لم يتبلّغ القضاء اللبناني حتى الساعة أيّ شيء عمّا أثير من انتكاسة للسي آي آي في لبنان من قبل حزب الله، بعدما تم كشف مخبرين لها، ويؤكد الخبير القانوني منيف حمدان ضرورة تسليم المخبرين إلى القضاء اللبناني، مشددًا على أن أي تجسّس يؤثر في العلاقات بين البلدين، ويجب إيقافه.


بيروت: أقرّت وكالة الاستخبارات المركزية (سي أي اي) للمرة الأولى بأن عملياتها في بيروت تعرّضت لنكسة بعد كشف كل من فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي وحزب الله عن مخبرين يعملون لمصلحتها خلال الصيف الماضي.

لكنها نفت ما ذكرته وسائل إعلام أميركية عن أن محطتها في لبنان أوقفت عن العمل، وجرى الاستغناء عن مخبريها. في هذا الصدد، يشير النائب السابق في كتلة الوفاء للمقاومة إسماعيل سكرية في حديثه لـquot;إيلافquot; إلى أن حزب الله كحزب مقاوم يمتلك قدرة أمنية وعسكرية كبيرة، تساعده في ذلك تربيته العقائدية والدينية، التي تصبح أكثر إلزامية وانضباطًا. فالقول إن هناك نكسة للسي اي اي في لبنان كلام صحيح، وفي الوقت عينه قد يكون هدف الأميركيين في هذا الموضوع كذلك إلقاء الضوء أكثر على قوة حزب الله المتنامية أمنيًا وعسكريًا لتحفيز كل من يرفض حزب الله وقوته على الضغط أكثر، وربما الإثارة.

هل سيسلم حزب الله المخبرين، الذين تم الكشف عنهم إلى القضاء اللبناني؟، يرى سكرية أنه يتصور أنه سيتم ذلك بعد التحقيق معهم كثيرًا، وعصرهم كالليمون، لإخراج المعلومات.

ويضيف سكرية: quot;سياسيًا حزب الله يوظف الأمر، من خلال وضعه المعنوي القوي، ولن يوظفه مباشرة بطريقة أو بأخرى، وفي لبنان أكبر حدث يستهلك سريعًا، ولا ينفصل عن مجرى الأحداث، وفي لبنان هناك انقسام حاد، وهذا الأمر يضاف إلى رصيد حزب الله المعنوي والسياسي، من دون استثمار مباشر للحدث.

ويعتبر سكرية أن التجسس الأميركي في لبنان منسّق مع إسرائيل، إذا لم يكن مباشرة لخدمة إسرائيل، لأن سياسة أميركا منذ إنشائها هي لخدمة إسرائيل وأمنها.

ويرى سكرية أن الأمر سيقف عند هذا الحد بين لبنان وأميركا، ويشير إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تتحرك اليوم على مستوى المنطقة، مع صراع كبير وصل إلى مرحلة حادة ومصيرية، ويتم التعبير عنها في ما يجري في سوريا، والكل جزء منها، إن كان وضع العراق أو لبنان أو فلسطين، وبالتالي تحرك أميركي مباشر باتجاه لبنان لن يكون إلا من خلال المحكمة الدولية، التي من الممكن أن تضغط فيه أميركا على حزب الله وتستعمله كسلاح.

تسليم المخبرين إلى القضاء

القضاء اللبناني لم يتبلغ أي شيء رسميًا حول الموضوع، ولم يتسلم من الأجهزة المختصة أيًا من الموقوفين. في هذا الصدد يقول الخبير القانوني الدكتور منيف حمدان لـquot;إيلافquot; إنه بالمنطق يجب أن يسلّم حزب الله المخبرين إلى القضاء اللبناني، وإن لم يسلّموا يجب أن تتدخل الدولة اللبنانية، لأنه لا يجوز طالما لدينا قضاء، وعلم وجيش وسلطات أمنية، لا يجوز لأي سلطة في الأرض اللبنانية، أن تتصرف كما تتصرف الدولة.

ويضيف: quot;إذا كان بالفعل حزب الله يعتقد أن هناك أناسًا محددين عملاء أو غير عملاء، فهذا الأمر يدخل في صلاحيات الدولة اللبنانية، وإن لم يُسلّم هؤلاء الناس... على الدولة اللبنانية أن تتدخل، وإلا انهارت سلطتها نهائيًا، لأن من يغفر انتهاك سلطته وهيبته مرة من المرات، تتوالى الأمور بشكل متسارع، وساعتئذ، لا ينفع الندم على الإطلاق.

عن عدم تبلغ القضاء اللبناني أي شيء بخصوص الموضوع، يقول حمدان: quot;لا أعرف ما هو الوضع في لبنان، ولكن عندما يسمع النائب العام أو مدعي عام التمييز، أو أي نائب عام في الجمهورية اللبنانية، أو محام عام، يسمع بوقوع جريمة ما، مثل التجسس أو اعتقال الجواسيس أو مثل السرقة والإرهاب أو اعتداء على فتاة كما جرى أمس في كسروان، على النيابة العامة أن تتحرك فورًا لتجري التحقيقات، حتى تتأكد من صحة المعلومات أو من عدمها، وعلى ضوء ذلك تتخذ الإجراء المناسب.

عن طريقة محاكمتهم في حال سلموا إلى القضاء، يقول حمدان quot;كل جريمة تقع على الأرض اللبنانية، بصرف النظر عن هوية الأشخاص الذين ارتكبوها،تخضع إلىالقانون اللبناني ويحاكم فاعلوهاوفقه، والقانون اللبناني يلحظ أن التعامل مع العدو يتم محاكمة فاعليهمن قبل النيابة العامة العسكرية والمحاكم العسكرية.

أما هل التجسس الأميركي في لبنان يكون دائمًا في خدمة إسرائيل؟ يجيب حمدان أن التجسس في لبنان جريمة ممنوعة، سواء قامت بها إسرائيل أو أميركا أو دولة عربية أو صديقة، ونظرًا إلى الترابط القائم بين إسرائيل وأميركا، وفق التصريحات التي نسمعها بين الحين والآخر، فلا أستبعد ذلك، ولكن لا أستطيع الجزم.

ويضيف حمدان: quot;أمور التجسس هذه تؤثرفي العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وأميركا، وإن أي انتهاك لسيادتنا من أي دولة، حتى لو أتى من دولة عظمى، كالولايات المتحدة الأميركية، يجب أن نضع حدًا له.