رغم موجات الاعتقالات المتعاقبة، التي يتعرّض لها الأكراد في تركيا على يد السلطات هناك، خاصة خلال آخر عامين، إلا أنهم يحاولون التماسك وعيش حياتهم بصورة طبيعية. وفي مدينة سيزر التركية، الواقعة على ضفة نهر دجلة، يحرص العشرات من الرجال على التواجد في مقر المجلس المحلي للمدينة، في مسعى من جانبهم إلى التأكيد على صمودهم.
أكراد تركيا يتظاهرون تنديدًا بالظلم والاعتقالات التي تطالهم |
أشرف أبوجلالة من القاهرة: في هذا الصدد، أوردت صحيفة quot;النيويورك تايمزquot; الأميركية عن مصطفى غورين، القائم بأعمال رئيس بلدية سيزر، قوله quot;نحرص على تسيير الأمور هنا. ولن يتم تخويفناquot;. وأشارت الصحيفة إلى أن هؤلاء العشرات من الرجال الذين تجمعوا في مقر المجلس في مطلع الشهر الجاري هم كل المتبقين من أعضاء مجلس تلك المدينة، التي يبلغ عدد سكانها 105 آلاف شخص، بعد حملات الاعتقال التي طالت رؤساء البلدية وأعضاء المجلس والموظفين ووضعهم خلف القضبان خلال العامين الماضيين.
وتابعت الصحيفة بقولها إن غورين هو ثالث عمدة لمدينة سيزر منذ فوز حزبه، السلام والديمقراطية، في حوالى 98 مدينة، بما في ذلك سيزر، في كل أنحاء منطقة جنوب شرق تركيا الكردية خلال الانتخابات التي جرت في آذار/ مارس عام 2009. وقد جاءت نتائج تلك الانتخابات لتثير ذعر المؤسسة السياسية في العاصمة التركية، أنقرة، حيث يشتبه في أن الحزب يرتبط بعلاقات بحزب العمال الكردستاني المحظور.
وبحسب تقرير احتفظ به الحزب في مقره في أنقرة، فقد تم منذ ذلك الحين اعتقال ما يقرب من 630 مسؤولا في حزب السلام والديمقراطية، من بينهم ما لا يقلّ عن 24 رئيس بلدية وعشرات من أعضاء مجلس المدينة، بتهم ذات صلة بالإرهاب والنزعة الانفصالية.
وتابعت النيويورك تايمز بلفتها إلى تصاعد حدة التوترات بين تركيا والمواطنين الأكراد خلال الأيام القليلة الماضية، في الوقت الذي بدأ يصعد فيه ناشطون أكراد من نداءاتهم المطالبة بالحصول على قدر أكبر من الحكم الذاتي، على أمل الضغط على الحكومة التركية، التي دعمت الثورات العربية، وأظهرت قدراً محدوداً من الصبر في تعاملها مع المعارضة أو تظاهرات الشوارع التي يتم تنظيمها على أراضيها.
على مدار نهاية الأسبوع الماضي، استخدمت الشرطة التركية خراطيم المياه وقنابل الغاز المسيلة للدموع لتفريق تظاهرات كردية في أنحاء البلاد كافة قبل بدء العام الكردي الجديد. وتوفي يوم الأحد الماضي أحد الساسة المحليين في التظاهرات التي اندلعت في اسطنبول. وتجمع الآلاف أيضاً في ديار بكر، العاصمة الإقليمية في المنطقة الجنوبية الشرقية، التي تقطنها غالبية كردية، حيث قاموا برفع الأعلام الكردية، وحملوا صوراً لزعيم حزب العمال الكردستاني المسجون، عبد الله أوجلان.
في أعقاب تصاعد حدة العنف مع حزب العمال الكردستاني خلال الأشهر الأخيرة، قامت الحكومة التركية في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي بشنّ عملية جوية ومدفعية مكثفة ضد قواعد الحزب على طول الحدود في شمال العراق. كما قامت في الوقت عينه باعتقال العشرات من الأكاديميين والمفكرين والصحافيين الأكراد البارزين.
وقد سعت الحكومة إلى إحداث تغييرات بهدف تحسين العلاقات مع الأكراد، بما في ذلك تقديم دورات خاصة لتعليم اللغة الكردية. لكن ناشطين أكرادًا رأوا أن هذا كله ليس كافياً، وعبّروا عن رغبتهم في وضع دستور جديد لتكريس حقوق 15 مليون كرديّ في البلاد.
وفي مدينة سيزر، يتم احتجاز عمدة المدينة المنتخب، آيدين بوداك، منذ أكثر من عامين، بعد اتهامه بالانتماء إلى منظمة إرهابية. ولاذ خليفته محمد ساكي، بعد انتخابه من قبل مجلس المدينة ليحلّ محله، بالفرار من البلاد، حين صدرت مذكرة اعتقال بحقه على خلفية اتهامات مماثلة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. ويسعى الآن القائم بأعمال عمدة المدينة، غورين، إلى تسيير الأمور بشكل طبيعي، خاصة وأن أكثر من نصف أعضاء المجلس، البالغ عددهم 25 عضواً، إما محتجزون أو هاربون من مذكرات اعتقال.
ثم تحدثت الصحيفة عن بلدية أخرى من بين البلديات الأكثر تضرراً، وهي كزيلتيب، التي يبلغ عدد سكانها 140 ألف نسمة، حيث خرجت هناك القائمة بأعمال رئيس البلدية، سيريفي ألب، من السجن قبل أسبوعين، لتعود من زيارة لرئيس البلدية، فرحان ترك، في محبسه هذا الشهر، وتجد نائبتها، ليلى سلمان، مطلق سراحها بعد حبسها لمدة شهر.
وبينما سبق لرئيس الوزراء رجب طيب إردوغان أن أكد في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي أن رؤساء البلديات وغيرهم من المسؤولين ليسوا أبرياء، وأنهم يقومون بأعمال غير قانونية تحت غطاء الشرعية، إلا أن سيردار سيليبي، وهو محام وعضو مجلس إدارة في رابطة حقوق الإنسان المحلية في مدينة ديار بكر، قال من جانبه: quot;يتم إخضاع رؤساء البلديات للمحاكمة لقيامهم بإرسال دعوات باللغة الكرديةquot;.
التعليقات