بعد أخذ ورد، عالج مجلس النواب بالقانون أوضاع الفارين إلى إسرائيل، وترك للحكومة المراسيم، وفي جلسة ساخنة للمجلس النيابي أمس، احتدم النقاش بين إصدار العفو على كل الفارين الى اسرائيل بمن فيهم العملاء وبين التفريق بين المجند ومن أجبر على الفرار الى إسرائيل قسريًا.
بيروت: ملف الفارين إلى إسرائيل كان الأكثر دقة وحساسية بين المواضيع المثارة أمس في المجلس النيابي، ومع طرح المشروع، دافع عنه النائب ابراهيم كنعان ( تكتل التغيير والاصلاح)، مؤكدًا quot;التمييز بين الميليشيا وبين العائلات التي لجأت الى إسرائيل بحكم الظروف وهؤلاء لبنانيون ومنهم أطفالquot;، بعد ذلك، حاول النائب انطوان زهرا بالنيابة عن النائب سامي الجميل جمع الموضوع بمشروع آخر تقدم به الجميل يدعو إلى العفو عن العملاء الفارين إلى إسرائيل، بعده لم يتردد النائب إيلي ماروني في الإعلان جهارًا أن ملف العملاء هو ملف يعود إلى حقبة ماضية وقد آن الأوان لطي هذه الصفحة نهائيًا بدل الترقيع، سائلاً: كيف نميز بين الذين هربوا من الاطفال والنساء وبين الآباء والابناءquot;. فقاطعه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بشكل حاسم رافضًا التمييز بين العميل والمجند وبين الأطفال والشيوخ، مقترحًا إضافة المراسيم التطبيقية لدرس كل حالة على حدة.
وبعد الكثير من الملاحظات المؤيدة حينًا والحذرة أحيانًا، صار الجميع بانتظار موقف حزب الله. تحدث النائب نواف الموسوي بداية، فأكد أن هذا الموضوع يتضمن شقين: الاول أمني ومخابراتي والثاني إنساني. وما حاول أن يقوم به العماد عون هو استعادة الذين فرّوا قسرًا. وعلى المنوال نفسه، تابع النائب فضل الله تظهير موقف الحزب من الموضوع، فاصلاً بدوره، بين الشقين الانساني والامني المتمثل بضرورة حماية الامن الوطني من إمكان تسلل اسرائيل، فأعلن أن ما اقترحه بري حول المراسيم التطبيقية quot;يحافظ على الحدينquot;.
بعد ذلك، أقر القانون بإضافة تعديل بري، وعمليًا، رمى بري الكرة في ملعب الحكومة التي صار على عاتقها إصدار مراسيم تطبيقية، من دون سقف زمني أو اتفاق مسبق على طبيعتها، وقطع الطريق على محاولة سامي الجميل ربط اقتراح العونيين باقتراح العفو عن كل العملاء.
يقول النائب سليم سلهب ( تكتل التغيير والاصلاح التابع للجنرال ميشال عون) لإيلاف انه يجب التمييز بين من تعامل مع اسرائيل وبين من أجبر قسريًا التوجه اليها، ومن لدى الدولة اللبنانية شك بهم يجب أن يمروا بالمحكمة اللبنانية التي قد تدينهم او تبرّئهم، ومن ثم يتوجهون الى لبنان، اما من ذهب قسرًا عن خوف فيجب أن يعود الى لبنان.
ولدى سؤاله، هل يمكننا اليوم أن نميّز بين الاطفال والنساء وبين الآباء والابناء؟ يجيب سلهب:quot; يجب الا ننسى اننا امام اكثر من 11 عامًا، ويمكن التمييز اذا كان هناك اي عميل او متعامل مع اسرائيل، ولكن هذا لا يعني انه يجب محاكمة العائلة بأكملها، فهي يحق لها أن تعود، اما العميل فقد يعود إنما الى القضاء الذي قد يبرئه أو يحاكمه.
عن رأي رئيس المجلس النيابي نبيه بري عندما اقترح ان تقام المراسيم التطبيقية لدرس كل حالة على حدة، يقول سلهب لا يمكن التعميم، وبرأيي إن هناك امورًا واضحة واخرى لا يجب درسها على حدة كي لا نغبن احدًا قد يكون على حق ولديه حقوقه، من هنا بعض الفئات من المجتمع اللبناني الذين توجهوا الى اسرائيل يجب ان ندرسها على حدة.
حزب الله كان له موقفه، ففصل بين الشق الانساني والشق المخابراتي، ويؤيد سلهب هذا الموقف، ويرى أن الشباب والشيوخ الذين توجهوا الى اسرائيل قد يشكلون عاملاً استخباراتيًا في حال عادوا الى لبنان، ويجب أخذ الحذر وننتبه الى ذلك، ولا يمكن تعميم هذه الحال على الجميع، من هنا يجب أخذ الاحتياطات اللازمة وأخذ كل حالة على حدة، وهناك اشخاص نشك بهم يجب على المحكمة ان تقرر ذلك وليس نحن.
أما كيف يمكن طي هذه الصفحة من تاريخ لبنان، فيقول سلهب إن قانون البارحة في المجلس النيابي هو بداية حل، كنا منذ فترة طويلة نتناول الموضوع بخجل، ولم نتوصل الى نتيجة لدقة الموضوع، وما جرى البارحة يعتبر خطوة كبيرة من خلال المراسيم الاشتراعية للحكومة كي تنظم الامر، وهذا الموضوع يجب ان يحل بطريقة قانونية ووطنية من دون مزايدات على بعضنا البعض.
موضوع حساس ودقيق
النائب السابق في كتلة الوفاء للمقاومة اسماعيل سكرية تحدث عن الموضوع لإيلاف فقال انه يجب ان نفرق بين من هو عميل ومرتكب، وبين ما هو بريء ان كان امرأة او اطفالا لا ذنب لهم.
ويضيف:quot; بالمبدأ نستطيع التمييز بين هؤلاء ولكن مع حذر ورقابة، لان من يرتكب العمالة قد يكون دون علم زوجته واولاده، وإنسانيًا لا دخل لعائلته، ويجب اخذ الامور تحت المجهر والرقابة، بخاصة اذا كانت العائلة ناضجة.
عن وضع العائلات اللبنانية في اسرائيل، الا ترى ان هذه الاخيرة قد اجبرتهم ربما للمكوث عندها أن يصبحوا عملاء؟ يجيب سكرية:quot; هؤلاء يجب ان يتم التحقيق معهم حتى لو كانوا نساء واطفالاً، وبشكل او بآخر قد تكون اسرائيل جنّدت من جنّدتهم.
ويتابع سكرية:quot; خلفية الموضوع يجب ان تكون كل حالة على حدة ويجب التفريق بين العميل ومن لا علاقة له، ولكن هذا الكلام قد لا يؤتمن 100% لان هناك حالات تكون العمالة واضحة وحالات اخرى قد لا تكون ظاهرة.
ويتحدث سكرية عن حساسية الموضوع ويرى انه على القضاء اللبناني ان يتعامل بشفافية معه، ويتحدث عن مداخلات كثيرة قد تحدث للاسف كما حصل في مواضيع سابقة، وقد يتم تشويه الموضوع وتصغير قيمته.
ولا يستبعد سكرية ان يكون بعض من عاش في اسرائيل من لبنانيين ان يكونوا مجندين لان من جلس بحضن اسرائيل يأكل ويشرب، فمن الطبيعي ان نضع فرضية ان يكونوا مجندين لها حتى يثبت العكس.
ويقول سكرية انه علينا ان نطوي هذه الصفحة من تاريخ لبنان من خلال تحرير ما تبقى من ارض وننشيئ دولة وطنية بكل ما للكلمة من معنى، حيث يكون هناك تمييز بين العدو والصديق، وتعطي المواطن حقوقه في علاقة الوطن والمواطن، لانه اليوم كل هذه الامور غير واضحة، ساعتها يمكن ان نطوي الموضوع. وهو موضوع ثقافي سياسي اجتماعي بكل ما للكلمة من معنى.
التعليقات