أُبلغ مسؤولون كبار في مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل الأميركية في أواخر الصيف الماضي بأن ضباط المكتب اكتشفوا ما يبدو أنها علاقة خارج إطار الزوجية، أحد طرفيها مدير وكالة المخابرات المركزية ديفيد بترايوس، كما أفاد مسؤولون في الإدارة الأميركية.


لم يخطر المسؤولون في هذه الأجهزة أحدًا خارج المكتب ووزارة العدل حتى الأسبوع الماضي، لأن التحقيق لم يكتمل، فضلا عن المخاوف الأولى التي ساورت المحققين بشأن حدوث خروقات أمنية خلال العلاقة، وضرورة التحرك الفوري لمعالجتها، ولكنها لم تكن مبررة كما اتضح لاحقًا.

ودعا أعضاء قياديون في الكونغرس الى التحقيق في طريقة تعامل مكتب التحقيقات الفيدرالي مع قضية بترايوس بعد ظهور تفاصيل جديدة وإثارة تساؤلات عن سير التحقيق الذي أدى الى استقالة بترايوس في الاسبوع الماضي.

وسلّطت المعلومات الجديدة التي أدت الى استقالة بترايوس بصورة مفاجئة يوم الجمعة الماضي ضوءًا على الضغوط المتضاربة التي تواجه عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي، ولا سيما انهم يدركون التداعيات الخطرة لأية تحريات موضوعها مدير وكالة المخابرات المركزية مع الحذر من كشف علاقة خاصة لا تنطوي على افعال جنائية أو دلالات أمنية.

وكُشفت يوم الأحد للمرة الأولى هوية المرأة التي أفضت رسائلها الالكترونية الى رفع الغطاء عن العلاقة بأنها جيل كيلي (37 عامًا) من تامبا في ولاية فلوريدا، حيث كانت تشارك في تنظيم حفلات للجنود الاميركيين هناك.

احتجّ اعضاء في الكونغرس على تأجيل إبلاغهم بتحريات مكتب التحقيقات الفيدرالي في علاقة بترايوس الى ما بعد الانتخابات. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين أمنيين طلبوا عدم ذكر أسمائهم quot;ان هناك حساسيات كثيرة في قضية كهذه، وكانت هناك تلميحات الى إمكانية وقوع خروقات أمنية واستخباراتية، ولكنها لم تثبت. ويسأل المرء نفسه باستمرار ما هي متطلبات الابلاغ بالقضية، وما هي قضايا الخصوصية ذات العلاقة؟quot;.

وقال صديق قريب من عائلة بترايوس ان العلاقة بينه وبين كاتبة سيرة حياته بولا برودويل بدأت بعد تقاعده من الجيش العام الماضي، وبعد نحو شهرين على توليه منصب مدير وكالة المخابرات المركزية. وانتهت قبل اربعة اشهر، بحسب هذا الصديق الذي طلب عدم كشف هويته، بسبب حديثه عن قضايا شخصية. وفي رسالة الى اسرة العاملين في وكالة المخابرات المركزية يوم الجمعة اعترف بترايوس بالعلاقة.

وأوضح مسؤولون ان دخول مكتب التحقيقات الفيدرالي على الخط بدأ عندما شكت كيلي التي اقلقها سيل من الرسائل الالكترونية مجهولة المصدر تحذرها من مغازلة بترايوس، الى ضابط في مكتب التحقيقات الفيدرالي تربطه بها علاقة صداقة شخصية. وساعد هذا الضابط على إطلاق تحقيق تمهيدي.

وبدأ محققون يعملون مع مكتب الادعاء العام في المنطقة يحاولون ان يتثبتوا مما إذا كانت الرسائل الالكترونية تشكل جريمة تربص على الانترنت. ولأن حساب المرسِل مسجل باسم مجهول تعيّن على المحققين ان يستخدموا تقنيات البحث عن الأدلة الجنائية بما في ذلك تدقيق حسابات اخرى على الانترنت جرى الدخول عليها من العنوان الالكتروني نفسه صاحب الاسم المجهول بغية التعرف إلى كاتب الرسائل الالكترونية.

توصل المحققون في النهاية الى ان بولا برودويل هي المشتبه فيه الأول، ودخلوا على حسابها الاعتيادي، لاستخدام البريد الالكتروني. وفيه عثروا على رسائل حميمة، تتحدث بلغة جنسية مكشوفة من حساب آخر، لم تكن هوية صاحبه معروفة في حينه. وتوثق المحققون من ان صاحب هذا الحساب هو بترايوس، ودرسوا احتمال ان يكون قرصان الكتروني اخترق حسابه، أو ينتحل شخصيته لكتابة رسائل جنسية فاضحة.

واستجوب ضباط مكتب التحقيقات الفيدرالي برودويل للمرة الأولى في 21 تشرين الأول/اكتوبر، واعترفت بعلاقتها مع بترايوس، كما افاد مصدر مطلع على القضية. كما سلمت كومبيوترها الى المكتب بإرادتها. وخلال عملية البحث اكتشف المحققون وثائق عدة مصنفة أثارت تساؤلات اضافية عما إذا كان بترايوس هو الذي سلمها اليها. لكنها قالت انه لم يفعل ذلك.

وقابل المحققون بترايوس في الاسبوع التالي باستجواب برودويل. واعترف هو ايضًا بالعلاقة، ولكنه نفى إعطاء عشيقته اي وثائق مصنفة. ثم عاد المحققون الى استجواب بروديل يوم الجمعة، الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر، بحسب المصدر.

ويُعتقد ان بولا برودويل كاتبة سيرة حياة بترايوس وعشيقته وجّهت عددًا من رسائل التهديد الى كيلي في فلوريدا، تنذرها بالابتعاد عن عشيقها بترايوس، وان هذه لجأت الى الضابط الذي تعرفه في مكتب التحقيقات الفيدرالي طالبة الحماية.

اتضح خلال البحث عن مصدر الرسائل ان موضوع النزاع بين المرأتين هو مدير اكبر الأجهزة الاستخباراتية في الولايات المتحدة. وتركز التحقيق على معرفة ما إذا حدث خرق أمني في العلاقة بين بترايوس المتزوج وبرودويل المتزوجة.

ورغم ان الرسائل الالكترونية التي بعثت بها بروديل (40 عامًا) تضمنت إشارات الى معلومات مصنفة، فان مكتب التحقيقات الفيدرالي خلص الى عدم وجود تهديد أمني، وان القضية تتعلق بغيرة عشيقة على عشيقها. وقالت صحيفة نيويورك بوست ان برودويل، وهي أم لطفلين، أبلغت كيلي quot;أعرف ما فعلتهquot;، وحذرتها بأن quot;تبتعدquot; عن الجنرال السابق، البالغ من العمر 60 عامًا.

وكانت كيلي تساهم احيانا في اقامة حفلات للجنود الاميركيين في ولاية فلورديا، حين كان بترايوس قائد قوات المنطقة الوسطى التي يوجد مقرها في الولاية. واصدرت كيلي بيانا قالت فيه إنها وعائلتها كانا من اصدقاء الجنرال بترايوس وعائلته لأكثر من خمس سنوات، quot;ونحن نحترم خصوصيته وخصوصية عائلته، ونريد الاحترام نفسه لخصوصيتنا واطفالنا الثلاثةquot;.

واظهرت صور فوتوغرافية بترايوس وكيلي يقفان جنبا الى جنب في احد المهرجانات عام 2010، وافادت شبكة اي بي سي ان العائلتين امضيتا عطلة عيد الميلاد معا. ولا يُعرف ان كانت بروديل حقا تعتقد ان كيلي التي لديها ثلاثة اطفال تشكل خطرًا على علاقتها بالجنرال بترايوس.

وبحسب صحيفة وول ستريت جورنال فان علاقة برودويل ببترايوس بدأت في آب/اغسطس 2011 عندما كان الجنرال يستعد للتقاعد من الجيش واستمرت الى ما قبل اشهر قليلة.

هل كشفت عشيقة بترايوس تفاصيل جديدة عن الهجوم على القنصلية الاميركية؟
القت بولا برودويل كلمة في جامعة دينفر في 26 تشرين الأول/اكتوبر كشفت خلالها عن معلومات حساسة قد تكون حتى معلومات مصنفة عن الهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي في 11 ايلول/سبتمبر الماضي. اهم ما كشفته ان وكالة المخابرات المركزية تحتجز عناصر عدة ينتمون الى ميليشيات ليبية، وان هذا ربما كان الدافع وراء الهجوم.

لكنها سعت ايضًا الى إيضاح موقف ادارة اوباما، الذي ربط الهجوم في البداية بفيلم quot;براءة المسلمينquot; المسيء إلى الاسلام ونبيه. ونفت وكالة المخابرات المركزية احتجاز ليبيين في مجمع البعثة الاميركية في بنغازي. وافادت صحيفة واشنطن بوست ان الوكالة أكدت ان ادعاء برودويل بهذا الشأن عار من الصحة.

برودويل قالت ايضًا ان حراس المجمع التابع لوكالة المخابرات المركزية طلبوا إسنادًا من فريق تابع لقوات دلتا الخاصة. وليس واضحًا ما إذا كانت برودويل تستقي معلوماتها من تقرير بثته قناة فوكس نيوز في حينه أو من مصادر خاصة بها.

وكانت متحدثة باسم وكالة المخابرات الاميركية طعنت في صحة تقرير فوكس نيوز، قائلة ان quot;لا أحد على اي مستوى في وكالة المخابرات المركزية أبلغ أي أحد بألا يساعد المستغيثين، وان الادعاءات التي تقول عكس ذلك ادعاءات غير صحيحةquot;.

واصدرت الوكالة في ما بعد تسلسلاً زمنيًا لأحداث ذلك المساء شكك في قصة فوكس نيوز. وأصدرت وزارة الدفاع ايضا تسلسلا زمنيا خاصا بها للأحداث.

ولكن اقوال برودويل كاتبة سيرة بترايوس وعشيقته، تبقى مثيرة للاهتمام إزاء ما كشفته صحيفة وول ستريت جورنال حين قالت ان مكتب التحقيقات الفيدرالي وجد بحوزة برودويل وثائق مصنفة رغم انها لم تتهم بارتكاب اي جريمة.