لم ترق المواعظ المرورية التي انتهجتها إدارة المرور في السعودية خلال فعاليات أسبوع المرور الخليجي إلى آمال المجتمع، الذي لا يزال يتساءل عن سرّ العلاقة بين المواعظ الدينية وبرامج وتوعيات إدارات المرور، في وقت تزداد فيه الحاجة إلى برامج عملية أكثر من الخطب والاستراتيجيات الكلامية.
المواعظ المرورية موضع انتقادات في السعودية |
البندري سعود من الرياض: إختتم quot;أسبوع المرور الخليجيquot; فعالياته في الأسبوع الماضي، وجاء تحت شعار quot;لنعمل معاً للحدّ من الحوادث المروريةquot;، وهو شعاره للعام الماضي أيضاً، وجاء بالتقليدية نفسها في عملية التوعية منذ سنوات طويلة، حيث ركّز على توزيع المطويات على طلبة المدارس وإلقاء المحاضرات الدينية الوعظية في المرور والسّماح بالحضور النسائي لهذه المحاضرات.
وانتقد مهتمون في الشأن المروري عبر quot;إيلافquot; تجاهل حاجة المرأة إلى التوعية المرورية وإبقاءها في حيز الدعوة الوعظية بدلاً من محاضرات يلقيها مدرب أو مرشد مروري، لاسيما أنها تعتبر في المملكة قائداً خلفياً، فهي غالباً من يوجّه ويرشد السائق، وقالوا من المفترض أن تكون هذه المناسبة فرصة للتطوير في عملية التوعية وإيجاد وسائل أخرى للتأثيرفي الناس، لاسيما في ظل ندرة فعاليات المرور التوعوية في المملكة، وغياب وجود رجل المرور الميداني، الذي انخفض بشكل كبير بعد نظام quot;ساهرquot;.
السويد: وجود رجل المرور مهم أكثر من التقنية!
حول مشاركة الوعاظ في أسبوع المرور، قال الكاتب عبدالعزيز السويد في حديث لـquot;إيلافquot; إنه في حالة قدم الوعاظ من الدعاة المعروفين بالتوجّه الديني والاجتماعي المعروفين لا شك أن هذا مفيد، لكن quot;إذا كان يتعلق بالوعظ والحديث المكرر فأعتقد أنه غير مؤثرquot;.
واعتبر السويد أنه لا يمكن زرع احترام نظام المرور سوى بتطبيق النظام على الناس سواسية، وأن الوعظ لا يمكن أن يحقق وحده الفائدة، وأن التأثير على الحاضرين ضئيل جداً، مستشهدًا بتصرفاتهم لدى قيادة المركبة حال خروجهم من هذه المواعظ المرورية.
وأضاف: حضرت ندوة قبل أشهر عدة، تحدث فيها مدير عام المرور عن خطة استراتيجية، معتمدًا على التعويل والوعظ بالخطط، ورأى السويد في تعليقه أن الناس تشبعت منه، وأن ما ينتظرونه هو أن يكون رجل المرور حاضرًا بالدرّاجة الناريّة في الشوارع، وأن يطبق النظام على الكل وأن لا يعتمد على التطبيق من خلال الكاميرات والتقنية فقط.
وعن التوعية في أسبوع المرور الخليجي قال: هي عادية جداً، ولم تتطور من سنوات طويلة، ويضيف قائلاً قضية توعية الطلبة مهمة، ويجب ألا تكون موسمية، فجهاز المرور يفترض أن يقدم نماذج للمدارس وحسب المناهج، أو الأنشطة اللاصفية كذلك، يوضح ذلك من خلال أفلام وثائقية ومن خلال دراما.
وانتقد جهاز المرور بأنه لم يستطع أن يوجد من هذه المادة الخام الثرية والضخمة أعمالاً تؤثر في الناس، ولم يتواجد في الشوارع ليطبق النظام فيفرض احترامه على الناس، وأضاف أن ما يحصل في الشوارع حقيقة هو فوضى وقانون الغاب.
البشر: المرأة لها دور رغم قيادتها السيارة من الخلف
وحول تجاهل quot;جهاز المرورquot; المرأة في الأسبوع المروري الخليجي والاكتفاء بحضور المحاضرات الدينية في التوعية الدينية، قالت الكاتبة الدكتورة بدرية البشر في حديث لـquot; إيلافquot; إن إدارة المرورتعترف بأن المرأة هي التي تقود السيارة التي تركبها، لكن من المقعد الخلفي، وأن المرأة هي المسؤولة عن توجيه هذا السائق، الذي يقف خلف المقود، يأتمر بأمرها، وأنها هي من تراقبه وتوجّهه وتكبح أخطاءه أو تهوره.
وقالت إن إدارة المرور تعرف أيضًا أن هناك 270 ألف سيارة يقودها سائقو المنازل من بين مليون سيارة خاصة quot;ويدل على أن هناك ما يزيد على ربع السيارات التي في الشارع يقدنها نساء من مقاعدهن الخلفية، وبالتالي يتحمّلن مسؤولية ما يحدث في الشارع وفي السيارةquot;.
وأضافت: رغم أن هذه المعلومات منشورة في الصحف، إلا أن إدارة المرور، وعن طريق إدارة أرامكو الرياض بمناسبة أسبوع المرور، قررت أن تتجاهل هذه الأرقام، معتقدة أن كل ما تحتاجه المرأة في أسبوع المرور هو وعظ ديني، يشرح لها الموقف الفقهي من قتل النفس بالتهور والسرعة، ومحاضرة أخرى يلقيها أحد الدعاة تحث النساء اللاتي لا يستطعن استخراج رخصة قيادة ولم يجلسن بعد في مقاعد مجلس الشورى على ضرورة أن يكافحن الإرهاب المروري، كما تمت مكافحة إرهاب القتل.
وتابعت البشر أن تجاهل حاجة المرأة، باعتبارها قائدًا خلفيًا للسيارة، إلى المعلومات التطبيقية وإطلاعها على لوائح نظام المرور وتعليماته عبر محاضرات يلقيها مدرب أو مرشد مروري وإبقائها في حيز الدعوة الوعظية لتقوى الله ومخافته، quot;دليل على أن إدارة المرور تريد أن تتخلص من عبء النساء والتعاطي معهن الذي يجلب عادة صداعًا في الرأس، وهذا تهرب من مسؤولية توعية النساء كمواطنات شريكات في مسؤوليات حوادث بلغ عددها في العام الماضي 544 الف حادث مروري بمعدل 1537 حادثا يومياًquot;.
واعتبرت أن إبقاء النساء في دائرة والوعظ والتخويف من عواقب السرعة وقتل النفس بالتهور لن ينقذ ما يزيد على 7 آلاف قتيل و40 ألف مصاب سنويًا، وأن ما ينقذهن هو أن تعرف النساء كيف يتصرفن خلف السائق باتباع التعليمات المرورية، وإرشاد السائق تحت إدارتهن وتوجيههن ومعرفة التصرف لدى وقوع الحوادث وحجم الغرامات التي تتكلفها كل مخالفة .. الخ.
وقالت كذلك إن المعلومات العملية والتطبيقية، وليست المفاهيم النظرية، هي ما تحتاجه النساء في مجال التوعية بالمرور، وإن أتباع منهج تخويف النساء ووعظهن قد يكون موضوعًا مناسبًا لا يفوته عادة شيوخ الوعظ في مثل هذه المناسبات، ولفتت إلى أن واحدًا من الواعظين الذي سيحاضر ليرشد الناس اعترف في مناسبة بأن عليه مخالفات تقدر بعشرين ألف ريال.
التعليقات