تجار السلاح يربحون على حسابالطلب السوري المتصاعد

القاعدة بسيطة: عندما يزيد الطلب على العرض يرتفع الثمن، لذا يحقق تجار سوق السلاح السوداء في لبنان أرباحًا مضاعفة بالنظر إلى أسعار سوق العام الماضي، ومما لا شك فيه هو أن هذه الأسعار ستتصاعد، ما دامت الانتفاضة السورية بلا نهاية في المستقبل المنظور.


يبدو أن التجار اللبنانيين يجاهدون للإيفاء بحجم الطلب السوري المتعاظم على السلاح، نتيجةً للانتفاضة التي تقارب مدة السنة، إذ أخفقت المظاهرات الشعبية حتى الآن في إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، كما إن هذا الأخير نفسه عاجز عن إخمادها، بينما المجتمع الدولي يقف متفرجًا على سقوط أكثر من خمسة آلاف قتيل من الجانبين، تبعًا لتقديرات الأمم المتحدة.

ورغم أن محاولة السلطات السورية السيطرة على حدود البلاد وشبه انعدام سوق السلاح المحلية يحبطان أي عمل لإزاحة النظام بالقوة، فإن تجار السلاح اللبنانيين يجنون أرباحًا هائلة، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة quot;تايمزquot; البريطانية.

تنقل الصحيفة عن أحد هؤلاء، ويدعى أبو رضا، قوله: quot;الأسعار قفزت بشكل جنوني بسبب الطلبيات السورية المتزايدةquot;.

يدعم الواقع هذا الحديث، فقد قفز المدفع الرشاش ايه كيه 47 (كلاشنيكوف) من نحو 1200 دولار قبل سنة إلى أكثر من ألفي دولار الآن، كما إن طرازه القصير الماسورة، الذي يسمّى quot;مدفع بن لادنquot; (لأنه كان المفضل لدى زعيم القاعدة) ارتفع سعره من ثلاثة آلاف دولار في العام الماضي إلى 5500 دولار حاليًا.

بالمثل صعدت أسعار المسدسات الأوتوماتيكية بنحو الثلث، فصار سعر الـquot;غلوك 9 مليمتراتquot; أكثر من 3 آلاف دولار مقارنة بنحو ألفين في السنة الماضية، وإذا ابتغى المشتري قوة نارية ضاربة، واختار المدفع الرشاش الثقيل quot;الدوشكاquot; (روسي) المضاد للطائرات أيضًا، فعليه أن يدفع نحو 5500 دولار، إضافة إلى سعر ذخيرته الغالية (1.65 دولار للشريط الواحد).

تبعًا لـquot;أبو رضاquot;، فهناك ارتفاع حاد في مبيعات قاذفات القنابل الصاروخية المضادة للمدرعات، وأدى هذا الطلب إلى مضاعفة أسعارها، فبلغت أكثر من ألفي دولار، بينما تضاعفت أسعار ذخائرها خمس مرات على الأقل عمّا كانت عليه قبل سنة.

سوق السلاح تزدهر

ونقلت الصحيفة عن ضابط يدعى حسن، انشق عن قوات الأسد، وانضم إلى quot;الجيش السوري الحرّquot; في حمص، قوله إن quot;النقص في الأسلحة الثقيلة والذخائر يعرقل المقاومة المسلحة ضد النظامquot;.

ويضيف من سريره في مستشفى في شمال لبنان، حيث يتعافى من جروح أصيب بها في إحدى الاشتباكاتمع القوات الحكومية: quot;معظمنا انشق بما لديه من سلاح خفيف. ولذا فنحن بحاجة ماسة إلى قاذفات القنابل ومدافع الهاون، والأهم بالطبع، الذخائرquot;، متسائلاً ما نفع أفضل سلاح.. إذا كان بدون ذخيرة؟quot;.

والواقع أن تصاعد العنف الحكومي ضد المدنيين وصمود النظام في وجه المظاهرات السلمية وامتناع المجتمع الدولي عن التدخل المباشر، كلها عوامل أقنعت الناشطين السوريين بأن الحلّ بعيد المنال، وأن هذا يفسح المجال فقط للعمل المسلح.

في هذا الصدد يوضح أحمد، معارض سوري يختبئ في لبنان: quot;لسنا بحاجة إلى العنصر البشري، لأن لدينا ما يكفي منه، حاجتنا تتلخص في السلاح والذخيرة، ومتى توافر لنا هذا صارت أيام النظام معدودةquot;.

وأشار إلى أن quot;الجيش السوري الحر يستطيع في أي لحظة تجنيد العدد الذي يريده من المدنيين، لكنه عاجز عن هذا في الوقت الحالي، بسبب النقص الذي يعانيه في السلاحquot;، ويرى الحل يكمن في quot;إما أن ننتظر عون الجهات الخارجية، أو أن نرى كم من السلاح بوسعنا أن نسرقه من مستودعات الجيش الحكوميquot;.

ورغم محاولة السلطات السورية إحكام قبضتها، منذ بدء الانتقاضة، على حدودها مع تركيا والعراق والأردن ولبنان وإسرائيل، فكل هذه الحدود - عدا الإسرائيلية - تظل quot;مفتوحةquot; تقريبًا أمام حركة التهريب.

يذكر أن دمشق اتبعت عددًا من الإجراءات الإضافية، بما فيها تلغيم المناطق السهلة والتوغل أحيانًا داخل أراض أجنبية، من أجل منع تدفق السلاح والمسلحين.

وعندما يتعلق الأمر بالحدود، فإن اللبنانية تظلّ هي الهاجس الأكبر لدى النظام السوري، خاصة بسبب قربها من حمص.

ورغم أن التهريب، الذي يتم الآن لا يتعدى الأفراد، الذين يسعون إلى استغلال الوضع إلى الحد الأقصى الممكن، ولم يصل بعد إلى مرحلة التنظيم على مستوى الجماعات أو الأحزاب المعارضة الواسع النطاق... لكن الحاجة أمّ الاختراع بلا شك.