العقوبات الاقتصادية على سوريا تضع لبنان في مهبّ الريح، ورغم الحديث عن تأثيرات محدودة اقتصاديًا إذا ما استمر البرّ السوري مفتوحًا أمام لبنان، إلا أن معظم الخبراء الاقتصاديين يتحدثون عن أن بيروت مجبرة اليوم على تطبيق هذه العقوبات، حتى لو نأت بنفسها عن التصويت لمصلحتها.


بيروت: نصّ قرار العقوبات العربية على وقف التعامل مع البنك المركزي السوري، ووقف المبادلات التجارية الحكومية مع الحكومة السورية، quot;باستثناء السلع الاستراتيجية التي تؤثر على الشعب السوريquot;.

تشمل العقوبات تجميد الأرصدة المالية للحكومة السورية ووقف التعاملات المالية معها، ووقفكل التعاملات مع البنك التجاري السوري، ووقف تمويل أي مبادلات تجارية حكومية من البنوك المركزية العربية مع البنك المركزي السوري، إضافة إلى الطلب من البنوك المركزية العربية مراقبة الحوالات المصرفية والاعتمادات التجارية، باستثناء تلك المرسلة من العمالة السورية في الخارج، وحوالات المواطنين العرب في سوريا.

في هذا الصدد يقول الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة لـquot;إيلافquot; quot;لا اكتفاء ذاتي في سوريا، إذ ينقصها معظم الأمور الاساسية، كالسيارات، والميكانيك والتكنولوجيا، حتى الغذاء لا اكتفاء ذاتي لها بشأنه، ولا الألبسة، وسوريا تتأذى كثيرًا في حال طبقت العقوبات الاقتصادية بشكل صارم عليها، ومن يتحدث عن اكتفاء ذاتي، فربّما يعني أن سوريا بإمكانها أن تشدّ الأحزمة وتضحّي، ولكن ليس لفترة طويلة، لأن دمشق بحاجة إلى العلاقات مع العالم الغربي والأوروبي، تحديدًا في ما خص التكنولوجيا والسيارات.

أما كيف يتأثر لبنان بهذه العقوبات؟ فيجيب حبيقة: quot;لبنان يتأثر، بمعنى أن التواصل عبر سوريا إذا استمر، فلبنان لا يتأثر كثيرًا، لأن علاقةلبنان المباشرة مع سوريا في التجارة، ليست كبيرة، فنحن نصدِّر ونستورد إلى/من سوريا بمبالغ لا تتعدى الـ250 مليون دولار، ولكن ما يهمّنا هو أن يظل البرّ السوري مفتوحًاأمامنا، كي نصدّر إلى خارج سوريا، وخصوصًا الخليج، فطالما أن هذا البرّ مفتوح فلا مشكلة لدى لبنان من العقوبات، ولكن في حال تم إغلاق البرّلأي سبب من الأسباب فسنتأذى كثيرًا.

لبنان نأى بنفسه عن الاشتراك والموافقة على العقوبات العربية ضد سوريا، كيف يؤثر ذلك على علاقاته الدولية والاقتصادية؟ يجيب حبيقة: quot;إذا لبنان رفض تطبيق العقوبات فربما يؤثر ذلك على علاقاته الدولية والاقتصادية، ولبنان عندما ينأى بنفسه، فهذا لا يعني أنه لا يطبّق هذه العقوبات، وصوّت لبنان بورقة بيضاء، لأننا مجبورون علىتطبيق العقوبات، وإلافرضت علينا، ولبنان سيطبّق العقوبات، ولكن إمكانية تطبيقها ضئيلة، والحدود اللبنانية السورية مفتوحة، والمعابر الرسمية عبر الحدود كبيرة، ولا يستطيع لبنان مراقبة حدوده 100%، والعقوبات حتى اليوم محدودة جدًا، تجاه أشخاص معينين، فبحسب البند الأول هناك لائحة من الرسميين ورجال الأعمال، وسيكون عليهم نوع من الحظر، والسوري لا يمكن منعه من المجيء إلى لبنان.

قطاعات اقتصادية

ما هي القطاعات الاقتصادية التي ربما قد يتأثر بها لبنان مع حزمة العقوبات الاقتصادية على سوريا؟، يجيب حبيقة: quot;ما نتأثر به هو الجو العام، وبالتالي نتأثر من ناحية الاستثمار في البلد، وتزيد حالة عدم الاستقرار السياسي، والاستثمارات اللبنانية في سوريا لن تتطور، ولا أحد في لبنان سيستثمر حديثًًا في سوريا، وحتى الاستثمارات الموجودة لن تتوسع.

كذلك الأمر بالنسبة إلى الاستثمارات السورية في لبنان، وهذا كله يعطي جوًا حذرًا بالنسبة إلى الواقع العام والتقلبات والتشنجات السياسية، وهو أمر مزعج، لأن للبنان حدودًا برية وحيدة مع سوريا.

هل قطاع السياحة أيضًا يتأثر في لبنان؟ حول هذا الموضوع يقول حبيقة: quot;يتأثر بالسياحة البرّية، لأنها تأتي من سوريا، وإذا كانت الأجواء هناك سيئة مع مشاكل أمنية، فلن يأتي السائح الغربي والأجنبي إلى لبنانquot;.

كيف يتأثر القطاع المصرفي في لبنان جراء هذه العقوبات الاقتصادية؟ يجيب حبيقة: quot; يتأثر القطاع المصرفي لأن المصارف الموجودة في سوريا قد أعطت قروضًا، ومن خلال عدم التسديد، تتأثر المصارف اللبنانية هناك، وكذلك لبنان، مع فرض حظر على بعض أموال السوريين في لبنان، ولكنها محدودة، لأن السوري مع إمكانية الحظر على أمواله في لبنان، ربما قد يكون حوَّل أمواله إلى خارج لبنان، والمصارف اللبنانية في سوريا سوف quot;تجمّد يدهاquot; أيضًا من ناحية الإقراض، لأن الوضع متوتر، ولأن الجواب السوري على توصيات الجامعة العربية كان سلبيًا جدًا.

هذه العقوبات هل يكون لها تأثير إيجابي على لبنان، إذا ما اعتبرنا أنه سيستفيد منها لزيادة تبادله التجاري مع الدول العربية، لكون هذه الأخيرة ستنكفئ عن سوريا؟، يجيب حبيقة: quot;الأمر غير صحيح، لأن لبنان لا يملك الأساسيات ليحلّ مكان سوريا، من خلال الإنتاج، والأمور لا تسير على هذا النحو، ولبنان لن يستطيع أن يستفيد على حساب سوريا، لأن كل صادراته تقوم من خلال البرّ السوري.

لبنان لا يستطيع عمليًا وواقعيًا أن يضرّ بسوريا، ولكن لا يستطيع في الوقت عينه إلا أن يطبّق العقوبات، ولكن إمكانية تطبيقها بالنسبة إلى لبنان محدودة.

عن تأثيرات العقوبات الاقتصادية هل سيكون ضررها أيضًا ممتدًا إلى بعض البلدان العربية؟، يجيب حبيقة: quot;ما يجب أن يعمل اليوم هو أن توافق الحكومة السورية على بروتوكول الجامعة العربية، ويتم سحب الجيش والقوى الأمنية من الشارع، والبدء في مفاوضات مع المعارضة، هذا هو الحل الوحيد، وقد درست شخصيًا 70 حالة عقوبات في العالم لم تعط أي منها نتيجة فعلية، بمعنى أنها أدت إلى إفقار الشعب، بدلاً من تنحية أو إسقاط نظام.