البابا يوحنا بولس الثاني بعيد محاولة اغتياله في 1981

ما إن يخرج الفاتيكان من دراما في خصوبة الخيال الهوليوودي حتى يدخل في أخرى. فقبل أن تكفّ الألسن عن تداول مسلسل الفضائح الجنسية الكاثوليكية، تحدث رجل، يقول إنه عضو بسلطته العليا، عن أجواء من الخوف المكلل بالـlaquo;أوميرتاraquo;، وهو قسم الصمت لدى المافيا.


لندن: كما هو الحال في عالم المافيا، فإن الفاتيكان كيان يعيش تحت ظلال الخوف ويحكمه laquo;قسم الصمتraquo; - المعروف لدى عصابات الجريمة المنظمة تلك باسم laquo;اوميرتاraquo; - على الأسرار المظلمة التي تدور في أروقته.

هذا ما أتى به شخص مجهول الهوية يزعم أنه يشغل حيّزا ساميا داخل دائرة laquo;الكرسي الرسوليraquo; (الكيان السياسي القانوني المعترف به دوليا ويرأسه البابا). وبعبارة أخرى فهو عضو بما يمكن ان يسمىlaquo;حكومة الفاتيكانraquo; المؤلفة مما يزيد قليلا عن 20 من الكرادلة وكبار الأساقفة.

وقد ظل هذا الشخص، الذي يقول إنه شغل مواقعه في الفاتيكان على مدى أكثر من 20 سنة، يسرّب في الأسابيع القليلة الماضية وثائق يصنّفها الكرسي الرسولي laquo;سرّيةraquo; الى الصحافة الإيطالية. وسارع المراقبون والمتهكمون الى تشبيه المسألة كلها بتسريبات موقع laquo;ويكيليكسraquo; الشهير ولذا سمّوها laquo;فاتيليكسraquo;.

وبلغ الأمر أحد منعطفاته الدرامية ليلة الأربعاء عندما ظهر الرجل على شاشة تلفزيون La7 laquo;لا 7raquo; بوجه خبأته الظلال الكثيفة عن عدسة الكاميرا وبصوت غُيّر رقمياً. وكان كل هذا بغرض حجب هويته بناء على طلبه إذ قال إنه يخشى على حياته من عواقب إفشائه أسرار المؤسسة الكاثوليكية الأعلى في العالم.

فقال إن الفاتيكان laquo;يعيش في جو من الفساد والمحسوبية والتجاوزات المفتقرة الى حكم الضمير، وكلها مغلّف بالسرية والغموض والترهيب. ربما كان الفاتيكان يلتزم - من دون اتفاق مكتوب - اوميرتا الصمت حتى لا تخرج الحقائق الى العلن. الأمر هنا لا يتعلق بالصراع على السلطة وحسب، وإنما بجو الخوف العميق الشائع بالدرجة الأولىraquo;.

ويقول هذا الرجل إنه عمل في ما يسمى رسميا laquo;أمانة الدولةraquo; (المعادلة لمجلس الوزراء) بقيادة الكاردينال تارتشيزيو بيرتوني (رئيس الوزراء). ويذكر أن هذا الأخير يتمتع بالنفوذ الهائل ولكن بشعبية متدنية وأوردت الصحف أنباء خلافه العميق مع البابا وأعوانه.

ملصق يناشد البحث عن ايمانويلا اورلاندي في 1982

ويقول الرجل إن الفاتيكان laquo;أشبه بمكان تستطيع فيه ارتكاب جريمة قتل ومحو آثارها على مرأى من الجميع داخله، ثم تغادر ساحة الجريمة مطمئنا الى أن الناس سينسون الحادثة فور ذلكraquo;.

وقالت الصحف إنه كان يشير بذلك الى فضيحة وسط صفوف laquo;الحرس السويسريraquo; العام 1998 عندما قيل إن أحد اليافعين من هؤلاء، ويدعي سيدريك تورناي (23 عاما)، أردى قائد الحرس وزوجته قتيلين ثم انتحر بعد جريمته.

على أن والدة الشاب عارضت هذه الرواية الرسمية قائلة إن القتل والانتحار يجريان على العكس من طبيعة ابنها. وناشدت البابا بنديكتوس السادس عشر فتح القضية من جديد وتقصي حقائقها. وأتى هذا التطور وسط تكهنات واسعة النطاق قالت إن الأموات الثلاثة ضحايا قاتل آخر تستر عليه الفاتيكان انطلاقا من مصالحه هو.

ويأتي لقاء الرجل مفشي الأسرار مع وسائل الإعلام بمثابة إحراج عظيم للفاتيكان الذي ظل محلّ تهامس محموم حول العتمة التي يضربها حول نشاطاته. وصار هناك الكثير من التكهن بصنوف الفساد في أروقته وخاصة داخل بنكه الخاص المسمى laquo;مؤسسة أعمال الدينraquo;. وزاد الطين بلة تحذير أحد الكرادلة من أن البابا نفسه سيتعرض لمحاولة اغتياله في غضون 12 شهرا وعلى الأرجح العام الحالي.

ونفى الرجل بشدة أن يكون مدفوعا بالرغبة في المال وقال: laquo;شيء كهذا لا يخطر على بالي لأنه يمثل خيانة عظمى لمبادئيraquo;. وأهاب بالفاتيكان laquo;تقصي الحقائق في أمر جلل آخرraquo;. وقال إنه يشير بهذا الى حادثة اختطاف مراهقة تدعى ايمانويلا اورلاندي قبل 30 عاما. وكانت تكهنات قد سادت مع مرّ السنين وأفادت أنها اختُطفت كورقة للمساومة على إطلاق سراح التركي محمد علي أقجا الذي أطلق النار على البابا يوحنا بولس الثاني في ساحة سنت بيتر الفاتيكانية العام 1981.

الكاردينال بول مارتشينكاس رئيس بنك الفاتيكان سابقا

وقيل في جهات أخرى إن والد الفتاة، وكان موظفا في الفاتيكان، عثر على وثائق سريّة تربط بنك الفاتيكان مباشرة بإحدى عصابات المافيا في روما، وإن اختطاف ابنته تم بغرض ربط لسانه عن البوح بالسرّ. وقالت تلك الجهات إن أمر الاختطاف صدر من الكاردينال بول مارتشينكاس الذي كان وقتها رئيسا للبنك (من 1971 حتى 1989) وتوفي قبل ست سنوات.