يؤكد الليبيون أن بلادهم لن تكون العراق الثاني حيث الوضع الأمني متدهور والفساد الحكومي مستشرٍ وصراع الأحزاب على السلطة وتقرب البعض من جهات خارجية يشل عمل الدولة. ويشدد المسؤولون الجدد في طرابلس على أنهم تعلّموا من درس العراق وأنهم قادرون على منع انجراف البلاد نحو الفوضى.

الليبيون واثقون من عدم انجراف بلادهم لمصير العراق

طرابلس: يبدي الليبيون ثقتهم في أن مستقبل الأوضاع في البلاد بعد اسقاط نظام معمر القذافي لن يكون نسخة عما هو عليه الآن في العراق الذي يتخبط أمنيا واجتماعيا منذ سقوط صدام حسين قبل ثماني سنوات.

ويقول المنسق العام لائتلاف ثورة 17 فبراير عبد السلام المسماري لوكالة فرانس برس ان quot;ليبيا لن تكون العراق الثاني اذ ان الحالة الليبية مبسطة بخلاف العراق حيث تتعقد الامور ديموغرافيا ودينيا وسياسياquot;.

ويضيف quot;ستأخذ الاحزاب في المرحلة المقبلة مكانها للمرة الاولى في الحياة السياسية، لكننا نحرص منذ الآن على ان تبنى هذه الاحزاب على فكرة اعتماد اجندة وطنية بعيدا عن اي اجندة اخرىquot;.

وبعد اكثر من اربعة عقود من حكمه البلاد بيد من حديد، اطيح معمر القذافي عن كرسي الحكم اثر ثورة شعبية مسلحة انطلقت في منتصف شباط/فبراير وترسخت بعد سيطرة الثوار على طرابلس في 23 آب/اغسطس وفرار العقيد الليبي من مقره فيها.

ويسيطر المجلس الوطني الانتقالي الذي يضم القادة الجدد للبلاد على الامن والاقتصاد والسياسة حاليا، مبرهنا حتى الآن عن قدرته على ضبط الاوضاع في غياب الحضور الفعلي والحقيقي للدولة.

وقبل ثماني سنوات، اسقط نظام صدام حسين في العراق بعد ان حكم البلاد لفترة امتدت بين عامي 1979 و2003، علما انه كان الرجل الاقوى في الدولة منذ عام 1975.

وتشهد البلاد منذ سقوط صدام حسين اثر اجتياح العراق من قبل قوات تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة تفجيرات واعمال اغتيال شبه يومية بلغت اوجها حين اتخذ الصراع منحى مذهبيا بين السنة والشيعة قتل فيه عشرات الآلاف.

والى جانب الوضع الامني المتدهور، يشل الصراع على السلطة بين الاحزاب وتقرب البعض من جهات خارجية عمل الدولة، فيما يستشري الفساد الحكومي على نطاق واسع، حيث صنف العراق كرابع اكثر دولة فسادا في العالم.

وفيما يخشى مراقبون ان تنزلق ليبيا بعد تخلصها من معمر القذافي الى وضع مشابه للعراق، يشدد المسؤولون الجدد في طرابلس والاكاديميون العائدون من الخارج على انهم تعلموا من درس العراق وانهم قادرون على منع انجراف البلاد نحو الفوضى التي تعم مؤسسات هناك.

وكان رئيس المجلس العسكري في طرابلس عبد الحكيم بلحاج اكد في مقابلة مع فرانس برس انه quot;لا مجال للمقارنة بين العراق وليبيا، سواء كان اجتماعيا او غيره، ففي ليبيا لا توجد ولاءات اجنبية ولا احزاب واتنيات عرقية ولا خصومة سياسيةquot;.

وفيما تدور في العراق صراعات متعددة الاوجه بين السنة والشيعة، والعرب والاكراد والتركمان، ويستهدف المسيحيون بشكل مستمر، تتمتع ليبيا باستقرار اجتماعي نسبي كون الغالبية الكبرى من سكانها يتبعون مذهبا اسلاميا موحدا هو السنة المالكية وينتمون الى قبائل عربية مختلفة، فيما تسكنها اقلية من الامازيغ.

ورأى بلحاج ايضا انه quot;لا وجه مقارنة من زاوية التدخل العسكري (...) نحن قمنا بثورة تحرير لها علاقة بتحقيق اهداف شعب عانى لاربعة عقودquot;، مشيرا بذلك الى التدخل العسكري المباشر للقوات الاميركية التي اجتاحت العراق عام 2003 ومن المفترض ان تنسحب منه نهاية 2011.

وشن حلف شمال الاطلسي غارات على مواقع لقوات القذافي وفرض حظرا على الطيران فوق ليبيا، الا انه لم يتدخل على الارض بشكل مباشر.

وتقول الاستاذة المتخصصة في دراسات الشرق الاوسط في جامعة ميتشغان الاميركية فوزية بريون ان quot;ليبيا عبارة عن مجتمع متجانس بنسبة 90 بالمئةquot;.

وتضيف بريون التي عادت الى ليبيا للمرة الاولى بعدما غادرتها قبل 32 عاما انه quot;اذا كان المقابل للمساعدة التي يقدمها لنا الغرب مادية، فنحن جاهزون لندفع الفاتورة، الا ان الشعب سيكون حازما ولن يسمح لاي فرد او دولة بمس سيادتناquot;.

ويرى الطبيب محمود ترسين وهو المتحدث باسم المجلس المحلي لطرابلس ان quot;المعطيات الاولى لقيام الثورة هنا مختلفة عما حدث في العراق، ففي ليبيا الشعب هو من رغب في ذلك، بينما تشابكت المصالح الخارجية في العراقquot;.