يواجه الرئيس محمد مرسي منذ وصوله للسلطة أزمة حقيقية في كيفية صنع القرار داخل القصر الجمهوري، بعد سحب قراره للمرة الثانية بإقالة النائب العام؛ لمخالفة ذلك لقانون السلطة القانونية، وكان القرار الأول الذي تراجع عنه الرئيس متعلقا بعودة البرلمان.


القاهرة: أكد القانونيون والسياسيون أن مستشاري الرئيس المصري سيكونون سببا في وقوعه في أزمات متتالية؛ لسوء تقديرهم للموقف السياسي والقانوني عند تقديم المشورة، مما ترتب عليه صدور قرارات جمهورية كانت سببا في حدوث أزمات داخل البلاد وإحراج الرئيس أمام الشعب، كما حدث في قرار إقالة النائب العام المستشار عبد المجيد محمود ثم التراجع عنه؛ لمخالفته قانون السلطة القضائية، وكان قد سبق أن تراجع الرئيس عن قراره الخطأ أيضًا بعودة البرلمان بعد حكم المحكمة الدستورية بحله، كما وضع مستشاري الرئيس البلاد والرئيس في أزمات خارجية عندما صرح الدكتور سيف الدين عبد الفتاح باستعداد مصر لإرسال 120ألف جندي ؛ لتحرير سوريا من نظام بشار الأسد.

تضليل الرئيس

وحول أداء مستشاري الرئيس، قال الدكتور محمد كبيش، عميد حقوق القاهرة لـquot;إيلافquot;: quot;إن هناك أزمة حقيقية تواجه قرارات الرئيس، وعلى مستشاريه البعد عن تضليله في سبيل إرضائه تحت تأثير حكم الأغلبية وتجاهل موقف الشعب والمعارضة، والمشكلة أن يصدر الرئيس قرارًا في شأن الحرب، فمن غير المنطقي أن يخرج الرئيس، ويقول: quot;لقد فهمت القرار خطأ كما قال في قرار إقالة النائب العامquot;.

وقال: quot;إن مستشاري الرئيس مازالوا يمارسون الخطأ بخروج المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية للإعلان أن النائب العام مستمر في منصبه، وكان من المفترض أن يخرج ويقول إن الرئيس قد سحب قراره؛ لأن مرسي لا يستطيع أن يقيل المستشار عبد المجيد محمود حتى يقرر استمرارهquot;.

افتقار الخبرة

كما أوضح عبد الغفار شكري، وكيل مؤسس حزب التحالف الاشتراكي، أن الفريق الرئاسي الذي اختاره الرئيس محمد مرسي، بعض أفراده يفتقرون للخبرة السياسية أو القانونية، بل أن بعضهم مازال يعمل بمعيار استعراض العضلات دون النظر لمدى إمكانية تنفيذ القرار من عدمه حتى لا يكون هناك إحراج للرئيس أمام الرأي العام مما يقلل من هيبته وشعبيته أمام الشعب.

وقال لـquot;إيلافquot;: إن خروج المشير طنطاوي والمجلس العسكري من السلطة دون أزمات كان سببًا في تجرؤ الرئيس على إقالة النائب العام على اعتبار أن القرار سوف يلقى استحسان الجميع كما حدث عند إبعاد المجلس العسكري حتى لو كان ذلك مخالفاًquot;. مشيرا إلى ضرورة قيام الرئيس بإعادة تقييم مستشاريه، وأن يقوم بالاستعانة بالمستشارين الأكثر خبرة سياسيًا وقانونيًا؛ منعًا لحدوث أزمة ثالثة بسبب القرارات التي يتخذها، وعندئذ سوف تكون الضربة القاضية للرئيس.

إرضاء مكتب الإرشاد

كما يرى عصام الإسلامبولي الفقيه القانوني أن المشكلة التي يواجهها الرئيس محمد مرسي أن اختياره لمستشاريه تم إرضاء لمكتب الإرشاد، وسدادًا للفاتورة الانتخابية لمن وقف بجانبه، فهذه المرة الأولى في العالم التي نجد فيها نائب الرئيس ووزير العدل شقيقين، كما أن باقي المستشارين القانونيين للرئيس من الجماعة، وبالتالي فالقرارات التي يتخذها المستشارون يتم وفقًا لمبدأ تطبيق قرار الرئيس بالقوة.

وقال: quot;إن الرئيس مرسي مطالب بإقالة مستشاريه القانونيين؛ لكونهم يعملون ضد الرئيس فمن غير المعقول تراجع الرئيس عن قرارين في أقل من 60 يومًا، الأمر الآخر أنه من الواضح أن الرئيس يواجه أزمة حقيقية في اتخاذ القرار واعتماده على ما يقوله مستشاروه، فيجب أن يكون لديه معرفة مسبقة وقدرة على قياس مردود فعل قراره، وقدرته على تنفيذه من عدمه فإذا كان مرسي لا يعلم أن قرار النائب العام غير قانوني فتلك مصيبة،والكارثة الأكبر إن علم ذلك واستمع لتضليل مستشاريهquot;.

سنة اولى رئاسة

كما يري الدكتور محمد منصور، أستاذ العلوم السياسية، أن مستشاري الرئيس دون خبرة وللمرة الأولى يناقشون قرارات مصيرية للبلاد، أضف لهذا قلة خبرة الرئيس سياسيًا وقانونيًا فمازالوا يحبون في سنة أولى رئاسة، ومسموح له بالتجارب، ولكن دون الصدام في مخالفة القانون طالما رضي الرئيس إعلاء سيادة القانون والدستور، ولكن مستشاري الرئيس اعتمدوا عند تقديم مشورتهم للرئيس أن الشعب سيؤيد كل قرارات مرسي كما حدث عند إقالة المشير طنطاوي بجانب نزول الإخوان الشارع وعمل تأييد شعبي لقرارات الرئيس، ولكن قرار إقالة النائب العام ومن قبله عودة البرلمان لم يكن مدروساً، ولم يتعلم مستشاري الرئيس وقرروا الدخول في صدام جديد مع القضاة رغم علمهم المسبق بوقوع خسائر كبيرة للرئيس.

وقال لquot;إيلافquot;: إن الرئيس مرسي مشكلته أنه ما زال واقعا بين رأي مستشاريه ومكتب الإرشاد، وبالتالي فإنه لم يتخذ قرارا من داخله حتى الآن، وربما تكون القرارات التي خرجت بإرادة مرسي كانت واضحة وناجحة مثل خطابه الشهير بطهران في قمة عدم الانحياز، كذلك موقفه من الفن ولقاء الفنانين والذي كان ضد موقف الإخوان، ولكنه عندما أعطى إذنه لمستشاريه كانت قراراته خاطئةquot;.

مطالبا الرئيس بإعادة استكمال الفريق الرئاسي والبعد عن المجاملات في الاختيار، وهناك خبرات خارج الإخوان قادرة على انتشال الرئيس من أزمة صنع القرار الواضحة في القصر الجمهوري؛ لأن الشعب لن يسمح بأخطاء أخرى للرئيس قد تدخل البلاد في أزمات سياسية بالداخل أو الخارج.