بدأت حركة 20 فبراير الشبابية تفقد بريقها وثقلها في الشارع المغربي، وهو ما يثير أسئلة على غرار، هل كانت هذه الحركة عابرة وستندثر مع الزمن ام ان ما يجري هو مجرد كبوة لن تطول؟

الرباط: رغم تواصل quot;تظاهراتها الاحتجاجيةquot;، إلا أن حركة quot;20 فبرايرquot; الشبابية فقدت ثقلها في الشارع، الذي ظهرت أولى بوادره في الاحتفال بالذكرى الأولى لميلاد الحركة.

وفتحت هذه الوضعية باب التكهنات على مصراعيه بخصوص هذه الحركة، التي وصفها بعض المراقبين بأنها quot;عابرةquot;، وquot;اندثرت مع الزمنquot;، في وقت توقع آخرون عودة quot;انبعاثهاquot; من جديد، في ظل التغيرات الجديدة التي تعرفها الساحة السياسية.

شعار الحركة

وتأتي هذه الآراء المتباينة في وقت اختار عدد من قياديي الحركة quot;وجها آخرquot; للنضالquot; من خلال الانخراط في الأحزاب السياسية والجمعيات، أو التركيز على الدراسة، أو ولوج عوالم جديدة في سوق الشغل.

واجهات نضالية جديدة

بعد quot;الهزاتquot; التي عرفتها الحركة، والتي كانت أقواها خروج جماعة العدل والإحسان (الإسلامية)، أعاد قياديون في quot;20 فبرايرquot; ترتيب أوراقهم، قبل أن يختاروا مسارات جديدة لحياتهم.

ومن بين هؤلاء أسامة لخيلفي، أحد مؤسسي quot;20 فبرايرquot;، الذي وجهت له انتقادات لاذعة من طرف رفاق درب النضال في الحركة، بعد التحاقه بحزب الأصالة والمعاصرة (المعارضة).

أما أحمد مدياني، ووداد ملحاف، فاختارا الارتماء في أحضان صاحبة الجلالة، في حين فضلت غزلان بنعمر مواصلة دراستها والابتعاد عن الساحة، بينما وجه بعض القياديين بوصلة اهتمامهم نحو العمل الجمعوي.

وفي هذا الإطار، أكد أحمد مدياني أن quot;الحركة أضحت الآن قيمة معنوية، ويحفظ لها التاريخ أنها ساهمت في تسريع وتيرة إعادة النظر في طبيعة الحكم في المغرب، وأيضا في التعامل مع مفهوم السياسة والنخبة، وتسيير الشأن العامquot;.

وبخصوص التحاق قياديين من quot;20 فبرايرquot; بأحزاب سياسية، قال أحمد مدياني، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;بعض الأصدقاء كانت لهم أفكار متذبذبة أثرتفي الحركة، إذ لا يعقل أن أدعو إلى المقاطعة وفي الوقت نفسه أدعو إلى المشاركة والتصويت على حزب معين، وفي وقت آخر ألتحق بمكون سياسي كانت الحركة ترفع ضده شعار (ارحل، والحل، وعدم التحكم في الحياة السياسة للمواطن)quot;.

وأضاف quot;رغم أن الحركة لم تعد تخرج بالحجم الكبير نفسه في الوقفات الاحتجاجية، إلا أنها ما زالت تشكل رقما في المعادلة حتى بعد سبات عقلائهاquot;.

من جهتها، قالت سارة أوجار إن quot;الحركة ما زالت تخرج إلى الشارعquot;، مشيرة إلى أن quot;نشطاء 20 فبراير يؤمنون بأن الشارع هو المحدد في التغيير، لأنه هو القادر على الضغط للحصول على أكبر قدر ممكن من المكتسباتquot;.

ولكن هذا لا يعني، توضح سارة أوجار، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن هناك واجهات أخرى للصراع والنضال التي جرى اختيارها أو قبولها، سواء بالالتحاق بأحزاب سياسية أو الانضمام إلى جمعيات المجتمع المدنيquot;، وزادت موضحة quot;معظم نشطاء الحركة كانوا وما زالوا يؤمنون بالديمقراطية، والدليل هي الواجهات التي اختاروا أن يناضلوا من داخلهاquot;.

أما في ما يخص الاستمرارية، تضيف الناشطة في الحركة، quot;فإنني أظن أنه ما دامت مطالب 20 فبراير لم تتحقق، إذ إنها لم تتجاوز الحد الأدنى، فإن مشروعية الحركة وبقاءها واستمرارها ما زال حقيقةquot;.

وأضافت quot;نحن لا ننفي أن هناك تراجعاquot;، مرجعة ذلك إلى إقرار الدستور، وإجراء الانتخابات المبكرة، وانسحاب مجموعة من التيارات الداعمة، إلى جانب اعتقال عدد من نشطاء الحركة، الذين يفوق عددهم المائة.

حركة احتجاجية عابرة

قال ميلود بلقاضي، أستاذ علم السياسة والتواصل في جامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء، إن quot;20 فبرايرquot; أعادت التوازن للحقل السياسي المغربي، ولعبت دورا أساسيا في تسريع وتيرة الإصلاحات الدستورية والسياسية، كما أنها استطاعت أن تنجح في ما فشلت فيه الأحزاب التقدمية، والإسلامية، واليمينية، والليبرالية.

ولكن مع الأسف، يشرح ميلود بلقاضي، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، لم تكن لهذه الحركة رؤية إستراتيجية، بمعنى أنها كانت تحمل شعارات وكلمات أكثر مما كانت تستطيع أن تتحمل.

وأضاف المحلل السياسي quot;بقدر ما نجحت 20 فبراير في تحقيق بعض الأهداف، بقدر ما أصابت المواطن المغربي بالدهشة، بعد أن تحولت من حركة اجتماعية فاعلة في الشارع إلى حركة هامشيةquot;.

احدى التظاهرات التي نظمتها الحركة في المغرب- ارشيف

وأوضح أن quot;خروج العدل والإحسان أربك كل حسابات 20 فبراير، إذ يبدو أنها تركتها يتيمةquot;، مبرزا أن quot;القوى اليسارية حاولت لم شملها إلا أنها فشلتquot;.

وذكر ميلود بلقاضي أن quot;تراجع وخفوت 20 فبراير لا يعني أن الشارع المغربي غير قابل للانفجار أو عودة الاحتجاجات، لأن هناك مجموعة من المؤشرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي تؤكد أن الاحتجاجات قد تعود في أي لحظةquot;.

وأبرز أن quot;20 فبراير حركة عابرة في زمن أصبحت وتيرته سريعةquot;، مشيرا إلى أنها quot;لم تكن مبنية على إيديولوجية موحدة، كما أنها لم تكن لها نظرة استراتيجية لتدبير الاحتجاجاتquot;.

وأكد ميلود بلقاضي أن quot;الشارع المغربي ما زال في حاجة للحركة بهدف الضغط أكثر لتسريع تطبيق الدستور، ومحاربة الفساد الذي بدأ ينتشر، كما لاحظنا أن سلوكيات النظام القديم بدأت تعود لتدبير الشأن العامquot;.

وحول مستقبل الحركة، قال quot;من العصب الإجابة على هذا السؤال في غياب المعطيات الدقيقة والكافية للتحليلquot;.

وكان وزير الشباب والرياضة محمد أوزين دعا ناشطي الحركة إلى المشاركة في الحوار الوطني، الذي انطلق في 22 أيلول/سبتمبر الماضي، لكن هؤلاء رفضوا quot;ما دام اعضاء الحركة في السجنquot;.