السي آي ايه تعمل على تخفيض موظفيها في العراق

على خلفية التحديات التي تواجهها في العراق، تخطط وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية quot;سي آي ايهquot;، لتخفيض وجودها هناك دون تحديد الأعداد التي سيتم تقليصها، وتعتبر خطة الخفض الاستخباراتية هذه جزءا من تحول أوسع في النطاق تشهده العلاقات الأميركية ndash; العراقية.


القاهرة: تخطط وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية quot;سي آي إيهquot; لخفض وجودها في العراق لأقل من نصف المستويات إبان فترة الحرب، على حسب ما أكد في هذا الصدد مسؤولون أميركيون مطلعون على هذا الأمر، وهي الخطوة التي تم اتخاذها في المقام الأول نتيجة التحديات التي تواجهها الوكالة في بلد لم يعد يرحب بوجود أميركي كبير.

وبموجب الخطط التي تتم دراستها حالياً، فإنه سوف يتم تخفيض وجود السي آي إيه في العراق إلى 40 % من المستويات إبان فترة الحرب، حين كانت بغداد أكبر محطة للوكالة في العالم، ووقت أن كان يوجد فيها أكثر من 700 موظف تابعين للوكالة.

وعاود المسؤولون ليقولوا إن السي آي إيه بدأت بالفعل الانسحاب من العراق منذ أن كانت الحرب في ذروتها، بيد أن الانسحاب، الذي يأتي بعد 6 أشهر من رحيل القوات الأميركية، سيحظى بأهمية خاصة. ورفض المسؤولون الكشف عن الأعداد التي سيتم تقليصها بصورة محددة. وقال مؤيدو تلك الخطوة إن السي آي إيه من الممكن أن يستغل موظفيه بصورة أفضل في مناطق أخرى، قد يكون من بينها أماكن إرهابية ساخنة كاليمن، حيث يوجد فرع تابع لتنظيم القاعدة تعتبره واشنطن أكبر تهديد على أمنها، وكذلك مالي، حيث تشتعل المخاوف هناك لعدم وجود حكومة.

وأشارت في هذا الصدد صحيفة quot;وول ستريت جورنالquot; الأميركية إلى أن تلك الخطوة تأتي وسط مخاوف من احتمالية حدوث فجوات في الاستخبارات الأميركية بخصوص التهديد الذي يشكله تنظيم القاعدة في العراق. وأضافت الصحيفة أن الخطة ستخفض أيضاً من التواجد الاستخباراتي الأميركي في المنطقة، في الوقت الذي يبدو فيه أن الجارة سوريا تقترب من الدخول في حرب أهلية، بالاتساق مع إرسال تنظيم القاعدة في العراق لمقاتلين إلى هناك لمقاتلة القوات الموالية لنظام الأسد.

ومضت ستريت جورنال تقول إن خطة الخفض الاستخباراتية هذه تعد جزءا من تحول أوسع في النطاق تشهده العلاقات الأميركية ndash; العراقية، في وقت تتحرك فيه واشنطن لتقليص المهام التدريبية والدبلوماسية في البلاد. وإن جاءت أيضاً لتوضح الحدود التي باتت تلتزم بها إدارة أوباما في ما يتعلق باستراتيجية الأمن القومي، في الوقت الذي تبتعد فيه عن الحروب الميدانية وتتجه صوب العمليات الأصغر التي تجمع بين القدرات المتعلقة بالعمليات الخاصة والعمليات الاستخباراتية.

وأعقبت الصحيفة بتأكيدها أن مثل هذه الإستراتيجية ترتكز بشكل كبير على التعاون مع الحكومات المضيفة، وكما أظهرت تجربة السي آي إيه في العراق، يمكن أن يتراجع التعاون، حتى في الوقت الذي أنفقت فيه الولايات المتحدة مليارات وضحت بأرواح الآلاف.

وعاود مسؤولون أميركيون ليؤكدوا أن الحكومة العراقية، وكذلك جهاز المخابرات العراقي، بدأوا يقلصون تعاونهم المتعلق بتدابير مكافحة الإرهاب مع الولايات المتحدة، في الوقت الذي بدأوا يشددون فيه على سيادة دولتهم. وقال بول بيلار محلل بارز سابق في شؤون الشرق الأدنى لدى السي آي إيه :quot; إن لم تحصل على هذا التعاون، فمن المحتمل أن تفقد الموارد التي تخصصها هناك ودون أن تحقق الكثيرquot;.

وقال داعمو هذا الانسحاب الاستخباراتي إن القاعدة في العراق لا تشكل تهديداً مباشراً على الولايات المتحدة. فيما أوضح مسؤول بارز لدى إدارة أوباما أن بلاده في مرحلة quot;تحجيمquot; وجودها في العراق، مضيفاً أن الرئيس أوباما ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أوضحا أنهما سيستمران في الاحتفاظ بشراكة أمنية وثيقة قوية بينهما.

ثم لفتت الصحيفة إلى أن التخفيضات المقررة للسي آي إيه تمثل تحولاً مهماً في المسار الذي كان يُنظَر فيه قبل ستة أشهر فقط. فبعد أن اتضح أن الولايات المتحدة ستسحب كل قواتها وأن الحكومة العراقية لا تميل إلى قبول لعب دور موسع في ما يتعلق بعمليات السي آي الخاصة، تم تأجيل باقي الخطط التي كان يتم تحضيرها سلفاً في هذا الشأن.

وأكدت الصحيفة في الإطار ذاته أن انسحاب السي آي إيه سوف يعيد تقويم مهمة الوكالة في البلاد، بعيداً عن عمليات مكافحة الإرهاب، وسيعيدها إلى النشاط التقليدي الخاص بجمع المعلومات الاستخباراتية، مع التركيز بشكل كبير على الجارة إيران.

وأوضح مسؤولون أميركيون أن بغداد ستظل واحدة من أكبر المحطات الخاصة بالوكالة، في الوقت الذي تعد فيه كابول المحطة الأكبر حالياً. ومع هذا، لم تغفل الصحيفة الإشارة إلى المخاطر التي تحدق بخطة الانسحاب هذه، لأن القاعدة في العراق ما زالت تشكل تهديداً على المنطقة. وهو ما أكده سيث جونز، المحلل المتخصص في شؤون مكافحة الإرهاب في مؤسسة راند البحثية، بقوله :quot; قد يتسبب الانسحاب الدبلوماسي أو الاستخباراتي بشكل أكبر من العراق في تعريض الأمن القومي الأميركي للخطر على طول الخط، إذا احتفظت القاعدة، أو زادت من نشاطها. والتخوف قائم من احتمالية أن تتمكن القاعدة من استخدام فرعها في العراق في زعزعة استقرار بلدان أخرى في المنطقة، وهي قادرة على تسهيل حركة المقاتلين الأجانبquot;.