البرقع والجنسية الفرنسية لا يتفقان في تفسير القانون الجديد

دخل حيّز التنفيذ قانون فرنسي يضيّق فرص المهاجرين في الحصول على الجنسية الفرنسية. ويتضح أن المسلمين هم المقصودون بشكل رئيس بهذا الإجراء، لأن من نصوصه احترام العلمانية والمساواة بين الجنسين. لكن خصوم ساركوزي السياسيين اتهموه بازدواج المعايير والسعي إلى كسب أصوات اليمين المتطرف.


لندن: أعلنت الحكومة الفرنسية عن اتخاذها إجراءات تضيّق فرص حصول المهاجرين على الجنسية وحقوق المواطنة، أبرزها اجتياز اختبارات جديدة شاملة في اللغة وأداء قسم الولاء لـlaquo;القيم الفرنسيةraquo;، التي تشمل علمانية الدولة والمساواة بين الرجال والنساء.

لهذا السبب لوحظ على الفور أن المهاجرين المسلمين هم المقصودون قبل غيرهم بهذه الخطوة. كما اتهم الاشتراكيون خصمهم المحافظ الرئيس نيكولا ساركوزي بازدواج المعايير، لأنه نفسه ابن مهاجر، وزوجته ليست فرنسية بالميلاد، وأيضًا بالسعي إلى استرضاء اليمين المتطرف.

قانون الحكومة الفرنسية الأخير هذا دخل حيّز التنفيذ اعتبارًا من الأول من الشهر الحالي، بعد طرحه على الجمعية الوطنية (البرلمان) في حزيران (يونيو) الماضي.

وبموجبه يخضع طالب الجنسية لشروط عدة، من بينها اجتياز سلسلة من الاختبارات المتعلقة بالثقافة والتاريخ الفرنسيين، والقدرة على التحدث بالفرنسية بمستوى لا يقلّ عن ذلك المتوافر لصبي في الخامسة عشرة من العمر. وسيتوجب عليه التوقيع على وثيقة قانونية تحدد مسؤولياته وحقوقه كمواطن فرنسي.

ورغم أن القانون الجديد لا يحرم الحاصل على المواطنة الفرنسية من جنسيته الأصلية، فهو يشترط laquo;تخلّيه عن أن يكون ولاؤه الأول لموطنه، طالما كان مقيمًا على الأراضي الفرنسيةraquo;.

ويقول إن الحصول على الجنسية الفرنسية laquo;ليس مجرّد إجراء إداري، وإنما قرار ومنعطف أساسي في الحياة، يستدعيان الكثير من التفكير، قبل اتخاذ قرار مهم كهذاraquo;.

لكن الأصوات الناقدة تعالت على الفور، قائلة إن صدور القانون قبل أربعة أشهر فقط من موعد إجراء الانتخابات الرئاسية يظلله بالغرض السياسي. وقالت إن المطلوب منه هو استمالة اليمين المتطرف، الذي يتخذ من معاداة الهجرة خاصة من الدول الإسلامية عمادًا وحيدًا له، والحصول بالتالي على أصوات المتعاطفين معه.

ونقلت laquo;لوس انجليس تايمزraquo; عن آلين بوبيل - كريمير، الناطقة باسم جماعة laquo;نجدة من العنصريةraquo; التي تحارب مختلف أشكال التمييز قولها: laquo;شعار فرنسا هو laquo;الحرية والمساواة والأخوّةraquo;. لكننا لا نرى ما يكفي من مساواة هذه الأيامraquo;. ومضت تقول: laquo;من المقزز والمخيف أن نرى الساسة يتحدثون علنًا بلهجة عنصرية من أجل أصوات اليمين المتطرفraquo;.

المهاجرون المسلمون مستهدفون قبل غيرهم
وقال الاشتراكي كريستوف جيرار، نائب عمدة باريس، إن القانون الجديد laquo;يهدد نوع التنوع العرقي الذي تتمتع به فرنساraquo;. وأشار في مقالة له على صفحات laquo;لوموندraquo; إلى أن الرئيس ساركوزي نفسه ابن مهاجر فقال: quot;هذه عودة إلى الوطنية التي تستعدي المواطن على مواطن آخرquot;.

والمناخ الذي تشيعه الحكومة حاليًا يصبح منفّرًا بشكل خاص على ضوء أن رأس الدولة الحالي ابن لمهاجر مجري، وأن زوجته إيطالية الأصلraquo;.

لكن وزير الداخلية، كلود غيان، وصف القرار الجديد بأنه laquo;اتفاق رسمي جليل بين الدولة المضيّفة والساعي إلى جنسيتهاraquo;. وقال إن على هذا الأخير laquo;الالتزام الكامل بمسألة الاندماج في المجتمع الفرنسي عبر اللغة واحتضان المبادئ والقيم والرموز التي تميز ديمقراطيتهاraquo;.

أدلى الوزير بما يُعتبر إشارة واضحة إلى المهاجرين المسلمين، الذين يشكلون الغالبية، وسط 100 ألف مهاجر يتلقون الجنسية كل سنة. فقال إن على المتقدمين للحصول عليها laquo;استيعاب معنى الدولة العلمانية وأهميتها والاحترام الكامل لمسألة المساواة بين الرجل والمرأةraquo;.

يذكر أن غيان اشتهر باتخاذه نهجًا صارمًا إزاء المهاجرين، تمثل في مظاهر مثل ترحيل غير الشرعيين، وخطط لخفض عدد الشرعيين المسموح لهم بالسفر والعودة إلى فرنسا، بما لا يقلّ عن 20 ألفًا في السنة (من 200 ألف). وعُلم أنه ينظر أيضًا في إجراءات لسحب الجنسية من متعددي الزوجات وأصحاب السجلات الإجرامية.

وفي العام الماضي، تدخل هذا الوزير شخصيًا لحرمان جزائري مهاجر من الحصول على الجنسية، بسبب ما وصفه بـlaquo;سلوكه المشين نحو النساءraquo;. وكان هذا الرجل قد أقرّ بأنه لا يسمح لزوجته الفرنسية بمغادرة بيت الأسرة كما شاءت.

بول ساركوزي والد الرئيس مهاجر أيضًا