أعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن بلاده تخوض حاليًا حربًا غير منظورة مع دول تحاول فرض سياساتها عليه، وتسعى إلى خنقه، مؤكدًا أن بلاده ترفض أن تكون ساحة للصراعات السياسية، وقال إن العراق يتعرّض لتحديات سياسية وأمنية وأقتصادية، سيواجهها بالحكمة، ومن دون الخضوع لأحد، وذلك مع قرب استضافة بغداد للقمة العربية المقبلة.


المالكي خلال لقاء جمعه مع شيوخ عشائر محافظة البصرة

أسامة مهدي: أوضح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في كلمة له في جامعة البصرة (550 كم جنوب بغداد) أن بلاده تواجه تحديات سياسية وأمنية واقتصادية حاليًا، لكنه أكد على مواجهتها بقوة.. مشددًا على أنها تعتزم بناء دولة مدنية حضارية.

وقال إن العراق يسعى حاليًا إلى النهوض والبناء مجددًا، بعدما واجه الإرهاب، وتحدى الإرهابيين، الذين تدفقوا عليه من كل دول العالم quot;كالغربانquot;، مشيرًا إلى أن هذه المواجهة كلفت البلاد الكثير من أرواح خيرة أبنائها من العلماء والمفكرين ورجال الدين والكثير من الأموال والجهود.

وشدد المالكي على أن العراق لا يريد أن يكون ساحة للصراع، ويرفض تصدير سياسات خارجية إليه أو التدخل في شؤونه الداخلية.. وقال quot;نمدّ أيدينا إلى كل من يريد التعاون معنا على أساس الاحترام المتبادل والعلاقات الحميمة وعدم التدخل في شؤونناquot;.

وأكد أنه quot;إذا كان البعض يستذكر عدوانية النظام السابق، فإن العراق ليس من أتباع مدرسة ذلك النظام العدواني التدخلي المغامرquot;. وقال إن quot;هذه سياسة استطعنا من خلالها أن نثبت بأنها سياسة عراقية مستقلة تنبع من الإرادة العراقية، وليس من إملاءات أخرىquot;.

وحذر من أن العراق يخوض معركة غير منظورة مع دول تحاول إعاقته عن النهوض وتقيّد حركته عن البناء، لكنه لم يسمِّ هذه الدول. وقال إن quot;هناك دولاً تمارس سياسات ضاغطة على العراق حتى لا يتنفسquot;. وشدد على القول quot;إنهم لن يستطيعوا ذلكquot;. وأشار إلى أن الوقوف في وجه هذه التحديات، التي تشكلها تلك السياسات، يتطلب سياسة عراقية حكيمة لا تخضع لأي أحد.

يأتي إعلان المالكي عن هذه التحديات الخارجية، التي تواجهها بلاده، في وقت يستعد فيه العراق لاحتضان القمة العربية المقبلة في 29 من الشهر المقبل، حيث يسعى إلى مشاركة واسعة من قبل القادة العرب في أعمال المؤتمر. ولاحظ مراقبون أن العراق لم يرفض أو يتحفظ، كما فعل في مرات سابقة، على قرارات اتخذتها الجامعة العربية ضد النظام في سوريا، حيث وافق أمس الأحد على القرارات الجديدة، التي صادقت عليها ضد ذلك النظام، بالرغم من أنها كانت أكثر شدة وقسوة.

ويبدو أن العراق لم يرد بهذا الموقف إزعاج الدول الخليجية، التي اتخذت مواقف شديدة ضد النظام السوري، وقطعت كامل العلاقات السياسية والدبلوماسية معه، سعيًا منه إلى ضمان مشاركتها في قمة بغداد، خاصة مع الشكوك التي طرأت أخيرًا على هذه المشاركة، وتأكيد وزير الخارجية البحريني في الفترة الأخيرة أن بلاده لن تشارك في اجتماع يعقد في دولة تصدر إليها الشر يومًيا، في إشارة إلى العراق، الذي وقفت فعالياته السياسية الشيعية ضد مواجهة السلطات البحرينية للتظاهرات الشعبية التي تطالب بالإصلاح.

من جهة أخرى اتهم المالكي في كلمة له في البصرة أيضًا، التي يزورها حاليًا، quot;بعض الشركاء في العملية السياسية بعرقلة عقد المؤتمر الوطني، الذي دعا إليه رئيس الجمهورية جلال طالباني وتنفيذ أجندات خارجيةquot;. وقال إن quot;هناك جهات سياسية تدّعي أنها حريصة على عقد المؤتمر الوطني، لكنها تعبّر عن مخاوفها من عقده في اللقاءات المغلقةquot;. وأشار إلى أن quot;هذه الجهات لا تريد فتح الملفات المهمة المتعلقة ببناء الدولة، وإنما تريد مشاغلة الواقع بأفكار هامشية، لا تدخل في صلب عملية بناء الدولةquot;.

واعتبر المالكي أن quot;بعض من يشاركون في العملية السياسية يشكلون امتداداً لدول أخرىquot;، مشيراً إلى أن quot;هؤلاء لا يمكن أن يسهموا في بناء دولة، لأنهم ينفذون قرارات دول أخرى، ولا يمتثلون إلى قرارات الدولة العراقية، وما تقوله هذه العاصمة أو تلك هي التي تتحول إلى قرارات لديهمquot;.

وقال إن quot;بعض الساسة الأجانب ممن زاروا العراق أعربوا عن استغرابهم من تعدد المواقف والآراء، التي تصدر من السياسيين العراقيينquot;، معتبراً أن quot;السياسة الخارجية مركزية، ولا يجوز للمحافظات والأقاليم أن تقوم بأي نشاط في مجال السياسة الخارجيةquot;.

وشدد المالكي على رفضه إقامة الأقاليم، واصفًا المطالبة بها الآن بأنها quot;كلمة حق يراد بها باطلquot;، وقال المالكي في كلمة ألقاها اليوم في تجمع لعشائر وشيوخ محافظة البصرة الجنوبية عقب افتتاحه أول ميناء عائم لتصدير النفط عبر الخليج بهدف زيادة صادراته النفطية إن quot;العراق تخطّى مرحلة الانقلابات العسكرية والثورات التي تعانيها المنطقة العربية، لكنه لم يعبر بالكامل إلى شاطئ الأمانquot;.

وأشار إلى أن quot;استقرار العراق والعملية الديمقراطية الموجودة وخروج القوات الأميركية وتكاتف أبناء العشائر في البصرة وفي الأنبار في ملاحقة المجرمين والإرهابيين هو دليل على وعي ودور العشائر في دعم الدولة في مواجهة الأخطار والمؤامراتquot;.

وأوضح المالكي أن quot;الأجهزة الأمنية تلاحق كل من يحاول العبث بأمن البلاد، ونحن نشدّ على أيديهم من أجل أن يستمروا في جهودهم من أجل منع أي محاولات لتحطيم العملية الديمقراطية في العراقquot;. وقال إن إقامة الأقاليم في الوقت الحالي مرفوضة جملة وتفصيلاً، ويمكن المباشرة في تشكيلها حين يستتب الأمن ويتحقق الاستقرار في البلاد.وقال quot;علينا أن نتحرى عن أسبابها، إن كانت بدفع من الخارج أو فوضىquot;.

وأشار إلى quot;أن الأقاليم نص دستوري ونحترمه، ولكن يجب أن يستوفي الشروط اللازمة لتحقيقهquot;. وأكد أن فكرة الإقليم تعارض الوحدة الوطنية. وأضاف quot;إذا كانت إحدى الدول تريد تقسيم العراق، فنحن لا نقبل، وخاصة في ظروف التحولات في المنطقةquot;.

وأضاف quot;لا نستطيع أن نحقق وحدة البلاد وإستقرارها إذا لم نضع حدًا للتدخلات الخارجيةquot;، مؤكدًا أن هذه التدخلات تلحق بنا الأذى من أية دولة كانت، ونحن نريد أن نكوّن علاقات طيبة مع كل الدول، على أساس عدم التدخل في الشؤون الداخلية، ونرغب في علاقات صداقة، وليس التدخل، وأن نفتح أبواب الصداقة، ونغلق أبواب التدخلquot;.

يذكر أن العراق يعيش أزمة سياسية كبيرة، هي الأولى بعد الانسحاب الأميركي في أواخر كانون الأول/ديسمبر الماضي، على خلفية إصدار مذكرة قبض ضد نائب رئيس الجمهورية القيادي في القائمة العراقية طارق الهاشمي بعد اتهامه بدعم الإرهاب .. وتقديم رئيس الوزراء نوري المالكي لطلب إلى مجلس النواب بسحب الثقة عن نائبه صالح المطلك القيادي في القائمة العراقية بعد وصف الأخير للمالكي بأنه quot;ديكتاتور لا يبنيquot;، الأمر الذي دفع العراقية إلى تعليق عضويتها في مجلسي الوزراء والنواب، وإلى أن تقدم طلباً إلى البرلمان بحجب الثقة عن المالكي، قبل أن تقرر في 29 من الشهر الماضي العودة إلى جلسات مجلس النواب، ثم تعود في السادس من الشهر الحالي، لتقرر إنهاء مقاطعة مجلس الوزراء، وعودة جميع وزرائها إلى حضور جلسات المجلس.