أعلن التحالف الوطني الشيعي العراقي الحاكم موافقته على ترشيق الحكومة الحالية إلى 25 وزارة بدلاً من 42 التي تتشكل منها الآن شرط عدم الاخلال بالتوازن بين الكتل السياسية المشاركة فيها وبالتشاور معها... بينما طرح رئيس المجلس الاعلى الاسلامي عمار الحكيم خارطة طريق لانقاذ الاوضاع العراقية الراهنة من أزماتها تركز على محاربة الفساد المالي والادراي والاخلاقي وتحقيق الأمن وتوفير الخدمات وبناء دولة المؤسسات.


في اجتماع للتحالف الوطني الشيعي العراقي الحاكم في بغداد برئاسة زعيمه ابراهيم الجعفري ومشاركة رئيس الوزراء نوري المالكي وممثليكل الكتل السياسية المنضوية في التحالف بحثت هيئته السياسية مقترح المالكي بترشيق الحكومة بناء على تجربة المائة يوم للاصلاح التي أعلنها في شباط/ فبراير الماضي، والمتابعة لعمل الوزارات quot;اخذةً بنظر الاعتبار مواقف الكتل السياسية الاخرى والتشاور المستقبلي معهاquot;.

عقب الاجتماع أعلنت الهيئة السياسية للتحالف موافقتها بالاجماع على مقترح ترشيق الحكومة من خلال الغاء وزارات الدولة وتكليف نواب الوزراء بتولي حقيبة محددة مع عدم الاخلال بالتوازن بين الكتل السياسية المشاركة في الحكومة.

وقال انه اذ يتبنى هذا المقترح quot;يتوسم بالكتل السياسية الاخرى والمشاركة في تشكيل هذه الحكومة الى التفاعل الايجابي والتشاور لتفعيل هذا المقترح خدمة للعملية السياسية والارتقاء بالاداء الحكومي الى مراتب متقدمةquot;.

من جهته أشار المالكي الى الاجراءت المُتَخذة لترشيق الوزارات، وقال انه وضع هيكلاً للجكومة من خلال دمج بعض الوزارات، بحيث يتقلص عددها الى 25 وزارة بدلاً من 42، كما هو حال هذه الحكومة الآن، والتي كانت قد تشكلت في اواخر العام الماضي.

وتشير مصادر عراقية الى اتجاه بدمج وزارة الزراعة مع الموارد المائية في وزارة واحدة ووزارة الصحة والبيئة في وزارة واحدة، ودمج وزارة النقل والاتصالات في وزارة واحدة، والنفط والكهرباء في وزارة للطاقة، إضافة إلى الغاءكل وزارات الدولة.

وتقول ان الترشيق لن يقتصر على الوزارات فقط، وإنما سيشملكل المناصب السيادية كوكيل الوزير والمدراء العامين، إضافة إلى ان بعض المناصب التي استحدثت بسبب التوافقات السياسية ستختفي.

وكان المالكي أكد الخميس الماضي ضرورة ترشيق حكومته وتغيير بعض وزرائها، وقال خلال مؤتمر صحافي اثر انتهاء مهلة المائة يوم التي وعد خلالها باصلاح الاوضاع في البلاد، وبعدما قدم الوزراء ما انجزوه خلالها ان الحكومة بحاجة ملحة الان الى ترشيق الحكومة وتغيير عدد من الوزراء بعد اجراء تقويم شامل لادائها.

وأشار الى انه تم quot;تقويم اداء الوزارات اثبتت الحاجة الى ترشيقها في حكومة الشراكة الوطنية وسنطالب الكتل السياسية بترشيح شخصيات تمتاز بالكفاءة والمهنية تتناسب مع حجم التحديات والمرحلة الحساسة التي تمر بها البلادquot;.

وتشهد محافظات العراق منذ 25 شباط (فبراير) الماضي تظاهرات احتجاج تطالب بالإصلاح والتغيير والقضاء على الفساد المستشري في مفاصل الدولة وتوفير الخدمات العامة ينظمها ناشطون وشباب من طلبة الجامعات ومثقفون مستقلون عبر مواقع التواصل الاجتماعي في شبكة الإنترنت.

اثر ذلك، أعلن المالكي في السابع والعشرين من شباط مهلة مائة يوم لتقويم عمل الوزراء في محاولة لامتصاص غضب الجماهير وتقديم وعود باصلاح الاوضاع العامة في البلاد سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، تم بعدها وعبر شاشات التلفزيون عقد جلسات علنية لمجلس الوزراء قدم خلالها الوزراء عرضًا عن الانجازات والاخفاقات التي شهدتها وزاراتهم خلال هذه الفترة.

الحكيم يطرح خارطة طريق لانقاذ الاوضاع العراقية

طرح رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي عمار الحكيم خارطة طريق لانقاذ الاوضاع العراقية الراهنة من أزماتها تبدأ بترشيق الحكومة وتركز على محاربة الفساد المالي والاداري والاخلاقي وتحقيق الأمن وتوفير الخدمات وبناء دولة المؤسسات.

وقال الحكيم ان خارطة الطريق هذه التي تعتمد على ثمان نقاط تشكل الاطار العام لمطالب الشعب العراقي من اجل تجاوز الازمات بين الفرقاء السياسيين والانطلاق بالبلاد نحو المستقبل الذي ينشده الجميع.

وأشار الى انه اذا اريد للعراق بناء تجربة تتميز بالشمولية والاستيعاب والانفتاح والتوازن فلابد من البدء بترشيق الحكومة، الذي قال انه مطلب شعبي quot;لان الناس بدأت تشعر بان هذا الترهل الكبير في الحكومة ادى الى ضعف في تحقيق متطلباتهم وتنفيذ أحتياجاتهم، وجعل اموال الدولة تتبدد وتصرف في غير محلها بشكل كبير، وهنا لابد من الذهاب الى الترشيق والاستجابة لهذا المطلب والارادة الشعبية الحقيقيةquot;.

وشدد الحكيم في كلمة له خلال الاحتفال بذكرى الاسراء والمعراج في بغداد الليلة الماضيةعلى ضرورة ان تكون عملية الترشيق مطمئنة لجميع القوى السياسية وللشعب العراقي بشكل عام حتى يشعر الجميع بأن هذا الترشيق ليس هروبًا الى الاما،موليس التفافًا على هذه مطالب الناس، وليس ابتعادًا عن ازمة أو سحب فتيل ازمة معينة لتعود الامور الى ماكانت، وانما هي خطوة حقيقية وصحيحة في اطار تعزيز الثقة والشراكة بين المكونات السياسية، لكي يطمئن الجميع إلى ان الترشيق هو خطوة في رفع الكفاءة في الاداء.

وأشار الى اهمية ان يحافظ الترشيق على التوازنات والمعايير وان يرشح الاكفاء للحكومة المقبلة وتتم عملية الترشيق بشكل مهني ومدروس وعلمي بعيدا عن المزاجيات، وذلك من اجل ازالة هواجس ومخاوفالاطراف السياسية.

وفي توضيحه للنقاط الثمان، التي تتضمنها خارطة الطريق التي يقترحها على الفرقاء السياسيين، أشار الى انها تركز ايضًا على محاربة الفساد الاداري والمالي والاخلاقي بشكل جدي وعملي للقضاء على هذه الافة التي تنخر جسد المجتمع وتعرقل تحركه الى امام.

وأكد على الحاجة الملحة لتوفير الخدمات الضرورية، موضحا ان الشارع يطالب بالخدمات وتوفير الكهرباء. وأكد أن من حق المواطن ان يحظى بالخدمات الضرورية التي تؤمن له السكن والماء والكهرباء وفرص العمل.

وشدد على الحاجة الى تدعيم الوضع الأمني وتحقيق نجاحات أمنية مستدامة ورؤية أمنية متكاملة واجهزة أمنية قادرة على توفير استقرار حقيقي. وأوضح ان هناك الآن ثلاث وزاراتأمنية شاغرة لا يتولاها وزراء اصلاء، وانما تدار بالوكالة من قبل رئيس الوزراء نوري المالكي quot;لحسابات واعتبارات سياسية لهذا الطرف أو الشخص او ذاكquot;. وقال quot;اوجه ندائي إلى كل المسؤولين بان يتواضعوا شيئًا ما، وان يتنازلوا عن جزء من امتيازاتهم وطموحاتهم لمصلحةالشعب الذي يقتل بدم بارد كل يوم، ويقطع اشلاء على قارعة الطريقquot;.

ثم دعا الحكيم إلى تنفيذ احكام الاعدام بالمدانين من مرتكبي جرائم الارهاب التي حصدت ارواح العراقيين. وقال ان هذا مطلب شعبي في الاقتصاص من الذين تسببوا في مجازر كبيرة في كل مناطق العراق من دون استثناء. وأكد انه لايمكن الصبر على هؤلاء، ولابد من اجراءات حاسمة وسريعة لإنزال القصاص العادل، لاسيما بمن صدرت في حقهم احكام الاعدام.

في النقطة الخامسة من خارطة الطريق التي طرحها فقد شدد الحكيم على ضرورة الالتزام بالاتفاقات السياسية.. وقال ان quot;قوى وشخصيات وطنية يجلسون على طاولة يتفقون على امور ويوقعون عليها وهذا دين في رقبة الجميع، حيث ان عدم الالتزام بتنفيذ هذه الاتفاقات، ليس من القيم العربية والاسلامية، وليس مقبولا مطلقاquot;.

ودعا الى تعزيز الشراكة الحقيقية في القرار وفي الادارة، مشددا على ان يتم ذلك بشكل جماعي من قبل الشركاء في العملية السياسية. وقال quot;اليوم هناك صرخات ونداءات وهناك استغاثة من قوى سياسية ومن قوى اجتماعية ومن جمهور عراقي ليس مقتنعًا بوجود الشراكة، وهذا الامر يعني اننا بحاجة الى وضع معايير تحقق شراكة حقيقية مقنعة للمواطنينquot;.

ثم أكد الحكيم على اهمية تعميق الثقة بين الفرقاء السياسيين، وقال quot;ان هذا التراشق الاعلامي يشوش على ابناء الشعب ويربك صفو العلاقة بين الناس ويجعلهم مستفزين في كل يومquot;.. وتساءل قائلا quot;الى متى يطلب من الشعب العراقي ان يبقى في حالة استنفار واستفزاز.. الناس تريد ان تعيش وان تبني وتنظر للمستقبل، واذا لم نصل الى مرحلة من الثقة، فلا يمكن ان نشكل فريق عمل واحد، وبالنتيجة ستبقى هذه التقاطعات تترك اثارها السبية على المشروع السياسي والوطني في البلد ولابد من معالجة لهذا الامرquot;.

في النقطة الاخيرة من خارطة الطريق أشار الحكيم الى ضرورة العمل على تحقيق مشروع بناء دولة المؤسسات في العراق.. وتساءل قائلا quot;كيف نبني الدولة وكيف نتجنب المزاجيات وكيف نتخلص من الاراء الشخصية والقناعات الارتجالية والمواقف المستعجلة، يجب ان تكون لدينا دولة مؤسسات توضح فيها الادوار، وتتوزع فيها المهام، وتتكامل فيها الجهود بين الاطراف المختلفة.. هناك سلم اولويات واضحة يجب عدم ذهاب مليارات من الدولارات في مشاريع لايحتاجها الشعب، في حين يتم صرف النظر عن مشاريع مهمةquot;.

وأضاف quot;اذا اردنا ان نبني دولة مؤسسات فهذه الدولة تحتاج نظمًا داخلية لمفاصل العمل في مجلس النوابومجلس الوزراء وكذا لكل وزارة وهيئة حتى تتكامل الادوار، ولا يتقاطع بعضها مع البعض الاخر، وتبقى الشكوى سيدة الموقف في كل قضية.