نسرين حلس من واشنطن: مازالت المرأة العربية عامة والمسلمة خاصة في أميركا تواجه تحديًا حقيقيًا في سبيل تحقيق ذاتها وطموحاتها حتى يومنا هذا. وعلى الرغم من الإنفتاح على المجتمع الأميركي وفتح قنوات التواصل الثقافي للتعريف بالهوية العربية والإسلامية بعد الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، إلا أنها لا تزالت تعاني تهميشًا وإقصاء في المجالات التي تتناسب وتحصيلها العلمي.

فقد أظهرت الدراسات واستطلاعات الرأي التي أجريت حول وضع المرأة العربية في المهجر على وجود عنصرية واضحة ضدها وتواجه إقصاء وتهميشًا في بعض المجالات. وبالرغم من كل التحديات التي تواجهها، لم يثن ذلك بعضهن من الإصرار والمثابرة على تحقيق ولو جزء بسيط من أحلامهن وطموحاتهن في محاولة لتغيير الصورة النمطية عن المرأة العربية. وهو ما يدعو إلى التساؤل عن ماهية تلك التحديات التي تواجهها النساء وما هي السبل لتغيير الصورة النمطية المرسومة عنها.

عبد الوهاب علونة: الرجل العربي الأميركي أوفر حظًا من المرأة العربية الأميركية
من جهته يرى الناشط الإجتماعي في حقوق الإنسان والمتحدث عن حقوق المرأة والكاتب الصحافي في جريدة المنتدى في ولاية ميشغان الدكتور عبد الوهاب علونة أن المرأة العربية عامة، والمسلمة خاصة، تعاني في المهجر كما تعاني في بلدان المنحدر الأصلية التي قدمت منها، ومعاناتها لا تتمثل من المجتمع الخارجي من إقصاء وتهميش في بعض المجالات، وإنما تعاني تمييزًا من المجتمع المحلي المتمثل في المجتمع العربي، الذي يفرض قيودًا على المرأة في دخول بعض المجالات، ومن ثم تليها المصاعب التي تواجهها من المجتمع الأميركي حينما تريد دخول معترك العمل. فلربما توصد في وجهها أبواب مجالات كثيرة، وقد تقبل بأعمال لا تتناسب وتحصيلها العلمي.

معتبرًا أن ثقافة العيب والحرام هي من أكثر القيود التي تحدّ من قدرة المرأة في المجتمع العربي الأميركي على ممارسة أبسط حقوقها في اختيار نوعية الدراسة والعمل من قبل المجتمع المحلي والمتمثل في الأسرة وتبرز في اختيار نوعية الدراسة التي قد تروق للمرأة ولكنها لا تتناسب ونظرة المجتمع المحيط.

لا يقتصر الأمر على ذلك، بل تعاني أيضًا عنفًا منزليًا في بعض الأحيان، وحرمانًا من التعليم، خاصة إذا جاءت مع زوجها من بلد المنحدر بدون تحصيل علمي. فقد أثبتت الدراسات والأبحاث أنها تعاني عنفًا يصل إلى حوالى 42%، وأكثر بثلاث أضعاف عن المرأة الأميركية.

أما في ما يخص الناحية المهنية فيرى الكاتب الصحافي أن اللغة شكلت عائقًا أوليًا أمام كثير من النساء العربيات، وهي جزء من فقدان المصادر والتوعية للمرأة لا تجيدها، ويليه الحجاب الذي قد لا يحرم المرأة من فرصة العمل، ولكنها في حالة حصولها على مؤهلات جيدة وإتقانها للغة قد يؤهلها ذلك لعمل أقل كفاءة أو الحصول على فرصة أكبر بوقت ومجهود أكثر. معتقدًا بأن الرجل العربي يملك حظًا أوفر من المرأة العربية والمسلمة في أميركا في ما يختص بالجانب المهني وتحقيق الذات.

مضيفًا بأن أحداث سبتمبر خلفت فجوة كبيرة وتمييزًا عنصريًا كبيرًا تجاه المرأة المسلمة، واستطاعات المؤسسات الدينية والإجتماعية ودور المساجد من خلال الإجتماعات لفتح قنوات التواصل في ما بينهم للتعريف بالحضارة العربية والإسلامية سد هذه الفجوة، وأصبح لدى الكثير معرفة بحجاب للمرأة المسلمة. قائلاً: quot;أصبح هنالك تقبل للمرأة المحجبة، وأصبحت قادرة على إيصال صوتها، ولكن بدون إعطاء فرص كبيرة لها. فلا زالت تحتاج وقتًا لتحقيق ذاتها وإثبات وجودها وأكثر ما تحتاجه هو الدعم المعنوي والمتمثل في توعيتها وتثقيفها بحقوقها المدنية بمشاركة المراكز التعليمية والمؤسسات الدينية.

سارة حركاتي: اللغة العامل الرئيس للتفوق وإثبات الذات
وترى الإعلامية سارة حركاتي لبرنامج (عالمها) في تلفزيون إم سي غولد، والعضو في لجنة مكافحة التمييز العنصري في ولاية ميشغان أن المرأة العربية في أميركا تواجه مصاعب كثيرة قد تعوقها أمام تحقيق ذاتها والنجاح، ولكنها تستطيع أن تتغلب عليها متى توافرت الإرادة والإصرار في النفس على النجاح والمضي، ومن ثم الدعم المعنوي من المحيطين وتشجيعها ودفعها إلى ما تريد بالدعم المادي، في ما لو احتاج الأمر.

مؤكدة على أن الحجاب لم يعد تحديًا كبيرًا أمام المرأة المسلمة لتواجدها في الحقل المهني. فقد أصبحت موجودة في مجالات عدة، ولكن ربما يعوقها أمام بعض المجالات التي تفرض عليها عدم ارتداء للحجاب.

فيما تعتقد أن التحصيل العلمي واللغة من أحد أهم المعوقات أمام الكثير من النساء العربيات المتواجدات في أميركا، ذلك أنه لا يتم الإعتراف بالشهادات والمؤهلات الأميركية في سوق العمل، ويفضل دومًا حملة الشهادات الأميركية. فتجد المرأة نفسها أمام تحد كبير، فهي من جهة تحتاج إتقان اللغة، ومن جهة أخرى تحتاج العودة إلى كرسي الدراسة لإتمام دراستها وحصولها على شهادة أميركية معترف بها تؤهلها لعمل جيد.

منى زنتوت: المرأة المسلمة هي من يجب أن يعرّف عن نفسه
من جهتها ترى السيدة منى زنتوت المحاسبة في شركة هرتز للسيارات في مدينة أوكلاهوما سيتي في ولاية أوكلاهوما أن أول السبل لتحقيق نجاح المرأة يأتي من الرجل الداعم الرئيس والأول لها.

كما إنه العائق الأول أمام تقدمها، فهو يأتي من بلاد المنحدر محملاً بأفكاره التي ترى أن تعليم المرأة سوف يؤثر على كفاءتها وقدرتها على أعمالها المنزلية. فالمجتمعات العربية تهيمن عليها صورة الرجل العامل المجد الكاسب للرزق، فيما تصور المرأة كربة بيت تعتني بأطفالها وأسرتها، وهذا هو أقصى ما يجب عليها فعله.

معتقدة بأن هنالك تقصيرًا من جانب المرأة المسلمة في تعريف نفسها بصورة صحيحة، فهي الآتية للبلاد، لذلك وجب عليها تقديم نفسها للمجتمع بصورة تبرزها وتعرفها للمجتمع الذي لا تتوانى الميديا فيه عن تصوير العرب كإرهابيين. معتقدة بأن العمل التطوعي هو أولى الخطوات التي تسهم في إبراز شخصية المرأة المسلمة كعضو فاعل وتغير الصورة النمطية المأخوذة عنها، وهو ما قد يعطي انطباعًا حقيقيًا وجيدًا. ويسهل في ما بعد عميلة تواجدها في مجالات عدة للعمل.

وترى زنتوت أن اللغة هي الطريق الأول للإحتكاك، وإذا لم يتم إتقانها لا بد وأن تكون النتيجة التهميش، والإقصاء من فرص كثيرة في العمل.

وتختم حديثها قائلة:؛ على الرغم من التحديات والمصاعب الكثيرة التي تواجهنا، إلا أن هنالك العديد من النساء اللواتي استطعن اجتياز ذلك وبنجاح وقوة.