صوماليات وأطفالهن ينتظرن تلقي الدواء في مقديشو

تواجه وكالات الإغاثة الشهيرة حول العالم مشكلة خطيرة وهي افتقارها للشفافية وعدم ثقة المتبرعين بها، ما قد يؤدي إلى مشاكل خطيرة وموت الآلاف.


القاهرة: تواجه وكالات الإغاثة الشهيرة حول العالم معضلة حقيقية في ظل اتهامها بافتقار الشفافية وعدم الاعتراف بالأخطاء، وذلك من منطق أن أعمال الإغاثة ترتكز على التبرعات، وأن المتبرعين يحتاجون للشعور بالثقة كي يمنحوا أموالهم لأي من تلك الوكالات.

وهو ما يعني أن صناعة المساعدات الأجنبية التي تقدر بـ 126 مليار دولار سنوياً قد تنهار، ما لم تُقدِّم جماعات الإغاثة صورة مقنعة للإيثار الكفؤ. وهو ما أكدت على إيجابيته مجلة التايم الأميركية، من منطلق أن ذلك يشجع وكالات الإغاثة على تقديم نتائج جيدة.

وقد اعترفت يوم أمس اثنان من أكبر وكالات الإغاثة، هما quot;أوكسفامquot; وquot;انقذوا الأطفالquot;، بأنه ورغم عدم قيام الشعوب والحكومات بردود فعل كافية للتعامل مع المجاعة التي شهدها الصومال العام الماضي، فإن استجابة حالات الطوارئ من جانب وكالات الإغاثة والأمم المتحدة كانت معيبة على أية حال من الأحوال، لدرجة أنها سمحت بوفاة عدد يتراوح ما بين 50 ألف إلى 100 ألف شخص هناك خلال عام 2011.

وتابعت التايم حديثها في الإطار ذاته بالقول إن التناقض الكبير في أعداد المتوفين، التي تم حسابها بالفعل من جانب وزارة التنمية الدولية في بريطانيا، هو مؤشر على أكبر مشكلة تواجه أية عملية إغاثة بداخل الصومال: ويكفي أن عددا قليلا للغاية من الأشخاص هم الذين لديهم فكرة صحيحة عما يدور هناك على أرض الواقع.

ثم مضت المجلة تتحدث عن انعدام القانون وغياب الاستقرار في الصومال، التي تخوض حرباً مع نفسها على مدار عقدين، وربما تكون المكان الأكثر صعوبة في العالم بالنسبة لوكالات الإغاثة. وأوضحت إن المشكلات تتفاقم في جنوب البلاد نتيجة لوجود حركة الشباب الإسلامية الجهادية، خاصة وأن قادتها الأكثر تشدداً يرفضون المساعدات الغربية من حيث المبدأ، ويدعمون هذا الحظر أحياناً باستخدام القوة المميتة.

ومن جهتها، ضاعفت الولايات المتحدة ( التي تعد أكبر متبرع غربي ) حظر المساعدات بمنع الوكالات من توزيع أطعمتها بطرق أو بأماكن قد تفيد الإرهابيين، بما في ذلك حركة الشباب. وربما من المفهوم سبب إقدام قليل من وكالات الإغاثة على نشر عدد من موظفيها أو العاملين معها في جنوب الصومال. وقد أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن المعدل المتوسط لسوء التغذية الحاد كان 16 % بالفعل خلال شهر آب (أغسطس) عام 2010 ndash; أي بزيادة قدرها 1 % عن المستوى الذي يستدعي استجابة إنسانية طارئة ndash; وهو المعدل الذي وصل إلى 25% في كانون الثاني (يناير) عام 2011، وثم إلى 36% في آب (أغسطس) عام 2011.

كما أشارت المجلة إلى عدم وصول الأموال الإضافية في موعدها لأنها لم تُطلَب مطلقاً، وأن مستويات التمويل المخصصة لجهود الإغاثة في الصومال قد انخفضت خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2011. وبالاتساق مع الجهود المتأخرة من جانب الأمم المتحدة على هذا الصعيد، تحركت بصورة بطيئة للغاية أيضاً العديد من وكالات الإغاثة، بما في ذلك quot;أوكسفامquot; وquot;انقذوا الأطفالquot;. وتبين، وفقاً لما أفادت به التايم، أنه وفي الوقت الذي يستحيل فيه حساب العدد الدقيق للأشخاص الذين لاقوا حتفهم في الأزمة التي عاشتها الصومال، أشارت إحدى التقديرات إلى أن عدد المتوفين قد يتراوح ما بين 50 ألف إلى 100 ألف، أكثر من نصفهم أطفال دون الخامسة.

في حين أشارت تقديرات لجماعة إغاثة أخرى، اطَّلعت عليها المجلة، إلى أن العدد الإجمالي للمتوفين كان أكثر من ذلك، حيث وصل إلى 150 ألف متوفى. لكن ما سبق لا يعني أن quot;أوكسفامquot; وquot;انقذوا الأطفالquot; كانا سلبيين تماماً، حيث نجحت وكالة quot;انقذوا الأطفالquot; في الوصول لأكثر من 280 ألف شخص في الصومال وquot;أوكسفامquot; لمليون ونصف شخص. وختمت التايم بقولها إن الوكالتين، وعلى الرغم من ذلك، تستحقان الإشادة لما يعتبر دعم بالوثائق للانتقاد الذاتي البنّاء والواضح.