لها لتعاونها مع الإدارة الأميركية حسبما كشف موقع ويكيليكس.

ووفقاً للصحافي سانغر في quot;النيويورك تايمزquot; فإن مسؤولين كباراً في البنتاغون يتدارسون الآن العقوبات الدولية وإمكانيات فرض حظر الطيران في المجال الجوي الليبي، لتجميد نشاط القوة الجوية الليبية وقالوا إن إزالة أهم ورقة كانت بيد القذافي والمتمثلة بالورقة النووية بفضل إتفاق عام 2003 وحظر بيع تكنولوجيا نووية على ليبيا قد أقصى ما كان يمكن أن يكون الأداة الوحيدة لبقاء حكم القذافي.

وقال روبرت جوزيف الذي لعب دوراً أساسياً في تنظيم عملية إزالة المواد النووية من ليبيا عام 2003 quot;تصور أي كابوس كان ممكن أن يحدث لو أننا فشلنا في إزالة برنامج الأسلحة النووية الليبية وقوة الصواريخ البعيدة المدى. أنت لا تستطيع أن تتصور إلى أي نقطة يكون البرنامج قد وصل بعد ثماني سنوات أخرىquot;. لكن جوزيف ترك إدارة بوش بعد سنوات قليلة على أحداث ليبيا لأنه كان مقتنعا بتساهل الإدارة الأميركية مع الدول النووية المارقة. لكن مع التهديدات الأخيرة التي أثارها القذافي ضد شعبه في الفترة الأخيرة يرى جوزيف أن الزعيم الليبي سيستخدم من دون أي شك أي شيء يسمح له بالبقاء في السلطة.

وكان المخزون الكبير من التكنولوجيا النووية الذي سلمته ليبيا للولايات المتحدة وبريطانيا والمفتشين الدوليين في أوائل عام 2004 أكبر مما كان الخبراء الإستخباراتيون الأميركيون يتصورونه. إذ كان هناك أكثر من 4000 جهاز للطرد المركزي (المستعمل في تخصيب اليورانيوم). وكانت هناك مخططات جاهزة لكيفية صنع القنبلة النووية.

وقال الرئيس السابق بوش في كتابه quot;لحظات القراراتquot; إن إزالة هذه المواد من العقيد القذافي قد جعلت quot;بلدنا والعالم في حالة أكثر أماناquot;. وتلى ذلك بدء ليبيا العلاقات الطبيعية مع العالم.

من جانب آخر، لم يكن العقيد القذافي وابنه راضيين على بقاء أجهزة الطرد المركزي في الولايات المتحدة حيث إعتبرها سيف الإسلام quot;أكبر إهانة للقائدquot;.

أما الآن فيقول مسؤولون في إدارة أوباما أنه بغض النظر عما إذا كانت إدارة بوش قد نفذت أو لم تنفذ وعودها مع ليبيا فإن الإتفاق حرم القذافي من أسلحة أشد خطورة بكثير مما يملك الآن والتي يحاول بفضلها البقاء في السلطة.

وفي الوقت الذي ما زال غير واضح إن كان القذافي سينجح في صنع الأسلحة النووية، كان أحد شروط الاتفاق الموقع عام 2003 بعد أشهر قليلة على غزو العراق، تسليم آلاف القنابل المملوءة بالأسلحة الكيميائية أيضا.