أكد عميد كلية الإعلام في جامعة بغداد الدكتور هاشم حسن في حوار مع (إيلاف) أن من العبث والغباء الاعتقاد أن هناك حرية تعبير في ظل مجتمع لا يعرف حقوقه الاساسية كاملة، مشيرًا الى أن حرية التعبير لم تتحقق لأنها تحتاج الى قاعدة اقتصادية كبيرة وبيئة اجتماعية عامة ووضع ثقافي جيدواستقرار سياسي في البلد، وكل هذا لم يتحقق بعد.

عميد كلية الإعلام في جامعة بغداد الدكتور هاشم حسن

بغداد: قال عميد كلية الإعلام في جامعة بغداد الدكتور هاشم حسن إنّ نقابة الصحافيين ما زالت تعمل بقرارات (مجلس قيادة الثورة) في النظام السابق وقرارات المكتب المهني لحزب البعث المقبور.

وأوضح في حوار مع quot;ايلافquot; لمناسبة اليوم العالمي للصحافة أن نقابة الصحافيين العراقيين اسقطت هويتها كمنظمة مجتمع مدنيحين اعتبرها مجلس الوزراء احدى الوزارات، وخصص لها ميزانية مقطوعة ضمن الميزانية العامة للدولة.

ولاحظت وزارة الخارجية البريطانية في تقريرها السنوي الذي نشرته الاسبوع الحالي حول أوضاع حقوق الإنسان في العالم، أن العراق (لا يزال واحداً من أسوأ دول العالم في مجال حرية التعبير عن الرأي) مشيرة إلى (ارتفاع حالات الإساءة الى الصحافيين) خلال العام الماضي، وأن قانون حماية الصحافيين الصادر العام الماضي (يتضمن بعض العناصر الايجابية، لكنه في الوقت نفسه يتضمن أحكاماً مقلقة قد تؤدي لتآكل الحريات الإعلامية).

وفي ما يلي نص الحوار كاملاً:

ما رأيكم في القول بأن العراق أحد أسوأ دول العالم في مجال حرية التعبير عن الرأي؟

هذه اشكالية، ولكن ما الغريب فيها؟

العراق لم يصل بعد على كل الاصعدة الى المرحلة التي يتمثل بها الاستقرار الامني والاقتصادي والاجتماعي وباعتراف حتى السلطات التشريعية والتنفيذية والمؤشرات الداخلية والعالمية، لأن العراق يمر بمرحلة انتقالية وهذه المرحلة الانتقالية معناها أننا ما زلنا في بداية الطريق وأن هنالك تحديات كبيرة وهذا لا يبرر عدم وصولنا الى مرحلة الاستقرار لأن العراق بلد غني.

ومنذ العام 2003 الى حد الآن انفقنا عشرات وربما مئات المليارات من أموال العراق والدول المانحة ولم تتحقق أشياء نوعية على مختلف الاصعدة وفي مقدمتها التنمية البشرية، وجزء كبير من هذه التنمية البشريةثقافة حقوق الانسان وبناء وسائل اعلام متقدمة بمهارات عالية، نحنما زلنا حتى هذه اللحظة نقوم بأعمال تجريبية.

نعم، لم تتحقق حرية التعبير لأن هذه الحرية تحتاج الى قاعدة اقتصادية كبيرة، كما تحتاج الى بيئة اجتماعية عامة ووضعثقافي جيد،إضافة الى استقرار سياسي في البلد، حتى الآن هذه ما زالت متذبذبة.
نحن اذن ابناء هذه الحاضنة، وعلى الصعيد التفصيلي لم نؤسس مؤسسات اعلامية مستقلة كاملة البنيان وانما مؤسسات شخصية أو حزبية تختفي بلمحة البصر باختفاء الاموال أو الاهداف.

ثانيا، لا توجد ثقافة في العراق لحقوق الانسان، فمن العبث والجنون ومن الغباء الاعتقاد أن هناك حرية تعبير في ظل مجتمع لا يعرف حقوقه الاساسية كاملة، هناك انحطاط للبنية التعليمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية ولذلك نحن بحاجة الى بناء متكامل لكي تظهر حرية الفكر والاعتقاد وحرية التعبير ثم الصحافة الحرة .

من يتحمل مسؤولية ما يتعرض له الصحافيون؟

نحن بكل المقاييس دولة فاشلة لم نضع استراتيجيات توظيف العائدات الضخمة لعائدات النفط لنبني عراقًا جديدًا معماريًا وانسانيًا، حتى اللحظة ليست هناك خطة تنمية، هناك اموال تذهب لميزانية عامة واكثر هذه الميزانية مهلهلة وتذهب لجيوب المفسدين في كل المؤسسات وفي كل الدوائر، ولذلك لم نرَ نهضة واضحة، لا على الصعيد المعمار ولا على صعيد الثقافة، وانما هنالك حالة استقرار نسبي تقاس ليس بدول العالم ام بالممكنات المتاحة وانما تقاس بحالة الفوضى بعام 2003 أو الذي اعقب الفوضى الطائفية عام 2006 ، وهذه المقاييس خاطئة .

هل انصف القانون الصحافيين فعلاً؟

أبدا، هذا القانون يمثل انموذجًا للفوضى القانونية التي يعيشها البلد، نحن بحاجة إلى قانون يحول قوانين (بريمر) قانون 65 وقانون 66 الى قوانين عراقية جديدة وهذا تعبير عن استحقاق دستوري، أو تشكيل هيئة اعلام مستقلة بقانون جديد، وايضًا منظمة بث عام لشبكة الاعلام لا بد أن يصدر لها قانون جديد حتى نضمن اعلام دولة مستقل وليس حكومة، ودائرة ومؤسسة مستقلة لتنظيم الاعلام في العراق.

وأهم من القانون الذي هو مثل (الكوكتيل) وهو مجرد عبارات غير جاهزة وتوصيفات غير منصفة، كنا محتاجين بالدرجة الاولىالى قانون حق الحصول على المعلومات والذي يجبر الحكومة على أن توفر للصحافي الغطاء القانوني وكل الوسائل لوصوله الى المعلومة باعتباره حقاً للمواطن قبل أن يكون حقًا للصحافي ، غياب هذا القانون معناه غياب الحماية وغياب الحريات.

بأي قانون تتعامل نقابة الصحافيين العراقيين ؟

القانون الذي تعمل به نقابة الصحافيين يمثل الحقبة السابقة بكل أهدافها العامة وبكل توصيفاتها، وهو قانون متخلف بدليل أن عمره اكثر من خمسين عامًا.

وهذا القانون فيه توصيفات للمهنة الصحافية متخلفة، ونحن الآن في القرن الحادي والعشرين، هنالك صحافة انترنت وصحافة الكترونية ووسائط متعدلة، لكن القانون يتحدث عن منظم أرشيف ومنضد وكاتب طابعة، وهذه لم يعد لها وجود، فهل نستطيع أن نعقل ان قانونًا كان نافذًا بنظام حكم شمولي 40 سنة ويكون صالحًا لمرحلة نقول إنها مرحلة ديمقراطية، المجنون لا يصدق ذلك، وحتى النقابة اسندت هذا، هل تعرف لماذا اسندته؟ اسندته للبقاء على كراسي النقابة لتمديد مرحلة الدورة الانتخابية بالاعتماد على قرارات (مجلس قيادة الثورة) وقرارات المكتب المهني لحزب البعث المقبور ، فهل يجوز ذلك ؟

في كلية الاعلام، اين انتم مما يحدث ؟

كلية الاعلام مؤسسة اكاديمية تعليمية لا علاقة لها بالتنظيم النقابي وانما الرأي العام، وهناك آلاف أو عشرات الآلاف من الصحافيينهم معنيون بذلك،ومسؤوليتهم أن يصححوا المسار المهني والنقابي.

ولو تحدثنا بشكل موضوعي يجب أن تكون النقابة خاضعة لقانون منظمات المجتمع المدني، بمعنى يجب في ظل النظام الديمقراطي أن نتوقع العديد من الاتحادات والمنظمات للمهنة نفسها، ولذلك يكون الانتماء لها طوعيًا، ولكن واقع الحال أن النقابة الآن تكرس نفسها المنظمة الوحيدة والشرعية بل هي اصبحت (وزارة)، أي أن نقابة الصحافيين هي الرقم المضاف الى الوزارات العراقية.

وهذا الخرق الذي حدث هو أن مجلس الوزراء اعتبر النقابةاحدى الوزارات وخصص لها ميزانية مقطوعة ضمن الميزانية العامة للدولة وبذلك اسقطت هويتها كمنظمة مجتمع مدني، أي أنها اصبحت دائرة حكومية تابعة للامانة العامة لمجلس الوزراء.