مراجعات التيار السلفي في المغرب قد تؤهّله للإندماج في الحياة السياسية

على غرار نظرائهم في مصر، يمضي سلفيو المغرب على درب المشاركة في الحياة السياسية، وفي هذا السياق يؤكد الوجه السلفي المعروف في المغرب الشيخ محمد الفزازي لـ(إيلاف) أنّ تياره في صدد تأسيس جمعية دعوية بنفسٍ سياسيّ تمهيدًا لتأسيس حزب ذي نفسٍ دعويّ.


الرباط: مهّد وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم ورياح التغيير التي هبّت على منطقة المغرب العربي، الطريق أمام السلفيين في المغرب، للدخول إلى معترك السياسية، عبر بوابة جمعية دعوية،تمهد لتأسيس حزب.

وقال الشيخ محمد الفزازي، الذي يقدّم إعلاميًا بأنه أحد أشهر quot;رموز السلفية الجهادية في المغربquot;، quot;أنا لست في صدد تأسيس حزب إسلامي سلفيquot;، مشيرًا إلى أن quot;الحديث عن الحزب سابق لأوانه. فنحن الآن في صدد تأسيس جمعية دعوية بنفس سياسي، في أفق تأسيس حزب سياسي بنفس دعويquot;.

وذكر الشيخ محمد الفزازي، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;السلفية مرّت ببعض التشويه، والتلطيخ، والتوسيخ، حتى أصبحت لدى الكثير من أبناء الشعب مرادفة للتطرف، وللتشدد، والتنطع، وما إلى ذلك من المساوئ الدينيةquot;، مبرزًا أن quot;الكيان الذي نحن عازمون تأسيسه لا يحمل هذا الاسم. صحيح أننا نحمل عقيدة السلف الصالح، لكن لا نريد أن يكون حزبنا حزبًا سلفيًا، بل سياسي، له مرجعية إسلاميةquot;.

بخصوص ما إذا كانت الفكرة جاءت بعد صعود الإسلاميين للحكم، قال الشيخ محمد الفيزازي quot;الفكرة كانت دائمًا موجودة، ولكن الآن الظروف تسمح بذلك لاعتبارات عدة،منها وصول إخواننا (العدالة والتنمية) إلى الحكم، والربيع العربي، الذي قلب الموازين، وغيّر الرؤى، وقلب كل شيء رأسًا على عقبquot;.

وأضاف quot;أظنّ أن الظروف الآن تسمح، ونحن لن نؤسس حزبًا أو منافسًا للعدالة والتنمية، بل بالعكس فهؤلاء إخواننا، ونحن نريد إنشاء كيان يقوم على اختلاف تنوع، وليس اختلاف تضاد، أي إن حزبنا سيكون، إن شاء الله، إضافة جديدة إلى المشهد السياسي بالخلفية الإسلامية.

فنحن نتعاون ونتكامل، ونحاول أن نستقطب ما لم تستطع العدالة والتنمية أن تستقطبهquot;.

وكان الشيخ الفيزازي أفرج عنه، في السنة الماضية، بعد قضائه 8 سنوات، من أصل 30، أدين بها على خلفيةالاعتداءات الإرهابية، التي هزّت العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، في سنة 2003.

مراجعة التيار السلفي

قال سعيد لكحل، المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، إن quot;الشيخ الفيزازي يعيش ارتباكًا عميقًا وترددًا كبيرًا على مستوى حسم اختياراته السياسية. فمنذ الإفراج عنه، وهو يعلن عن قرارات، سرعان ما يتراجع عنها، ثم يعود إليها، إذ أعلن استعداده للترشح للانتخابات التشريعية باسم حزب العدالة والتنمية، ثم تراجع عن هذا الاختيار لمصلحة الترشح باسم حزب النهضة والفضيلة. وفي النهايةتخلى عن قرار الترشح نهائيًا للانتخابات تحت مبررات غير مقنعةquot;.

وأضاف سعيد لكحل، في تصريح لـquot;إيلافquot;، quot;طبعًا هذا خياره وقراره. لكن ما يعاب عليه أنه لا يستقرّ على حال، ليس فقط في موضوع الترشح للانتخابات، بل أيضًا في موضوع تأسيس سياسي. إذ أعلن أكثر من مرة عن أنه يعتزم تأسيس حزب، ثم سرعان ما تراجع لمصلحة خيار تأسيس جمعية.

وأعتقد أن المعطيات، التي أفرزها الواقع العربي في مصر، حيث شكل السلفيون، الذين ظلوا يكفرون الديمقراطية والانتخابات والتحزب، حزبًا سياسيًا تحت اسم (حزب النور) احتلوا به المركز الثاني بعد الإخوان المسلمين، أعتقد أن هذه المعطيات ستغري الشيخ الفيزازي بأن يأخذ المبادرة، ويسعى إلى تأسيس حزب، تكون قاعدته الأولى مكونة من السلفيينquot;.

وأوضح المحلل المغربي أن quot;الشيخ الفيزازي يحب أن يقدم نفسه (فاعلاً سياسيًا)، ولكي يعطي مدلولاً عمليًا لهذا النعت، سيكون منطقيًا أن يشكل حزبًا سياسيًا يستند في الأساس إلى التيار السلفي، ويكون مفتوحًاأمام المواطنين، حتى لا يخرق بنود الدستور، التي تمنع قيام حزب ديني أو عرقي. وفي حالة توفق الشيخ الفيزازي في تأسيس حزبه، ستكون له مساهمة إيجابية في تجميع مكونات التيار السلفي وإدماجها في العملية السياسية عبر بوابة الانتخابات.

وأشار إلى أن quot;من شأن هذه الخطوة أن تدفع التيار السلفي إلى مراجعة قناعاته ومواقفه على النحو الذي يشهده التيار السلفي في مصر حاليًا. وكلما اندمج السلفيون في الحياة السياسية... كلما تخلّوا عن عقائد الغلو، واندرجوا في العصر، بقيمه المدنية والإنسانية، وأصبحوا يعيشون واقعهم، ويواجهون مشاكل المجتمع ومتطلبات المواطنين بعقلية تؤمن بالاجتهادات المعاصرة، وبتعدد مصادرها، وأن السلفيين هم مجرد اجتهاد في الدين، ولا يمثلون الحقيقة الدينية، ولا يملكون حق احتكارها. وهذا يقود بالضرورة إلى الإيمان بحق الاختلاف، الذي ينكره تيار واسع داخل السلفيينquot;.