الجاسوسة الروسية آن تشابمان تزوجت انكليزيا وعاشت 4 سنوات في بريطانيا

يحذر خبراء الشؤون الروسية من أن نحو 40 جاسوسا يعملون لموسكو في سفارتها بلندن وحدها وأن هذا العدد مماثل، على الأقل، لذلك الذي كان نشطاً في أوج الحرب الباردة. وتتحسر بريطانيا على هذا قائلة إنه يضعف مواردها المخصصة لمكافحة الإرهاب الدولي.


لندن: إذا أحصيت عدد العاملين في السفارة الروسية بلندن وقمت بغربلة لمعرفة مَن منهم يقوم بأنشطة laquo;لا تتناسب ومهامهم الرسميةraquo; على نحو أو آخر، وجدت أن نصفهم تقريبا يقعون في هذه الفئة الأخيرة. وبعبارة أخرى بسيطة، فهم جواسيس.

هذا ما أدلى به مسؤول بريطاني رفيع المستوى لصحيفة laquo;تليغرافraquo; التي حجبت هويته (ولِم لا والحديث عن عالم يقوم على السرّية)؟ ويقول هذا المصدر إن نحو 40 جاسوسا يعملون لموسكو في لندن في أي وقت يختاره المرء. وقال إن هذا العدد مماثل، على الأقل، لذلك الذي كان نشطا في أوج الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي والغرب.

وأضاف هذا المسؤول قوله إن بعض هؤلاء ينهمكون في أنشطة التجسس التقليدي من جمع المعلومات الدفاعية والقدرات الهجومية وغيرها من المعلومات العسكرية. ويراقب البعض الآخر معارضي الكرملين من طبقة الأوليغارك الروس (المليارديرات) اللاجئين لبريطانيا، أو يمارس التجسس الصناعي لصالح مختلف الشركات والمؤسسات الروسية... بين أنشطة أخرى.
وثمة مخاوف من أن روسيا ستصعّد عملياتها التجسسية خلال الأشهر القليلة المقبلة مستغلة انشغال قوى الأمن البريطانية بأولمبياد لندن 2012 واحتفالات الملكة اليزابيث الثانية بيوبيلها الماسي العام الحالي. ويقول خبير بهذا المجال إن بريطانيا عموما laquo;مغريةraquo; بالنسبة للجواسيس الروس لأنها تشكل أيضا laquo;بوابة خلفيةraquo; الى الولايات المتحدة.

ويذكر أن العلاقات بين بريطانيا وروسيا ساءت في السنوات الأخيرة خاصة بعد اغتيال عميل laquo;كيه جي بيraquo; السوفياتية وlaquo;إف إس بيraquo; الروسية المنشق الكسندر لتفنينكو بمادة البلونيوم - 210 المشعّة بمطعم لندني في نوفمبر / تشرين الثاني 2006. ونسبت عملية الاغتيال لأوامر صادرة عن الكرملين (فلاديمير بوتين تحديدا) وقيل إن مرتكب الجريمة هو العميل الروسي اندريه لوغوفوي. وطالبت بريطانيا بمحاكمته لكن روسيا رفضت تسليمه.

وفي العام نفسه اتهمت موسكو لندن بأن عملاءها زرعوا جهاز إرسال واستقبال للمراقبة والتنصت داخل laquo;حجر مزيّفraquo; ملقى به على جانب أحد الممرات في متنزه بموسكو. وقالت إن مهمة الجهاز المزروع داخل الحجر هي استقبال معلومات إلكترونية يبثها عميل روسي مزدوج. فيمر بالقرب من الحجر ويبدأ البث اليه لاسلكيا من كمبيوتر يد laquo;بي دي ايهraquo;. وبعد أن تنتهي مهمته هذه يأتي عميل بريطاني بكمبيوتر يد أيضا ويمر أمام الحجر نفسه ويلتقط به المعلومات التي تركها العميل الروسي داخل الحجر. وأعلنت السطات الروسية أنها صوّرت العملية بأكملها ومضت لتبثّه على شاشات تلفزيون الدولة.

وأنكرت بريطانيا الاتهامات الروسية بشدة وقتها. لكن جوناثان باول رئيس طاقم العاملين في 10 داونينغ ستريت عندما كان توني بلير رئيسا للوزراء - أقر في شباط (فبراير) الماضي بأن روسيا كانت محقة في اتهامها بريطانيا بالتجسس وعلى ذلك النحو بالضبط، وهو ما أوردته laquo;إيلافraquo; في حينها.

الكسندر لتفنينكو اغتالته موسكو في لندن في 2006 عظة لمن يعتبر

وقال باول: laquo;لا مناص من القول إن الروس قبضوا علينا متلبسين بالجرم المشهود. والواضح أنهم كانوا يعلمون بأمر حجر التجسس هذا لفترة ما، لكنهم ظلوا ساكتين عليه بانتظار الظرف السياسي المواتي لإنزال قبضتهم الغاضبة علينا، وهو ما حدث فعلاraquo;.

يذكر أن مدير وكالة الاستخبارات الداخلية ومكافحة التجسس laquo;إم آي 5raquo;، جوناثان ايفانز، قال إنه بالرغم من laquo;ذوبان جليد الحرب الباردةraquo; بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، فهو يسعى أبدا لتعزيز دفاعات المملكة المتحدة في وجه تمسك جهات معيّنة بهذا الترتيب العالمي الجديد.

وأشار الى انهماك روسيا والصين بالتحديد في عمليات تجسس بعضها يكاد يكون سافرا. وأضاف قوله: laquo;من المخيب للآمال على نحو ما أن نضطر لتخصيص قدر هائل من الموارد والمعدات والمال والعنصر البشري لمواجهة هذا الخطر المُفترض أنه زال بزوال أسبابهraquo;. وقال إنه يفضل لو كان بوسعه تخصيص هذه الموارد لمكافحة الإرهاب الدولي laquo;الذي يشكل أكبر تهديد للأسرة العالمية بأسرها وليس لبريطانيا وحدهاraquo;.

وكان جاسوس روسي منشق عن laquo;كيه جيه بيraquo; اسمه اوليغ غوردييفسكي، قد حذر لندن من أن عدد الجواسيس الروس العاملين على الأراضي البريطانية laquo;قد يكون أعلى مما كان عليه خلال منتصف الثمانينات في أوج الحرب الباردة، عندما كانت السفارة الروسية في لندن تضم 39 جاسوسا مقنّعين بمختلف المهام الدبلوماسية الرسميةraquo;.

وكان غوردييفسكي يعمل لوكالة laquo;كيه جي بيraquo; برتبة كولونيل وعينته موسكو وقتها مديرا لعملياتها في لندن. لكنه كان في الواقع عميلا مزدوجا يعمل ايضا لوكالة الاستخبارات البريطانية الخارجية laquo;إم آي 6raquo;. واعتقلته سلطات موسكو بهذا الاتهام في 1985 لكنه أفلح في الفرار الى بريطانيا بعيد ذلك.

ومن جهته قال جوناثان ريال، خبير الشؤون الروسية في بنك العقول الأمني laquo;المعهد الملكي للاستخبارات الموحدةraquo; (تصادف أنه يُعرف اختصارا باسم laquo;روسيraquo;): laquo;تولي موسكو اهتماما خاصا ببريطانيا لأن العلاقات laquo;الخاصةraquo; بينها وبين الولايات المتحدة تجعلها وسيلة فضلى لأي حصان طروادة تريد التغلغل به الى أميركاraquo;.

ويضيف قوله: laquo;من جهة هناك العدد الكبير من الأوليغارك الروس المعارضين للكرملين واللاجئين الى بريطانيا دون بقية الدول الغربية. وهؤلاء قوم تخشاهم موسكو كثيرا بسبب أموالهم الهائلة ونوع النفوذ الذي يوفره لهم هذا. ثم هناك انصراف أجهزتنا الأمنية لتأمين أولمبياد 2012 وأيضا احتفالات الملكة بيوبيلها. وبناء على كل هذا فنتوقع أن تشهد هذا الصيف تصاعدا هائلا في أنشطة روسيا التجسسية عليناraquo;.

روسيا كشفت تجسس بريطانيا بـlaquo;حجرهاraquo; الشهير في موسكو