أثار عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة الحاكم في مصر، عاصفة سياسية عندما أعطى لليهود المصريين حق العودة إلى مصر، التي هجّرهم منها جمال عبد الناصر، مقدمًا ذلك على أنه باب لحلّ المشكلة الفلسطينية، من خلال حق عودة الفلسطينيين إلى بلدهم.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: أثارت دعوة الدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة الحاكم في مصر، اليهود المصريين إلى العودة إلى وطنهم عاصفة من الجدل السياسي، فرأى فيها البعض مغازلة سياسية لإسرائيل وأميركا، فيما اتهمه آخرون بالخيانة العظمى، وقال فريق ثالث إن تلك الدعوة مقدمة لما يعرف بالشرق الأوسط الجديد، وإقامة وطن بديل للفلسطينيين في سيناء. كما تقدم محامون ببلاغ للنائب العام ضد العريان، للتحقيق معه في تلك التصريحات.

وقال العريان، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، إنه يرحّب بعودة اليهود المصريين، الذين هجّرهم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. وأضاف في لقاء تليفزيوني: quot;يا ريت اليهود بتوعنا يرجعولنا بعد كدة، عشان يفسحوا مكان للفلسطينيين بقى، يعني الفلسطينيين يرجعوا بلدهم، واليهود العرب يرجعوا بلادهم إن شاء اللهquot;. وتابع: quot;اللي طردهم عبد الناصر، لازم يرجعوا.. طردهم ليه؟، أنا بناديهم الآن.. مصر أولى بيهم من إسرائيلquot;.

واستطرد قائلًا: quot;لكل مصري الحق في أن يعود، خصوصًا إذا كان سيفسح مكانًا لفلسطيني.. يعني أنا عايز أخلّي الفلسطيني يرجع بلده.. حق العودة حق لا يمكن إنكاره، ولا يمكن التنازل عنه إطلاقًاquot;.

مغازلة الأميركي والإسرائيلي
قوبلت تصريحات العريان بالكثير من الرفض الممزوج بالسخط. وقال المهندس بهاء الدين شعبان، المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير، إن دعوة العريان اليهود المصريين تمثل خطورة شديدة وتحمل الكثير من المغالطات.

وأوضح لـquot;إيلافquot; أن العريان ألمح إلى أن الرئيس عبد الناصر طردهم من مصر، quot;وهو كلام مغلوط، لأن اليهود المصريين خرجوا من مصر بناءً على خطة إسرائيلية لجذب اليهودمن كل أنحاء العالم إليها وتوطينهم فيها، إضافة إلى أنهم قاموا بالعديد من العمليات الإرهابية والتفجيرات ضد مصالح مصر، وحاولوا الإيقاع بينها وبين الدول الغربيةquot;.

وأشار شعبان إلى أن هذه القضية ليست مطروحة للنقاش على الإطلاق، quot;والهدف من إطلاق تلك الدعوة هو مغازلة إسرائيل وأميركا، وإثبات حسن النيات من قبل جماعة الإخوان الممسكة بالسلطة في مصر، وهذا الحديث يؤكد انفصال الإخوان عن الواقع المصري الأليم، إذ في الوقت الذي يعاني فيه المصريون أزمات سياسية وإقتصادية متلاحقة وطاحنة، يتحدثون عن حق العودة لليهود المصريين، الذين قبلوا أن يكونوا جزءًا من دولة قامت على أراضي الفلسطينيينquot;.

ولفت إلى أن الزعم بأنهم تعرّضوا للتهجير من قبل عبد الناصر مُغالطة، يجب ألا تمرّ مرور الكرام، quot;لأن هذا الكلام يتناقض مع ثوابت جماعة الإخوان، التي ترفع شعار خيبر خيبر يا يهود، وكان الأولى بالعريان أن يدعو جميع اليهود إلى العودة إلى بلادهم الأصلية، وإخلاء أرض فلسطين لأهلها الحقيقيين، وليس أن يخصّ اليهود المصريين بالدعوة، لأنها تحمل رسائل سياسية للخارج الأميركي والإسرائيليquot;.

فجّروا وهاجروا
قال الدكتور محمود عبد الحميد، أستاذ التاريخ الحديث في جامعة القاهرة، إن دعوة نائب رئيس حزب الحرية والعدالة تخدم مصالح إسرائيل وأميركا في المنطقة، وتدعم النظرية القائلة بتعرّض اليهود للاضطهاد.

وأضاف عبد الحميد لـquot;إيلافquot; إن تلك الدعوة تقدم دعمًا كبيرًا لإسرائيل في الدعوى القضائية المقامة أمام محاكم دولية من أجل الحصول على تعويضات عن تهجير اليهود في العصور السحيقة، إذ سيضاف إليها تهجير اليهود في عهد عبد الناصر، بحسب إدعاءات العريان.

ولفت إلى أن اليهود لم يتعرّضوا للتهجير القسري في عهد عبد الناصر، بل هاجروا إلى إسرائيل بعد إعلان دولتها في نهاية الأربعينيات من القرن الماضي، وقد كوّنوا جماعات إرهابية عملت لمصلحة إسرائيل، وقامت بعمليات تفجيرية إرهابية واسعة النطاق في مصر، ومنها عملية لافون الشهيرة.

في حين رأى أبو العز الحريري، القيادي اليساري والمرشح الرئاسي السابق، أن تصريحات العريان ستترتب عليها آثار قانونية دولية ضد مصر، بتهمة تهجير اليهود المصريين.

وقال لـquot;إيلافquot;: quot;يشغل العريان منصب مساعد الرئيس مرسي، إضافة إلى موقعه كقيادي في الحزب الحاكم، ما يعطي تصريحاته الصفة الرسمية، وبهذا وقعت جماعة الإخوان في خطأ لا يغتفر أثناء محاولتها مغازلة إسرائيل وأميركا، لأن هذه التصريحات تكشف عن وجود صفقات سرية بين الإخوان وجهات أخرى، وتؤكد الشائعات حول صفقة لحلّ الأزمة الفلسطينية على حساب الأراضي المصريةquot;.

حديث كارثي
في سياق موازٍ، تقدم محامون مصريون ببلاغ ضد العريان، حمل الرقم 4696 لسنة 2012 بلاغات النائب العام. وورد في البلاغ أن quot;العريان في موقع المسؤولية كعضو مجلس شورى ومساعد لرئيس الجمهورية، قرر وأذاع أخبارًا كاذبة وشائعات مغرضة، ومعلومات تضرّ بالأمن القومي المصري، عن سوء نية، حيث قرر صراحة أن اليهود العرب والمصريين المتواجدين في الأراضي المحتلة هم سبب الاحتلال بعدما طردهم عبد الناصر من مصرquot;.

واتهم البلاغ العريان بفتح أبواب مصر أمام العدو الصهيوني مرة أخرى، quot;يمهّد له السبيل للتدخل في الشؤون المصرية، والمساس بسلامة أراضي مصر، بذريعة أن لليهود العرب والمصريين حق العودة إلى مصر، وأن لهم ممتلكات يجب أن يستردوها بعد طردهم، بخلاف الحقائق والثوابت التاريخية المصريةquot;، على حد وصف البلاغ.

كذلك، أكد البلاغ أن quot;ذلك الحديث الكارثي، الذي أدلى به المبلغ ضده، ظاهره الرحمة وباطنه العذاب، فضلًا عن كونه عاريًا تمامًا من الصحةquot;.