جيش المهدي خلال استعراض للقوة في بغداد

أكد المرجع الشيعي الأعلى آية الله السيد علي السيستاني إهمال مجلس النواب العراقي لمشروع قانون تخفيض مرتبات المسؤولين الكبار وعدم تنفيذ الترشيق الحكومي بالشكل المطلوب. وهدد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بحلّ جيش المهدي التابع له إذا استمرت إساءات عناصره.


لندن: أكد المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني امتعاضه من بطء عملية الترشيق الحكومي، واكد تذمر المواطنين من عدم تشريع مجلس النواب لقانون تخفيض مرتبات كبار المسؤولين، ودعا الى معالجة استمرار الخروقات الامنية وأزمات الماء والكهرباء، وطالب بمعالجة البطالة المقنعة .. فيما هدد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بحل جيش المهدي التابع له اذا استمرت اساءات عناصره.

ونقل ممثل المرجعية الشيعية العليا وخطيب الجمعة في كربلاء (110 كم جنوب بغداد) الشيخ عبد المهدي الكربلائي في صلاة الجمعة اليوم امتعاض المرجع الاعلى من إهمال مجلس النواب لمشروع قانون تخفيض مرتبات المسؤولين الكبار ووضعه طي النسيان، ومن عدم تنفيذ الترشيق الحكومي بالشكل المطلوب برغم حاجة البلاد إلى مثل هذا الاجراء المهم.

امتعاض من بطء الترشيق الحكومي وعدم تخفيض مرتبات الكبار

قال الكربلائي انه من المفترض ان يكون هدف الترشيق الحكومي توفير أموال كبيرة تصرف في وزارات لا حاجة لها ويمكن صرفها في موارد أخرى مهمة يحتاجها أبناء الشعب العراقي. وابدى امتعاضه من بطء الخطوات المتخذة لتنفيذ هذا الترشيق، الذي قال انه قد يستغرق شهورًا عدة.

واضاف ان هناك اجراء آخر مهم جداً للوصول إلى الترشيق، وهو تخفيض رواتب المسؤولين وأصحاب الدرجات الخاصة. وقال quot;عرضت على مجلس النواب ومنذ خمسة أشهر مسودة قانون تخفيض الرواتب تضمن تخفيضاً شكلياً ورمزياً، وهو بمقدار مليون دينار فقط (حوالي الف دولار) مستغربًا تناسي أعضاء مجلس النواب وتجاهلهم تشريع هذا القانون ووضعهم لمسودتهعلى الرفوف العالية لتصبح في طي النسيانquot;.

وأوضح ممثل المرجعية الشيعية في خطبة الجمعة التي نقلها موقع quot;نونquot; المقرب من المرجعية الشيعية من كربلاء أن أبناء الشعب العراقي لا يمكن أن ينسوا هذا الأمر، وهو مرد امتعاض وتذمر، وسبق أن طالب به أبناء الشعب العراقي والمرجعية وبشدّة، وهو من المعالجات الأساسية لإشعار المواطنين، بل والعمل من خلال التخفيض الذي يجب أن يكون بفارق يُشعر المواطنين من خلاله بعدم وجود فوارق فاحشة في هذه الرواتب بين موظفي الدولة.

واشار الى أن بقاء هذا الامر من دون معالجة سوف لا يحقق الأثر المطلوب بتمامه من وراء ترشيق الوزارات، ألا وهو توفير المبالغ المصروفة على رواتب الوزراء والحمايات والأمور الأخرى للوزارات غير المهمة.

وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قد اعلن في السابع والعشرين من شباط (فبراير) الماضي مهلة مائة يوم لتقويم عمل الوزراء في محاولة لامتصاص غضب الجماهير وتقديم وعود باصلاح الاوضاع العامة في البلاد سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، تم بعدها وعبر شاشات التلفزيون عقد جلسات علنية لمجلس الوزراء قدم خلالها الوزراء عرضًا عن الانجازات والاخفاقات التي شهدتها وزاراتهم خلال هذه الفترة، تقرر بعدها اجراء ترشيق لوزارات الحكومة من خلال الغاء وزارات الدولة الثلاثة عشر من اجل تقليل عدد هذه الوزارات كمرحلة اولى من 42 الى 29 وزارة.

ومن المنتظر ان يستضيف مجلس النواب الخميس المقبل المالكي لشرح خطته للترشيق الحكومي وتنفيذ البرنامج الحكومي والتصويت عليه، وذلك بعد مرور ثمانية أشهر على تشكيل الحكومة.

وكان عدد من النواب اعتبروا تأخر المالكي في تقديم برنامجه الحكومي الى مجلس النواب بصيغة رسمية تهرباً من المحاسبة البرلمانية، فيما كشف رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي عن تقديمه ثلاثة طلباًت رسمية الى المالكي لكي يقدم برنامج حكومته الى المجلس.

اما بالنسبة إلى تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث والوزراء والمسؤولين الاخرين فقد اجل مجلس النوابأخيرًا التصويت على قانون بهذا التخفيض، برغم مصادقة مجلس الوزراء في مطلع آذار/مارس الماضي عليه. وتتراوح نسب التخفيض المقترحة بين 80% و 40%، إذ تم تخفيض رواتب رؤساء الجمهورية والوزراء والنواب من 50 مليون دينار (50 الف دولار شهريا) إلى 12 مليون دينار فيحين تم تخفيض مخصصات الرؤساء الثلاثة ونوابهم بنسبة 80%.

وكانت اللجنة المالية في البرلمان كشفت خلال آذار الماضي، أن راتب رئيس الجمهورية وفقا لمشروع قانون تخفيض الرواتب الجديد سيتم تحديده بـ12 مليون دينار (21 الف دولار شهريا) وراتب نوابه عشرة ملايين دينار، فيما يتقاضى نواب البرلمان مكافآة شخصية تساوي رواتب الوزراء التي تبلغ ثمانية ملايين دينار، في حين يتقاضى رئيسا مجلس الوزراء ومجلس النواب راتبًا يبلغ أحد عشر مليون دينار، فيما يتقاضى أصحاب الدرجات الخاصة راتبًا يبلغ سبعة ملايين دينار عراقي.

البطالة المقنعة وشح الدواء

وشدد الكربلائي على ضرورة معالجة البطالة المقنعة، وقال ان هناك الكثير من الوظائف لا شغل لموظفيها،وبعضهم يسأل عن كيفية التصرف برواتبهم أو جزء منها شرعًا لأنهم لا يعملون إزائها شيئاً لعدم وجود مهام مكلفين بها - وهذا يحتاج وضع معالجة جادّة ndash; ومن جملة الأمور لهذه المعالجة هو تفعيل المشاريع الاستثمارية الأساسية والخدمية في البلاد.

واشار الى وجود خطط حكومية لوضع آلية جديدة لتفعيل الضرائب من اجل معالجة ارتفاع التضخم في البلاد، وشدد على ضرورة وضع دراسة تحدّد آضوابط تفعيل الضرائب، بحيث لا يشكلّ هذا التفعيل عبأً على ذوي الدخل المحدود والمتوسط، يضاف إلى العبء الذي يتحملونه بسبب ارتفاع أسعار بعض الخدمات الأساسية كالسكن مثلاً، وكذلك توفير خدمة الكهرباء من خلال الأجور التي يتحملونها لدفع ما يترتب على المولدات الكهربائية.

عن الجانب الصحي، استعرض الشيخ الكربلائي شكوى الكثير من مديريات الصحة في العراق من تعقيد الضوابط والتعليمات المتعلقة بتوفير الدواء الضروري واللازم للحفاظ على حياة أصحاب الأمراض الخطرة وبطء الإجراءات المتخذة في هذا الصدد، وكذلك الأمر في ما يتعلق بتوفير الاجهزة التشخيصية والعلاجية للأمراض الخطرة على حياة الإنسان.

وقال quot;نحن لسنا مع عدم تطبيق الضوابط والتعليمات في هذا المجال، ولكن هذه الضوابط فيها الكثير من التعقيد والبطء في التنفيذ الذي يؤدي إلى حصول حالات وفاة الكثيرين أو اشتداد المرض، وقد تضطر مديريات الصحة إلى توفير الدواء المطلوب من الأسواق، ولكن تصطدم بهذه الضوابط والإجراءات المعقدةquot;. واكد على ضرورة توفير الادوية الضرورية للمواطنين بسرعة، بحيث تكون في متناول المرضى بصورة سهلة.

استمرار التفجيرات وازمات الماء والكهرباء

ثم تحدث الكربلائي عن تداعيات التفجيرات التي شهدتها كربلاء خلال الزيارة الشعبانية في الاسبوع الماضي، والتي أدت إلى امصرع وجرح أكثر من 100 شخص، فشدد على ضرورة تشخيص الأسباب التي أدت إلى حصول هذه الخروقات الأمنية المتعددة الأماكن، وفي مواقع تقع ضمن محيط كربلاء منكل الجهات تقريباً... من جهة بغداد والحلة وأطراف كربلاء من جهة الغرب.

وقال ان هذا يؤشر مدى تمكن الجماعات الإرهابية من اختراق محيط مدينة كربلاء، وطالبالجهات الأمنية وضع معالجات تمنع أو تحدُّ ndash; على الأقل- من هذه العمليات مستقبلاً. وأكد أن هذه الخروقات تؤشر مدى الحاجة إلى الجهد الاستخباري الذي يجب دعمه وتفعيله وزج عناصر كفوءة ومهنية فيه.

في الختام تطرق الكربلائي الى شكوى الكثير من المواطنين من نقص خدمات الماء والكهرباء وانقطاع الماء تماماً في بعض المناطق السكنية المكتظة بالسكان، خاصة المناطق الفقيرة. وقال quot;نحن نقترب من شهر رمضان، الذي سيصادف شهر قائظ وشديد الحرquot; مطالبًا المسؤولين، خاصة الوزراء، ملاحظة احتياج هذه المناطق وزيارتها لوضع حلول، ولو آنية، لتخفّف بعض الشيء عن معاناة المواطنين . وشدد على اهمية قيام المسؤولين الكبار كالوزراء ومساعديهم بالزيارات الميدانية المستمرة لمديريات وزارتهم في المحافظات والاطلاع على واقع عملها وما تقدمه من خدمات.

وقد دعا متظاهرون في بغداد اليوم الحكومة الى توفير الخدمات الاساسية للمواطنين واطلاق سراح المعتقلين الابرياء. وناشد المتظاهرون الذين تجمعوا في ساحة التحرير في وسط العاصمة العراقية في الشعارات التي رفعوها والهتافات التي رددوها الحكومة توفير الخدمات الاساسية التي وعدت بها الحكومة وتوفير فرص العمل واطلاق سراح المعتقلين الابرياء.

وتشهد محافظات العراق منذ 25 شباط (فبراير) الماضي تظاهرات احتجاج تطالب بتغيير الحكومة واتخاذ اجراءات حاسمة لمكافحة الفساد والبطالة والمحاصصة في ادارة الدولة وللمطالبة بالخدمات والأمن ومعاقبة المزورين وإطلاق سراح المعتقلين الأبرياء ينظمها ناشطون وشباب من طلبة الجامعات ومثقفون مستقلون عبر مواقع التواصل الاجتماعي في شبكة الإنترنت.

الصدر يهدد بحل جيش المهدي اذا استمرت اساءات عناصره

هذا وهدد امام وخطيب جمعة الكوفة الشيخ اسعد الناصري القيادي في التيار الصدري بحل جيش المهدي الجناح العسكري للتيار في حال استمرار بعض اعضائه المندسين بالإساءة الى رسالة واهداف التيار.

وقال الناصري في خطبة صلاة الجمعة ان quot;هناك من هو مندس في جيش المهدي عديم التربية والاخلاق ممن روع الناس وأساء للصدريينquot;. واكد انه quot;اذا وصلت الاساءة الى السيد الشهيد (المرجع الصدر الاول والد مقتدى) ودار الامر بينها وبين الغاء الجيش علينا اختيار الالغاءquot;.

وكان الصدر اعلن الجمعة الماضي اجراءات عدةلنبذ من سماهم المنشقين والمفسدين والمسئين من عناصر جيش المهدي.

وقد نظم اتباع الصدر اليوم الجمعة مراسم خاصة لرفض المنشقين والمفسدين في التيار تحت شعار quot;جمعة الراغبينquot;. ودعا الصدر إلى هذه المراسم من اجل quot;رفض المنشقين والمفسدين في التيار الصدري ورافضي الطاعة للتيار. وقد تم فتح مراكز خاصة في الأماكن التي اقيمت فيها صلوات الجمعة لجمع الأدلة ضد المفسدين، حيث اعتبر الصدر أن quot;هذه الخطوة تأتي حفاظاً على وحدة وتماسك وقوة المنتمين إيماناً إلى الخط الصدريquot;.

وكان الصدر أمر الجمعة الماضي بإغلاق ضريح قبر أبيه وشقيقيه في مقبرة وادي السلام في النجف امام الزائرين، كما أمر أتباعه بلبس الوشاح الأسود أثناء الصلاة للتعبير عن رفض للمنشقين والمفسدين في التيار الصدري.

يذكر أن الصدر كان وصف في بيانين صدرا خلال الشهر الحالي أشخاصاً ضمن جيش المهدي شاركوا بالاعتداء على بعض المواطنين في بغداد بـquot;المجرمين والقتلة والعصاةquot;، وفي حين اعتبر أن مثل هؤلاء منبوذون، دعا إلى مقاطعتهم وطردهم من التيار.

ويمر جيش المهدي، الذي اسسه الصدر عقب سقوط النظام السابق عام 2003، حاليًا بأزمة تنظيمية حيث تفرق إلى عشرات الجماعات التي تنفذ اغتيالات منهجية لمسؤولين عراقيين لمصلحة أطراف أجنبية. وتحول جيش المهدي الذي حارب القوات الأميركية بعد غزو العراق إلى جماعات إجرامية صغيرة مدربة ومسلحة جيدا تتورط في أعمال قتل وخطف وابتزاز بالأجر لمصلحة أصحاب مصالح ورجال أعمال ووكالات حكومية خاصة في بغداد.

وقال رئيس هيئة أركان عمليات بغداد اللواء الركن حسن البيضاني إن هذه الجماعات تحولت إلى مرتزقة ليس لها أيديولوجية ولا أجندة محددة. وأضاف أن هذه الجماعات ليس لها اتصال بمكاتب الصدر ولا بمقتدى الصدر نفسه، كما نقلت عنه رويترز اليوم. وقرر الصدر نزع سلاح جيش المهدي بعدما تمكنت قوات المالكي التي تدعمها القوات الأميركية من هزيمته في بغداد ومدن جنوبية في 2008.

وأصبحت الحركة الصدرية قوة تنتمي الى التيار السياسي الرئيس في العراق، لكن مصادر تقول إن الكثير من مقاتليها يواجهون صعوبات في التأقلم على الحياة العادية. وفي أوج الاقتتال الطائفي في العراق 2006-2007 كانت الولايات المتحدة ترى جيش المهدي من أكبر التهديدات للأمن بسبب مقاتليه الشبان، الذين يحملون قاذفات الصواريخ، ويحاربون القوات الأميركية والعراقية في الشوارع.

ويوجد 46 ألف جندي أميركي في العراق، ويناقش زعماء عراقيون إمكانية بقاء جزء من القوات الاميركية في البلاد بعد نهاية العام الحالي. وقال أخيرًا جيمس جيفري السفير الاميركي في العراق إن الحرس الثوري الايراني وقوة القدس التابعة له يمدان بعض الميليشيات العراقية quot;بالمزيد من أنظمة الأسلحة الفتاكة.quot; ونفت إيران في السابق مثل هذه الاتهامات.

وأوضح مسؤولون في الحركة الصدرية ومسؤولون أمنيون عراقيون أن جماعتي عصائب الحق وكتائب حزب الله هما أكبر جماعتين منشقتين عن جيش المهدي، لكن عشرات الجماعات الاخرى انشقت أيضًا، وتعمل كمرتزقة، وتنفذ أعمال قتل لمصلحة جهات داخل العراق وخارجه.

وقالت مصادر صدرية إن الجماعات تتلقى التمويل والتدريب من إيران، وتستخدم أسلحة مشابهة لما تستخدمه قوات الامن العراقية مثل بنادق (ام-16) ومسدسات غلوك.