تصاعدت في الآونة الأخيرة الاحتجاجات الفلسطينية وحركات التضامن والفعاليات مع الأسرى داخل السجون الإسرائيلية الذين يخوض عدد كبير منهم إضرابًا مفتوحًا عن الطعام وسط تدهور الوضع الصحي لعدد من المضربين المطالبين بإنهاء العزل الانفرادي ووقف الاعتقال الإداري وانهاء سياسة التفتيش العاري وغيرها من المطالب.
قال وزير شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، عيسى قراقع أنه من المتوقع أن تشهد الـ24 ساعة القادمة حلاً إيجابيًا لقضية الأسرى المضربين عن الطعام منذ 26 يومًا، مؤكدًا أن بعض الأسرى يخوضون اضرابهم منذ 74 يومًا، وبين قراقع أن هناك بوادر اتفاق بشأن وضع حد للاعتقال الإداري وإنهاء العزل الانفرادي وتأمين الزيارات لأهالي الأسرى من قطاع غزة.
وأكد قراقع على أن هناك مفاوضات ومباحثات تجري بين الأسرى وإدارة السجون الإسرائيلية سيعلن عن نتائجها إذا ما صدقت النوايا الإسرائيلية واستجابت لكل الضغوطات وستبلغ قيادة الإضراب بذلك.
وأوضح أن هناك جهودًا تبذل حتى اللحظة من خلال الرئيس الفلسطيني محمود عباس وبواسطة مصر وجهات دولية أخرى مارست ضغطًا عاليًا وكبيرًا.
عدد من الأسرى داخل السجون الإسرائيلية |
وقد أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال زيارته إلى خيمة الاعتصام التضامنية مع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية المقامة في مدينة رام الله، مؤخرًا، أن القيادة الفلسطينية تضع ملف الأسرى على سلم أولوياتها.
وقال الرئيس عباس: quot;لن نسكت أبدًا إذا تعرض أحد الأسرى المضربين عن الطعام للخطر quot;.
وأضاف: quot;أن قضية الأسرى تعدّ سياسية والأهم من ذلك أنها قضية انسانية، منوّهًا إلى أن القيادة تواصل مساعيها وتحركاتها سعيًا إلى تبييض السجون وإنهاء أزمة المضربين عن الطعام quot;.
حملات وفعاليات تضامنية
وقال سامر سمارو، مدير عام وزارة الأسرى في محافظة نابلس في اتصال هاتفي مع quot; إيلاف quot;: quot;إن الحركة الشعبية آخذة بالازديادquot;، مؤكدًا أن المدينة شهدت العديد من الفعاليات التضامنية مع الأسرى .
وأضاف سمارو: quot;أنه منذ إقامة خيام الاعتصام في المحافظات اتسعت دائرة المتضامنين وتضاعفت الفعاليات والاعتصامات، منوهًا إلى أن حجم التضحيات التي يخوضها الأسرى في السجون الإسرائيلية يستحق وقفات كبرى وتضامناً حقيقياً يتمثل بتحقيق الوحدة وتعزيز الصف الوطني quot;.
ودعا، المنظمات الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان، إلى التدخل العاجل لإنقاذ حياة الأسرى المضربين عن الطعام، مطالبًا المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه قضية الأسرى.
وأوضح سمارو، أن المسيرات والمهرجانات والفعاليات التضامنية عمت مختلف المحافظات الفلسطينية، لافتًا في الوقت ذاته إلى أن خيم الاعتصام المنتشرة في محافظات الوطن شهدت توافد جموع غفيرة من أهالي الأسرى والمتضامنين.
وفي سياق متصل، دعا نشطاء إلى التضامن الحقيقي مع الأسرى بالإضراب عن الطعام فيما دعا آخرون إلى مقاطعة الاحتفالات والمهرجانات التي تخصصها بعض المؤسسات وتتضمن بوفيهات مفتوحة للطعام.
وتمحورت خطب الجمعة في الأراضي الفلسطينية حول قضية الأسرى والظروف الصعبة التي يعيشها نحو 4700 أسير وأسيرة في سجون الاحتلال.
ورغم حرارة الطقس خرج المئات من المواطنين في نابلس من بيوتهم لأداء صلاة الجمعة عند خيمة الاعتصام التضامنية مع الأسرى وسط المدينة وهتف الجميع بشعارات وحدوية ودعوات إلى نصرة الأسرى.
ودعا بعض الخطباء إلى quot;الصيام يوم الاثنين والتضرع إلى لله لفك محنة المضربين عن الطعام والذين وصل بعضهم في إضرابه لليوم السادس والسبعين على التواليquot;.
إلى ذلك، عجت شوارع المحافظات بمسيرات الشموع كما انتشر في شوارع رام الله العديد من نشطاء مسرح شارع البلد الذين قاموا بتوزيع الماء والملح على السيارات والمارة، تعبيرًا عن حالة الأسرى المضربين عن الطعام داخل السجون الإسرائيلية والذين يعتمدون على الماء والملح حفاظًا على حياتهم وأجسادهم في ظل اضرابهم عن الطعام.
بدوره، قال رائد عامر، الناطق الإعلامي باسم اللجنة الوطنية لدعم الأسرى في محافظة نابلس، في تصريح لـquot;لإيلافquot;: quot;إن صلاة الجمعة بالقرب من خيمة الاعتصام في محافظة نابلس كانت مميزة نظراً لمشاركة آلاف المواطنين quot;.
وأكد عامر، أن الفعاليات التضامنية باتت تشهد أشكالاً متعددة ومشاركة أوسع لاسيما في ظل استمرار إضراب الأسرى عن الطعام وتفاقم التضحيات.
وأوضح أن هذه الحشود التي تجمعت في ميدان الشهداء وسط مدينة نابلس جاءت للتضامن مع الأسرى وذويهم، مؤكدًا أنها المشاركة الأضخم التي تخرج للتضامن مع الأسرى.
وبين عامر، أن مسيرة حاشدة بمشاركة مختلف الفصائل والقوى والمؤسسات الرسمية والأهلية والشعبية والمجتمعية انطلقت وسط المدينة في أعقاب صلاة الجمعة والخطبة التي تمحورت حول إضراب الأسرى في السجون الإسرائيلية عن الطعام.
وشدد عامر، على ضرورة تحرك المؤسسات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان العاجل سعيًا إلى إنقاذ حياة الأسرى وتحقيق مطالبهم المشروعة والعادلة، مطالبًا الشعب الفلسطيني بتحقيق الوحدة والإبقاء على حالة التفاعل الجماهيري والتضامن المستمر مع الأسرى.
تدهور الأوضاع الصحية
أكدت مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان في بيان صحافي حصلت quot;إيلافquot; على نسخة منه، أن الحالة الصحية للأسرى المضربين عن الطعام في مستشفى سجن الرملة في تدهور مستمر.
وأوضحت، أن محامية المؤسسة منى نداف، زارت مساء الخميس مستشفى سجن الرملة، والتقت بأربعة من الأسرى المضربين عن الطعام وهم: ثائر حلاحلة، ونضال شحادة، وجعفر عز الدين، ومحمد التاج.
وأوضح البيان نقلاً عن المحامية أن وضع الأسير ثائر حلاحلة المضرب عن الطعام منذ 75 يومًا في تدهور كبير حيث انخفض وزنه إلى 55 كلغ ولديه هبوط في الضغط، ونزيف في الفم وعدم استقرار في حرارة الجسم، ويتقيأ دمًا.
وبحسب البيان، أكد الأسير جعفر عز الدين المضرب عن الطعام منذ 52 يومًا، أن هناك ضغوطًا كبيرة تمارس على الأسرى.
وشددت مؤسسة الضمير في بيانها، على ضرورة مواصلة كافة الجهود المحلية والدولية لنصرة الأسرى الفلسطينيين.
تهديد بالتصعيد
وفي سياق متصل، أكد أسرى سجني نفحة وريمون المضربون عن الطعام أنهم ينوون القيام بخطوات تصعيدية في حال تجاهلت مصلحة السجون مطالبهم بحيث سيمتنعون عن تناول الفيتامينات والمحاليل.
وبين مركز الميزان لحقوق الإنسان في تقرير له حصلت quot;إيلافquot; على نسخة منه، أن محامي المركز زار سجني نفحة وريمون والتقى عددًا من الأسرى، منوهًا إلى أن أوضاع الأسرى لا سيما المضربون عن الطعام والبالغ زهاء 350 أسيرًا تزداد صعوبة.
ولليوم السادس والعشرين يواصل الأسرى الفلسطينيون إضرابهم عن الطعام حيث أعلن قرابة ألفي أسير خوض الإضراب عن الطعام منذ يوم الأسير الذي صادف السابع عشر من نيسان الماضي للمطالبة بوقف سياسة الاعتقال الإداري وإلغاء ما يسمى بقانون شاليط ووقف وإنهاء العزل الانفرادي بكافة أشكاله ووقف اقتحام الغرف والتفتيش العاري وتحسين مستوى الخدمات الصحية والمعيشية المقدمة للأسرى والسماح لأهالي غزة بزيارة أبنائهم داخل السجون والعديد من المطالب الأخرى.
وتبعًا للتقرير الصادر عن مركز الميزان، فإن الإضرابات الفردية التي شرع بها عدد من الأسرى قبل الإضراب الجماعي تتواصل حيث تجاوز بعض الأسرى مدة الشهرين في إضرابهم وسجل الأسيران بلال ذياب من محافظة جنين وثائر حلاحلة من محافظة الخليل أطول إضراب عن الطعام في العالم وسجلا رقمًا قياسيًا في ظل صمودهما لليوم الخامس والسبعين في إضرابهما عن الطعام، في حين دخل حسن الصفدي يومه الثامن والستين وعمر أبو شلال لليوم السادس والستين ومحمد التاج لليوم الثامن والخمسين وجعفر الدين لليوم الحادي والخمسين ومحمود السرسك لليوم الخمسين.
رسائل وردود دولية
وفي ظل الحراك المستمر للقيادة الفلسطينية والاتصالات الدولية التي تجريها كان هناك العديد من ردود الفعل الدولية التي رصدتها quot;إيلافquot;، ومن بينها حالة القلق العميق على أوضاع الأسرى التي أعرب عنها المفوض العام للأونروا فيليبو غراندي.
ودعا غراندي، الحكومة الإسرائيلية إلى التوصل لحل مقبول لمطالب الأسرى المضربين عن الطعام تتعلق بشكل عام بالحقوق الأساسية للسجناء والمنصوص عليها في مواثيق جنيف.
وفي سياق ذي صلة ذكرت مصادر فلسطينية أن أمين رابطة أصدقاء نادي الأسير الفلسطيني في النرويج محمد أبو صالح، قام بتسليم المستشار السياسي لمنظمة العفو الدولية (امنستي)، فرع النرويج، جيرالد فولكفورد، رسالة تضمنت أسباب إضراب الأسرى في السجون الإسرائيلية ومطالبهم، وذلك بحضور السفير الفلسطيني في النرويج ياسر النجار.
هذا وطالب مكتب منظمة الصحة العالمية في القدس، إسرائيل بالاستجابة لمطالب الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام، مستنكرًا الاعتقال الإداري لعدد كبير منهم.
ونوّه المكتب، في بيان له، إلى أن أحد المضربين عن الطعام مصاب بمرض الثلاسيميا ويرفض تلقي جرعات العلاج والدم اللازم.
وطالب البيان إسرائيل باحترام حق الأسرى في الوصول للخدمات الصحية، والعمل على توفير خدمة إيصال من يحتاج منهم للمستشفيات، وضمان حق ذويهم بزيارتهم، وتوفير الدعم النفسي للأسرى.
إلى ذلك، أعلن المتحدث الرسمي للخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفيتش، أن quot;روسيا دعت السلطات الإسرائيلية إلى إزالة الأسباب التي دفعت بالسجناء الفلسطينيين في إسرائيل إلى الإضراب عن الطعام quot;.
وقال لوكاشيفيتش: quot; إن 'الوضع المتعلق بإعلان الفلسطينيين الموجودين في السجون الإسرائيلية الإضراب عن الطعام يثير قلقًا بالغًا لدينا quot;.
كما أعربت الحكومة السويسرية عن قلقها إزاء حالة الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام، مطالبة 'السلطات المعنية بالعمل على متابعتهم طبيًا quot;.
وقال بيان صادر عن الخارجية السويسرية: quot; إنه 'من خلال هذه المناسبة، تذكر سويسرا الدول بالالتزامات التي تقع على عاتقها، وبضرورة احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، لا سيما في ما يتعلق بظروف الاعتقال quot;.
بداية الانفراج
ومع استمرار الإضراب بات الفرج قريبًا، كما يقول الفلسطينيون، وبهذا الخصوص أكد فؤاد الخفش، مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان خروج عميد الأسرى المعزولين محمود عيسى من العزل الانفرادي في سجن ريمون إلى سجن هداريم بعد أن أمضى 13 عامًا في العزل الانفرادي.
وقال الخفش: quot;إن هذا يعد انتصارًا كبيرًا وجديدًا يسجل للحركة الأسيرة الفلسطينية التي استطاعت أن تجبر الاحتلال على اخراج محمود عيسى من العزل الانفرادي بعد معركة أمعاء خاوية وإضراب مفتوح عن الطعام تخوضه الحركة الأسيرة منذ 25 يومًا بشكل متواصل quot;.
التعليقات