رغم مرور 50 عامًا على الحرب الخاطفة بين الهند والصين إلا أن الخصومة بين البلدينما زالت مستمرة، وما زالت الذكرىتشكل هاجساً لدى القادة الهنود، وما زالت الخلافات الحدودية قائمة بين البلدين.


نيودلهي: قبل خمسين عامًا عاشت الهند تجربة مريرة جراء هزيمتها في مواجهة الصين بعد حرب حدودية خاطفة. وتلك الذكرى ما زالت تشكل هاجسًا لدى القادة الهنود الذين يحاولون مزاحمة الجار العملاق المقتدر.
ففي تشرين الاول/اكتوبر 1962 تعرض الجيش الهندي غير المجهز بشكل جيد للإذلال خلال اربعة اسابيع من المعارك على طول الحدود في منطقة هملايا اذ اضطر للتقهقر امام اجتياح القوات الصينية التي زحفت حتى سهول اسام.
ثم ما لبثت أن انسحبت الصين حتى الحدود الحالية لكنها ما زالت تطالب بقسم كبير من ولاية اروناشال برادش الهندية. وهذا الخلاف يشكل حجر عثرة منذ سنوات في العلاقات الدبلوماسية بين العملاقين الآسيويين.
واثناء السنوات العشرين الاخيرة شهدت كل من الصين والهند تنمية سريعة لكن النمو الاقتصادي الكبير الذي سجلته الصين ووضعها الجديد كقوة اقتصادية عالمية لم يكن من شأنهما سوى تعزيز المخاوف الهندية المرتبطة بالحرب الخاطفة التي بدأت في ليل التاسع عشر من تشرين الاول/اكتوبر 1962.
وقال سريرام شوليا الذي يدير مدرسة جيندال للشؤون الدولية قرب نيودلهي quot;ما من شك ان الحرب ما زالت تلعب دوراً رئيسيًا في تحديد علاقاتنا الدبلوماسية مع الصينquot;.
واضاف هذا الخبير quot;أن شعورًا بعدم الامان يهيمن على العلاقات. والهند لن تنسى مطلقًا الحرب ولن تصفح عن الصين لدخولها بعيدًا في عمق اراضيهاquot;.
ومنذ ربع قرن شكلت القضية الحدودية موضع مباحثات في اربع عشرة جولة مفاوضات لم تتمخض عن أي نتيجة فيما لا تزال التوترات تتكرر على طول الحدود.
وبحسب مسؤولين في الجيش الهندي فإن كلاً من جيشي البلدين رفع العلم الوطني قرب الحدود.
وقال ج. بارثاسارثي الضابط المتقاعد والدبلوماسي السابق لوكالة فرانس برس quot;بعد خمسين عامًا ما زالت الهند تلهث وراء الصين التي تتقدم شوطًا بعيدًا في مجال الامن والاقتصادquot;.
ويعود آخر تشنج كبير بين البلدين الى 2009 عندما احتجت الصين بشدة بعد زيارة لرئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ اثناء حملة انتخابية الى ولاية اروناشال برادش التي تضعها الصين على خارطتها كجزء من التيبت.
ويتبادل الفريقان الاتهامات بتعزيز الوجود العسكري لكل منهما في المنطقة. وقد انتشر حوالي عشرين ألف جندي هندي فيها كما ترسخ نيودلهي وجودها من خلال شق طرقات فيها من اجل تحسين البنى التحتية اللوجستية.
لكن مع تركيز الاولوية على النمو يبدو نشوب نزاع آخر أمرًا غير محتمل لا سيما وأن القوتين قررتا الشهر الماضي استئناف المناورات العسكرية المشتركة.
وعلق وزير الدفاع الصيني ليانغ غوانغلي على ذلك بقوله بعد محادثات مع نظيره الهندي ا.ك انتوني quot;لقد بلغنا تفاهمًا مهمًا جدًا لتشجيع الشراكة الاستراتيجية والوديةquot;.
وعلى الجبهة الاقتصادية دعت الهند الصين الى الاستثمار في مناطق صناعية جديدة، وهي بادرة ترمي الى توسيع العلاقات التجارية وتقليص العجز الكبير في ميزانهما التجاري.
فالعجز التجاري للهند مع الصين سجل قفزة بنسبة 42% ليقارب الـ40 مليار دولار في 2011-2012 فيما ارتفعت المبادلات الثنائية بنسبة 27% لتبلغ قيمتها 75 مليار دولار.
واعتبر بعض المحللين أن الخصومة تحولت الى حرب بالوكالة في بلدان صغيرة في المنطقة، اذ تسعى الصين لزيادة نفوذها في باكستان والنيبال وبورما وسريلانكا.
وقال ناني غوبال مهانتا برفسور العلوم السياسية في اسام (شمال شرق) quot;كانا يتواجهان قبل ذلك على أرض صغيرة لكنهما يتصارعان اليوم من اجل هيمنة اقليميةquot;.
وافاد استطلاع أخير لمركز الابحاث بيو ريسرتش سنتر في واشنطن أن اغلبية ساحقة من الصينيين ترتاب نمو الهند ولديها رأي سلبي بالبلاد (62%).