قال رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم إن تأجيل قمة بغداد العربية محبط للعراقيين وللعرب جميعاً وإساءة لسمعة الجامعة العربية ودولها والعمل العربي المشترك، وعبّر عن قلقه العميق لتردي الوضع الأمني أخيرًا، وطالب الحكومة بتوضيح أسبابه ودوافعه ومعالجته من خلال حل مشكلة إستمرار شغور الوزارات الأمنية من الوزراء.


لندن: دعا رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي عمار الحكيم الحكام العرب الذين تشهد بلدانهم انتفاضات شعبية الى الانصياع لارادة مواطنيهم وتلبية حقوقهم المشروعة. وحذر من ان ارتفاع معدلات البطالة في العراق اصبح يشكل ظاهرة خطرة تترك اثارا سلبية على الواقع النفسي والاقتصادي والأمني للمجتمع العراقي، معتبرًا ان ازدياد عدد العاطلين سيؤدي الى ارتفاع معدلات الجريمة.

تأجيل قمة بغداد العربية

في ما يخص تأجيل انعقاد القمة العربية في بغداد، اعرب الحكيم عن شعوره بالاحباط من تأجيل آخر لها، مؤكدا ان هذا الامر محبط أيضًا للعراقيين وللعرب جميعًا، ومسيء لسمعة الجامعة العربية ودولها والعمل العربي المشترك، وذلك حينما تعجز هذه الدول عن تنظيم قمة لمناقشة همومها المشتركة في ظل هذه التحولات الكبرى التي يشهدها العالم العربيquot;.

وعبّر عن أمله في ان يتم تجاوز هذه الاشكالية، وان تعقد القمة العربية في موعدها المحدد او في وقت قريب quot;مما يعيد الامل للمواطن العربي في امكانية تطوير العمل المشترك ضمن المنظومة العربية وتحقيق الاستقرار والسلام ورصّ الصفوف بين الدول العربيةquot;.

وكان من المقرر انعقاد القمة في بغداد في العاشر من الشهر المقبل، لكن دول مجلس التعاون الخليجي طلبت تأجيلها بسبب ما قالت انه الموقف العراقي المؤيد تظاهرات الاحتجاج في البحرين ضد حكومتها، الامر الذي يمكن معه تحديد ايلول (سبتمبر) المقبل موعدًا جديدا للقمة.

الاوضاع العربية الراهنة

وحول الاحداث التي يشهدها العالم العربي حاليًا، اشار الحكيم خلال كلمة في الملتقى الثقافي الاسبوعي للمجلس الاعلى الاسلامي العراقي في بغداد الليلة الماضية، بحضور شخصيات تمثل شرائح المجتمع العراقي، إلىانه يتابع بقلق وألم مايجري في الساحة العربية من صراع بين الشعوب الطامحة للحرية والكرامة والراغبة ببناء دولها على اسس دستورية تشريعية وتنفيذية والعودة الى الانتخابات والتداول السلمي للسلطة وتحسين الواقع المعيشي والالتزام بالديمقراطية اساسًا لادارة شؤونهم وامورهم وبين quot;الحكام المستبدين الطغاة الظالمين الذين لايرون الا انفسهم ومصالحهمquot;.

واشار الى تجميد دول ارصدة مالية هائلة بمئات مليارات الدولارات لهذه الدولة او ذلك الحاكم، فقال quot;بدات تظهر الارقام، وبدانا نتعرف إلى حجم الميزانيات التي اودعت في المصارف الاجنبية، والناس يعيشون الفقر والفاقة والحرمان في بعض هذه الدول العربية، وماسمعناه عن ليبيا وحدها من سقوط عشرة الاف ضحية وخمسة وخمسين الف جريح، يثبت ان هؤلاء الحكام لايعلمون ان كل قطرة دم لبريء ستتحول الى بركان يهزّ عروش هؤلاء الطغاة والظالمينquot;.

وناشد الحكام العرب الوقوف عند هذا الواقع واتخاذ الاجراءات الصحيحة التي تبقي لهم الذكر الحسن من خلال الانصياع للارادة الشعبية والتماشي مع الحقوق المشروعة والمطالب الحقة لهذه الشعوب.

الانتفاضات العربية درس للعراق

وأكد الحكيم ان ما يجري في المنطقة العربية اليوم يمثل درسًا بليغًا للعراق ورسالة مفتوحة للمسؤولين فيه، تذكرهم على الدوام بمسؤولياتهم الشرعية والوطنية في تلبية احتياجات الناس والاهتمام بخدمتهم وتوفير الظروف المعيشية الملائمة لهم والوقوف عند همومهم وقضاياهم.

وقال ان امام العراق فرصة حقيقية وتاريخية لتحقيق الاعمار والازدهار وتحقيق الانطلاق الكبير، والواضح في هذه التجربة، حيث اصبح العراق يتقدم العديد من الدول العربية بتجربته الديمقراطية ونظامه السياسي التعددي، وماعليه الان الا ان يثبت قدرته على ان يقدم النموذج الطيب والمتميز في مجال الخدمة العامة وفي تحقيق الاعمار والازدهار وتلبية احتياجات الناس وتوفير الأمن والاستقرار حتى يكون قدوة تقتدي به الدول العربية.

واكد قدرة العراق في مد يد العون والمساعدة الى اشقائه العرب وتقديم تجربته الديمقراطية المميزة، خصوصًا مع توفر عناصر النجاح في هذه التجربة والمتمثلة في العقول العراقية الزاخرة والثروة والامكانات والعمق الحضاري، معتبرًا ذلك عناصر قوة مهمة تمكن العراق من الانطلاقة الحقيقية.

وشدد بالقول quot;لاينقصنا شيء لتحقيق الاعمار والبناء وانجاح التجربة وتعزيز الشراكة والثقة بين الاطراف العراقية وتوحيد الرؤية في عملية بناء الدولة وترميم المنظومة الادارية والتشريعية، مما يسهل عملية انسجامها مع متطلبات المرحلة، ووضع الرجل المناسب والكفؤ في الموقع المناسب حتى يحقق النتائج المرجوة التي يريدها المواطن العراقي في الاعمار والازدهارquot;.

تردي الوضع الأمني

الى ذلك، اشار الحكيم الى التطورات الاخيرة على الساحة الأمنية أخيرًا والانفجارات واستهداف بعض المحال التجارية واغتيال بعض كبار المسؤولين خلال الايام القليلة الماضية، وقال ان هذا يؤشر تراجع الوضع الأمني، مشددا على ضرورة الوقوف على اسبابه والدوافع التي ادت إلى مثل هذه الخروقات الأمنية وضرورة معالجتها، معتبرًا أن الحفاظ على الأمن والاستقرار مدخل مهم من مداخل تحقيق النجاح والاستقرار.

ودعا الى تعيين وزراء الوزارات الأمنية الثلاث، واناطة حقائبها الى شخصيات مستقلة كفوءة، quot;ولاسيما ان المؤسسة الأمنية العراقية تستعد لتحمل مسؤولياتها الكاملة في تحقيق الأمن والاستقرار في ظل انسحاب القوات الاجنبية بالكامل في نهاية هذا العام الحاليquot;.

البطالة وانهيار القطاعين الزراعي والصناعي

في المقابل لفت الحكيم الى ارتفاع نسبة البطالة في البلاد، وحذر من انها باتت تشكل ظاهرة خطرة تترك اثارًا سلبية في الواقع النفسي والاقتصادي والامني داخل المجتمع العراقي، معتبرًا ان ازدياد عدد العاطلين سيؤدي الى ارتفاع معدلات الجريمة، مما يتطلب وضع حل سريع لهذه الظاهرة quot;التي باتت ترهق كاهل العراقيين، وتضغط عليهم بشكل كبيرquot;.

وأكد ان الاضرار الكبيرة التي لحقت بالقطاع الزراعي والصناعي جراء سياسات الانظمة السابقة، التي لم تلق ايضًا طريقًا للمعالجة خلال السنوات الثماني الماضية وعدم تمكين القطاع الخاص من اخذ دوره المناسب كان له اثر كبير في اتساع رقعة البطالة، وهو امر تتحمل الحكومة مسؤوليته الكاملة من اجل توفير فرص العمل للعاطلين.

ودعا الى وضع سياسات قصيرة وطويلة الامد لمعالجة هذه المعضلة الكبيرة، مشددًا على أهمية تفعيل القطاع الخاص بمستوياته كافة على ضوء القانون والدستور وتنفيذ كل المتطلبات التشريعية والتنفيذية لهذا الغرض، الامر الذي من شأنه توفير ملايين من فرص العملquot;.

واوضح ان استحداث صندوق دعم للعاطلين عبر توفير رواتب وقتية للعاطلين عن العمل إلى حين توفير فرص العمل يمثل مدخلاً اخر لحل هذه المشكلة، فضلا عن وضع الحلول للمشاكل التي تواجه عددًا كبيرًا من اصحاب العقود المؤقتة الذين يمارسون دورًا وظيفيًا منذ سنوات عدة في وزارات ودوائر مختلفة، وما زالوا يعانون من التعامل معهم على اساس هذه العقود، مما يجعلهم في قلق مستمر في مدى امكانية استمرارهم بالعمل، وهو ما يترك آثاره الواضحة في ضعف الحماس لدى هؤلاء وشعورهم بالإحباط، مما يؤثر على ادائهم الوظيفي، مشيرا في هذا الصدد الى موظفي المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.

وقال quot;ان هؤلاء الالاف من الشباب الذين عملوا في المفوضية في محافظات البلاد المختلفة منذ ثمان سنوات واداروا عمليات انتخابية ناجحة عدة،واصبحت لهم خبرة متراكمة، ليس من المنطقي او المعقول بقاؤهم على العقود المؤقتة بالرغم من وجود درجات وظيفية كافية في موازنة العام الحالي 2011، ولكنها لم تفعلحتى الانquot;.

معرضا الكتاب والزهور

حول افتتاح المعرض الدولي الاول للكتاب في بغداد امس الاربعاء، قال الحكيم ان هذا المعرض الذي يقام بعد انقطاع دام اكثر من عقدين من الزمن، والذي يشارك فيه 250 دار نشر من 30 دولة عربية واجنبية، اصبح يمثل تظاهرة ثقافية كبرى، ويعطي رساله واضحة عن عودة بغداد كدار للسلام.

وقال ان هذا التطور يؤكد استعادة بغداد عافيتها، واخذ دورها في اشاعة الفكر والثقافة، داعيا الى استغلال هذه الفرصة من قبل طلاب الجامعات والنخب والمثقفين واصحاب الفكر والقراءة من العراقيين الذين عرفوا بشغفهم بالقراءة والاستفادة منها. وطالب المشرفين على المعرض بتقديم الدعم للطلبة وللاساتذة والنخب في شراء الكتب بسعر مدعوم كمساهمة في اشاعة الاجواء الثقافية.

كما اعتبر الحكيم افتتاح مهرجان بغداد الدولي للزهور رسالة اخرى من رسائل الحياة في بغداد تشير الى اهمية الحفاظ على البيئة والتصالح معها في ايام الربيع الحالية. وقال ان مكافحة التصحر والحفاظ على البيئة والأمن البيئي في مواجهة عواصف الغبار التي باتت تضرّ بحياة المواطنين لها اهمية كبيرة.. داعيًا الى اعادة تشييد الحزام الاخضرفي المدن العراقية المختلفة، واشاعة ثقافة غرس الاشجار والنخيل في كل مناطق البلاد، واستصلاح الاراضي وتوفير البيئة الملائمة لحياة المواطن العراقي.