وقع الرئيس المصري الأسبق أنور السادات اتفاقية كامب ديفيد

تحد اتفاقية كامب ديفيد من نفوذ القوات المصرية في منطقة سيناء حيث تم تقسيمها إلى ثلاث مناطق في كل منها سيطرة محدودة للقوات المصرية، وهو ما دعا بعض المصريين مؤخرا للمطالبة بتعديل هذه الاتفاقية.


نحجت القوات المصرية في إحباط محاولة لتفجير مطعم في مدينة العريش شمال سيناء اليوم، حيث عثر بعض المواطنين على دانة مدفع من مخلفات الحروب موصولة بدائرة كهربائية، ومعدة للتفجير عن بعد، بعد استدعاء قوات الأمن قامت بتفكيك الدائرة الكهربائية، وإبطال مفعول المتفجرات.

وفي صعيد متصل، تصاعدت حدة الجدل حول تعديل بعض بنود إتفاقية كامب ديفيد الموقعة بين مصر وإسرائيل في 17 سبتمبر 1978، في أعقاب مقتل أربعة جنود مصريين على الحدود بين البلدين برصاص إسرائيلي، وإندلاع موجة من الإحتجاجات الشعبية في مصر ضد إسرائيل وصلت لحد التظاهر والإعتصام أمام السفارة ومنزل السفير في القاهرة، والمطالبة بطرده وإلغاء معاهدة السلام، وبلغت الإحتجاجات ذروتها عندما أقدم شاب مصري يدعى أحمد الشحات على تسلق البناية الكائنة بها السفارة وأنزل العلم الإسرائيلي من فوقها ورفع العلم المصري بدلاً منه.

وبينما كان المصريون يتظاهرون يومياً أمام السفارة الإسرائيلية، كانت الحكومة في حالة انعقاد دائم ووجهت رسائل شديدة اللهجة إلى تل أبيب، وصلت حدها باستدعاء السفير الإسرائيلي في القاهرة، والتهديد بسحب السفير المصري، وتعالت أصوات السياسيين والناشطين في الدفاع عن ثورة 25 يناير مطالبة تارة بإلغاء إتفاقية كامب ديفيد وتارة بتعديلها، وتارة ثالثة بتعديل معاهدة السلام وتارة رابعة بإلغاء معاهدة السلام، وكثيراً ما يخلط الغالبية العظمى من هؤلاء السياسيين أو المحللين بين إتفاقية كامب ديفيد الموقعة في 17 سبتمبر 1978، ومعاهدة السلام الموقعة في 26 مارس 1979. وهو ما يطرح العديد من التساؤلات أهمها: هل هناك فرق بين الإتفاقيتين؟ و لماذا يريد المصريون تعديل الإتفاقيتين أو بالأحرى إتفاقية كامب ديفيد؟

ووفقاً للدكتور سامح عباس الخبير في الشؤون الإسرائيلية المصرية إن مصر وقعت إتفاقيتين مع إسرائيل وليست واحدة، الأولى تختص بترسيم الحدود بين الجانبين، وعدد القوات في المناطق الحدودية، وهي ما تعرف باسم quot;إتفاقية كامب ديفيدquot;، أما الثانية والتي وقعت في 26 مارس 1979 فهي معاهدة السلام التي تنص على أن يحترم كلا الطرفين سيادة الدولة الأخرى، وأن تكون العلاقات بينها طبيعية.

وحول أبرز بنود معاهدة السلام، يوضح عباس لquot;إيلافquot; أن البند السادس الذي ورد فيه أن quot; يتعهد كل طرف بأن يكفل عدم صدور فعل من أفعال الحرب أو الافعال العدوانية أو أفعال العنف أو التهديد بها من داخل اقليمه أو بواسطة قوات خاضعة لسيطرته أو مرابطة على أراضيه ضد السكان أو المواطنين أو الممتلكات الخاصة بالطرف الآخر كما يتعهد كل طرف بالامتناع عن التنظيم أو التحريض أو المساعدة أو الاشتراك في فعل من أفعال الحرب أو الافعال العدوانية أو النشاط الهدام أو أفعال العنف لمواجهة ضد الطرف الآخر في أي مكان، كما يتعهد أن يكفل تقديم مرتكبي هذه الافعال للمحاكمةquot;، مشيراً إلى أن البند السابع أيضاً مهم جداً و ينص على إقامة علاقات طبيعية بين مصر وإسرائيل للمرة الأولى منذ إعلان دولة إسرائيل في 1948، وجاء فيه quot;يتفق الطرفان على أن العلاقات الطبيعية التي ستقام بينهما ستتضمن الاعتراف الكامل والعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية وانهاء المقاطعة الاقتصادية والحواجز ذات الطابع التمييزي المفروضة ضد حرية انتقال الافراد والسلم 0 كما يتعهد كل طرف بأن يكفل تمتع الطرف الآخر الخاضعين لاختصاصه القضائي بكافة الضمانات القانونيةquot;.

ويشير عباس إلى أن تلك المعاهدة لا غبار عليها، ولا تتضمن إجحافا للحقوق المصرية، ولا تنتقص من سيادتها على أراضيها، ولكن المشكلة الحقيقية في إتفاقية كامب ديفيد التي تغل أيدي مصر في سيناء، حيث تم تقسيمها أي ثلاث مناطق أ وب وج، أما المنطقة quot;أquot; فهي تمتد من قناة السويس بعمق 58 كم في سيناء، وتسمح بتواجد فرقة مشاة ميكانيكية واحدة تتكون من 22 ألف جندى مشاة، و 230دبابة و126 مدفعا ميدانيا و126 مدفعا مضادا للطائرات عيار 37مم و480 مركبة. وفي ما يخص المنطقة quot;بquot; فهي تمتد لمسافة 109 كلم من آخر حدود المنطقة quot;أquot;، ويقتصر التواجد العسكري المصري فيها على 4 آلاف جندي من سلاح حرس الحدود بتسليح خفيف. وتنحصر المنطقة quot;جquot; ما بين آخر نقطة في المنطقة quot;بquot; والحدود مع إسرائيل، بمسافة 30 كلم، و لا يسمح فيها بأي تواجد للقوات المسلحة المصرية وتقتصر على قوات من الشرطة المدنية فقط. ويوضح عباس أن المشكلة في عدم قدرة مصر على مواجهة تهديدات الجماعات المسلحة المنتشرة في سيناء، لعدم قدرتها على الإنتشار بقوة وكثافة، وهو ما يعتبر إنتقاصا من السيادة المصرية على أراضيها، ولذلك يجب تعديل بنود تلك الإتفاقية، لأن في التعديل مصالحة للجانبين.

وينبه اللواء محمد يوسف الخبير الأمني إلى نقطة مهمة أخرى تتضمنها الإتفاقية ألا وهي أنها تحظر على مصر إقامة مطارات أو موانئ عسكرية بأرض سيناء، ويقول لquot;إيلافquot; رغم أن الإتفاقية قسمت سيناء إلى ثلاث مناطق إلا أنها في المقابل لم تفعل الشيء نفسه داخل إسرائيل، حيث وضعت كان وضع المنطقة quot;دquot; داخل الأراضي الإسرائيلية مختلفاً، فهي بمسافة 4 كلم فقط، وتضم 4 آلاف جندي. ويلفت يوسف إلى أن التوترات الأخيرة أكدت أن هناك حاجة ملحة من أجل تعديل الإتفاقية بما يضمن قضاء مصر على التهديدات الإرهابية، ويحفظ أمن وحدود إسرائيل في الوقت نفسه.

وحول أسباب تصاعد الحديث طوال الأسبوعين الماضيين عن إتفاق مبدئي بين الجانبين المصري والإسرائيلي على تعديل الإتفاقية، ثم الخفوت فجأة ونفي ذلك في وقت لاحق، يوضح مصدر لquot;إيلافquot; أن الحديث المتصاعد عن الإتفاق على تعديل الإتفاقية جاء لامتصاص الغضب الشعبي في مصر ضد إسرائيل، وأضاف أن السلطات المصرية لم تجد أمامها سوى ممارسة ضغوط على إسرائيل في إتجاه تعديل الإتفاقية في ظل تصاعد الدعوات إلى إلغائها تماماً وطرد السفير الإسرائيلي من القاهرة وسحب السفير المصري من تل أبيب، فضلاً على تظاهر واعتصام الآلاف أمام السفارة وإنزال العلم الإسرائيلي من فوقها. مشيراً إلى أن بنود الإتفاقية لن تقف عائقاً أمام تعقب مصر للجماعات المسلحة، موضحاً أن مصر اتفقت مع إسرائيل على نشر ألف جندي وقوات من الجيش في سيناء في المناطق المحظور تواجد آليات عسكرية فيها، لكن العدد ليس كافياً لأن هناك نحو 6 آلاف مسلح في سيناء على الأقل.ويلفت المصدر إلى أن حدة الحديث خفت نتيجة تضاؤل الإحتجاجات الشعبية ضد إسرائيل، فضلاً عن انخفاض مستوى العمليات المسلحة في سيناء، ونجاح القوات المصرية في إحباط العديد من المخططات الإرهابية قبل تنفيذها، ما يعني نجاح الخطة المصرية quot;النسرquot; في الإنقضاض على التنظيمات المسلحة في سيناء.