شدّد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في تصريحات له من إقليم كردستان العراق على أن حكومته أنهت السياسات القديمة التي ترفض وجود الأكراد في البلاد، فيما اعتبر رئيس الإقليم مسعود بارزاني زيارة أردوغان تاريخية.


بغداد: أكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان خلال زيارة تاريخية إلى إقليم كردستان العراق اليوم أن حكومته أنهت السياسات القديمة التي ترفض وجود الأكراد في البلاد.. فيما اعتبر رئيس الاقليم مسعود بارزاني زيارة المسؤول التركي لكردستان بأنها تاريخية حيث بحث الطرفان تعزيز العلاقات الثنائية في المجالات التجارية والامنية المتعلقة بنشاط حزب العمال التركي الكردستاني الشمالي من اراضي الشمال العراقي.

وفي كلمة له خلال مشاركته وبارزاني اليوم في افتتاح مطار اربيل الدولي (222 كم شمال بغداد) ان السياسات التي اتبعتها حكومته لدى تسلمها السلطة قد انهت التوجهات القديمة التي ترفض وجود الاكراد في تركيا. وأكد استعداد بلاده للمشاركة بشكل أوسع في تطوير اقليم كردستان.

وقال quot;إن التواصل أساس للتقدم والتمدنquot;. واضاف ان الشركات التركية تشارك حاليا في عمليات الاستثمار باقليم كردستان وقال quot; تشارك شركاتنا بشكل ملحوظ في بناء هذه المنطقة وتساعد اهلها في مسيرتها نحو التطور ونحن نفتخر بوجودها ومشاركتها في تقدم المنطقة. وهناك حوالي 200 شركة تركية تعمل في اقليم كردستان اضافة الى الاف العمال.

واضاف إردوغان ان هناك علاقات تاريخية تربط الشعبين العراقي والكردستاني مع الشعب التركي.وقال quot;كلنا سعادة عندما نرى افتتاح مطار بهذا الحجم حيث يستقبل اكثر من 2750 زائر ويصل طول مدرجه الى أكثر من 4.5 كيلومتر. واعلن ان الحكومة التركية قررت بدء رحلات لشركة الطيران التركية بين انقرة وأربيل بداية الشهر المقبل.

ومن جهته رحب بارزاني باسم شعب الإقليم بإردوغان واصفا زيارته الى إقليم كردستان بانها مهمة وتاريخية وقال مخاطبا المسؤول التركي quot;نحن نعتبر ان زيارتكم الى إقليم كردستان تاريخية وتأتي في اطار قراراتكم الجريئة ونعتبر هذه الزيارة بانها تشكل جسرا محكما في العلاقات بين العراق واقليم كوردستان مع تركياquot;.

وقال بارزاني لإردوغان quot;ان زيارتكم هذه الى العراق وأربيل تعتبر تاريخية وهي أحدى قرارات سيادتكم الجريئة حيث ستمد جسور متينة في العلاقات بين تركيا والعراق بصورة عامة واقليم كردستان بصورة خاصةquot;. واضاف quot;منذ مجيئكم الى السلطة أصدرتم قرارات جريئة ونحن من جانبنا نقدر تلك القرارات.. موضحا ان لتركيا دور كبير لآن في هذا المجال وهذا بفضل سياستكمquot;. وشدد بالقول quot;سيادتكم تنتهجون سياسة سلمية وحكيمة في معالجة المشاكل ونحن ندعمكمquot;.

وأضاف بارزاني quot;نحن ننظر الى قراركم الجرئ في تركيا وننظر اليها بعين الاهمية والتقدير والتي اوصل تركيا الى مواقع متقدمة، حيث تلعب تركيا بذلك دورا افضل في المنطقة ونتمنى ان يستمر الوضع بعد الانتخابات القادمة لان وجودك في هذا المنصب يخدم الامن والاستقرار في المنطقة كونك تتفهم الوضع وتفكر بحكمة لحل القضايا ونحن ندعم ذلكquot;. وثمن دور الشركات التركية المشاركة في توسيع مطار اربيل الدولي وفي ترسيخ العلاقات بين العراق وإقليم كردستان مع تركيا.

وعلى هامش زيارته الى اربيل وبعد مشاركته في افتتاح مطار اربيل الدولي افتتح إردوغان بحضور بارزاني مساء اليوم قنصلية بلاده في اربيل. وخلال كلمة له عبر إردوغان عن سعادته لافتتاح قنصلية بلاده في اربيل متمنيا ان تساهم في تعزيز العلاقات بين العراق وكردستان مع تركيا.

وقال quot;في الوقت الذي نفتتح قنصلية بلادنا في اربيل نتمنى ان تساهم في تعزيز روابط العلاقات بين العراق واقليم كردستان مع تركيا وسوف نمنح منذ الان 500 تأشيرة دخول الى مواطني العراق شهريا في وقت ندرس الغاء التأشيرات بين العراق و تركيا قريبا معلناً في الوقت نفسه عن افتتاح البنك الدولي والبنك الزراعي التركي في إقليم كردستان. واشار الى ان حجم التبادل التجاري بين العراق وتركيا بلغ 7 مليارات دولار العام الماضي موضحاً ان بلاده تطمح لمضاعفة هذه المبلغ. ثم افتتح إردوغان كذلك البنك الدولي التركي والبنك الزراعي في اربيل.

وتعتبر زيارة إردوغان لاربيل الاولى من نوعها التي يقوم بها مسؤول تركي على هذا المستوى بعد ان كانت انقرة لاتعترف بإدارة الإقليم نظرا لتخوفها من ان يؤدي ذلك الى تشجيع التطلعات الانفصالية للأكراد الأتراك في جنوب البلاد.

مباحثات إردوغان مع المسؤولين الأكراد

وقد بحث إردوغان مع بارزاني ورئيس حكومة اقليم كردستان برهم صالح مسألة التخفيف من التوتر بين الاكراد والتركمان وخاصة حول محافظة كركوك الشمالية الغنية بالنفط التي يطالب الاكراد بضمها الى اقليمهم الشمالي فيما يعارض التركمان والعرب فيها ذلك ويدعون الى تحويلها لاقليم مستقل لوحده.

كما تناولت المباحثات قضية حزب العمال الكردستاني الذي يتخذ من اراضي كردستان العراق قواعد له يهاجم انطلاقا منها بين الحين والاخر اهدافا حيوية مدنية وعسكرية داخل الاراضي التركية. وعادة ما تهاجم القوات التركية قواعد حزب العمال التركي داخل الاراضي العراقية الشمالية لايقاف هجماته ضد اهداف حيوية داخل الاراضي التركية.

وهناك لجنة تركية عراقية اميركية امنية مشتركة تجتمع بشكل دوري لمتابعة تحركات حزب العمال الذي كان الاتراك يتهمون اكراد العراق بمساعدتهم عسكريا ولوجستيا. كما أن هناك قواعد عسكرية تركية داخل الاراضي العراقية وخصوصاً في منطقة بامرني ما يتطلب العمل على الاسراع بخروجها بعد أن وقف العراق رسمياً وفعلياً ضد أي تحرك معادٍ لتركيا ينطلق من أراضيه.

ومنذ عام 2007 يقصف الجيش التركي في شكل منتظم مواقع حزب العمال الكردستاني في العراق وقام في هذا الاطار بعمليات توغل برية عدة. وبحسب التقديرات فان نحو الفي متمرد يتحصنون في شمال العراق. وتدعو انقرة واشنطن حليفتها في الحلف الاطلسي التي تزودها بمعلومات عن تحركات المتمردين وايضا حكومة اقليم كردستان العراق الى بذل مزيد من الجهد دعما لتصديها لحزب العمال الكردستاني.

وخلال لقاء أخير في كندا طلب إردوغان من الرئيس الاميركي باراك اوباما ممارسة ضغوط على القادة الاكراد في العراق لاحتواء انشطة حزب العمال الكردستاني. وسبق تصاعد العنف فترة هدوء نسبي طرحت خلالها الحكومة التركية المنبثقة من التيار الاسلامي مبادرة لمصلحة تعزيز حقوق الاكراد البالغ عددهم 15 مليون شخص من اصل نحو 73 مليون تركي. رتفع اصوات في تركيا تطالب الجيش باجتياح شمال العراق بحجة ان الاميركيين لم يضعوا حدا لانشطة حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه انقرة منظمة ارهابية.

ومنذ عامين بدأ تحول كبير في علاقات تركيا مع الادارة الكردية العراقية بفضل دخول شركات تركية للعمل في عمليات البناء التي يشهدها الاقليم. وقد بدات السلطات التركية تشير مؤخرا الى ان قضية اقليم كردستان مسالة عراقية داخلية لاتريد التدخل بها.

إردوغان التقى السيستاني قبل مغادرته إلى كردستان

وفي وقت سابق اليوم انهى إردوغان اجتماعا نادرا مع المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني في مدينة النجف وغادرها الى اربيل. وخلال وجود إردوغان في مدينة النجف (160 كم جنوب بغداد ) فقد قام بزيارة الى مرقد الامام علي بن ابي طالب رابع الخلفاء الراشدين ثم عقد اجتماعا مع السيستاني استمر حوالي الساعة انتهى من دون الادلاء بتصريحات الى الصحافيين الذين تجمعوا في المدينة القديمة للنجف حيث منزل السيستاني.

ولم تعرف بعد الموضوعات التي ناقشها إردوغان خلال اجتماعه مع السيستاني وهو الاول من نوعه الا ان مصادر عراقية اشارت قبل ذلك الى انه ستتم مناقشة اوضاع المسلمين بشكل عام وخاصة التطورات في البحرين التي تشهد تظاهرات احتجاج شيعية تطالب بالحريات والحقوق العامة.

وكان إردوغان اكد أمس ان بلاده تريد عراقا موحدا يحافظ على السلام ويوفر الرفاهية لشعبه والمنطقة وتدعم وحدة ارضه واستقلاله واستقراره مشددا على ان بلاده تقف بمسافة متساوية مع جميع الاطراف في العراق ونحتضن جميع العراقيين بغض النظر عن دينهم ومذهبهم مبديا استعداد تركيا لتقديم الدعم الكامل للحكومة العراقية والمساعدة لحل المشاكل في جميع المجالات وتقاسم الخبرات في جميع الاصلاحات التي يسعى العراق لها من خلال تعزيز العلاقات بين البرلمانين العراقي والتركي.

وقال إردوغان مخاطبا اعضاء مجلس النواب خلال كلمة امام المجلس انه اتفق مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على رفع مستوى التعاون وعلى اعلى المستوياتquot; موضحا قدوم 200 رجل اعمال تركي الى العراق لبحث امكانية التعاون في مجالات الطاقة والاعمار.

وخلال اجتماع للمالكي وإردوغان اكدا ضرورة تطوير العلاقات الثنائية وتوسيع حجم التبادل التجاري خصوصا في مجالي المواد الغذائية والطاقة والإتفاق على التعاون في مكافحة الإرهاب والمنظمات الإرهابية المتمثلة بحزب العمال الكردستاني وتنظيم القاعدة.

وقال المالكي خلال الاجتماع quot;نعمل على زيادة التعاون بين العراق وتركيا لما تربطهما من علاقات تأريخية متينة ،ونستطيع اليوم أن نرسم منحنى لهذه العلاقات وسنجدها بإتجاه تصاعدي ومتطورquot;.

ودعا الشركات التركية للعمل في العراق والمساهمة في عملية البناء والإعمار مؤكدا ان آفاق التعاون مفتوحة وواسعة في هذا الإطار على طريق رفع نسبة التبادل التجاري بين البلدين.

من جهته دعا إردوغان العراق إلى الانضمام إلى الاتفاق الرباعي الذي يضم تركيا وسوريا ولبنان والأردن مشيرا إلى أن العراق أصبح اليوم ورشة عمل quot;ونرغب في أن تساهم الشركات التركية في عملية الإعمار في العراق سواء مع الشركات العراقية أو بشكل منفردquot;. وعبر أردوغان عن أمله في تسهيل إجراءات السفر ورفع الإجراءات الرسمية في هذا الإطار وقال quot;نأمل تحويل الحدود بين البلدين من خطوط فاصلة إلى بوابات مفتوحة ومتواصلةquot;.