بيشاور (باكستان): لا تزال ناشطة باكستانية تبلغ من العمر 14 عاما اطلق عليها عناصر من طالبان الرصاص في الراس في حالة حرجة فيما نقلت جوا الى اكبر مستشفى عسكري في باكستان لتلقي العلاج من قبل اخصائيين.

واطلاق النار على ملالا يوسفزاي عندما كانت على متن حافلتها المدرسية في وادي سوات، لقي تنديدا عالميا واسعا ومن قبل السلطات الباكستانية التي عرضت مكافأة تزيد على مئة الف دولار لمن يساعد في القبض على مهاجميها.

واصيبت فتاتان من زميلاتها بجروح في الهجوم الذي جاء ردا على حملة لملالا من اجل حق التعليم خلال تمرد لطالبان استمر عامين وزعم الجيش انه سحقه في 2009.

لكن فيما تمضي الفتاة يوما ثانيا في العناية الفائقة تزداد التساؤلات حول كيفية وقوع الهجوم اساسا وسهولة خروج المهاجمين بفعلتهم في منطقة يتواجد فيه الجيش والشرطة.

وقال المتحدث العسكري الجنرال عاصم سليم باجوا لوكالة فرانس برس quot;الان تحتاج لعناية لفترة ما بعد الجراحة. قال الاطباء ان +معهد طب القلب التابع للقوات المسلحة+ لديه منشآت افضل للعناية ما بعد الجراحةquot;.

واكد مسؤول آخر ان مروحية نقلتها من المستشفى في بيشاور الى روالبندي المدينة التوام لاسلام اباد حيث مقر الجيش الباكستاني، في رحلة تستغرق 25 دقيقة.

وقال باجوا ان ملالا لا تزال في غيبوبة والساعات ال24 القادمة حاسمة بالنسبة لحالتها. وخضعت الاربعاء لجراحة لاستخراج رصاصة استقرت بين كتفيها.

وقال احد اطبائها ممتاز خان لوكالة فرانس برس ان quot;ملالا تحسنت منذ الجراحة لكنها لا تزال في وضع خطرquot;.

وقال quot;وضعت على جهاز التنفس الاصطناعي ليومين. الرصاصة اثرت على بعض اجزاء الدماغ لكن هناك فرصة بنسبة 70 بالمئة في نجاتهاquot;.

وقال احد اقارب ملالا محمود الحسن ان الاسرة تبلغت ان الاطباء يرسلون التقارير الطبية المتعلقة بها الى الخارج لاخذ النصيحة.

واضاف حسن quot;يستعلمون حول وجود منشات طبية افضل في بريطانيا او دبي او اي دول اخرى ليتخذوا القرار بشان ارسالها الى الخارج او تقديم العلاج لها هناquot;.

وندد الرئيس الاميركي باراك اوباما والامين العام للامم المتحدة بان كي مون ومسؤولون باكستانيون بالهجوم على الفتاة التي حازت على الاعجاب لتجرؤها على الكلام خلال تمرد طالبان.

ووصف اوباما الاعتداء بانه quot;مأسوي ومشين وجدير بالشجبquot; بحسب ما ذكره المتحدث جاي كارني.

وكانت ملالا يوسفزاي في الحادية عشرة من العمر عندما اكتسبت شهرة على المستوى الدولي في 2009 بانتقادها على مدونة باللغة الاوردية لهيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) اعمال العنف التي يرتكبها عناصر طالبان الذين كانوا يحرقون مدارس البنات ويقتلون معارضيهم في وادي سوات وفي المناطق المجاورة منذ 2007.

واعلنت الحكومة المحلية الباكستانية مكافأة قيمتها عشرة ملايين روبية (104 الف دولار) لمن يقدم معلومات تؤدي الى اعتقال مهاجمي ملالا فيما وعد وزير الداخلية رحمن مالك بالقبض على مطلقي النار.

ويقول ضباط في سوات انه تم توقيف عشرات الاشخاص بعد الهجوم لكن لم يتم توجيه الاتهام لاحد. ويقول سكان محليون ان اربعة من رجال الاعمال والنشطاء المعارضين للتمرد المسلح قتلوا في سوات في الاشهر القليلة الماضية مما اثار مخاوف حول الوادي الخلاب الذي تسعى باكستان لاعادته على لائحة الاماكن السياحية.

وقال رئيس مركز شرطة مينغورا احمد شاه لوكالة فرانس برس ان نحو 200 شخصا تم توقيفهم فيما يتعلق بالاعتداء على ملالا بينهم سائق الحافلة المدرسية وناظر في المدرسة، لكن اطلق سراح غالبيتهم.

ويتساءل معلقون ما اذا كان اي شيء سيتغير فعلا في باكستان بعد حادثة اطلاق النار مع ان قائد الجيش الجنرال اشفق كياني دعا الى مزيد من الوحدة ضد المتمردين وquot;عقليتهم الوحشيةquot;.

ويلقي كثيرون في باكستان باللوم في العنف على الولايات المتحدة والحرب في افغانستان المجاورة. ويتهم الجيش بلعب دور مزدوج في دعم المجموعات الاسلامية المسلحة او اقله ايوائها.

واصدرت طالبان المسؤولة عن قتل الالاف في كافة انحاء باكستان في السنوات الخمس الاخيرة ودمرت المئات من مدارس البنات، بيانا قالت فيه ان اي انثى تعارضهم يجب ان تقتل.

اهالي سوات يخشون موجة اغتيالات بعد محاولة قتل الفتاة ملالا
على صعيد آخر اثارت محاولة قتل فتاة معروفة بمعارضتها لطالبان في وضح النهار صدمة في كل ارجاء باكستان وكذلك التخوف من موجة اغتيالات محددة الاهداف في وادي سوات التي استعادها الجيش قبل ثلاث سنوات من ايدي المتمردين.

ففي العام 2009 رحب سكان منطقة سوات بشمال غرب البلاد المسماة ايضا quot;سويسرا باكستانquot; لمعالمها السياحية وجبالها الخلابة بانتصار الجيش على رجال المولى فضل الله الزعيم الديني الذي استولى على المنطقة قبل سنتين من ذلك.

لكن بعد محاولة قتل ملالا يوسفزاي الفتاة البالغة 14 عاما والتي تعتبر quot;ايقونة السلامquot; لتنديدها قبل ثلاث سنوات بالفظائع المرتكبة من قبل طالبان في منطقتها، يتساءل السكان المحليون لماذا لم تؤمن الشرطة للفتاة الناشطة تدابير حماية متزايدة وعما اذا كان هذا الحادث مقدمة لهجمات محددة الاهداف.

وقال مختار يوسفزاي وهو ناشط محلي يدافع عن حقوق الانسان لوكالة فرانس برس quot;نخشى ان تكون محاولة قتل ملالا نقطة انطلاق لموجة اغتيالات محددة الاهدافquot;.

واضاف ان اعيان المنطقة تلقوا تهديدات بالموت خلال الاشهر الاخيرة. وقتل اثنان منهم احدهما افزاه خان العضو المؤسس لquot;جيرغاquot; سوات، مجلس الاعيان القبلي المحلي.

وقال المحلل الباكستاني امتياز غول لفرانس برس quot;انهم (طالبان) طردوا الى خارج سوات لكن الخطر ما زال قائما. انهم يعتقدون ان بامكانهم الان اختيار اهداف دقيقة ولذلك هناك موجة جديدة من الجرائمquot;.

فقد اعترض مسلحان بعد ظهر الثلاثاء الحافلة التي كانت تستقلها الفتاة ملالا يوسفزاي وهي عائدة من المدرسة في مينغورا كبرى مدن وادي سوات.

وقال فخر حسن (28 عاما) وهو من اقرباء الفتاة ومعلم في مدرستها quot;ان رجلا اوقف الحافلة وصوب بندقية الى السائق فيما دخل اخر الى الحافلة وطرح اسئلة بخصوص ملالا. وعندما تعرف اليها فتح النار عليهاquot;.

ونقلت الفتاة على عجل الى مستشفى في بيشاور حيث لا تزال في وضع حرج بحسب الاطباء الذين اخرجوا رصاصة من كتفها.

وقال حسن quot;لم نكن نتوقع مطلقا هذا الهجوم، كنا نخشى على زين الدين (والد الفتاة) لكنهم استهدفوا ملالا وهي طفلة بريئةquot;، لان والد الطفلة ناشط مناهض لطالبان معروف في المنطقة وهو يترأس رابطة من 500 مدرسة خاصة في وادي سوات.

وقال مقربون من العائلة انهم طلبوا عبثا من الوالد تعزيز التدابير الامنية تفاديا لهجمات تستهدف الفتاة وبقية الاسرة.

ومنذ محاولة قتل ملالا التي حصلت العام الماضي على الجائزة الوطنية الاولى للسلام، يتخوف اهالي سوات على امنهم وخصوصا على امن اولادهم.

وقال حبيب الله خان وهو تاجر في بازار مينغورا quot;كل شيء حصل في وضح النهار، ما يعني ان عناصر (متطرفة) مازالت موجودة بيننا. ذلك امر يثير القلقquot;.

واكد رحيم خان وهو قريب من عائلة ملالا ان quot;الوضع هادىء في سوات، لكن هذا الهجوم يثير تخوفنا على مستقبل اولادناquot;، فيما استطرد احمد شاه الذي يترأس شبكة مدارس محلية quot;ان هذا الهجوم يعني ان مدارسنا لم تعد اماكن آمنة، وان اولادنا ليسوا في آمانquot;.

واضاف quot;اننا بحاجة للامن وقد فشلت الحكومة تماما في حماية الطلابquot;. وتقول الشرطة المحلية انها اعتقلت حوالى مئتي شخص على اثر هذا الهجوم الذي حطم المعنويات التي هي في الحضيض اصلا.

وقد اطلق سراح معظم هؤلاء الاشخاص لكن حارس مدرسة وسائق الحافلة لا يزالان قيد التوقيف. الا ان ثمة سؤال لا يزال مطروحا وهو كيف تمكن المهاجمون من الفرار بسهولة بدون توقيفهم؟