نكوسازانا دلاميني زوما السيدو الجنوب افريقية التي تتولى اعتبارا من الاثنين منصب رئيسة مفوضية الاتحاد الافريقي، دبلوماسية محنكة اشتهرت بصرامتها وقناعاتها الافريقية التي اكتسبتها خلال سنوات النضال ضد نظام الفصل العنصري.
جوهانسبورغ: تعد نكوسازانا دلاميني زوما الزوجة السابقة للرئيس الحالي لجنوب افريقيا السيدة الاقوى والاكثر نفوذا من بين ابناء جيلها في جنوب افريقيا لا سيما بعد قضائها عشر سنوات في الشؤون الخارجية (1999-2009).
وتتميز هذه السيدة البالغة من العمر 63 عاما باسلوب مختلف عن سلفها الغابوني جان بينغ على رأس المفوضية، وهو الذي كان متعودا على المفاوضات المتكتمة والذي توصلت دلاميني زوما الى ان تنتزع منه منصبه في معركة حامية.
وتعين على الاتحاد الافريقي ان يعيد الاقتراع مرتين بعد مرور ستة اشهر ليختار بين المرشحين، ولم تتمكن السيدة دلاميني-زوما من الفوز الا في تموز/يوليو.
ويرى خصومها انها كانت مهندسة quot;الدبلوماسية الهادئةquot; ازاء زيمبابوي جارة جنوب افريقيا الكبرى.
فقد اصرت على سياسة حسن الجوار مع هراري على الرغم من الازمة السياسية التي اندلعت في العام 2000 مع قرار الرئيس روبرت موغابي طرد المزارعين البيض من البلاد.
وانتقد الغرب ذلك الموقف حينها.
كما انها كانت طرفا اساسيا فاعلا في اتفاقات السلام في جمهورية الكونغو الديمقراطية المبرمة قرب بريتوريا في 2003 لوضع حد للحرب الاهلية.
وتولت دلاميني-زوما بعد نهاية نظام الفصل العنصري عدة مناصب وزارية بدون انقطاع.
وفي ايلول/سبتمبر تركت من وزارة الداخلية حيث اتاحت لها صرامتها اعادة تنظيم هيئة عرفت بسوء ادارتها.
ووعدت انها ستقوم في الاتحاد الافريقي quot;بمحاولة جعل الادارة اكثر فاعليةquot; ساعية الى تهدئة المخاوف من هيمنة جنوب افريقيا على المنظمة.
وقالت قبيل انتخابها ان quot;جنوب افريقيا لن تنتقل الى اديس ابابا لتتولى قيادة الاتحاد الافريقي. ستكون دلاميني-زوما التي ستأتي الى هنا اذا انتخبت وليس جنوب افريقياquot;.
ودلاميني-زوما وهي من قدماء المناضلين ضد نظام الفصل العنصري، طبيبة اطفال معروفة بتقشفها وبقدرتها على احاطة نفسها باداريين يتمتعون بكفاءة عالية.
ويرى كيث غوتسشالك من جامعة الكاب الغربية ان quot;مقاربتها البراغماتية تجعل منها شخصية سياسية من الطراز الرفيعquot;.
وقال دبلوماسي افريقي من البلدان الفرنكوفونية لفرانس برس quot;انها تحسن الاصغاء وتاخذ الوقت اللازم للتحليل وتعطي الانطباع بانها ليست ممن يسهل التواصل معهم، وهي لا تحبذ التصريحات الصحافية لكنها تتحدث عندما يكون هناك انجاز ماquot;.
من جهته قال المحلل برينس ماشيلي الذي عمل معها عندما كانت في وزارة الخارجية quot;قد تنجح افضل لو كانت اكثر بشاشة لكن ذلك ليس من طبعهاquot;.
واضاف quot;انها تاخذ عملها على محمل الجد كثيرا وتتمتع بميزة نادرة وهي انها تعرف كيف تعين اداريين جيدين جداquot;.
ولدت نكوسازانا دلاميني-زوما في 27 كانون الثاني/يناير 1949 وكانت طالبة عندما دخلت معترك السياسة بالتحاقها بالمؤتمر الوطني الافريقي الذي كان راس حربة النضال ضد نظام الفصل العنصري.
وعندما استهدفتها شرطة النظام في فترة كان المناضلون يغامرون بحياتهم، اختارت المنفى لمواصلة دراستها في جامعتي بريستول وليفربول البريطانيتين، ومن هناك ساهمت في تنظيم نضال المؤتمر الوطني الافريقي في الخارج.
وارتقت المراتب واحدة تلو الاخرى داخل الحزب وقضت وقتها بين لندن وجنوب افريقيا. وفي سوازيلاند حيث كانت تمارس مهنة طبيبة اطفال في المستشفى، التقت جاكوب زوما. وفي 1982 صارت الزوجة الثالثة للرئيس المتعدد الزوجات، لكنهما تطلقا سنة 1998.
وعادت الى جنوب افريقيا في 1990 بعد ان اصبح المؤتمر الوطني الافريقي حزبا شرعيا. وفي 1994 كلفها نلسون مانديلا عندما تولى الحكم، وزارة الصحة ومهمة ضخمة تتمثل في اعادة تنظيم نظام الصحة العمومية الذي كان يقوم على مبدا الميز العنصري.
انطلاقة جديدة للاتحاد الافريقي بقيادة جنوب افريقيا
يثير وصول الرئيسة الجديدة لمفوضية الاتحاد الافريقي نكوسازانا دلاميني-زوما الاثنين الى مقر المنظمة، املا متواضعا في تعزيز وحدة القارة اثناء ولاية امراة اشتهرت بجديتها وتمسكها بانتمائها الافريقي.
ويرى المراقبون والدبلوماسيون في تولي دلاميني زوما هذا المنصب فرصة بينما لا يشك كثيرون في قدرتها الكبيرة على هز آلة الاتحاد الافريقي التي تمثل العديد من الدول والمعروفة بتغيبتها او تسوياتها غير المتوافق عليها وتمويلها الهزيل.
واعتبر الدبلوماسي النيجيري عبدو غربا الذي لا تزعجه ترقية امراة ناطقة بالانكليزية على راس المفوضية الافريقية لمدة اربع سنوات، ان quot;بامكان السيدة دلاميني زوما ان تنجز الكثير في رئاسة الاتحاد الافيرقي (...) انها تتمتع بالتجربة السياسية الضرورية لانجاز عمل جيدquot;.
واضاف quot;اعتقد انه ليس للبلدان الفرنكوفونية ما تخشاه من رئاسة السيدة دلاميني-زوماquot; مبديا رايا تتقاسمه الاغلبية ومؤكدا quot;اظن انها ستتحرك خصوصا بصفتها افريقيةquot;.
كما انه لا يبدو ان تولي وزيرة خارجية اكبر قوة اقتصادية في القارة رئاسة المفوضية يثير قلقل معظم الدول الاعضاء.
ربما باستثناء نيجيريا واثيوبيا اللتين لم تنظرا بعين الرضى، كما قال دبلوماسي، الى استعراض جنوب افريقيا قوتها في تموز/يوليو من اجل انتزاع رئاسة المفوضية والفوز على رئيسها السابق الغابوني جان بينغ.
واعرب مصدر في وزارة الخارجية الفرنسية حيث تثير quot;الشخصية القويةquot; للسيدة دلاميني زوما شيئا من الحساسية، عن quot;الامل في نجاحهاquot;.
لكن السمعة الشخصية التي تحظى بها زوجة الرئيس جاكوب زوما سابقا، لا تمنع بعض الشكوك.
فسيتعين عليها الاخذ في الاعتبار ضعف منظمة لا تفلح دائما في التنسيق بين 53 دولة مختلفة ومتنوعة وحريصة كلها على سيادتها.
وقال رئيس جنوب افريقيا سابقا ثابو مبيكي ان quot;الاعتقاد بانها ستغير الوضع يدل على عدم فهم كيف يعمل الاتحاد الافريقيquot;.
واضاف انه عندما كان رئيس مالي سابقا الفا عمر كوناري رئيسا لمفوضية الاتحاد الافريقي (2003-2008) quot;كنا نظن انه سيكون لرئيس دولة سابق النفوذ الكافي على نظرائه، لكنه لم ينجحquot;.
وتساءل فيليب هوغون الباحث في معهد ايريس الفرنسي ان quot;الاتحاد الافريقي ابدى ضعفا في العديد من الملفات وكان قليل الحضور في مجال انتهاكات حقوق الانسان والديمقراطية وعلى الصعيد العسكري (...) فهل ستغير السيدة دلاميني-زوما الوضع ويستعيد الاتحاد الافريقي شيئا من المصداقية؟ بالامكان طرح السؤالquot;.
واعتبر ان دلاميني زوما quot;ستعزز الاتحاد الافريقي وتتخذ موقفا قوميا افريقيا (...) بدلا من موقف يؤيد التدخلات الخارجية سواء كانت من الحلف الاطلسي او الاتحاد الاوروبي او فرنسا...quot;
وتتمتع دلاميني زوما بتجربتها الخاصة لكن الدبلوماسية الجنوب افريقية لم تكن دائما نموذجا من الفعالية خلال السنوات الاخيرة.
فمثلا لم تترك مساعي وساطة ثابو مبيكي في ساحل العاج مثلا، ذكريات خالدة.
وغالبا ما يؤخذ على الجنوب افريقيين قراءة دبلوماسية ما تزال خاضعة لمكافحة نظام التمييز العنصري ومجاملات مع الانظمة ذات الميول السلطوي التي ساندتها في الماضي كما هو الحال مع زيمبابوي او انغولا التي يراسها الرئيس دوس سانتوس.
غير ان رئيس بوروندي دوميسيان ندايزيي لم ينس في المقابل ان جنوب افريقيا، ووزيرة خارجيتها حينذاك السيدة دلاميني-زوما هي التي انقذت عملية السلام في بلاده سنة 2002.
واستذكر شاكرا ان quot;جنوب افريقيا ارسلت جنودها ووسائلها الخاصة عندما لم يتمكن الاتحاد الافريقي والامم المتحدة من ارسال القوات التي وعدت بهاquot;.
وفي الوقت الراهن امتنعت الرئيسة الجديدة للمفوضية الافريقية عن كشف طريقة عملها لتسوية الملفات الساخنة مثل مالي وجنوب السودان والصومال.
لكنها قالت انها ستتحرك quot;لتضمن ان يكون الاتحاد الافريقي مؤسسة قوية لها صوت قويquot; وان quot;يبدأ كل منا بالتفكير كافريقيquot;.
التعليقات