لم يستبعد خبراء احتمالات استهداف تنظيمات إرهابية للقمة العربية في بغداد، على خلفية تسريبات تشير إلى رغبة تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين في إثبات نفوذه، ومساعٍي قوى أخرى لتصفية حسابات مع أنظمة عربية وخليجية، يأتي ذلك في وقت تصل إلى بغداد كوادر استخباراتية خليجية لتأمين مقر القمة.


إجراءات أمنية تواكب القمة العربية في بغداد

محمد نعيم من القاهرة: رصدت تسريبات عبرية تحذيرات دوائر أمنية غربية من استهداف زعماء دول عربية وخليجية خلال انعقاد القمة العربية في بغداد، ولم تستبعد التسريبات التي نشرها الملحق الأسبوعي لصحيفة معاريف استعداد تنظيمات مسلحة في بلاد الرافدين لشنّ هجوم إرهابي على مقر القمة في بغداد، فضلاً عن احتمالات ضلوع النظام السوري في المخطط المتوقع عبر دعم جهات عراقية مسلحة، أو من خلال عناصر تابعة لأجهزة الأمن السورية.

وعزت الدوائر الأمنية ذلك إلى حالة السخط التي انتابت الأسد على خلفية عدم تلقيه دعوة من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لحضور القمة، وكان من المفترض اقتصار التمثيل السوري على وزير الخارجية وليد المعلم، إلا أنه وفي وقت لاحق أُعلن أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم قرر عدم مشاركته هو ولا أي وفد سياسي سوري رسمي في القمة العربية في بغداد.

استغراب العاصمتين السورية والإيرانية
في هذا الصدد، كشفت التسريبات العبرية النقاب عن تعهد استباقي لرئيس الوزراء العراقي لدول عربية وخليجية، بعدم توجيه دعوة إلى الرئيس السوري ونظيره الإيراني لحضور القمة، الأمر الذي أثار حالة من الاستغراب لدى العاصمتين الإيرانية والسورية، وحمل معه مؤشرات إلى إمكانية استهداف القمة عبر تجنيد عناصر إرهابية، يأتي في طليعتها تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين.

في تعليق على تلك التحسبات، لم يستبعد خبراء أمنيون في القاهرة احتمالات خروج هذا السيناريو إلى أرض الواقع. وفي تصريح خاص لـ quot;إيلافquot; قال الدكتور ضياء رشوان الخبير في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية: quot;إن احتمالات استهداف عناصر إرهابية للقمة العربية في بغداد غير مستبعد، إذ تعتبر القمة هدفاً استراتيجياً بالنسبة إلى تنظيم، مثل القاعدة، خاصة أنها المرة الأولى التي تعقد فيها قمة عربية في بغداد منذ 24 عاماً، والمساس بتلك القمة أمنياً يحقق نجاحاً كبيراً للتنظيم، إذ سيوجّه العديد من الرسائل، أهمها: قدرة التنظيم على التوغل في كل المناطق العراقية، وعجز أجهزة الأمن العراقية عن التعاطي أو مجابهة التنظيم، وإثبات مدى ضعف الحكومة العراقية في احتواء الوضع الأمني في البلادquot;.

أما في ما يتعلق باحتمالات ضلوع النظام السوري، فيرى الدكتور ضياء رشوان أن دعم أجهزة الأمن السورية للمخطط المحتمل ndash; إن رأى النور ndash; سيكون في أضيق الظروف، خاصة أن المستوى السياسي في دمشق لا يرغب في فتح جبهات عربية جديدة عليه، أو توتر العلاقات بينه وحكومة المالكي بشكل أكثر مما هي عليه، كما إن دعم النظام السوري لعمليات من هذا النوع، يتطلب تنسيقاً مباشراً مع أجهزة الأمن الإيرانية، التي لن تقبل بذلك، في محاولة لإعادة انخراطها في الأسرة العربية والخليجية من خلال القمة العربية.

جاء ذلك في وقت أشارت فيه التسريبات العبرية إلى أن قوات الأمن العراقية والخليجية، اتخذت تدابير أمنية غير مسبوقة لتأمين مقر انعقاد القمة في المنطقة الخضراء في العاصمة بغداد، إذ انتشرت قوات كبيرة من الجيش والشرطة العراقية في نواحي العاصمة العراقية وضواحيها، بداية من الثالث والعشرين من آذار/ مارس الجاري، للحيلولة دون تعرّض مقر القمة لهجوم إرهابي من قبل تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، خاصة أن فعاليات القمة ستستمر ثلاثة أيام متواصلة.

أجهزة استخباراتية خليجية لتأمين القمة
إلى ذلك تشير التسريبات إلى وصول فيالق من أجهزة الاستخبارات الخليجية للمشاركة في تأمين القمة، وحملت الكوادر الاستخباراتية بحوزتها معدات تعقب الكتروني متطورة لمكافحة الإرهاب، على أن تنحصر مهمة تلك المعدات في توفير الحراسة التامة لكل زعيم خليجي على حدة يشارك في القمة.

على الرغم من ذلك لم يعوّل الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة على نجاعة هذه الإجراءات في تأمين القمة، مشيراً في حديث خاص لـ quot;إيلافquot; إلى أنه: quot;لم يجتمع هذا الجمع الغفير من زعماء الدول العربية والخليجية قبل ذلك في العراق، خاصة أن العراق يحوي العديد من التنظيمات الإرهابية القادرة على التعامل مع أي هدف على أرض الواقع، فلن تجابه فلول القاعدة على سبيل المثال أية عوائق في التسلل إلى العاصمة العراقية، إضافة إلى أن أية عملية يستهدف بها القاعدة القمة، ستكون بمثابة نجاح غير مسبوق للتنظيم، ومن الصعب استبعاد محاولة التنظيم وغيره من التنظيمات الإرهابية استغلال تلك الفرصةquot;.

وأوضح الدكتور فهمي أنه إذا كانت هناك دول عربية وخليجية تدفع مبالغ مادية ضخمة لتنظيم القاعدة وغيره من التنظيمات المسلحة في العراق، وإذا كانت الدول عينها ستضاعف هذه المبالغ للحيلولة دون المساس بزعمائها خلال انعقاد القمة، فليس ثمة شك في أن الوضع الأمني في بلاد الرافدين بالغ الصعوبة في ظل المعطيات المفروضة على أرض الواقع، كما إن انعقاد القمة في المنطقة الخضراء Green Zone بالغة التأمين والواقعة في قلب بغداد، لا يعكس إمكانية السيطرة عليها أمنياً، خاصة أن المنطقة التي يدور الحديث عنها تتعرّض لقصف شبه مستديم بقذائف الهاون والكاتيوشا من دون اعتقال من يقفون وراء الاعتداءات أو الكشف عن هويتهم.

وفي ما يخص احتمالات ضلوع أجهزة الأمن السورية في اعتداء محتمل على القمة، لم يستبعد فهمي في حديثه لـ quot;إيلافquot; تلك الاحتمالات، وقال: quot;قد يحرّض النظام السوري على تلك الحماقة كجزء من تصفية حسابات مع أنظمة عربية وخليجية، خاصة أن مقر انعقاد القمة، التي استبعدت الرئيس السوري من الحضور، لا يبعد كثيراً عن الحدود السورية، وإذا لم يقم الأسد بذلك فإنه لن يتوانى عن دعم الخلايا الإرهابية في العراق بالعتاد والسلاح لاستهداف مقر القمة.

انطلاقاً من ذلك عادت دوائر أمنية إسرائيلية بالذاكرة إلى الوراء، مشيرة إلى اتهام رئيس الوزراء العراقي الرئيس السوري في كانون الثاني/ يناير الماضي بالوقوف وراء الموجات الإرهابية التي نفذت عملياتها المسلحة في بغداد، واعتمد بعضها على استخدام سيارات مفخخة، والآخر كان من خلال قصف مباشر لمكاتب الحكومة وسفارات أجنبية في بغداد.

إذ اكدت تقارير الأمن العراقية أن النظام السوري يقف وراء الاعتداء على السفارة التركية في بغداد في الثامن عشر من كانون الثاني/ يناير الماضي، وذلك في محاولة من النظام السوري لتوجيه رسالة تحذير إلى أنقرة من مغبة ضلوعها في دعم الثورة السورية ضد الأسد، واعتزامها الضلوع في عمل عسكري وشيك ضد النظام السوري.

يذكر أن مصر لن تشارك بمستوى رفيع في القمة العربية، إذ قرر رئيس المجلس العسكري المصري المشير محمد حسين طنطاوي عدم المشاركة في القمة، مبرراً ذلك بانشغاله والمجلس بالإعداد للانتخابات الرئاسية، والظروف السياسية والاقتصادية وربما الأمنية التي تمر بها بلاده، وسوف يمثل مصر في القمة مستوى متواضع من المطبخ السياسي.