تتوالى الحرب الباردة والمستمرة بين إيران والغرب فصولاً، آخرها كان في إعلان واشنطن، ردًا على تهديدات طهران، عن الخطوط الحمر في المنطقة وهي: مضيق هرمز وامتلاك النووي، ولا تستبعد قيادة الأركان الأميركيّة وضع مخطط لعمليّة محتملة ضد إيران. كيف ستواجه إيران العالم
إيلاف، وكالات:تشتد العزلة الدولية على إيران، التي تصعّد من حدة مواقفها وتهدد بإغلاق مضيق quot;هرمزquot;، الشريان الحيوي للنفط العالمي، فيما تواجَه بعقوبات اقتصادية تطال مصرفها المركزي، وهي مهددة بالحظر النفطي، ما يهدد الاقتصاد العالمي ويضع العالم أمام خيارات صعبة.
ومع نهاية العام 2011، نشرت الوكالة الدوليّة تقريرًا وصفته بـquot;عالي الصدقيّةquot;، يؤكّد أنّ إيران تسعى إلى التسلح النووي. في المقابل، اتخذت إيران شقين للمواجهة، إذ عبّر كبير المفاوضين الإيرانيين سعيد جليلي عن أن بلاده مستعدة لاستئناف المفاوضات مع الدول الكبرى في شأن البرنامج النووي الإيراني، لكنه حذر في الوقت نفسه من أن طهران quot;ستقوم برد كبير على جبهات عدة ضد أي تهديد يطاول الجمهورية الإسلامية في إيرانquot;.
أميركا: quot;هرمزquot; والنووي خطان أحمران
ردًا على التهديدات الإيرانيّة بإغلاق مضيق هرمز، الممر البحري الاستراتيجي لنقل النفط، أعلن وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا الأحد أن الولايات المتحدة quot;ستردquot; إذا ما سعت إيران إلى إغلاق مضيق هرمز، مشيرًا إلى أنه quot;خط أحمرquot; لا ينبغي تخطيه.
وقال بانيتا في برنامج quot;فايس ذى نيشنquot; (واجهة الأمّة) لشبكة سي بي إس التلفزيونية quot;كنا واضحين جدًا عندما قلنا إن الولايات المتحدة لن تسكت عن إغلاق مضيق هرمز. إنه خط أحمر بالنسبة إلينا، وسنرد على ذلكquot;.
إقرأ أيضاً |
واشنطن quot;ستردquot; اذا سعت ايران الى اغلاق مضيق هرمز |
ايران تهدد باغلاق مضيق هرمز اذا تعرضت لعقوبات نفطية |
وكانت إيران قد باشرت في 24 كانون الأول (ديسمبر) الماضي مناورات عسكرية، أطلقت عليها تسمية quot;الولاية 90quot;، التي استمرت عشرة أيام في منطقة مضيق هرمز وبحر عمان والمحيط الهندي.
وأعلنت خلالها أنها مستعدة وقادرة على إغلاق هذا المضيق الاستراتيجي، الذي يعبره ما بين ثلث و40% من النفط المنقول بحرًا في العالم، ما أثار استياء عالميًا.
كما هددت إيران البحرية الأميركية بضرورة عدم العودة إلى مياه الخليج، بعدما استفزها عبور حاملة الطائرات الأميركية quot;جون ستينينزquot; المتمركزة في الخليج أثناء المناورات، الأمر الذي رد عليه الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية quot;البنتاغونquot; بأن quot;البحرية الأميركية تعمل وفقًا للقانون الدولي، ولا توجد خطط بسحب أي من القطع البحرية الأميركية من المنطقةquot;.
من جانبه، اعتبر الجنرال الأميركي مارتن ديمبسي، قائد القوات الأميركية، الأحد، أن إيران قادرة على إغلاق مضيق هرمز، مؤكدًا في الوقت نفسه أنه سيكون quot;عملاً لا يمكن السكوت عنهquot;.
وقال في البرنامج نفسه إلى جانب بانيتا quot;لقد استثمروا في وسائل، يمكن أن تتيح لهم إغلاق مضيق هرمز لفترة. ونحن من جانبنا استثمرنا في وسائل تكفل لنا الغلبة في مثل هذه الحالةquot;. وأضاف الجنرال ديمبسي محذرًا quot;سنتحرك، وسنعيد فتح المضيقquot; إذا جرى إغلاقه.
لكن هل التهديد الإيراني واقعي؟... ترى صحيفةquot;دايلي تلغرافquot; أن الإيرانيين يدركون جيداً أنه مهما كانت قوتهم فلا يمكن أن تضاهي القوة الأميركية، وأن حاملة طائرات أميركية توازي القوة الجوية الإيرانية كافة.
وأضافت إن البحرية البريطانية في صدد إرسال أحدث سفنها الحربية وأكثرها تقدمًا إلى الخليج، في قرار يهدف إلى إرسال إشارة إلى طهران، حيث حذر وزير الحرب البريطاني ديفيد هاموند إيران من مغبة محاولة إغلاق مضيق هرمز.
لم يتوقف الأمر عند حد مضيق هرمز، إذ أعلنت طهران اليوم أنها ستشغّل قريبًا منشأة تخصيب اليورانيوم تحت الأرض. ونقلت صحيفة كيهان الإيرانية عن رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية فريدون عباسي دواني قوله إنه quot;سيبدأ تشغيل محطة التخصيب النووي (فوردو) في المستقبل القريب، حيث يمكن تخصيب اليورانيوم في هذه المنشأة بنسبة 20% و3.5 %quot;.
وقد أكّد وزير الدفاع الأميركي اليوم الأحد وجود quot;خط أحمرquot; آخر بالنسبة إلى واشنطن، وهو إقدام إيران على صنع سلاح نووي، من خلال برنامجها المختلف عليه.
وقال: quot;هل يقومون بإنتاج سلاح نووي؟ لا. لكننا نعلم أنهم يسعون إلى امتلاك قدرة نووية، وهذا يشعرنا بالقلقquot;. وأكد بانيتا وديمبسي مجددًا على الأولوية التي تعطيها واشنطن للعمل الدبلوماسي وللعقوبات الاقتصادية على النظام الإيراني من دون أن يستبعدا مع ذلك التحرك العسكري.
أوباما يبدو حازمًا |
تهديدات إيران مكلفة
لعل أشد القصاص الذي نالته إيران من تهديداتها حتى الآن جاء مع توقيع الرئيس الأميركي باراك أوباما في أوائل العام الجاري، قانونًا ينصّ على فرض عقوبات جديدة، تسمح بتجميد أرصدة أي مؤسسة مالية أجنبية تقوم بمبادلات تجارية مع البنك المركزي الإيراني في قطاع النفط.
وبالرغم من أن الحكومة الإيرانية شكلت لجنة خاصة، يرأسها محمود أحمدي نجاد، وتتألف من كبار المسؤولين العاملين في الحقل الاقتصادي لمواجهة هذهالعقوبات، إلا أنه بعد أقل من 24 ساعة على إعلان واشنطن العقوبات، سجل سعر صرف التومان الإيراني انخفاضاً جديداً، بلغت نسبته 12% أمام الدولار، ويتوقع الخبراء الاقتصاديون زيادة العقوبات الدولية على إيران، في ظل استمرارها في نهج سياستها المعتادة.
من جانبها، ناشدت فرنسا الدول الأوروبية بفرض عقوبات صارمة على طهران، وحثّ وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه على اتباع النموذج الأميركي بتجميد الأصول العائدة للمصرف المركزي الإيراني، وفرض حظر على صادرات النفط الإيرانية من قبل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، التي انضمت إلى الولايات المتحدة الأميركية، واتفقت مبدئيًا على تطبيق حظر نفطي على إيران، على خلفية اتهامها بالسعي إلى تصنيع أسلحة نووية، وتجري في بروكسل مشاورات لوضع اللمسات الأخيرة على قرار الحظر النفطي بقصد عرضه على اجتماع وزراء خارجية أوروبا في نهاية الشهر الجاري.
إلا أن فرنسا وبريطانيا وألمانيا وهولندا تطالب بحد أقصى لفترة السماح لا تتجاوز ثلاثة أشهر، ويوضح دبلوماسي أوروبي، طلب عدم الكشف عن اسمه، أن ثمة جملة مقترحات والدول الأكثر ارتباطًا بالخام الإيراني تطلب أقصى فترة ممكنة. ويذكر أن أوروبا تعدّ ثاني أكبر سوق للنفط الإيراني بعد الصين.
وقد تواجه المصارف المركزية الأجنبية، التي تتعامل مع البنك المركزي الإيراني في الصفقات النفطية، قيودًا، ما يثير مخاوف من أن يضرّ ذلك بالعلاقات بين الولايات المتحدة ودول أساسية، مثل الصين وروسيا، اللتين تقيمان مبادلات مع إيران.
كما أدى الإعلان عن بدء سريان العقوبات الأميركية على إيران وأخرى أوروبية قيد الدرس إلى ارتفاع كبير في أسعار النفط في الأسواق العالمية، حيث تم اليوم تداول العقود الآجلة لمزيج برنت القياسي بأكثر من 113 دولارًا للبرميل، أي أكثر بستة دولارات منذ أن أعلن أوباما عن التوقيع على العقوبات الجديدة.
في السياق عينه صرحت صحيفة quot;فايننشال تايمزquot; البريطانية أن اليابان وكوريا الجنوبية تبحثان عن بدائل من الخام الإيراني تحت ضغط من العقوبات الأميركية، وأوضحت الصحيفة أن quot;جي أكس نيبون للنفط والطاقةquot; -أكبر شركة مصاف للنفط في اليابان- تتفاوض مع السعودية ودول أخرى لإيجاد إمدادات بديلة.
وساطة تركية أوغلوفي طهران
في المقابل، يسعى الإيرانيون الآن إلى كسر حالة العزلة الدولية الحاصلة، والتي تضيق عليها يومًا بعد يوم، ويزيد من وطأتها العقوبات الاقتصادية، فأرسلوا إشارات عاجلة عبر تركيا، تفيد باستعداد بلادهم لاسئتناف المحادثات مع الغرب، وتحديداً مع مجموعة 5+1 بشأن البرنامج النووي الإيراني.
في هذا الجانب، أعلن السفير الإيراني لدى ألمانيا quot;علي رضا شيخ عطارquot; في مطلع الأسبوع الماضي أن جولة أخرى من المحادثات بين إيران والقوى العالمية، حول برنامج طهران النووي، من المتوقع أن تعقد قريبًا؛ مشيرًا إلى أن المفاوضات جرت للتحضير لهذه الجولة مع دول ٥+١، التي تضم ألمانيا والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، الولايات المتحدة وبريطانيا، وفرنسا وروسيا والصين؛ موضحًا أن quot;المحادثات في هذا المجال قيد الدراسة، وتم القيام بمكاتبات، ومن المقرر القيام بمراسلات أخرى من جانبنا، وبعدها يتم الإعداد للقاءاتquot;.
ورغم البرودة في العلاقات الإيرانية-التركية، بسبب عدد من الملفات، يتصدرها الملف السوري وموضوع الدرع الصاروخية، إلا أن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو زار طهران في الأسبوع الماضي حاملاً الدعوة الأوروبية إلى التفاوض بخصوص برنامج إيران النووي، وحمل أيضًا طلباً للرد. والإيرانيون هم الأكثر استعجالاً في تحدبد موعد المفاوضات في أقرب وقت ممكن، وقبل البحث في موضوع فرض العقوبات الاقتصادية الإضافية، أكدوا لأوغلو استعدادهم للتفاوض.
التعليقات