الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي(يمين)ومعمر القذافي

يقول دبلوماسيون أوروبيون إن قاتل معمر القذافي، إن وُجد، فمن المؤكد أنه عميل فرنسي كان يهدف إلى منع دكتاتور ليبيا من كشف أسرار ضارة عن حكومة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي.


أشارت تقارير نشرتها وسائل إعلام أوروبية مختلفة خلال الأسابيع الأخيرة إلى أنّ قتل العقيد معمر القذافي وسط جمع من المقاتلين في تشرين الأول (أكتوبر) العام الماضي ربما كان يهدف الى منع دكتاتور ليبيا من كشف أسرار ضارة عن حكومة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي.

عملية فرنسية محترفة

وأثارت هذه التقارير تكهنات بأن قتل القذافي كان في الحقيقة عملية محترفة نفذتها الاستخبارات الفرنسية بمساعدة رئيس النظام السوري بشار الأسد.

وكان الفتيل الذي فجر هذه التكهنات تقريرا نشرته صحيفة كوريري ديلا سيرا الايطالية في 29 ايلول (سبتمبر) تتناول ما كشفه رئيس وزراء المجلس الانتقالي الليبي في حينه محمود جبريل حين قال في حديث لقناة quot;دريمquot; التلفزيونة المصرية في 26 ايلول (سبتمبر) ان quot;عميلا اجنبيا تسلل الى كتائب الثوار لقتل العقيد القذافيquot; الذي كان وقتذاك هاربا في غرب ليبيا.

ونقلت الصحيفة الايطالية عن دبلوماسي أوروبي لم تذكر اسمه أن الجاسوس المكلف باغتيال القذافي، إن وُجد، فالمؤكد انه عميل فرنسي لأنه لم يكن من مصلحة فرنسا ورئيسها آنذاك ساركوزي ان يُسمح للقذافي بالكشف علنا عن تعاملاتهما السرية مع دكتاتور ليبيا.

علاقة quot;دافئةquot;

ولاحظ مراقبون ان السبب في خوف فرنسا اكثر من دول أخرى ايضا تعاملت مع ليبيا القذافي، يعود اساسا الى العلاقة الدافئة التي ربطت ساركوزي بالقذافي، مشيرين إلى أنّ الرئيس الفرنسي بعد ثلاثة اشهر فقط من تولي مهام عمله في الاليزيه أقنع القذافي بالافراج عن خمس ممرضات بلغاريات كن مسجونات منذ سنوات بتهم عُدت ملفقة بالتعمد في اصابة اطفال ليبيين بفيروس مرض الأيدز.

وحدث ذلك وسط صفقات مالية ودبلوماسية مشبوهة. ولاحقا استضاف ساركوزي دكتاتور ليبيا خلال زيارة رسمية نالت تغطية واسعة الى باريس. وكان يُفترض بالزيارة ان تكون ايذانا بعودة دكتاتور ليبيا الى الأسرة الدولية ولكنها تحولت الى فضيحة أحرجت فرنسا.

وحينذاك بدأت الصداقة بين ساركوزي والقذافي تتردى وانتهت تماما عندما تصدر ساركوزي حملة حلف الأطلسي التي اسفرت عن سقوط القذافي. وخلال هذه العمليات دأب اعوان القذافي على القول إن زعيمهم قدم تمويلا تحت العباءة لحملة ساركوزي الانتخابية عام 2007. ونفى ساركوزي بشدة هذه الاتهامات لكنها ظلت تلاحقه.

ولكن حتى إذا كانت لدى باريس دوافع للتخلص من القذافي فان مراقبين يتساءلون إن كانت لديها الوسائل والفرصة لتصفيته. ويبدو ان الفرصة والوسائل كانت متاحة، بحسب صحيفة الديلي تلغراف البريطاني التي نشرت في 30 ايلول (سبتمبر) تقريرا نقلت فيه عن مسؤول استخباراتي ليبي سابق ان النظام السوري ساعد فرنسا في العثور على آخر مكان اختفى فيه القذافي.

غدر الأسد

وجاء في التقرير أن رئيس النظام السوري بشار الأسد غدر بصديقه ورفيقه في الاستبداد القذافي عندما كشف للفرنسيين الرقم السري لهاتف القذافي الفضائي مقابل الضغط عليه لمنحه مهلة أطول يحاول خلالها إخماد الانتفاضة السورية.

وبموجب هذه النظرية فإن الثوار الليبيين تلقوا معلومات أرشدتهم الى مكان وجود القذافي بعد ان اكتشفته الاستخبارات الفرنسية من مراقبة هاتفه الفضائي وليس عثور الثوار عليه صدفة في أنبوب لتصريف المياه.

ونقلت الصحيفة الايطالية في تقريرها عن مصدر ليبي قوله ان ساركوزي كانت لديه أسباب وجيهة لأن يحاول إسكات العقيد بأسرع وقت ممكن مشيرة إلى أنّ القذافي منذ بداية الحملة الأطلسية بدعم قوي من ساركوزي راح يهدد علنا بكشف تفاصيل علاقته مع الرئيس الفرنسي وقتذاك، بما في ذلك دفع ملايين الدولارات لتمويل حملة ساركوزي الانتخابية قبل خمس سنوات.

وما يسند هذا الرأي معلومات جمعها محققون في بنغازي التي انطلقت منها الانتفاضة الليبية ضد القذافي. وفي هذا الشأن، قال رامي العبيدي الذي كان مسؤول شؤون الاستخبارات الخارجية والعسكرية في المجلس الانتقالي الليبي انه علم أن مكان وجود القذافي كُشف من خلال رصد مكالماته مع بشار الأسد عبر منظومة الاتصالات الفضائية.

إتصالات بين دكتاتورين

وتمكن خبراء الأطلسي من تعقب حركة الاتصالات بين الدكتاتورين وتحديد مكان وجود القذافي بدقة في مدينة سرت حيث قُتل في 20 تشرين الأول/اكتوبر 2011. ودمرت طائرات الاطلسي موكب القذافي قبل ان يعثر مقاتلون عليه مختبئا في انبوب لتصريف المياه ليتعرض بعدها الى معاملة قاسية صُورت على شريط فيديو.

وفي تطور ذي صلة بقصة الصحيفة الايطالية توفي في باريس في 25 ايلول (سبتمبر) عمران شعبان (22 عاما)، احد المقاتلين الذين عثروا على القذافي وانهالوا عليه بالضرب. ولوح شعبان لاحقا بالمسدس الذي قال إن القذافي قُتل به.

وافادت تقارير أن شعبان نفسه تعرض للضرب على أيدي موالين للقذافي في تموز(يوليو) الماضي قبل ان يُصاب بطلقين. ونُقل شعبان جوا الى فرنسا للعلاج لكنه توفي متأثرا بجراحه في المستشفى. وفي غضون ذلك من المتوقع ان تستمر طاحونة التكهنات عن قاتل القذافي بالدوران فيما تتواصل الأنباء سابقة التقارير التحليلية بأن عميلا فرنسيا هو الذي نفذ عملية القتل لأسباب ربما كانت تتعلق بما كان القذافي يهدد بكشفه.