اتهم الأكراد الحكومة العراقية بالعودة إلى سياسة صدام في تعريب كركوك، من خلال تعيين ثلاثة آلاف شاب عربي في quot;قوات دجلةquot;، التي شكلّها نوري المالكي للإشراف على الأوضاع الامنية في محافظات كركوك وديالى وصلاح الدين، التي تضم مناطق متنازع عليها.


في آخر تطور للأزمة المثارة حول تشكيل القائد العام للقوات المسلحة العراقية نوري المالكي لقوات عسكرية جديدة تحمل اسم quot;قوات دجلةquot; للإشراف على الأوضاع الامنية في محافظات تضم مناطق متنازع عليها هي كركوك وديالى وصلاح الدين، وجه الأكراد اتهامات قاسية للحكومة بالاتجاه لتعريب كركوك من خلال تعيين ثلاثة آلاف شاب عربي في تلك القوات في تذكير لمحاولات النظام السابق بتعريب المحافظة التي تضم مكونات تركمانية وكردية وعربية ومسيحية.

اتهامات متبادلة

وتقول مصادر كردية إنه في خطوة غير منتظرة تسعى وزارة الدفاع العراقية حاليًا إلى تعزيز وتقوية قدرات قيادة عمليات دجلة عن طريق تعيين أكثر من 3000 شخص عربي قومي برتبة جندي متطوع على ملاك الفرقة الـثانية عشرة للجيش ومن ثم سيتم نقلهم إلى ملاك قيادة عمليات دجلة.

وأضافت quot;أن الجنود جميعهم من القومية العربية ومن سكنة محافظات ديالى وصلاح الدين وبغداد ومناطق تابعة لقضاء الحويجة حيث سيتم تعيين المتطوعين بناءً على توصيات من أعضاء مجلس النواب عن تلك المحافظاتquot;.

وكشفت المصادر أن قيادة عمليات دجلة قد حثت هؤلاء الجنود المتطوعين على نقل بيوتهم أيضاً إلى محافظة كركوك وضواحيها. واوضحت ان قادة عمليات دجلة قامت بارسال 41 سيارة عسكرية إلى محافظة كركوك مشيرة إلى أنّ 35 سيارة منها محملة بالأعتدة وهي عبارة عن قذائف مدفعية وقذائف هاون تقدر بـحوالي 350 طناً مؤكدة في تصريحات بثها المكتب الاعلام للاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني ان هذه السيارات قد ارسلت إلى كركوك عن طريق أحد ضباط الاستخبارات في قيادة عمليات دجلة.

وكانت وزارة الدفاع العراقية قد أعلنت في الثالث من تموز (يوليو) الماضي عن تشكيل quot;قيادة عمليات دجلةquot; برئاسة قائد عمليات ديإلى الفريق عبد الأمير الزيدي للإشراف على الملف الأمني في المحافظات الثلاث حيث لاقى هذا القرار ردود فعل متباينة واعتبره التحالف الكردستاني quot;استهدافًا سياسياً بامتيازquot; للاقليم.

لكن رئيس الوزراء العراقي رفض في 24 من الشهر الماضي بشدة اعتراضات اقليم كردستان على تشكيله قوات دجلة عادًا ذلك تناقضاً مع الدستور. وقال إن ادارة الملف الأمني من مهام واختصاص القائد العام للقوات المسلحة (المالكي) والوزراء المسؤولين عن الملف الأمني وإن قوات دجلة مهمتها قيادة عمليات وليست قوات جديدة او أضافية كما اشاعوا عنها، والمهام المناطة بها تقع ضمن المناطق المتنازع عليها تحت أمرة ثلاث فرق عسكرية (الرابعة والخامسة والثانية عشرة) في ثلاث محافظات، وهي لاتستهدف مكوناً او محافظة او قومية وانما هو اجراء اداري وتنظيمي ضمن الصلاحيات الدستورية.

وشدد على أنّ تشكيلات الفرق وقيادات العمليات وحركة الجيش يجب أن تكون حرة على كل شبر من ارض العراق ولا يحق لمحافظة او اقليم الاعتراض عليها لأن واجب هذه التشكيلات هو حماية السيادة الوطنية وأن هذا الاجراء يقع ضمن مسؤولية حماية الامن الوطني من الارهاب والتخريب.

ترحيب واعتراض

وقد أعلن قائد عمليات دجلة الفريق الركن عبد الأمير الزيدي الأربعاء الماضي عن صدور أمر ديواني من مكتب القائد العام للقوات المسلحة بضم محافظة صلاح الدين إلى قيادة عمليات دجلة بالإضافة إلى محافظتي كركوك وديالى. وعلى الفور أعرب مجلس محافظة صلاح الدين عن ترحيبه بضم المحافظة إلى جانب محافظتي ديالى وكركوك إلى قيادة عمليات دجلة المشكلة مؤخراً مؤكدًا أنه سيتعاون معها من اجل ضبط الامن داخل المحافظة.

لكن الأكراد أكدوا موقفهم الرافض لتشكيل عمليات دجلة وضم المحافظة اليها معتبرين أن تشكيلها مخالف للدستور والهدف من ورائه هو المزيد من تركيز السلطة بيد اشخاص محددين في الحكومة الاتحادية. وقال رشيد خورشيد البرزنجي عضو مجلس المحافظة عن التحالف الكردستاني في تصريح لصحيفة quot;العالمquot; البغدادية إن تشكيل هذه القوات يتطلب موافقة مجلس النواب وهو امر لم يحصل.

وأبدى البرزنجي مخاوفه من ان quot;يتم اخضاع تلك القيادات التي تدير تلك العمليات لارادة شخص واحد في الدولةquot; معتقدًا بأنها quot;سياسية لذلك نحن ككرد دفعنا ثمن السياسة انهارًا من الدماء ولا نرحب بالهيمنة والدكتاتوريةquot;.

ومن جهته اعتبر نيازي معمار اوغلو امين سر مجلس محافظة صلاح الدين وممثل مكون التركمان في المجلس أن quot;تشكيل قيادة دجلة يعتبر مرجعاً امنياً اعلى للقيادات الموجودة حاليًا وهذا ربما يساعد في فرض الأمن خاصة في المناطق الشرقية القريبة من ديالى وكركوكquot; حيث تمر مناطق شرقي صلاح الدين بتوتر امني منذ بداية العام الحالي حيث تشهد بلدات طوزخرماتو، وامرلي وسلمان بك هجمات يقودها مسلحون متمردون بغية إثارة النزاعات العرقية في المناطق المتنازع عليها بين بغداد واربيل.

وعاشت محافظة صلاح الدين تحسنًا في الوضع الامني في عام 2008 بعد تشكيل الجماعات الموالية للحكومة العراقية والمدعومة من القوات الأميركية والتي تعرف باسم مجالس الصحوات، لكن سرعان ما تدهور وضعها وتراجعت قوتها في فرض الامن خصوصاً بعد تقليص عددهم وعدم دمجهم وقلة رواتبهم. ولا تزال إلى اليوم تداعيات هروب السجناء من سجن تسفيرات تكريت في ايلول (سبتمبر) الماضي تلقي بظلالها على الواقع الامني.

أما في كركوك فانه في الوقت الذي يشدد فيه المجلس السياسي العربي في المحافظة على دستورية تشكيل قيادة عمليات دجلة يرى الأكراد أنه من الناحية القانونية لا يمكن ربط كركوك بعمليات دجلة حتى وان كانت للحكومة الاتحادية الصلاحية بتشكيلها، لكن التركمان يشيرون إلى أنّ وضع مدينتهم خاص وبحاجة إلى تهيئة ارضية وتنسيق مشترك بين المكونات التي تعيش في المحافظة.

خلافات وتهديدات

وكان وزير البيشمركة الكردية في حكومة إقليم كردستان العراق جعفر الشيخ مصطفى قد هدد الاسبوع الماضي بالتصدي لقيادة عمليات دجلة في حال تحركت عسكريًا.

يذكر أن الدستور العرقي ينص في المادة 110 على منح الحق للسلطة الاتحادية في رسم سياسة الامن الوطني للبلاد وتنفيذها اما المادة 140 في الدستور فقد صنفت كركوك من المناطق المتنازع عليها بين الحكومة الاتحادية واقليم كردستان العراق وما زالت المشاكل عالقة وملفاتها غير محسومة كما أن الوضع الامني في المدينة بدأ يتدهور خاصة مع عدم قدرة ممثلي مكوناتها على الاتفاق على اجراء انتخابات المحافظة المعطلة منذ عام 2009.

معروف أن العلاقات بين بغداد وأربيل تشهد أزمة مزمنة تفاقمت منذ أشهر عندما وجه رئيس إقليم كردستان انتقادات لاذعة إلى رئيس الحكومة العراقية تضمنت اتهامه بـquot;الدكتاتوريةquot; قبل أن ينضم إلى الجهود الرامية الى سحب الثقة من المالكي بالتعاون مع القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي ومجموعة من النواب المستقلين والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر الذي تراجع فيما بعد عن ذلك.

ويعود أصل الخلاف القديم المتجدد بين حكومتي بغداد وأربيل إلى العقود النفطية التي ابرمها الإقليم والتي تعتبرها بغداد غير قانونية فيما يقول الإقليم إنها تستند إلى الدستور العراقي واتفاقيات ثنائية مع الحكومة الاتحادية، إضافة إلى المادة 140 من الدستور الخاصة بتطبيع الاوضاع في المناطق المتنازع عليها بينها محافظة كركوك وفي ادارة المنافذ الحدودية والمطارات وغيرها من الصلاحيات الادارية والقانونية.