انتعش الطب الروحاني في المغرب بشكل كبير، وهو ما أوجد بيئة خصبة للمشعوذين، وقدانتقلت quot;إيلافquot;إلى منزل أحد المعالجين في منطقة البرنوصي في الدار البيضاء، حيث تفاجأت بأسلوب غريب في العلاج يعتمد على quot;الرؤىquot;، سواء تلك التي تراود المعالج أو المريض ليلاً، ووضع الوصفة بناء على ما ورد في quot;الحلم المنتظرquot;.


الشعوذة تتفشى في المغرب

الرباط: يتزايد في المغرب، كما في عدد من المجتمعات، الإقبال علىالطب الروحاني كبديل عن الطب العضوي أو النفسي. ورغم محاولات الأطباء المستمرة في التحذير من هذا النوع من العلاج، إلا أن نسبة مهمة من المرضى اختارت اعتماد هذا الأسلوب، هرباً من دوامة الفحوصات والمستشفيات، التي تزيد من معاناتهم النفسية، على حد تعبير بعضهم.

غير أن هذا المجال بات يعج بالنصابين والمشعوذين، الذين يدعون علاج مختلف الأمراض، علماً أن غرضهم الأساسي هو استغلال أكبر عدد من المرضى واستنزاف جيوبهم بهدف تحقيق أرباح مادية.

عبد العزيز الخطابي، الفلكي المغربي والمعالج بالروحانيات، واحد من الذين يعتمدون أسلوباً بديلاً عن الطب الحديث في العلاج، إذ إنه يعتمدعلىالعلاجبالسياتشو، وهو شكل قديم وشهير يتمثل في استخدام النقاط نفسها التي تستخدم في الوخز بالإبر، وأسلوب عمله يتم عن طريق تنشيط النقاط الرئيسية المحفزة في الجسد لإطلاق الطاقة، وهذا العلاج يستخدم بشكل رئيسي في البلدان الآسيوية لتخفيف آلام وأوجاع وضغوط الحياة اليومية، إلى جانب بعض الحالات الأخرى مثل ارتفاع ضغط الدم، والتقلصات العضلية، والصداع.

وقال عبد العزيز الخطابي، لـ quot;إيلافquot;، إن هذه الطريقة في العلاج quot;تساعد الجسم على تخليص نفسه من أي سموم قبل أن تتطور إلى أمراضquot;، موضحاً أن quot;جلسة السياتشو تستغرق بين الساعة والساعتين، ويجب أن تتم على يد خبير في هذا المجالquot;.

وذكر الخبير في هذا المجال أن quot;العلاج الروحاني لديه تأثير كبير على الجانب النفسي للمريض الذي يبقى المفتاح لشفاء الأمراض العضويةquot;، مبرزاً أن quot;الجانب النفسي يبقى الأهم في تحقيق الشفاء، إذ إن عدداً من المشاكل الصحية تكون عصبية المنشأ، لذا يجب معالجة هذا الجانب، بالتزامن مع البحث عن حل للمشكلة العضويةquot;.

وأبرز عبد العزيز الخطابي أن quot;الروحانيات لها فائدة كبيرة جداً في المجال الطبي، إلا أن المعضلة الكبيرة أن هذا المجال اقتحمته مجموعة من المشعوذين والدجالين، الذين يوهمون ضحاياهم بأن لديهم طاقات خارقة، بالاعتماد على خدمات الجن، يستطيعون من خلالها شفاء مرضاهم. وهذه مصيبة كبيرة، ويكون لها تأثير سلبي على المريض ونفسيتهquot;.

quot;إيلافquot; انتقلت إلى منزل أحد المعالجين في منطقة البرنوصي في الدار البيضاء، حيث تفاجأت بأسلوب غريب في العلاج يعتمد على quot;الرؤىquot;، سواء تلك التي تراود المعالج أو المريض ليلاً، ووضع الوصفة بناء على ما ورد في quot;الحلم المنتظرquot;.

ويوهم هذا المعالج، الذي لم نكشف له عن هويتنا، مرضاه بأنهم جميعهم مسحورون، وأن الجن يتربص بهم ويلحق بهم الأذى المادي والجسدي، مدعياً بأن الطريقة الوحيدة quot;لخلاصهم هي مقاضاة هذا الجن في المحاكم الغيبيةquot;.

ووقفنا، خلال زيارتنا إلى منزل هذا الفقيه، quot;على حالات مرضى استمروا في العلاج لأكثر من 7 سنوات، على أساس أنه في كل شهر تقريباً ينتقلون إلى قبر أحد الأولياء الصالحين، حيث تعقد لهم الجلسة، وينطق لهم بالحكم في الحلم.

وتتجلى هذه الطريقة في الدخول إلى الضريح، والالتفاف حوله لأكثر من مرة، وقراءة آيات قرآنية، ثم بعدها التوجه إلى أحد منابع المياه، والاستحمام هناك. وتتطلب الجلسة الواحدة في هذه المحكمة الغيبية 1000 درهم (117 دولاراً)، في حين أن كل زيارة للفقيه تتراوح ما بين 200 (23 دولارًا) حتى 500 درهم (58 دولاراً).

الدجالون يستغلون المرضى لجني الأموال

وقال أحد المرضى، لـ quot;إيلافquot;، إنه quot;أنفق ما يعادل 3 ملايين سنتيم (3500 دولار) في ظرف 6 أشهر، على هذه الجلساتquot;، مشيراً إلى أن quot;المعالج يفرض على المترددين عليه الصبر والاستمرار في التردد على الأضرحة طيلة حياتهم، على أساس أن الجن لن يفارقهم، وسيعود في كل مرة، لذا يجب مواجهته في المحاكمquot;.

وأضاف المصدر نفسه quot;هذا الفقيه أخبرني بأنه يعالج جميع الأمراض العضوية أو النفسية، وحتى السرطان، ووثقت به في البداية، ولكنني لم أكتشف بأنني سقطت ضحية نصب واحتيال إلا بعد وقت متأخر. وأتمنى أن تتحرك السلطات لإيقاف مثل هؤلاءquot;.

وكان اقتصادي مغربي اقترح على حكومة بلاده الجديدة، التي يقودها حزب العدالة والتنمية الإسلامي، فرض ضريبة على العرافين والمشعوذين.

وقال فؤاد العروي، في فقرته الأسبوعية على إذاعة البحر الأبيض المتوسط المغربية، إن أمنيته لـquot;الحكومة الإسلاميةquot; هي القضاء على السحر والشعوذة، اللذين أصابا المجتمع المغربي، معتبراً أن quot;القضاء على هذه الآفة لن يكون سهلاً، على اعتبار أنها مهنة تدر أرباحاً مهمة على أصحابها، والأجدر، إحداث ضريبة خاصة على هذه التجارة، لتستثمر الدولة هذه الموارد المالية في بناء كيلومترات من الطرق السيارة والمستشفياتquot;.