بسبب رفض الغالبية العظمى من القوى والأحزاب السياسية المشاركة في فيما يسمى بquot;ثورة الغضب الثانيةquot; التي دعا إليها إئتلاف شباب الثورة، وأمام الضغوط التي مارستها ضده العديد من القوى السياسية، تراجع الإئتلاف عن دعوته، واستبدلها بquot;جمعة القضاء على الفساد السياسيquot;، وتخلى عن مطالبه الأساسية، وهي وضع دستور جديد وتشكيل مجلس رئاسي لإدارة البلاد، بديلاً عن المجلس العسكري، وقدم سبعة مطالب جديدة. ورغم التراجع إلا أن الحكومة أتخذت مجموعة من الإجراءات الإحترازية، لتأمين المتظاهرين، الذين من المتوقع مشاركتهم في quot;جمعة القضاء على الفساد السياسيquot;، وليس quot;جمعة الغضب الثانيةquot;، أو quot;ثورة 27 مايوquot; كما أطلق عليها الإئتلاف سبقاً.

كانت البداية عندما دعا إئتلاف شباب الثورة إلى مظاهرة مليونية في 27 مايو، بعد فشل مليونية دعا إليها الجمعة الماضية، لمحاكمة مبارك ورموز نظامه، وكان الهدف من الدعوة هو تصحيح مسار الثورة، وتشكيل لجنة لوضع دستور جديد للبلاد، و تشكيل مجلس رئاسي، وإجراء الإنتخابات الرئاسية بعد وضع الدستور مباشرة، ثم إجراء الإنتخابات البرلمانية. وردت القوى السياسية المختلفة على الدعوة بأنها تمثل إنقلاباً على ثورة 25 يناير، لاسيما أن الإئتلاف أطلق على دعوته لقب quot;ثورة الغضب الثانيةquot;، وتعرض الإئتلاف للكثير من الإنتقادات، منها إتهامه بممارسة الديكتاتورية ضد الأغلبية التي وافقت على إجراء التعديل الدستوري في 19 مارس الماضي، ثم الإعلان الدستوري المؤقت، ومحاولة الوقيعة بين الشعب والقوات المسلحة.

ويبدو أن الإئتلاف شعر بالحرج، ومن عدم إمكانية نجاح دعوته، التي يعول عليها كثيراً في تحديد مدي قوته وشعبيته في أوساط المصريين، فأجرى إستطلاعاً للرأي على صفحته على الفيس بوك، حول المشاركة في ثورة الغضب الثانية، وجاء النتيجة مخيبة للآمال، حيث رفضت الغالبية العظمى المشاركة فيها. ولكن الإئتلاف مضى في الدعوة إلى التظاهر، ولكن بعد تعديل المطالب، وتعديل الإسم، والتنازل عن دعوة quot;المليونيةquot;.

وضع الإئتلاف في دعوته الثانية سبعة مطالب أساسية بالإضافة إلى حزمة من المطالب الأخرى، ليس من بينها وضع دستور جديد أو تشكيل مجلس رئاسي للبلاد، أو تأجيل الإنتخابات البرلمانية. وأطلق على دعوته quot;جمعة القضاء على الفساد السياسيquot;. ووشملت المطالب السبعة quot;تسريع وتيرة محاكمات رموز النظام السابق والفاسدين بطريقة أكثر فعالية. إجراء المحاكمات بشكل علني. منع محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية. وضع قانون يجرم الفساد السياسي، ويسمح بمحاكمة عناصر الحزب الوطني بتهمة إفساد الحياة السياسية في مصر، ومنعهم من الترشح في الانتخابات لخمس سنوات مقبلة. إعادة النظر في حركة المحافظين. إقالة رؤساء الجامعات والوزراء غير الفاعلين. حل المجالس المحلية. تطهير جهاز الشرطة من القيادات الفاسدة، واستعادة الأمن في الشارع وتحديد مهام جهاز الأمن الوطني الذي تم إستحداثه بديلاً عن جهاز أمن الدولة، وسحب الضبطية القضائية منه. وضع حد أقصى للأجور في القطاع الحكومي. تقليص المصروفات غير الضرورية في الموازنة العامة، وإعادة ترتيب أولويات الإنفاق بما يسمح بتحقيق العدالة الاجتماعية. إنهاء أزمات السولار والغاز. تنشيط الحياة الاقتصادية. و تطهير كل مؤسسات الدولة خاصة الإعلام والقضاء من العناصر الفاسدة.

ودعا الإئتلاف المصريين إلى المشاركة في quot;مظاهرة حاشدةquot;، وتجنب إستخدام لفظ quot;مليونيةquot;، وأكد على حق الجميع في توجيه النقد للمجلس العسكري، فيما يصدره من قرارات، نظراً لإدارته المنفردة للفترة الانتقالية ولكن في نفس الوقت يرفض وجود صدام مع أفراد الجيش.

وظهرت أن هناك خلافات أو إختلافات في طريقة التعاطي مع الثورة بين الحركات التي تتحدث باسمها، فرغم أن اللجنة التنسيقية لجماهير الثورة، وهي ـ فصيل آخر يتحدث باسم الثورةـ تبنت المطالب التي دعا إليها الإئتلاف، إلا أنها رفضت الهجوم على المجلس العسكري. وقالت على بيان لها إن quot;جماهير الشعب المصري تعلن استمرار ثورتها ضد الفساد والاستبداد، وتؤكد على رفضها القاطع التصالح مع من لوثت أيديه بدماء الشعب وزيف إرادته وأفسد حياتنا السياسية واستحل ثرواتنا وكان عونا للظلم وداعما للقهرquot;، لكن اللجنة التنسقية رفضت إطلاق اسم quot;ثورة الغضب الثانيةquot; على هذه الجمعة، وقالت quot;يوجد سوى ثورة واحدة فقط،وسنستكمل ثورتنا ضد كل من يقف أمام إرادة الشعب مهما كانت قوته، لأن الإرادة الحقيقية للشعب المصري مصممة على اقتلاع جذور الفساد من الحزب الوطني والنظام السابق مهما كانت النتائج والتضحيات. ورفضت اللجنة الهجوم على المجلس العسكري، وقالتquot;يجب التصدي لمحاولات إجهاض الثورة أو سرقتها أو تشويهها بالفتن والبلطجة، ويجب دعم المؤسسة العسكرية، مع ضرورة أن تقوم بالحوار قبل اتخاذ القرارات المصيرية وإصدار القوانين.

وفي إطار حالة الإنقسام و الخلافات، أجرت صفحة quot;كلنا خالد سعيدquot; على فيس بوك، إستطلاعاً للرأي حول المشاركة في الدعوة، وجاءت النتيجة، مؤكدة رفض إذ 60 ألفاً المشاركة في المظاهرات، مقابل موافقة نحو 38 ألفاً. ومن المعروف أن صفحة quot;كلنا خالد سعيدquot; هي أول من أطلق الدعوة إلى ثورة 25 يناير.
وأيد الكثير من الشخصيات العامة الدعوة لquot;جمعة القضاء على الفساد السياسيquot;، ومنهم الإعلامية بثينة كامل، وقالت لquot;إيلافquot;lsquo; إنها سوف تشارك فيها، وتنزل إلى ميدان التحرير للتظاهر ضد التباطؤ في محاكمة رموز النظام السابق، وحل المجلس المحلية، مشيرةً إلى أن ثورة 25 يناير أسقطت رأس النظام السابق وهو حسني مبارك، كلنها لم تقض بعد على النظام نفسه. وأشارت إلى رفضها لإحالة المدنيين للمحاكم العسكرية، بمن فيهم رموز النظام السابق نفسه، مطالبة بضرورة محاكمة الجميع أمام القضاء الطبيعي، بمن فيهم البلطيجة الذين يحاكمون حالياً أمام القضاء العسكري. وانتقدت كامل المجلس العسكري، نظراً لإنفراده بإتخاذ القرارات وإصدار القوانين بدون إجراء حوار ومناقشات عليها مع قوى المجتمع المختلفة، وضربت مثالاً بقانون مباشرة الحقوق السياسية الأخير.

فيما أصدر الدكتور زاهي حواس وزير الآثار قراراً بإغلاق المتحف المصري، خشية تعرضه للسرقة أو الإقتحام أثناء فعاليات التظاهر في ميدان التحرير. فيما أكد المجلس الأعلى للقوات المسلحة على حق المصريين في التظاهر والتعبير عن رأيهم، مؤكداً أن قواته لن تتواجد في أماكن التظاهر، فيما استعدت وزارة الصحة للتظاهرة بوضع مرفق الإسعاف على أهبة الإستعداد، وإعلان حالة الطوارئ بالمستشفيات.