مخاوف من دخول الميليشيات المسلّحة عالم السياسة في ليبيا

يتوجه قادة الميليشيات في ليبيا إلى الحياة السياسية، حيث بات أحد القادة في الزنتان بالعمل على الترشح لمنصب سياسي، في وقت بدأ رئيس مجلس طرابلس العسكري بتأسيس حزب. وأشارت تقارير صحافية إلى ان الليبيين يخططون وبعد مرور أشهر على سقوط القذافي لإقامة انتخابات، تجعل الحياة في بلادهم مختلفة عمّا استمرت عليه لعقود.


القاهرة: بدأ قادة الميليشيات، الذين حوّلوا ليبيا في مرحلة ما بعد القذافي إلى خليط من الإقطاعيين الذين يتمتعون بحكم شبه ذاتي، يتوجهون إلى عالم السياسة، ما أثار مخاوف من احتمال أن تقوم كتائبهم المسلحة بتقويض الانتخابات التي ترمي إلى وضع الأساس لديمقراطية جديدة.

وقد قام في سبيل ذلك أحد القادة في الزنتان، وهو الذي يسيطر على المطار الموجود في العاصمة، بتبديل زيّه الرسمي ببدلة وربطة عنق، وبات يتحدث الآن عن رغبته في شغل منصب من المناصب، في وقت يحظى فيه بدعم 1200 من رجاله المسلحين.

كما بدأ رئيس مجلس طرابلس العسكري بتأسيس حزب سياسي، ويقوم المجلس العسكري في بنغازي بإعداد لائحة المرشحين الخاصة به تأهباً للمنافسة على مناصب محلية.

ليس هذا فحسب، بل أقدمت بالفعل الميليشيات الإقليمية والمجلس الوطني الانتقالي الحاكم على منع مدينة بني وليد، التي كانت معقلاً لدعم وتأييد العقيد الراحل معمر القذافي، من اختيار حكومتها المحلية. فيما تطوع قادة مسلحون آخرون بدعمهم المسلح باعتبارهم الأجنحة العسكرية للأحزاب التي جرى تشكيلها خلال الآونة الأخيرة.

وفي هذا الصدد، أشارت اليوم صحيفة quot;النيويورك تايمزquot; الأميركية إلى أن الليبيين، وبعد مرور 5 أشهر على وفاة القذافي، باتوا يرتكزون على الطقوس الخاصة بصناديق الاقتراع بغية إنهاء حكم اتسم بالقوة الغاشمة واستمر على مدار 4 عقود.

وأعقبت الصحيفة بقولها إن الكتائب التي تم تشكيلها لمحاربة القذافي، وكثيرين آخرين، نجحوا في إحباط المحاولات التي سعت إلى توطيد سلطة مركزية جديدة وباتوا مصدر خطر على الأمن، بإطلاقهم النار بشكل مميت في العاصمة، واحتجازهم وتعذيبهم المشتبه في ولائهم للقذافي، فضلاً عن قيامهم الأسبوع الماضي باختطاف عضوين من أعضاء المجلس الوطني الانتقالي على مدار يومين. وهو ما جعل قادة البلاد الموقتين يعربون عن تمنياتهم بأن تحظى الحكومة التي سيتم انتخابها بالسلطة التي تؤهلها لكبح جماح تلك الميليشيات، وأن تهرع البلاد لإجراء الانتخابات.

وأضافت الصحيفة أن أكبر مدينتين، وهما بنغازي وطرابلس، تخططان لإجراء انتخابات محلية بحلول أيار (مايو) المقبل، بينما وعد المجلس الوطني الانتقالي بإجراء انتخابات في حزيران (يونيو) المقبل لتشكيل جمعية تحكم أثناء كتابتها دستورا جديدا.

ومع هذا، لم يستطع كثير من المواطنين إخفاء قلقهم من أنه إذا لم يكن هناك جيش وطني أو قوة شرطة، فسيكون بمقدور الميليشيات ترهيب الناخبين أو قمع الأصوات أو حتى الهيمنة على العملية بأسرها، ومن ثم ترك ليبيا غارقة في عنف داخلي أو ممزقة بتوترات إقليمية أو تصبح عرضة لاستقبال طاغية جديد على غرار القذافي.

ومضت الصحيفة تنقل عن علي الترهوني، وزير النفط ونائب رئيس الوزراء السابق الذي يؤسس أحد الأحزاب الجديدة الآن، قوله:quot; نقول بوضوح تام إننا لا نريد أن نكون جزءا من ذلك التفاعل الذي يجمع بين البنادق والسياسة. لكننا بسيرنا على الطريق، ما الذي يمكننا أن نفعله؟quot;. وأضاف الترهوني وآخرون أنهم يخشون تكرار تجربة لبنان في ليبيا، حيث أصبحت الميليشيات المسلحة التي تشكلت أثناء الحرب الأهلية جزءا دائماً من المشهد السياسي هناك. في حين يرى آخرون أن ليبيا قد تخالف توقعات الفوضى التي يتحدث عنها البعض في أيام الانتخاب المختلفة.

وبعد أن عاشوا حكماً دكتاتورياً استمر على مدار 42 عاماً، كان يصفه القذافي بأنه quot;حكم تشاركي مع الجماهيرquot;، بدأ يعرب الليبيون عن ارتيابهم بشأن الديمقراطية. وذلك في الوقت الذي يؤكد فيه قادة الميليشيات الإقليمية أنهم حراس الديمقراطية، وأنهم يعوضون بذلك إخفاقات القيادة التي تتحقق على يد المجلس الوطني الانتقالي.

فيما قال فوزي بوقطيف، قائد ائتلاف مكون من 40 كتيبة في المنطقة الشرقية ومقره في بنغازي، إنه على وشك الإعلان عن تأسيس اتحاد وطني للميليشيات، بشكل مستقل عن وزارتي الدفاع والداخلية. وأكد أن بمقدور هذا الاتحاد استخدام ما لديه من قوة في قمع ومواجهة باقي الجماعات المسلحة التي لا تزال تعمل في طرابلس.
وتابع حديثه في هذا السياق بالقول:quot;سنوقفهم أو سنحبسهم، فنحن نعرف المقاتلين. ونحن من سيقرر من هو الثوري ومن ليس ثورياً. ويمكنني القول إن الميليشيات هي المشكلة، لكنها تعتبر الحل في الوقت عينه أيضاًquot;. وتزامن ذلك مع التأكيدات التي أطلقها مسؤولو الحكومة المؤقتة بخصوص الخطط التي يسعون من خلالها للسيطرة على الميليشيات من خلال إقامة الانتخابات في الأول من حزيران/ يونيو المقبل، بشكل جزئي عن طريق استئجار مقاتلي الميليشيات لإنشاء حرس وطني.