الملاحظ اليوم في الملف السوري، تنامي دور تركيا وايران على حساب الدور العربي الذي يتمثل خصوصًا بدور قطر في هذا الملف، فما هو الدور الفعلي الذي يجب ان تلعبه الدول العربية في مواجهة دول غير عربية بدأت تتقاسم النفوذ في سوريا، وهل حضر العرب فعليًا في الثورات العربية؟.


بيروت: يؤكد المنسق العام لتجمع اللجان والروابط الشعبية معن بشور لإيلاف ان القول إن تركيا وايران تتقاسمان ملف سوريا ليس دقيقًا، بل ان هناك سياسة تركية رسمية تجاه ما يجري في سوريا، وهناك ايضًا سياسة رسمية ايرانية في هذا الاطار، ومن الصعب الحديث عن سياسة تركية رسمية تجاه دمشق بمعزل عن السياسة الاميركية والغربية، وبالتالي من الصعب الحديث عن سياسة ايرانية رسمية تجاه دمشق بمعزل عن صراع طهران مع واشنطن وحلفائها.

ويضيف:quot; هذا التباين الذي قد يصل الى حد الاشتباك، بين التوجهات التركية والايرانية، هو تعبير عن صراع يتعدى حدود البلدين، ليأخذ بعده الدولي، حيث يتحرك الروس ايضًا في إطار التحذير من أي تدخل عسكري ضد سوريا.

اما الغياب العربي فهو ليس غيابًا بالمعنى الحقيقي، لان السياسة الرسمية العربية، التي عبرت عنها قرارات الجامعة العربية، تكاد تكون استمرارًا حرفيًا لسياسات واشنطن والاتحاد الاوروبي تجاه الأزمة السورية، وبالتالي، فان هناك حضورا رسميا عربيا في الملف السوري يشكل امتدادًا لحضور غربي واطلسي في هذا الملف، وهو أمر لا يشكل انتهاكًا لميثاق جامعة الدول العربية، ولا حتى لتقاليد العمل العربي المشترك فقط، بل يشكل مزيدًا من الانقسام العربي يؤدي الى اثارة كل انواع الفتن والاحتراب الاهلي، ناهيك عما سينجم عنه من اضرار بالغة تلحق بالشعب السوري الذي تدعي الجامعة الرسمية العربية ومعها الغرب بانهم يصدرون هذه القرارات لحماية الشعب السوري.

تركيا وايران

تركيا تنتقل الى الوعيد والتهديد والعقوبات والقطيعة مع سوريا، بينما ايران تؤكد ضرورة منح سوريا وقتًا كافيًا للقيام بالإصلاحات، هذا التجاذب بين دولتين غير عربيتين على سوريا الى ماذا سيفضي؟ يجيب بشور:quot; اعتقد ان الحكومة التركية تنزلق الى سياسات لا تمثل المصلحة التركية، ناهيك عن العلاقات التركية السورية، والى سياسات لا تعبِّر تمامًا عن ارادة الشعب التركي وقواته المسلحة، بل هي سياسات يختلط فيها الاعتبار الحزبي الضيق والاوهام باستعادة دور امبراطوري تعززه وظيفة اقليمية، اما الايرانيون فهم يدركون ان سقوط النظام الحليف الرئيس لهم في المنطقة، يشكل ضربة كبرى لاستراتيجيتهم وانجازًا للمتربصين بهم، داخل المنطقة وخارجها، لذلك هم حريصون على اعطاء القيادة السورية فرصة لتنفيذ الاصلاحات، فهم يريدون ان يقولوا امرين في آن معًا:quot; اننا حريصون على النظام في سوريا والاصلاح ايضًا، هذه الاتجاهات في السياستين الايرانية والتركية، تقود الى احد الاحتمالين:quot; اما تسوية اقليمية او دولية تقود الى تسوية في سوريا، واما انزلاق الى ما يشبه الاشتباك على المستوى الاقليمي الواسع.

اما ما هو الدور الذي يجب ان يلعبه العرب لاستعادة الدور العربي الفعلي في سوريا؟ فيجيب بشور:quot; المطلوب اليوم من الجامعة الرسمية العربية ان تحرص على استقلالية الموقف العربي اكثر من اي وقت مضى، وان تتجنب ازدواجية المعايير التي ما وقعت فيها جهة الا وارتبكت وتراجعت قوتها مهما كانت، وفي هذا الاطار اعتقد ان الجامعة الرسمية العربية مدعوة الى مراجعة جذرية لسياساتها تجاه سوريا والمنطقة، اذ لا يجوز ان يذكر التاريخ ان دور جامعة الدول العربية لم تظهر فاعليته الا حين وفَّر مرة لعدوان خارجي على دول عربية، بدءًا من العراق الى جنوب لبنان، الى غزة وصولاً الى ليبيا وسوريا، وهو دور يعاكس تمامًا ما كان مطلوبًا من هذه الجامعة، والمطلوب بشكل خاص ان تقود الجامعة حوارًا وطنيًا سوريًا شاملاً وترعاه وتسعى الى توفير آليات تضمن وقف العنف من كل مصادره، وبالتالي ان يكون الآداء العربي الرسمي حلاً لما يجري في سوريا وليس مشكلة جديدة تضاف الى المشاكل التي تواجهها.

دور قطر

البارز اليوم دور قطر كدولة عربية، هل هي فاعلة بمواجهة ايران وربما تركيا؟ يجيب بشور:quot; ليس هناك تناقض بين تركيا وقطر او بين الدور الغربي العام، وبالتالي هذا ما يفسر قوة الدور القطري الذي هو رأس حربة في مشروع اقليمي ودولي كبير، اما مع ايران فقطر تتحاشى ان تواجهها، وتحاول بكل الوسائل ان تراعي طهران من دون ان تكون قادرة على تلبية مطالبها، فالدور القطري الرسمي يحتاج الى كثير من الدراسة من قبل المراقبين، والى كثير من المراجعة من قبل حكام قطر، وهم مدعوون الى ان يتذكروا حكاية الكاتب الفرنسي لا فونتين عن الضفدعة التي ارادت ان تصبح ثورًا فانفجرت.