الدبلوماسية البريطانية تعاني نقصًا مريعًا في أحد أهم المستلزمات الدولية

شكا برلماني بريطاني بغضب من أن السواد الأعظم من الدبلوماسيين البريطانيين في سفارات بلادهم حول العالم لا يتحدثون اللغات المحلية. وقال إن هذا يعود وبالاً مستطيرًا على اقتصاد بريطانيا لأنه يسد عددًا كبيرًا من منافذها التجارية المهمة.


لندن: بين سائر أطقم السفارات البريطانية في الخارج، فإن واحدًا فقط من بين كل أربعين دبلوماسيًا يجيد التخاطب بلغة أهل البلاد التي يعمل فيها، وفقًا للأرقام التي تداولتها الصحافة.

فقد أظهرت هذه الأرقام أنه من مجموع 1900 دبلوماسي من العاملين في سفارات بلادهم، فإن 48 فقط يتلقون علاوات مالية بفضل أنهم يجيدون الحديث باللغة المحلية حيث يعملون. ويعني حجب هذه العلاوة عن مرتبات الآخرين لأنهم عاجزون حتى عن التفاهم بالعبارات اليومية المتداولة أكثر من غيرها وقد تقتصر ذخائرهم اللغوية الأجنبية على مواقف التحايا والشكر والاعتذار ولكن لا أكثر من هذا.

وبالطبع، ثمة غضب عميق إزاء هذا الوضع وسط البريطانيين العارفين لأنهم ينظرون الى الأمور من زاوية المصالح التجارية البحت. ومن هذا المنطلق نقلت وسائل الإعلام عن عضو لجنة الحسابات العامة البرلمانية، النائب المحافظ ستيفن باركلي، قوله: laquo;إن عجز الدبلوماسيين البريطانيين عن الحديث بلغات مراكزهم لا يقل عن كارثة اقتصادية. فهو يعني، ببساطة، أنهم laquo;طرشان في الزفّةraquo; عندما يتعلق الأمر بالصفقات التجارية التي يمكن ان تحصل عليها بريطانيا. كيف يتفاوض المرء على الأمور التجارية مع أي شخص وهو لا يتحدث لغتهraquo;؟

وعلى سبيل أمثلة ضياع الفرص التجارية، ففي السفارة البريطانية في نيودلهي يوجد دبلوماسي واحد قادر على تحدث لغة البلاد الرسمية، وهي الهندي. وهذا وضع يُعتقد أنه يقف وراء تفضيل الحكومة الهندية لفرنسا على بريطانيا في صفقة مقاتلات نفّاثة قيمتها 7 مليارات جنيه (قرابة 12 مليار دولار).

وفي المجال السياسي ndash; العسكري، فلنأخذ كوريا الشمالية حيث يوجد لبريطانيا خمسة دبلوماسيين يتحدث واحد منهم فقط الكورية، وعلى مستوى المبتدئين فقط. ويتساءل النائب باركلي إزاء هذا عن جدوى التفاوض مع بيونغ يانغ في أمور مثل جدوى السلام مع الشق الجنوبي ودعك من أخرى خطيرة مثل ضرورة وقف مشروعها النووي.

وألقى باركلي بقدر كبير من اللائمة في ما أسماه laquo;هذا الوضع المريعraquo; على (رئيس الوزراء العمالي السابق) غوردون براون عندما كان وزيرًا للخزانة (في عهد توني بلير). فقد أصدر وقتها قرارًا بإغلاق مدرسة اللغات الأجنبية للدبلوماسيين سعيًا وراء توفير مليون جنيه في العام.

ووصف براون بقصر النظر المدهش، لكنه أغدق الثناء على وزير الخارجية الحالي، وليام هيغ الذي أعاد فتح هذه المدرسة العام الماضي بعد تعطل دام أربع سنوات.

وضرب باركلي مثالاً آخر بأن لا أحد مطلقًا في طاقم السفارة البريطانية في لاتفيا يتحدث اللاتفية رغم أن البلاد تعتبر ضمن أسرع الدول الأوروبية نموًا اقتصاديًا. ومضى يقول بغضب إن دبلوماسيًا بريطانيًا واحدًا فقط يتحدث العربية في كل من سفارات المملكة العربية السعودية وقطر وعمان واليمن، بينما تخلو مصر من أي دبلوماسي يتحدث بلسانها. وقال إن الأمر يكرر نفسه في ماليزيا وكوبا واذربيجان والفيليبين وروسيا البيضاء (بيلاروسيا)، والأهم من كل هذا، أفغانستان وباكستان رغم الافتراض الغربي القائل إنهما laquo;بوتقتان للإرهابraquo;.